كتاب النشر في القراءات العشر وقيمته العلمية

نورة

New member
إنضم
11 أغسطس 2005
المشاركات
263
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
التعريف بـ"كتاب النشر في القراءات العشر" وقيمته العلمية:

يعتبر كتاب "النشر في القراءات العشر" من أجمع كتب القراءات وأنفعها؛ إذ إن ابن الجزري تناول فيه كلّ صحيح من طرق وروايات القراءات العشر، ويعتبر هذا الكتاب أيضاً زبدة ما ألّفه ابن الجزري في علم القراءات, حيث جمع فيه جميع موضوعات هذا العلم التي أفردها في مصنفاته الأخرى, وهو عُمدة الكتب في هذا الفن, ومقصد الطلاب في كلّ عصر.قال عنه: "كتابي –النشر- مما عُرِف قدره، واشتهر بين الطلبة ذكره، ولم يسع أحداً منهم تركه ولا هجره[SUP]([SUP][1][/SUP])[/SUP].وقال عنه الإمام النويري: " كتابه المسمى بـ"النشر في القراءات العشر" الذي لم ينسج ناسج على منواله، ولم يأت أحد بمثاله, فإنه كتاب انفرد بالإتقان، والتحرير، واشتمل جزء منه على كلّ ما في الشاطبية، والتيسير, وجمع فوائد لا تحصى ولا تحصر, وفوائد ادخرت له فلم تكن في غيره تذكر, فهو في الحقيقة نشر العشر, ومن زعم أن هذا العلم قد مات قيل له: قد حيي بالنشر, ولعمري إنه لجدير أن تشد إليه الرحال فيما دونه وتقف عنده فحول الرجال ولا يعدونه"[SUP]([SUP][2][/SUP])[/SUP].وكان الإمام العلامة الضباع قد أثنى عليه فقال: "فهو كتاب حقيق أن تشدَّ له الرحال، لما حواه من صحيح النقول وفصيح الأقوال، جمع فيه مؤلفه -رحمه الله تعالى- من الروايات والطرق ما لا يعتريه وهن، ولا يتطرق إليه شك ولا طعن، على تواتر محكم، وسند متصل معلم، فهو البقية المغنية في القراءات؛ بما حواه من محرر طرق الروايات، وهو البستان الجامع، والروضة الزهية، والإرشاد النافع، والتذكرة الواقية"[SUP]([SUP][3][/SUP])[/SUP].وتمثل السبب الذي دعا ابن الجزري إلى تأليف هذا المؤلف رغبته في إحياء هذا العلم بعد اندثار معالمه، وازدهاره من بعد تقهقر اعتراه وأصابه، وبعثُ هممِ طالبيه بعد قصورٍ شابها وانتابها فقال: "وإني لما رأيت الهمم وقد قصرت، ومعالم هذا العلم وقد دثرت، وخلت من الأئمة الآفاق ... وترك لذلك أكثر القراءات، ونسي غالب الروايات الصحيحة المذكورة، حتى كاد الناس لم يثبتوا قرآناً إلاّ ما في الشاطبية والتيسير، ولم يعلموا قراءات سوى ما فيهما من النزر اليسير، وكان من الواجب عليّ التعريف بصحيح القراءات والتوقيف على المقبول من منقول مشهور الروايات، فعمدت إلى أن أثبت ما وصل إليّ من قراءاتهم، وأوثق ما صح لديّ من رواياتهم عن الأئمة العشرة قراء الأمصار، والمقتدى بهم في سالف الأعصار"[SUP]([SUP][4][/SUP])[/SUP].

منهجه في الكتاب:
لقد كان ابن الجزري ملتزماً بالمنهج العلمي الذي سلكه في جلِّ كتبه، ومن ذلك أنه يبين منهجه المتبع في أغلب مؤلفاته، ومنهجه الذي سلكه في كتابه النشر أوضحه في قوله: "واقتصرت عن كل إمام براويين، وعن كل راو بطريقين، وعن كل طريق بطريقين: مغربية ومشرقية، مصرية وعراقية، مع ما يتصل إليهم من الطرق، ويتشعب عنهم من الفرق"[SUP]([SUP][5][/SUP])[/SUP].ثم قال بعد سرده للأئمة القراء ورواتهم وطرقهم: "لم أدع عن هؤلاء الثقات الإثبات حرفاً إلاّ ذكرته، ولا خلفاً إلاّ أثبته، ولا إشكالاً إلاّ بينته، منبهاً على ما صحّ عنهم وشذّ، وما انفرد به منفرد وفذ، ملتزماً للتحرير والتصحيح والتضعيف والترجيح معتبراً للمتابعات والشواهد، رافعاً إبهام التركيب بالعزو المحقق إلى كلّ واحد جمع طرقاً بين الشرق والغرب، فروى الوارد والصادر بالغرب، وانفرد بالإتقان والتحرير"[SUP]([SUP][6][/SUP])[/SUP].والمتتبع لعمل ابن الجزري في هذا الكتاب يجده فعلاً قد التزم بهذا المنهج الذي نصّ عليه وقرّره, فلا يكاد يغفل عن شرط مما اشترط، ولا يهمل شيئاً مما التزم به.

زمن تأليف الكتاب:
لقد ألّف ابن الجزري هذا الكتاب في غضون ثمانية أشهر فقط، إذ بدأه في أوائل شهر ربيع الأول من سنة تسع وتسعين وسبعمائة للهجرة بمدينة بورصة، وفرغ منه في شهر ذي الحجة من السنة نفسها[SUP]([SUP][7][/SUP])[/SUP]، وليس في هذا إلاّ دلالة على نبوغ ابن الجزري، وسعة علمه، وعلوّ شأنه وسمو قدره؛ إذ كيف يؤلف كتاباً بهذا الحجـم وبهذه الدقة العلمية، وبهذه الغزارة الفنية، ولا يستغرق ذلك سوى ثمانية أشهر؟.

موضوعات الكتاب
:
لقد قسّم ابن الجزري كتابه النشر إلى ثلاثة أقسام رئيسة بالإضافة إلى مقدمة تتقدم هذه الأقسام، وجملة ما حوته تلك الأقسام من فروع ما يلي:
أ-المقدمة: وتضمنت ما يلي: § فضل القرآن الكريم. § جمع القرآن الكريم في أطواره الثلاثة. § أركان القراءة الصحيحة. § حكم القراءة بالشاذ والصلاة به. § حكم تلفيق القراءة. § حديث الأحرف السبعة والخلاف فيه. § المصحف العثماني والأحرف السبعة والقراءات المشهورة. § فائدة اختلاف القراءات. § ترجمة موجزة للقراء العشرة ورواتهم وطرقهم. § أسانيد المؤلف في الكتب التي روى منها القراءات. § أسانيد المؤلف إلى القراء العشرة.
ب-قسم تجويد الحروف وتضمن ما يلي: § مخارج الحروف. § صفات الحروف. § أنواع القراءة وأيها أفضل. § قاعدة الترقيق والتفخيم. § أحكام الميم الساكنة. § أحكام الإظهار والإدغام والإخفاء. § الوقف والابتداء: أنواعهما وأحكامهما ومذاهب الأئمة في ذلك. § الوقف والقطع والسكت.
ج
-قسم أصول القراءات العشر: وتضمن ما يلي:
§ خلاف القراء في الاستعاذة والبسملة. § خلاف القراء في سورة الفاتحة. § حكم هاء ضمير التثنية والجمع. § حكم ميم الجمع. § الإدغام الكبير عند أبي عمرو البصري. § هاء الكناية. § باب المد: أسبابه ومراتبه وأنواعه وما اختلف فيه. § باب الهمز: أنواعه وأحكامه. § التقارب والتجانس والتماثل في الحروف المدغمة. § مذاهب القراء في الفتح والإمالة وما بينهما. § مذاهب القراء في اللامات والراءات تفخيماً وترقيقاً. § الوقف على أواخر الكلم وخلاف القراء فيه. § الوقف على المرسوم الخطي وخلاف القراء فيه. § مذاهب القراء في ياءات الإضافة. § مذاهب القراء في الياءات الزوائد.
د-قسم فرش الكلمات : وتضمن ما يلي: § حكم جمع القراءات وكيفية الأخذ بها. § فرش حروف السور القرآنية بدءاً من سورة الفاتحة وانتهاءً بسورة الناس. § التكبير: حكمه وسبب وروده وصيغته. § ما يتعلق بختم القرآن الكريم.

خواصـه:يتميز هذا الكتاب بالمميزات التالية:
1-يعتبر هذا الكتاب من أصح ما كتب في القراءات إذ إنه تميز باستيعاب كل الصحيح من القراءات، فجمع بين خصلتين لم تجتمعا معا في المؤلفات التي ألفت قبله وهما: حشد كل القراءات وجمعها، وتحقيق شرط الصحة في كل ذلك، فلم تبق قراءة صحيحة إلاّ اشتمل عليها، وما ألف من قبل من كتب القراءات عني فيه بإحدى الخصلتين فقط، إما بالجمع دون مراعاة لشرط الصحة، وإما باشتراط الصحة دون مراعاة استيعاب كل القراءات الصحيحة.
2-
يعتبر كتاب النشر من أجمع ما ألف في القراءات؛ إذ أورد فيه قراءة الأئمة العشرة من عشرين رواية، ومن ثمانين طريقا إجمالاً، ومن نحو ألف طريق تفصيلاً، ومثل هذا نادر وعزيز في كتب القراءات الأخرى؛ إذ اقتصر بعضها على بعض القراءات العشر، واكتفى البعض الآخر ببعض الروايات وأهمل بعضها الكثير من الطرق.
قال في كشف الظنون: "..وهو الجامع لجميع طرق العشرة، لم يسبق إلى مثله"[SUP]([SUP][8][/SUP])[/SUP].
3-يعتبر كتاب النشر خلاصة ما ألّفه ابن الجزري في علم القراءات وما يتبعه من فروع، فهو قد اشتمل على القراءات بطرقها الأَلف, كما اشتمل على مقدمات، ومبادئ، وأصول في علم التجويد، والرسم القرآني، وعني فيه بدراسة أسانيد القراءات، وتصحيحها بناءً على ما أثبته في كتابيه طبقات القراء الصغرى والكبرى.
4-لم يكن هذا الكتاب مؤلفاً في القراءات وما يتعلق بها فحسب, بل تناول فيه ابن الجزري أيضا مباحث هامة في فنون أخرى في ثنايا حديثه عن مسائل القراءة، فقد كانت القواعد النحوية مرجعاً له، وكانت الأصول اللغوية شاهداً لما يرجحه ويختاره خاصة فيما تعلق بمباحث الإدغام، والإمالة، ومخارج الحروف وصفاتها.

طبعاتـه: طبع هذا الكتاب طبعات عديدة وهي كما يلي:-طبع بمطبعة التوفيق بدمشق، بتحقيق أحمد دحمان، سنة 1345هـ/1926م في مجلدين.
طبع بمطبعة مصطفى محمد بالقاهرة بتحقيق الشيخ العلامة علي محمد الضباع سنة 1360هـ/1940م.
-وطبع مصوراً على هذه الطبعة بالمكتبة المصرية بالقاهرة سنة 1396هـ/1976م.
-وطبع بمكتبة القاهرة بتحقيق الدكتور محمد سالم المحيسن سنة 1396هـ/1976م في ثلاثة أجزاء.
-وطبع بدار الكتب العلمية ببيروت مصوراً على الطبعة التي حققها الشيخ الضباع مرات عديدة في السنوات: 1981م- 1985م-1987م- 1989م.
-وطبـع بـدار الفكر ببيروت مصورا أيضاً في السنوات: 1980م-1983م-1986م-1989م.
وطبع بدار الكتاب العربي ببيروت بتحقيق أحمد أمين سنة 1406هـ/1986 م في مجلدين.
وحُقّق الكتاب في رسائل علمية: الأولى بعنوان: "منهج ابن الجزري في كتابة النشر مع تحقيق قسم الأصول", رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية, إعداد الدكتور: السالم محمد محمود الجكني, 1421هـ.ثم أكمل الباحث تحقيق الفرش, وهو الآن في المراحل الأخيرة لطباعته في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
وأكمل الجزء الثاني في رسالة ماجستير بجامعة أم القرى من أول باب فرش الحروف إلى آخر الكتاب, بتحقيق الشيخ محمد بن محفوظ بن محمد أمين الشنقيطي عام 1425هـ.
كما سجّل الكتاب الدكتور سيد دراز رسالة دكتوراه بكلية القرآن الكريم بطنطا, ونوقشت الرسالة عام 2008م.


([1]) تقريب النشر76.
([2]) شرح الطيبة 1/160.
([3]) مقدمة تحقيق النشر1/ب.
([4]) النشر 1/54.
([5]) النشر 1/54.
([6]) النشر 1/56-57.
([7]) انظر: النشر 2/469.
([8]) كشف الظنون 2/1952.
 
جزاكم الله خيرا .... و يا حبذا لو كان ذلك فى توضيح منهج ابن الجزرى رحمه الله فى الطيبة لكااااااااااان و كااااااااااان
 
جزاكم الله خيرًا.
حَقَّقَ النشر كذلك فضيلة الشيخ د. أيمن رشدي سويد، وأرجو أن يُطبَع هذا التحقيق قريبًا.
هذا الكلام سمعته منذ سنوات أواخر التسعينات أو أوائل الألفية الثانية ، وذكر بعض الشيوخ كلاما في تحقيقه للنشر ، وآمل ألا يكون الكلام صوابا ، وأن يكون بالفعل تحقيق موجود لكتاب النشر للشيخ أيمن سويد ، وألا تكون فيها انعقاد النية فقط .
 
عودة
أعلى