د محمد الجبالي
Well-known member
السلام عليكم ورحمة الله
هذا كتاب جديد [ البكاء تأثرا بالتلاوة في صلاة الجماعة وفي صلاة الفَذِّ ]
بدأت في كتابته بعد عودتي من الحج للسنة قبل الماضية وانتهيت منه منذ شهور وأعددته وأردت طباعته ونشره فلم يتيسر ذلك؛
إذ كما تعلمون الظروف في مصر، فقد انشغل الناس بهمومهم وآلالمهم عن طلب الكتب والقراءة.
وهاهو الكتاب راجيا الله تعالى أن ينفع به ، وأن يديم نفعه أبدا ، وان يجعله خالصا لوجهه الكريم
هاهو : المقدمة ، ثم الفهرس ، ثم الكتاب ملف [ PDF ]
مقدمة في قصة:
سبب تأليف الكتاب : بكاء إمام الحرم المكي في الصلاة
في حَجِّي سنة 1434هـ كنت أصلي في المسجد الحرام جماعة في صلاة المغرب أو العشاء، فقرأ الإمام من أول سورة الصف حتى وصل إلى قوله تعالى :
{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } [الصف: 13]
وهنا أخذه النشيج وغلبه البكاء فانقطع صوته ، وكلما أراد أن يتم ويقرأ: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (الصف) يغلبه البكاء مرة ومرتين وثلاث مرات.
فعجِبْتُ أشد العجب إذ رأيت أن الآية بُشْرَى كما أن الآية السابقة لها مباشرة بِشَارَةٌ ، بشارة بالمغفرة وجنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة وفوز عظيم فأخذني العجب لذلك.
وبعد الصلاة سألتُ الإخوة الذين معي وهم - فيم نحسبهم - على فضل وعلم، أرأيتم أين بكى الإمام؟!
لقد انقطع صوته وغلبه البكاء مع آيات بُشْرَيَاتٍ وهذا يناقض المعنى، فليس هذا موضع بكاء.
فقال أحدهم: وهل في القرآن مواضع معلومة للبكاء؟!
فقلت : لا، وأنا لا أنكر التأثر والبكاء، لكن لابد من أن يكون هناك دافع وسبب، فالبكاء مع تلاوة القرآن ينتج عن الانفعال والتأثر بمعاني الآيات، فإن لم يكن هناك معنى تأثر به ودفعه للبكاء ما الداعي له؟!
والأولى أن يكون في الْخَلَواتِ وليس في الجماعات، فإن كان في الْخَلَوَاتِ فهو محمود غير مذموم أما في الجماعات أو في المساجد فليس كذلك.
وتابعت قائلا: إن البكاء في إمامة الصلاة ليس أصلا، بل هو عارض لدافع من المعاني المقروءة، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بكى وسمع بكاؤه في الصلاة.
والوارد في ذلك: عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كأزيز المرجل من البكاء[1]
والحديث صححه الألباني رحمه الله، ونصوص الحديث الوارده كلها تدل على أنه لم يكن في الإمامة.
كما أنه كان أزيز الصدر وأنينه، ولم يَكُ نحيبا، والصوت نابع من الصدر، وليس من الفم، وهذه حال تدل على أن صاجبها يجاهد حتى لا يصدر منه صوت البكاء واضحا.
وقد استحسن صاحبي بكاء الإمام في الصلاة فقال: إنِّ رِقَّةَ الإمام وتأثره وبكاؤه تجذب انتباه المأمومين ويدفعهم للتأثر والتفكر والتأمل في الآيات ومعانيها.
فقلت: هذا الكلام غير دقيق وما أراه صوابا، لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بكى في إمامته للصلاة وسُمِعَ صوته ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
فقال: إن الصحابة قد سمعوا صوت نشيج عمر رضي الله عنه وهو إمام.
والرواية الواردة في ذلك هي : عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: سمعت نَشِيْجَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ من سورة يوسف يقول {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86][2].
قلت: إن النشيج ليس بكاء، وإنما هو غُصَّةٌ وحَشْرَجَةٌ في الْحَلْقِ بسبب حبس ومُدَافَعَةِ البكاء ، قال الخليل في العين: "نَشَجَ الباكي يَنشِجُ نشيجا إذا غص البُكاءُ في حَلقه عند الفَزعة"[3]
فقال صاحبي: إن السيدة عائشة وصفت أبا بكر بأنه رجل أسيف كثير البكاء فإن قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع الناس.
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: إن رسول الله r قال في مرضه (مروا أبا بكر يصلي بالناس). قالت عائشة قلت: إن أبا بكر إذا قام مَقَامَكَ لم يُسْمِعْ الناسَ من البكاء فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ للناس. فقالتْ عائشةُ فَقُلْتُ لحفصة قولي له إن أبا بكر إذا قام في مَقَامِكَ لم يُسْمِعْ الناسَ من البكاء فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ للناس ففعلت حفصة، فقال رسول الله r :(مَه إنَّكُنَّ لأنتن صَوَاحِبُ يوسف مُرُوا أبا بكر فَلْيُصَلِّ للناس). قالت حفصة لعائشة ما كنتُ لأُصِيبَ منك خيرا"[4]
الردُّ على ذلك: إنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان خليفة لرسول الله على المسلمين سنتين وبضعة أشهر كان يؤم الناس فيها، فهل وردت رواية أو أثر يذكر أن أبا بكر رضي الله عنه بكى أثناء إمامته للناس، أو في صلاته مفردا؟
فقال صاحبي: لو تأملتَ الآياتِ السابقة لهذه الآية لَوَجَدْتَ مَعَانيها تَدْفَعُ للبكاء اسمع:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) } [الصف: 7 - 9]
قلت: فما الذي أخَّرَ بكاءه حتى انقطع به الصوت في مَوْطِنِ بُشْرَيَات؟!
فقال صاحبي: هل تريد أن تقول إنه يرائي؟!
فقلت : ما أُحِبُّ أنْ أَرْمِيَهُ بذلك، لكن الموطن الذي هو فيه أخشى عليه أن يدفعه لذلك، إذ أنه على الهواء مباشرة، وقنوات تلفزيونية عديدة في كثير من بلاد الإسلام تنقل الصلاة، ولكن ما أقصده وأؤكد عليه أن الإمام خاصة الأصل ألا يظهر له بكاء في الصلاة، وإنْ بَدَا وظهر فلا بد أن يكون متوافقا مع معاني الآيات التي يقرؤها، ولا أنكر عليه بكاءه حينئذ.
فقال صاحب آخر معنا: أحسن الظن به، لعله حين قرأ {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 13] (الصف) تذكر حال الأمة وما هي عليه من هَوَانٍ وذُلٍّ وفُرْقَةٍ فَتَأَلَّمَ لحالها فبكى.
فقلت: لعل ذلك هو السبب والله أعلم.
إلى هنا انتهت القصة، وعزمت بعدها على أن أبحث القضية من كل جوانبها، وإيفاءها حقها بحثا ودراسة، فكان هذا الكتاب الذي بين يديكم، أبتغي به وجه الله، وأسأله عز وجل أن يكون حجة لي لا علي، وأسأل ربي الرحمن الرحيم أن ينفع به وأن يمتد نفعه فيشمل الأرض مكانا، وأن يديم نفعه أبدا مادام على الأرض من يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخيرا ما من كتاب ما خلا كتاب الله إلا وتعددت عيوبه ونقائصه، جزى الله خيرا من أهدى إلي عيوبي.
أخوكم د . محمد رجائي أحمد الجبالي
اميل : [email protected]
[1] ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه، ترتيب: الأمير أبو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله، علاء الدين الفارسي الحنفي، مؤلف التعليقات الحسان: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني، ط1 (1424 هـ - 2003 م) ، جدة ، دار با وزير للنشر والتوزيع، ج2، ص164.
[2] الطريفي، عبد العزيز بن مرزوق، التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل، ط1، (1422 هـ - 2001 م)، الرياض، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، ص81.
[3] الخليل، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، كتاب العين، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ج6، ص37
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، الجامع الصحيح المختصر، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، ط3 (1407 – 1987) ، اليمامة، بيروت، دار ابن كثير، ج1، ص240.
هذا كتاب جديد [ البكاء تأثرا بالتلاوة في صلاة الجماعة وفي صلاة الفَذِّ ]
بدأت في كتابته بعد عودتي من الحج للسنة قبل الماضية وانتهيت منه منذ شهور وأعددته وأردت طباعته ونشره فلم يتيسر ذلك؛
إذ كما تعلمون الظروف في مصر، فقد انشغل الناس بهمومهم وآلالمهم عن طلب الكتب والقراءة.
وهاهو الكتاب راجيا الله تعالى أن ينفع به ، وأن يديم نفعه أبدا ، وان يجعله خالصا لوجهه الكريم
هاهو : المقدمة ، ثم الفهرس ، ثم الكتاب ملف [ PDF ]
مقدمة في قصة:
سبب تأليف الكتاب : بكاء إمام الحرم المكي في الصلاة
في حَجِّي سنة 1434هـ كنت أصلي في المسجد الحرام جماعة في صلاة المغرب أو العشاء، فقرأ الإمام من أول سورة الصف حتى وصل إلى قوله تعالى :
{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } [الصف: 13]
وهنا أخذه النشيج وغلبه البكاء فانقطع صوته ، وكلما أراد أن يتم ويقرأ: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (الصف) يغلبه البكاء مرة ومرتين وثلاث مرات.
فعجِبْتُ أشد العجب إذ رأيت أن الآية بُشْرَى كما أن الآية السابقة لها مباشرة بِشَارَةٌ ، بشارة بالمغفرة وجنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة وفوز عظيم فأخذني العجب لذلك.
وبعد الصلاة سألتُ الإخوة الذين معي وهم - فيم نحسبهم - على فضل وعلم، أرأيتم أين بكى الإمام؟!
لقد انقطع صوته وغلبه البكاء مع آيات بُشْرَيَاتٍ وهذا يناقض المعنى، فليس هذا موضع بكاء.
فقال أحدهم: وهل في القرآن مواضع معلومة للبكاء؟!
فقلت : لا، وأنا لا أنكر التأثر والبكاء، لكن لابد من أن يكون هناك دافع وسبب، فالبكاء مع تلاوة القرآن ينتج عن الانفعال والتأثر بمعاني الآيات، فإن لم يكن هناك معنى تأثر به ودفعه للبكاء ما الداعي له؟!
والأولى أن يكون في الْخَلَواتِ وليس في الجماعات، فإن كان في الْخَلَوَاتِ فهو محمود غير مذموم أما في الجماعات أو في المساجد فليس كذلك.
وتابعت قائلا: إن البكاء في إمامة الصلاة ليس أصلا، بل هو عارض لدافع من المعاني المقروءة، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بكى وسمع بكاؤه في الصلاة.
والوارد في ذلك: عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كأزيز المرجل من البكاء[1]
والحديث صححه الألباني رحمه الله، ونصوص الحديث الوارده كلها تدل على أنه لم يكن في الإمامة.
كما أنه كان أزيز الصدر وأنينه، ولم يَكُ نحيبا، والصوت نابع من الصدر، وليس من الفم، وهذه حال تدل على أن صاجبها يجاهد حتى لا يصدر منه صوت البكاء واضحا.
وقد استحسن صاحبي بكاء الإمام في الصلاة فقال: إنِّ رِقَّةَ الإمام وتأثره وبكاؤه تجذب انتباه المأمومين ويدفعهم للتأثر والتفكر والتأمل في الآيات ومعانيها.
فقلت: هذا الكلام غير دقيق وما أراه صوابا، لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بكى في إمامته للصلاة وسُمِعَ صوته ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
فقال: إن الصحابة قد سمعوا صوت نشيج عمر رضي الله عنه وهو إمام.
والرواية الواردة في ذلك هي : عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: سمعت نَشِيْجَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ من سورة يوسف يقول {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86][2].
قلت: إن النشيج ليس بكاء، وإنما هو غُصَّةٌ وحَشْرَجَةٌ في الْحَلْقِ بسبب حبس ومُدَافَعَةِ البكاء ، قال الخليل في العين: "نَشَجَ الباكي يَنشِجُ نشيجا إذا غص البُكاءُ في حَلقه عند الفَزعة"[3]
فقال صاحبي: إن السيدة عائشة وصفت أبا بكر بأنه رجل أسيف كثير البكاء فإن قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع الناس.
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: إن رسول الله r قال في مرضه (مروا أبا بكر يصلي بالناس). قالت عائشة قلت: إن أبا بكر إذا قام مَقَامَكَ لم يُسْمِعْ الناسَ من البكاء فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ للناس. فقالتْ عائشةُ فَقُلْتُ لحفصة قولي له إن أبا بكر إذا قام في مَقَامِكَ لم يُسْمِعْ الناسَ من البكاء فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ للناس ففعلت حفصة، فقال رسول الله r :(مَه إنَّكُنَّ لأنتن صَوَاحِبُ يوسف مُرُوا أبا بكر فَلْيُصَلِّ للناس). قالت حفصة لعائشة ما كنتُ لأُصِيبَ منك خيرا"[4]
الردُّ على ذلك: إنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان خليفة لرسول الله على المسلمين سنتين وبضعة أشهر كان يؤم الناس فيها، فهل وردت رواية أو أثر يذكر أن أبا بكر رضي الله عنه بكى أثناء إمامته للناس، أو في صلاته مفردا؟
فقال صاحبي: لو تأملتَ الآياتِ السابقة لهذه الآية لَوَجَدْتَ مَعَانيها تَدْفَعُ للبكاء اسمع:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) } [الصف: 7 - 9]
قلت: فما الذي أخَّرَ بكاءه حتى انقطع به الصوت في مَوْطِنِ بُشْرَيَات؟!
فقال صاحبي: هل تريد أن تقول إنه يرائي؟!
فقلت : ما أُحِبُّ أنْ أَرْمِيَهُ بذلك، لكن الموطن الذي هو فيه أخشى عليه أن يدفعه لذلك، إذ أنه على الهواء مباشرة، وقنوات تلفزيونية عديدة في كثير من بلاد الإسلام تنقل الصلاة، ولكن ما أقصده وأؤكد عليه أن الإمام خاصة الأصل ألا يظهر له بكاء في الصلاة، وإنْ بَدَا وظهر فلا بد أن يكون متوافقا مع معاني الآيات التي يقرؤها، ولا أنكر عليه بكاءه حينئذ.
فقال صاحب آخر معنا: أحسن الظن به، لعله حين قرأ {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 13] (الصف) تذكر حال الأمة وما هي عليه من هَوَانٍ وذُلٍّ وفُرْقَةٍ فَتَأَلَّمَ لحالها فبكى.
فقلت: لعل ذلك هو السبب والله أعلم.
إلى هنا انتهت القصة، وعزمت بعدها على أن أبحث القضية من كل جوانبها، وإيفاءها حقها بحثا ودراسة، فكان هذا الكتاب الذي بين يديكم، أبتغي به وجه الله، وأسأله عز وجل أن يكون حجة لي لا علي، وأسأل ربي الرحمن الرحيم أن ينفع به وأن يمتد نفعه فيشمل الأرض مكانا، وأن يديم نفعه أبدا مادام على الأرض من يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخيرا ما من كتاب ما خلا كتاب الله إلا وتعددت عيوبه ونقائصه، جزى الله خيرا من أهدى إلي عيوبي.
أخوكم د . محمد رجائي أحمد الجبالي
اميل : [email protected]
[1] ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه، ترتيب: الأمير أبو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله، علاء الدين الفارسي الحنفي، مؤلف التعليقات الحسان: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني، ط1 (1424 هـ - 2003 م) ، جدة ، دار با وزير للنشر والتوزيع، ج2، ص164.
[2] الطريفي، عبد العزيز بن مرزوق، التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل، ط1، (1422 هـ - 2001 م)، الرياض، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، ص81.
[3] الخليل، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، كتاب العين، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ج6، ص37
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، الجامع الصحيح المختصر، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، ط3 (1407 – 1987) ، اليمامة، بيروت، دار ابن كثير، ج1، ص240.