كتاب معالم الحياة العصرية من خلال سورة النحل

كتاب معالم الحياة العصرية من خلال سورة النحل

  • هل أعجبك الموضوع؟

    الأصوات: 0 0.0%
  • ما رأيك في موضوع الكتاب؟

    الأصوات: 0 0.0%

  • مجموع المصوتين
    0
إنضم
24/07/2011
المشاركات
1
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
[gdwl]كتاب
مظاهر الحياة العصرية
أو المدينة الفاضلة
من خلال سورة النحل
د. محمد عبد الباقي فهمي
زميل كلية الجراحين الملكية
أستاذ جراحة الأطفال بطب الأزهر[/gdwl]

المقدمة
يظن كثير من العلمانيين وأغلب الأوربيين والأمريكان وقلة من المنتسبين إلي الإسلام أما غلواً أو جهلاً أن الدين يكبل الإنسان ويقيده بتعاليمه وأوامره فلا يستطيع أن ينطلق في آفاق الحياة ليتمتع بمباهجها وينهل من ملذاتها. ويظن هؤلاء أن هدف الدين أن يزهد الناس في الحياة الدنيا وأن يترفعوا عن نعيمها ومباهجها انتظارا لنعيم في عالم الغيب علي أرض الجنة.
ويمعن هؤلاء في إثبات أن الدين هو سبب تخلفنا وبعدنا عن الأخذ بمظاهر الحياة الحديثة ووسائلها المتاحة والتي توصل إلي الرغد في العيش والسعادة في الدنيا, بل أن الدعوة إلي التحلل من الدين وتركة وراء ظهورنا تأتي دائما تحت هدف واحد هو أنه لا سبيل لنا لكي نلحق بركب الحضارة وأن نصل إلي المستوي اللائق من التمدن إلا عن طريق ترك تعاليم الدين والتخلص من قوالبه وقيوده.
ومحاولات الإنسان الدؤوبة للوصول إلي حياة متكاملة هانئة لا يعكر صفوها كدر, ولا ينغص نعيمها كبت أو كمد, ينهل من لذاتها ويهنأ فيها بأقصى درجات المتاع دون ما منغص يحول دون هذا الاستمتاع، هذه المحاولات قديمة منذ نشأه البشرية, فالفلاسفة والشعراء والمفكرين منذ فجر التاريخ ومطلع الحضارة سعوا جاهدين من أجل الأخذ بأيدي البشرية للوصول بالحياة الدنيا إلي أقصي درجات الكمال, فلما لم يستطيعوا الوصول إلي هذه الغاية علي أرض الواقع جنحوا بفكرهم إلي عالم الخيال والشعر ووضعوا لنا معالم المدينة الفاضلة ورسموا لها صوراً متعددة ونماذج وقوالب مختلفة كما جاء في كتابات أرسطو وأفلاطون وغيرهم عن المدينة الفاضلة والمجتمع المثالي لعل بنوا البشر يستطيعوا يوماً ما الوصول بواقعهم إلي هذه الغاية المنشودة.
والإنسان دائما وعلي مر العصور غير راض ولا قانع بما هو علية, يطمح دائما للأفضل ويميل دوماً إلي الأتم والأكمل من مظاهر الحياة، والواقع لا يمكنَه من ذلك مهما أوتي من أسباب الحياة وأدوات الحضارة, ولقد وجدنا فئات كثيرة في مجتمعات متقدمة تجنح بفكرها وتنعزل عن المجتمع استجابة لأفكار تدعوها إلي الكمال وتنشد لها السعادة واللذة أما عن طريق الانفصال الشعوري عن أرض الواقع إلي عالم الخيال حيث السعادة عن طريق المخدرات والعقاقير، أو عن طريق تكوين جماعات كتلك التي ظهرت في أمريكا واليابان والتي لا تري إلا الانتحار وسيلة إلي الهروب من الواقع المر إلي الغيب الذي يظنونه أكثر سعادة وهناء.
ولم ينبأنا التاريخ ولا مرة واحدة أن هناك طائفة من البشر استطاعت أن تصل إلي التوافق والانسجام بين ما تريده وتصبو إليه والواقع الذي يفرض نفسه عليها, ولم نجد كذلك جماعة من الناس في مجتمع ما استطاعت أن تجد الكمال في الحياة الدنيا وتعيش سعيدة راضية ويعمر أفرادها في الأرض وهم يستشعرون السعادة في أكمل صورها، حتى أضحي حديث الأنباء في هذه الأيام عن جماعات لما ضاقت بهم الأرض أخذت في تأجير أرض القمر لأهل الأرض عسي أن يجدوا علي أرضة بغيتهم من السعادة المنشودة
فأين نجد هذا التوافق بين مطالب الجسد من التمتع والتلذذ بالحياة وما تهفو إلية الروح من انسجام وراحة وسكينة ؟؟
أين نجد تلك الحياة التي يستطيع فيها الإنسان أن يحيا سعيداً متمتعاً بالمباهج دون ما تأنيب من ضمير أو تنغيص من النفس أو من خارجها ؟
وأين هذا الواقع الذي يستطيع بنو البشر أن يعيشوه بأجسادهم وشعورهم في أرض الواقع ويكون مـد أبصـارهم مستقـبل ناعـم واعـد لا تنغصه صحــوة يفـــيق فيـها العقل علـي الواقع الأليم؟؟
لقد استطاعت الجماعة الإسلامية الأولي بقيادة خير البشر صلي الله عليه وسلم أن تصل – لفترة من الزمان- إلي هذا النموذج المثالي في بداية تكوين المجتمع المدني, ولكن للأسف لم يكتب لهذا النموذج أن يستمر طويلاً.
ولقد تفتحت مداركي في مطلع الشباب علي سورة من القرآن الكريم تفردت دون غيرها بذكر جوانب من الحياة الإنسانية لم ترد في أي سورة أخري, وتميزت هذه السورة عن مثيلاتها برسم ظلال الصورة المتفردة للحياة الإنسانية في أكمل صورها، ولقد أشبعت هذه السورة احتياجات الإنسان المختلفة الحسية منها والمعنوية, الأساسية والزائدة في أبهى صورها.
وأدركت من خلال آيات سورة النحل التي عاشت في أعماقي قرابة الخمسة عشر عاماً - هي فترة تفكيري في إعداد هذا الكتاب - أنها سورة مختلفة عن بقية سور القرآن الكريم في كثير من الأوجه وبها الكثير مما يتعلق بحياة الإنسان ومظاهر الحياة الحديثة.
الملفت للنظر في هذه السورة أن معالم الحياة التي رسمتها للإنسان جاءت في صورة جمل خبرية وهي في الواقع جمل طلب وأوامر من الله سبحانه لبني البشر أن يكونوا علي هذه الشاكلة وعلي تلك الصورة التي جاءت في سورة النحل.
لم تكن هذه الصورة المرسومة في سورة النحل للحياة التي ينبغي أن يكون عليها البشر هي واقع الحياة في الجزيرة العربية ولم يكن واقع المسلمين وقت نزول القرآن قريب من الحياة التي رسمتها سورة النحل ولكن السورة بآياتها وتعاليمها تخطت حدود الزمان والمكان وصورت ما هو كائن الآن وما سوف يكون وما هو خفى في زمن القرآن وما هو خفى عنا نحن أيضا في هذا الزمان، ألم تأتى الإشارة في أول السورة بهذا المعني في قول الله سبحانه : (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، لأن الله سبحانه سبق علمه كل شيء فيستوي عنده ما كان وما هو كائن وما هوآتي فلا يصبح هناك مجهول ولا يبقي شيء غير معلوم.
ألم يقل الحق سبحانه بعد ذكر وسائل المواصلات التي كانت متاحة آنذاك أن هناك العديد من الصور الأخرى التي ستأتي بها الاختراعات فيما بعد :
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (8 )
فالخلق مستمر وفتح الله علي الإنسان بأن يخترع ويبتكر يتوالى، فجاءت الطائرة والقاطرة والسيارة وسفينة الفضاء ولا يزال في سعة الآية المزيد مما سيأتي بعدنا.

ولسوف أحاول من خلال الصفحات القليلة التالية أن أبين معالم تلك الحياة المثالية التي فهمتها من خلال هذه السورة العظيمة وسوف أقيد نفسي بآيات سورة النحل دون غيرها من آيات الذكر الحكيم في كتابي هذا.
وما كتبت هذه الكلمات إلا كمحاولة مني للتدبر في آيات هذه السورة العظيمة وأنني علي علم بالحديث الذي جاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حيث قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:- "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار". حديث حسن صحيح. لكن الطبري نفسه ذكر في مقدمة تفسيره الشهير عن سعيد بن جبير: من قرأ القرآن، ثم لم يفسره ، كان كالأعمى، أو كالأعرابي.
وقد حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والتبيان، بقوله جل ذكره، لنبيه صلى الله عليه وسلم: " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (صّ:29)
وقوله : "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. "قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (الزمر27 :28)
ثم قال الطبري في تفسيره: - وما أشبه ذلك من آي القرآن التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن والاتعاظ بمواعظه، ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيات، لأنه محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له، ولا يعقل تأويله : أعتبر بما لا فهم لك به ولا معرفة من القيل والبيان إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه، ثم يتدبره ويعتبر به.
ومن آي القرآن ما أستأثر الله جل ثناؤه بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً، ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده وأنه لا يعلم تأويله إلا هوه. فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم ( صلى الله عليه وسلم ) ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل، وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم ، فقال له جل ذكره في سورة النحل: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل:44) ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) - أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا إلا آيا تعد. (أنتهي كلام الطبري) " جامع البيان - أبن جرير الطبري ج 1 ص 59"
ولهذا تجرأت أن أنشر ما كتبت, فلأن كان الجهد مني ضعيفاً والعلم قليلاً والتدبر كليلاً واللسان غير مبين فإنما يشفع لي أني لم أكتب ألا فكرة جاشت في قلبي وتفاعل معها عقلي ووجداني وكل يوم أزداد بها قناعة.
د. محمد عبد الباقي فهمي
أستاذ جراحة الأطفال
كلية الطب جامعة الأزهر













خاتمة
تعالوا بنا في النهاية نغمض أعيننا ونتخيل هذه المدينة الفاضة التي رسمت معالمها سورة النحل ومن خلال كلماتها سوف نحاول أن نري هذه المدينة كأملاً يراودنا بعد أن قصُرَ فهمنا وكلّت عزيمتنا أن نجعلها واقعاً ملموساً بيننا ولعل الأمل يحدو بنا أن يأتي هذا الزمان الذي نري فيه تلك الأفكار وهذه المعالم علي أرض الواقع مجتمعاً حقيقياً ودولة يؤمها الناس ليجدوا فيها ضالتهم, وينشدوا فيها سعادتهم. سعادة دنيوية وراحة أبدية في جوار رب غفور.
هذه المدينة الفاضلة لها معالم من الخارج قبل أن ندلف أبوابها وندخل دروبها, فإذا انخلعنا من الدنيا وحلقنا حول الأرض بعيداً في الفضاء الخارجي لنري أولا السماء التي تحيط بها ولنستأجر سفينة فضاء- لأننا لا نستطيع حتي الآن أن نصنعها- لنري هذه المدينة من الفضاء الخارجي ثم نقترب منها تدريجياً حتي نحيط بها ونري جميع جوانبها وكافة مظاهر الحياة فيها.
هذه المدينة تتنزل عليها رحمات الله وبركاته من خلال ملائكة ينزلون بالوحي الألهي عليها ويتواصلون مع أنبياء الله المرسلين إلي أهلها, وتتصل بالملئ الأعلي عن طريق كتب الله المنزلة التي فيها بعث للأمم, تنظم حياتهم وتنفخ الروح في موات قلوبهم, فالوحي هو الذي يوجه مسيرتها ويهدي أهلها, ووحي الله هو المصدر الوحيد الذي يضع مبادئها ودستورها وتعاليمها وتفاصيل ودقائق الحياة فيها, فهذه المدينة متصلة موصلة بالله. والملائكة نازلين إليها دائما بالتعاليم والمبادئ والنظم, صاعدين منها راضين عنها مسرورين بها ينقلون لربهم من تقاريرها الناصعة المشرفة التي لا تشوبها شائبة. وأول النعم التي يمنّ الله بها على عباده وتتنزل به الملائكة أطهر خلق الله على المختارين من عباده - الأنبياء – هو الوحي الذي خلاصته وفحواه: (أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون).
هذه المدينه سقفها السماء التي تزينها النجوم والكواكب. والشمس والقمر يتعاقبان عليها ليتبادلا إضائتها بالنهار والليل. والشمس والقمر والنجوم كلها مسخرة ومذللة لهذ المدينة تمدها بالطاقة والنور والحياة وكذلك تزينها لمن يراها من أهل السماء ومن خلال دورانها يعلم أهل هذه المدينة عدد السنين والحساب.
المطر نازل إليها تحيا به الأرض بعد موتها وتتكون منه الأنهار في أعالي الجبال ثم تسير أودية بين شعابها, وتخضر به الأرض التي سوف نراها حين ندخل المدينة ولكننا لازلنا إلي الآن في سمائها.
والذي يحيط بهذه المدينة من الخارج هو جو عام من الأمن والطمأنينة, وأهلها لا يعبدون إلا الله ويجتنبون عبادة أو تعظيم أو إتباع كل طاغية مجاوز للحد من صنم أو بشر.
تعالوا نقترب قليلاً وننزل إلي الأرض ولنسأل جيران هذه المدينه والدول المحيطة بها عنها.
إن الدول والبلدان المحيطة بهذه المدينه يعرفون عنها الأتي:
• أنها آمنة مطمئنة.
• أنها تفي لهم بعهودها ومواثيقها ولا تخون العهد ولا تنقض الميثاق.
• وأنها في علاقتها بجيرانها لا تفضل دولة علي أخري ولا تكيل بمكيالين ولا تحتقر دولة أو شعباً لأنه ضعيف أو فقير, ولكن معاملاتها واحدة علي قدم المساواة مع كل الدول بغض النظر عن عظمة هذه الدولة أو وهنّ تلك الأمة, وسواء أكانت هذه الدول علي طريقتها وشريعتها أم مخالفة لها.
• وهذه المدينة مع أمنها وسلامها قوية فتية تملك من قوة الردع ما يمكنها من صد أي عدوان ولكنها تعاقب من أساء إليها بمثل إسائته وترد عليه عدوانه بالمثل دون طغيان أو جور أو تجاوز للحد, ومع ذلك فإنها قد تصبر وتتسامح مع الإحتفاظ بإعلان قدرتها في الرد علي الباغي.
• والشائع عن هذه المدينة أنها دائمة دائبة في إرسال سفرائها وعلمائها لدعوة الدول المجاورة لها لكي تحذو حذوها وتكون علي شاكلتها, وأن هؤلاء السفراء والحكماء يدعون كل من يلقون إلي طريق الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلون بالحسني والحوار, كما أنهم يدفعون دائما بالتي هي أحسن.
• وذكرت الدول المجاورة أيضا أن هذه المدينة الفاضلة قد أُغير واُعتدي عليها ذات يوم من دوله جارة لها, ناوشتها وحاربتها فما كان من هذه المدينة إلا أن دافعت عن نفسها بمثل ما أُعتدي به عليها, لم تتجاوز الحد علي الرغم من قوتها وتفوقها علي غيرها من الدول ولم تنتقم بأكثر من رد العدوان الذي أُعتدي به عليها, بل حين مالت كفة الإنتصار نحو هذه المدينة الفاضلة وبدا لمن حولها قوتها وتفوقها, وجدناها تعفو وتصفح حتي خجل المعتدين من أنفسهم وردهم علي أعقابهم في البداية تفوق وقوة المدينة الفاضلة ثم ردهم في النهاية عفو وصفح جنود وحكام أهلها وصبرهم علي جهل المعتدي. فبدأ المعتدون يسألونهم الصفح ويطلبون منهم أن يقبلوهم جنوداً ومواطنين يرغبون في أن يدخلوا في ملة المدينة الفاضلة ويعتنقون دينهم.
أما المدينة نفسها وإذا دخلنا عبر أبوابها وحصونها المنيعة التي لا تسمح لغادر ولا لعدو أن يعكر صفوها أو أن يحرمها من الآمن والطمأنينة التي تنعم بها, فسنجد بها جبالً رواسي وأنهاراً عذبة وبحاراً مالحة, الأنهار حولها سبلاً ممهدة وطرقاً سهلة معبدة, وعلامات تهدي السائرين في دروبها حتي لا يضلوا الطريق أو يحجموا عن السير في جنباتها, علامات طبيعية جغرافية وأخري مصنوعة معدة من قبل القائمين علي أمر الدولة.
والأنهار والبحار والمحيطات فيها تستخدم أستخداماً صحيحاً وتُستغل علي أسس علمية للنقل والسفر والسياحة. علي صفحاتها السفن المواخر تجري مسرعة تنقل المسافرين والبضائع من بلد إلي بلد توفيراً للجهد والمشقة وتيسيراً علي أهلها وتشجيعاً لهم علي التنقل وتبادل البضائع, وفي أعماقها اللؤلوء والمرجان والأصداف والمحار التي تزين قاع البحار وتُستخرج ليتزين بها النساء والرجال والبيوت والصالونات.
والمدينة فيها البيئة الزراعية والحياة الصناعية جنباً إلي جنب.
نلحظ معالم الحياة الزراعية من خلال الأشجار الطبيعية العالية التي أنبتها ماء المطر النازل فأحيا الأرض بعد موتها, ولم تمتد إليها يد البشر بقطع أو إزالة أو تشويه, بل يتعهدها أهل المدينة بالرعاية, وأستفادوا منها أيضا في سوم وأطعام الحيوانات وأستظلوا بظلها, واستفادوا منها أيضا في أن تضفي علي الحياة بهجة ورونق وأن تنقي جو بلدتهم. واستخدمتها كذلك تلك المخلوقة العجيبة التي ضُربت لنا مثلاً لنحذو حذوها "النحلة" لتبني عليها بيوتها.
وأشجار أخري إستزرعها الإنسان كالنخل الباسق والزيتون المعمر وأشجار العنب المثمر بأنواعها وأشجار أخري وزروع كثيرة لها من الثمرات ما يلبي الإحتياجات بل ويفيض عن الضروريات فينقل الفائض علي وسائل المواصلات ليباع ويتاجر فيه مع البلاد الأخري.
وبجانب هذه الأشجار التي تُستغل ثمارها هناك أنواع من النباتات شتي, مختلفةٌ ألوانها زاهية, جميلة ليس لها ثمار ولكنها أزهارً وورودً يعبق جو المدينة بشذا رياحينها المبثوثة في جميع أرجائها لتمتع الذوق وتلبي حاجة الإنسان إلي الجمال والفن.
ومن معالم البيئة الزراعية في هذه المدينة الثروة الحيوانية الهائلة التي نراها في حيوانات تُربي ليأكل لحمها ويشرب لبنها, وحيوانات سائمة بين الأشجار, وأخري تستخدم لحمل الأثقال والبضائع من بلد إلي أخر, وأغنام تربي لإستخدام صوفها في الغزل والنسيج وصناعة الملابس والأثاث, وماعز يستغل جلدها في صناعة الملابس والأحذية وكافة الصناعات الجلدية, وجمال وإبل يستخدم وبرها في صناعة الملابس الشتوية من "بلوفرات وجواكت" مرتفعة الثمن لمن أراد. وخيل وبغال وحمير للركوب والتنزه والتجول, وقطعان وأسراب من هذه الحيوانات تغدو وتروح في صورة جمالية تسر العين وتشيع في المدينة جو من العز والجمال والرفاهيه.
وأسراب نحل يربي في البيوت وأخر يتخذ من الجبال والأشجار بيوتاً, يستخلص ويستخرج منه أنواع مختلفة من الشراب للأكل والتغذية والأستشفاء, ومعاهد ومؤسسات تقوم علي دراسة ورعاية النحل.
كما يوجد في هذه المدينة وسائل مواصلات حديثة مواكبة للعصر كالسيارات والطائرات المروحية والنفاثة واليخوت والبوارج.
أما البيئة الصناعية فنراها في صناعة الألبان المتدفقة من الأنعام وما يتبعها من صناعة الأجبان المختلفة والسمن والقشدة والزبدة والكريمات والحلويات والشيكولاتات.
كذلك نري أن هذه المدينة فهمت قول ربها أن الأنعام والحيوانات لابد أن تُستخدم إستخدماً صحيحاً لتحقيق الأكل وتحصيل الدفء فحققت مراده سبحانه بكل الوسائل والطرق, فازدهرت فيها صناعة اللحوم من حفظ وتغليف وتعليب, ووفرت لأهلها جميع أنواع اللحوم في صور كثيرة متعددة.
كذلك صناعة الغزل والنسيج التي يعمل فيها الرجال والنساء جنباً إلي جنب، غزل الشعر والصوف والوبر المستخرج من الماعز والغنم والأبل, وكذلك غزل الأقطان المزروعة بماء الأنهار والأمطار.
كذلك صناعة السفن والعبارات والبوارج والمراكب واليخوت, ذلك أن هذه المدينة استوعبت وفهمت قول ربها عن السفن المواخر وعلمت أنا هذا الخبر من الله أنما يقصد به أن نحقق في الأرض مراده سبحانه فنجعل السفن العظيمة التي تشق وتمخر البحار واقعاً ملموساً لمن حولها.
وصناعات أخري كثيرة مثل صناعة الأثاث الفاخر والمتاع والملابس والأسلحة الخفيفة والثقيلة التي تردع الأعداء, والمعدات, ووصناعة الحلي والمجوهرات.
ومن العلامات البارزة لهذ المدينة - مع وجود البيئتين الزراعية والصناعية - وجود بيئة ثالثة ساحلية بحرية ممتدة علي شواطئها المطلة سواء علي الأنهار أو علي البحار أو المحيطات, تزخر هذه البيئة بالموانئ المعدة لإستقبال وشحن وتفريغ السفن والمراكب, وتعج بحركة البواخر والصيادين والخبراء المتخصصين الذي فهموا مراد ربهم من أنه سخر هذه البحار لإستخراج الأسماك ذات اللحم الطري فأنطلقوا في هذه السواحل ليحققوا مراد ربهم في توفير وتيسير حصول عموم سكان المدينة علي هذا السمك بسهولة ويسر وبوفرة كذلك.
ومجموعة أخري من الخبراء والغواصين تخصصت في إستخراج اللؤلوء والمرجان والأصداف والمحارات من أعماق المحيطات ليتزين بها الناس والبيوت وليكونوا أداة الله في الأرض في التفضل علي عباده بالنعم.

البيوت منتشرة في أركان هذه المدينة مبنية بمتانة, لها أسس وقواعد وسقوف وعروش عالية مرتفعة في السماء, مؤسسة مفروشة بالأثاث والمتاع, يشع منها الهدوء وينعم الإنسان فيها بالسكينة والصفاء فاستحقت أن تسمي بيوتها سكناً. وبيوتاً أخري خفيفة تسخدم للسفر والترحال.

الإنسان هو المخلوق المحوري في هذه المدينة مخلوق من تراب إبتداءً, ثم من نطفة بقدره الله ولطفه فلا يعقل ولا يستقيم أن يعاند أو يخاصم الخالق, وقد خرج من بطون الأمهات بعد أن جاء من أصلاب الرجال بزواجٍ صحيحٍ, خرج إلي الحياة لا يملك من وسائل المعرفة شيئاً ثم يُسرت له وسائلها من سمع وبصر وفؤاد لعله يشكر الكريم الوهاب. يعلم أن هذا العلم وتلك المعرفة لن تدوم ولكنها مع تقدم العمر تجف وتثبت. يعيش مع زوجته التي خلقت من نفسة, يجلها ويقدرها ويكرمها كما يكرم نفسه التي بين جنبيه, هدفه من الزوج أن تتحقق له السكينة وأن يرزق الولد وكذلك البنت التي يفرح ويسر لقدومها سروره بقدوم الولد, كما يرزق الأحفاد الذين يتربون في كنفه وعلي عينه مع أولاده. ولد هذا الأنسان وتربي في أسرة مترابطة متماسكة يعيش فيها الأبوان مع الأجداد, وتنتقل الخبرة والتجربة من جيل إلي جيل في وئام وتناغم لا تشاحن ولا بغضاء, ولا جيل قادم ينقم علي أخر راحل أو يسخر منه ويزدريه.
يستدفأ الإنسان في هذه المدينة وينتفع بالأنعام المسخرة له أما بالأكل أو بلبس أصوافها وأوبارها وأشعارها, يترفع عن الأعمال الدنيا الشاقة مثل حمل الأثقال التي سخر الله له الأنعام لأداء هذه المهمة, يوفر جهده وفكره للأعمال الفكرية والوظائف العليا مثل تحصيل العلم وكسب المال الوفير الذي ينفقه سراً وجهراً علي من حوله من أهله ذوي القربي أوالفقراء في المجتمع الذين قدرَ الله عليهم رزقهم.
يركب الخيل والبغال والحمير والسفن والمراكب وغيرها مما يستجد من وسائل المواصلات. متفتح الذهن متطور يساير الحياة وتقدمها, لا يجمد أو يتحجر فكره علي مرحله معينة لا يعاند ولا يحارب الجديد ولكن يسايره ويستوعبه.
يأمر من حوله بالعدل الذي ألتزم به قبل أن يدعو إليه, وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي, لا يصد عن سبيل الله, يجادل بالحسني ويدعو الناس من حوله إلي دين الله وصراطه المستقيم بالحكمة والموعظة الحسنة, ولا يستخدم هيئته الدينية أو أيمانه وقسمه سبيلاً لتحصيل المنفعة الدنيوية, يعلم أن عليه التبليغ والدعوة فقط لكنه لن يستطيع أن يهدي من أحب, وأن قدر الله في عباده, المبني علي علمه سبحانه بالسرائر والذي لا نحيط به, قد أقتضي أن يكون هناك كافر ومؤمن, ويعلم أن الله لو شاء لهدي الناس جميعا, ولذا فهو لا يضيق ولا يحزن من المكذبين المعاندين ولكنه بشوش مستبشر .
يستشعر الجمال والروعه من حوله, يراها في النجوم التي تزين السماء, وفي حركة الأنعام والخيل رائحة غادية أمامة, كما أنه مرهف الحس لا تصدأ قريحته ولا تغلب الرتابة والملل علي حسه وفكره وخياله فيستشعر الجمال في حركة الظل الممتد يميناً وشمالاً, وقطعان الماشية والأبل وفي الزروع المختلفة الألوان والرائحة, يتزين ويتجمل ويستمتع بنعم الله من اللحم الطري واللؤلوء والمرجان.
متحرك دائماً لا ساكناً ولا خاملاً ينتقل بين الأمصار للكسب والتجارة وللسياحة والأعتبار بمأل الأمم ومصارع المكذبين والدول يهتدي بأنوار الله وبالنجوم وعلاماتها.
أنطباعه وفكرته عن الحياة بمجملاتها وتفصيلاتها وكل ما أنزله ربه أنها خير.
لايفتي بغير علم ولا يفتري علي الله الكذب ولكنه يسأل أهل الذكر والمعرفة فيما لا يعلمه ولا يحيط به.
يعلم أن ما به من نعمة فمن الله ولن يستطيع أن يحصيها أو يعدها ولا ينكرنها, ويشكر الله المنعم علي هذه المنن. كما يعلم أن الوهاب فضلّ بعض أخوانه علي بعض في الرزق فيرضي ولا يسخط ولا ينازع, ولكنه يحاول ويجتهد عله يصل بقدراته وكده وجهده إلي ما وصل من فُضل عليه.
أهل هذه المدينة الفاضلة يخافون ربهم من فوقهم, ويرهبونه ولا يتقون غيره, ولا يضربون له الأمثال, لا يقدسون أو يشركون مع الله غيره من صنم أو حاكم أو زعيم, قدوتهم في الحياة ومثلهم الأعلي من البشر أبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام الذي كان خاشعا لله أمّة في ذاته قائماً بحدود الله مائلاً إلي الحق, ثم محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أُمر فسار علي نهج أبيه أبراهيم .
الأنسان في هذه المدينة الفاضلة يتعظ, يتفكر, يعقل, يتذكر, يهتدي, ولا يستكبر, طيب محسن, يصبر وعلي ربه يتوكل, يفي بالعهد, يجعل الله عليه كفيلاً في مواثيقه وعهوده.
لايفتري الكذب, ولا يفعل السوء إلا بجهالة ثم يتوب من قريب ويصلح ما قد أفسد يجهالته. أن ضُيق عليه في وطنه ومُنع من أن يقيم شعائر وتعاليم ربه فأنه يهاجر في سبيل الله حتي يجد المناخ المناسب الذي يأمن فيه علي نفسه ودينه.
وفي الأخرة - التي قد تأتي كلمح البصر أو أقرب من ذلك - تتوفاه ملائكة الله طيبين يلقون عليه تحية السلام, ويدخلونه دار خير, جنات عدن تجري من تحتها الأنهار له فيها كل ما يطلب وجزاء بالأحسان وعطاء أفضل من العمل الذي قدمه في الدنيا.

أهل هذه المدينة يعبدون رباً معلوم الأسماء والصفات, لا يحيطون به علماً, من صفات هذا الرب أنه: تعالي عن الشرك, لاأله إلا هو, غفور رحيم, يعلم السر والعلن, لا يحب المستكبرين, جعل البعث والحساب وعداً عليه حقاً ليبين لعباده ما كانوا يختلفون فيه في الدنيا, يسجد له من في السموات والأرض والملائكة, يملك السموات والأرض, له المثل الأعلي في كل شيئ, عزيز حكيم, من رحمته أنه لا يؤاخذ الناس بظلمهم ولكنه يعفو ويتكرم ويؤخر إلي أجل مسمي, هو الذي خلق وهو الذي يتوفي عباده بعد أجل مكتوب, عليم قدير علي كل شيئ, شهيد وكفيل لعهود المؤمنين ومواثيقهم, وشدد علي ضرورة الوفاء وتوعد المراوغ الناقض لعهده ووعده.
خلق بحق وأمر بعدل وأحسان ووفاء بالعهد والوعد والمساوة في الوفاء دون النظر إلي حال ومستوي الموفي إليه, وأمر بالبذل لذوي القربي والفقراء, ينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يرغب في الصبر ويجزي عليه بأن أخذ علي نفسه عهداً أن يكون مع الصابرين والمتقين.
أما الدولة التي تقوم علي أمر هذه المدينة فإن من دستورها ومبادئها – كما فهمت من خلال معرفتي لحياة النحل - أن لها قيادة واضحة مكرمة محترمة مبجلة محاطة بالرعاية والحماية وتطاع فيما تأمر كما يفعل النحل مع مليكته في عالمه, كما أن نظام الحكم ملكي لا جمهوري, طبقي تتوزع فيه الثروات بين الأفراد علي حسب قدراتهم الأبداعية ومواهبهم بلا حدود تحد ملكيتهم ولا سقف يحول بينهم وبين أمتلاك الضيعات وآلاف الأفدنة بلا قانون أصلاح زراعي وبلا تأميم ولا مصادرة ودون أن يُفرض عليهم بأن يردوا أموالهم علي ما ملكت أيمانهم فيكونوا سواءً بلا تمييز يفرق بين من يعمل ويجد ويكسب ومن هو خامل لا يأتي بأي خير.
وللدولة وظائف واضحة محددة, وأن أساس وجودها هو القيام علي راحة الأفراد وتولي شئونهم وتيسر سبل العيش لهم, فتوفر الحياة الهانئة الكريمة, وتذلل مصادر الرزق من مأكل ومشرب ومسكن بلا عناء ولا جهد ولا تقتير ولا تضييق.
كما أن هذه الدولة تستخدم الموارد الطبيعية التي أتاحها الله لها من ماء من السماء نازل وقمر وشمس ونجوم مسخرات وبحار وأنهار وسبل وفجاج وعلامات, وأسماك وطيور في الجو مسخرات, وأشجار ونخل وزيتون وعنب وزروع وارفات, وأنعام من أبل وخيل وبغال وحمير علي أحسن وأكمل وجه.
والدولة المنشودة تقيم العدل وتفي بالوعود والمواثيق وتدعو إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
إن من أسس النظام المالي في هذه الدولة- الذي يمكن أن يستوحي من سورة النحل - أن من يملك أموالاً طائلة تصل به إلي أن يستطيع أنفاقها سراً وجهراً, قد أمنّه الخالق الوهاب الذي خلقه ووهب له الحياة ويسر له سبل كسب المال من أن يستولي علي هذه الأموال ملك اليمين أو الخدم أو العمال, مع تقرير حق الطبقات الفقيرة في أن ينفق عليهم أصحاب رؤوس الأموال زكاة أموالهم, وأن تتيح الدولة لهؤلاء الفقراء فرص العمل ومجالات الكسب مع تذليل العقبات التي تحول بين كافة أفراد المجتمع وبين الأستمتاع بنعم الله المبثوثة في الكون, كما أن من حق جميع طوائف المجتمع الحصول علي الأحتياجات الأساسية من مشرب ومأكل ومسكن ملائم وكسوة وزوجة, مع حق كل من تتوق نفسة إلي الأستمتاع بما هو أساسي إلي ما هو زائد عن الأحتياج من الزينة والزخرف ورغد العيش في أن يجتهد للحصول عليه دون تزهيده وصرفه عن هذه المتع. وعلي النقيض فإن من حق من سمت نفوسهم وترفعت عن متاع الدنيا وتطلعت إلي النعيم المقيم عند رب العالمين أن لا يسفهوا ولا يُزدري منهم , بل وتُوفر لهم البيئة الملائمة ليعيشوا النمط الذي أرتضوه لأنفسهم.

تعريف بالمؤلف
د.محمد عبد الباقي فهمي
من مواليد مدينة مغاغة بمحافظة المنيا عام 1956 تخرج في كلية طب الأزهر عام 1981 وأستهل حياته العملية بالعمل في مجال جراحة الأطفال بمستشفي الحسين الجامعي لمدة أربع أعوام حصل خلالها علي درجة الماجستير في جراحة الأطفال ثم سافر إلي أنجلترا وحصل علي زمالة كلية الجراحين الملكية بأدنبرة بشمال انجلترا ثم عمل بمانشستر في تخصص جراحة الأطفال.
وعاد إلي مصر في عام 1993 وحصل علي درجة الدكتوراة في الجراحة العامة حيث عمل كأستشاري لجراحة الأطفال بالمستشفيات التعليمية والتأمين الصحي، وعمله الحالي أستاذ لجراحة الأطفال بكلية الطب جامعة الأزهر وأستشاري جراحة الأطفال بمستشفي الجلاء التعليمي. وهو عضو جمعية جراحي الأطفال الإنجليزية، وعضو مجلس إدارة جمعية جراحي الأطفال المصرية.
وله العديد من البحوث المنشورة في المجلات والدوريات الطبية المحلية والعالمية في مجال جراحة الأطفال، وكتاب منشور ضمن سلسلة كتاب اليوم الطبي, وكتاب الهلال الطبي بعنوان ( أطفال في حجرة العمليات) وكتاب "عجائب اليد في القرآن الكريم والسنة والضمير الإنساني".
 
عودة
أعلى