خالد رمضان أحمد
New member
- إنضم
- 06/08/2007
- المشاركات
- 174
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- الرياض - حي الياسمين
- الموقع الالكتروني
- khfeef.blogspot.com
أشعر بالسعادة تغمرني وأنا أتحدث عن أبي وأشعر بالفخر لأنه كان أبي ..
وربما سأكتب عنه أشياء قليلة من حياته، قد تكون عادية لدى البعض، لكن ثمت طفل صغير في داخلي لم يزل ينظر إليه كرجل عظيم لم تمحه الأيام مهما تشوشت الصور.
وأنا أكتب هذه السطور لي ولأبنائي وإخواني وأبناءهم لنتلمس ملامح القدوة في شخصيته.
لم يكن والدي قد نال تعليما في المدارس النظامية لكنه تعلم في الكتَّاب القراءة الكتابة والقرآن الكريم، غير أنه كان حريصا على التعلم وكان يحضر دروس الفقيه الشيخ / أحمد محمد محجوب إمام وخطيب مسجد بن محفوظ وكان يقتني كتبا كثيره أهداني منها: كتاب نور الإيضاح في الفقه الحنفي وتفسير المراغي وعلمت لاحقا أنه أهدى بعض إخوتي شيئا من كتبه.
كان الوالد حريصا على أن ننال القسط الأوفى من التعليم ..
وقد رزق اثني عشر ابنا - ماشاء الله - لم يرض لأحدهم أن يتخلف أو يقصر عن التعلم.
قلت له مرة لابد أن أتعلم مهنتك – صياغة الذهب – فرفض وقال: التعليم أحسن لك ياولدي مهنتنا مهنة نافخ الكير كم أحرقت لي ثوبا وضحك.
ولست أنسى نظرته الحانية وشعوره بالفخر لما جئته يوما في الدكان مبشرا له بختم القرآن لقد كان فخورا بي.
وفي صبيحة مباركة وأنا نائم في البيت يقطع الوالد علي حلما سعيدا ليبشرني بحلم أسعد حيث أخبرني بقبولي طالبا بالجامعة الاسلامية كان فرحا جدا بانتسابي لهذه الجامعة والتوجه نحو التخصص الشرعي فضلا عن سكنى المدينة، وكان كثيرا ما يزورني في السكن الجامعي وينام معي في غرفتي في الجامعة، ويؤنسني بزيارته.
من أهم الصفات في الوالد رحمه الله تعظيمه قدر الصلاة وتبكيره لها خصوصا صلاة الفجر فقد كان يذهب للمسجد قبل أذان الفجر ليقرأ ورده قبل الأذان وكان يقرأ القرآن في المسجد والمنزل والدكان وهو على ذلك سنين عديده حريصا على السنة محافظا على النوافل والوتر لقد كان رجلا صالحا.
أما إنفاقه فهذا يعرفه الأقارب والأباعد فقد فتح الله عليه في التجارة فكان يصل رحمه ويعين فقراء العائلة ويكفل بعضهم داخل المملكة وخارجها.
في سن العاشرة كنت أخرج معه لصلاة الجمعة في مسجد الشيخ حسن أيوب وهو من أبرز الخطباء في جدة في الثمانينات وكانت خطبة حماسية عن غزو الروس لأفغانستان ووجوب نصرتهم بما نستطيع وكان في المسجد حملة تبرعات فتبرع في الصندوق وأعطاني عشرة ريال وقال ضعها في الصندوق لازم تساهم مع المسلمين ..
كم من المعاني غرسها هذا الأب الرحيم .
كان الوالد رحمه الله واصلا لرحمه وكم رافقته في زيارتهم خاصة زيارته لعمتي زينب وبيت جدي لأمي وغيرهم، أما قيامه بالواجب من زيارة مريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة فهذا مما لا يمكنه التخلف عنه.
كان الوالد حازما لا سيما في التخلف عن الصلاة كم أتعبته وأنا أتأخر عن الصلاة في المرحلة الابتدائية وكان يترصد لي في الملعب واختبئ منه ويلاحقني ويزجرني - كنت متعبا وكان صبورا - ما أجملها من أيام.
لم يكن قط مترددا ولما ولد مولودي الأول كان الوالد مسافر للعلاج خارج المملكة ووصل الوالد مع أخي الأكبر أبو عبدالرحمن (عثمان) فأخبرته أني لازلت محتارا في تسمية ابني بين اسمين الأول عامر والثاني فقاطعني وقال عامر اسم ممتاز قلت طيب أقول لك الثاني قال لا .
كان يحب بناته ويحرص على تعليمهن ورعايتهن حتى أنه حزن لزواجهن مبكرا لكنها الحياة أحبب من شئت فإنك مفارقه وكن أيضا يحببنه جدا.
ومن لطائف تعامله أنه كان يعجبه التيامن في شأنه كله وربما منع مني المصروف إذا قدمت يدي الشمال لأخذه منه وربما ضرب على يدي إذا تكرر ذلك .
ومن لطيف شأنه أنه تكلم علي مرة بكلام شديد وكنت وقتها شابا، وكانه شعر بانزعاجي من كلامه فأقبل علي واحتضنني وقال لا تزعل مني أنا لما أزعل أقول ما لا أقصد يا ألله كم يساوى هذا العناق! لقد كان رجلا عظيما
وللأسف فقد توفي وأنا البعيد القريب فلم أحضر جنازته ولم أتمكن من رؤيته في أيامه الأخيرة .. والحمد لله على كل حال ..
وكان عمره في ذلك الوقت نحو ثلاثة وستين عاما كعمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد توفي صبيحة يوم الاثنين 27 / 3 / 1417 ه وقد صلى الصبح في مستشفى الملك فهد حيث كان يرقد ليلته الأخيرة والوحيدة بالمشفى وحظي برفقته أخي عبدالعزيز فصلى الصبح وجلس يدعو حتى توفي ودفن بمقبرة الأسد بوسط مدينة جدة.
رحمه الله ورحم أموات المسلمين.
==========
نشرت اليوم في مدونتي.
وربما سأكتب عنه أشياء قليلة من حياته، قد تكون عادية لدى البعض، لكن ثمت طفل صغير في داخلي لم يزل ينظر إليه كرجل عظيم لم تمحه الأيام مهما تشوشت الصور.
وأنا أكتب هذه السطور لي ولأبنائي وإخواني وأبناءهم لنتلمس ملامح القدوة في شخصيته.
لم يكن والدي قد نال تعليما في المدارس النظامية لكنه تعلم في الكتَّاب القراءة الكتابة والقرآن الكريم، غير أنه كان حريصا على التعلم وكان يحضر دروس الفقيه الشيخ / أحمد محمد محجوب إمام وخطيب مسجد بن محفوظ وكان يقتني كتبا كثيره أهداني منها: كتاب نور الإيضاح في الفقه الحنفي وتفسير المراغي وعلمت لاحقا أنه أهدى بعض إخوتي شيئا من كتبه.
كان الوالد حريصا على أن ننال القسط الأوفى من التعليم ..
وقد رزق اثني عشر ابنا - ماشاء الله - لم يرض لأحدهم أن يتخلف أو يقصر عن التعلم.
قلت له مرة لابد أن أتعلم مهنتك – صياغة الذهب – فرفض وقال: التعليم أحسن لك ياولدي مهنتنا مهنة نافخ الكير كم أحرقت لي ثوبا وضحك.
ولست أنسى نظرته الحانية وشعوره بالفخر لما جئته يوما في الدكان مبشرا له بختم القرآن لقد كان فخورا بي.
وفي صبيحة مباركة وأنا نائم في البيت يقطع الوالد علي حلما سعيدا ليبشرني بحلم أسعد حيث أخبرني بقبولي طالبا بالجامعة الاسلامية كان فرحا جدا بانتسابي لهذه الجامعة والتوجه نحو التخصص الشرعي فضلا عن سكنى المدينة، وكان كثيرا ما يزورني في السكن الجامعي وينام معي في غرفتي في الجامعة، ويؤنسني بزيارته.
من أهم الصفات في الوالد رحمه الله تعظيمه قدر الصلاة وتبكيره لها خصوصا صلاة الفجر فقد كان يذهب للمسجد قبل أذان الفجر ليقرأ ورده قبل الأذان وكان يقرأ القرآن في المسجد والمنزل والدكان وهو على ذلك سنين عديده حريصا على السنة محافظا على النوافل والوتر لقد كان رجلا صالحا.
أما إنفاقه فهذا يعرفه الأقارب والأباعد فقد فتح الله عليه في التجارة فكان يصل رحمه ويعين فقراء العائلة ويكفل بعضهم داخل المملكة وخارجها.
في سن العاشرة كنت أخرج معه لصلاة الجمعة في مسجد الشيخ حسن أيوب وهو من أبرز الخطباء في جدة في الثمانينات وكانت خطبة حماسية عن غزو الروس لأفغانستان ووجوب نصرتهم بما نستطيع وكان في المسجد حملة تبرعات فتبرع في الصندوق وأعطاني عشرة ريال وقال ضعها في الصندوق لازم تساهم مع المسلمين ..
كم من المعاني غرسها هذا الأب الرحيم .
كان الوالد رحمه الله واصلا لرحمه وكم رافقته في زيارتهم خاصة زيارته لعمتي زينب وبيت جدي لأمي وغيرهم، أما قيامه بالواجب من زيارة مريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة فهذا مما لا يمكنه التخلف عنه.
كان الوالد حازما لا سيما في التخلف عن الصلاة كم أتعبته وأنا أتأخر عن الصلاة في المرحلة الابتدائية وكان يترصد لي في الملعب واختبئ منه ويلاحقني ويزجرني - كنت متعبا وكان صبورا - ما أجملها من أيام.
لم يكن قط مترددا ولما ولد مولودي الأول كان الوالد مسافر للعلاج خارج المملكة ووصل الوالد مع أخي الأكبر أبو عبدالرحمن (عثمان) فأخبرته أني لازلت محتارا في تسمية ابني بين اسمين الأول عامر والثاني فقاطعني وقال عامر اسم ممتاز قلت طيب أقول لك الثاني قال لا .
كان يحب بناته ويحرص على تعليمهن ورعايتهن حتى أنه حزن لزواجهن مبكرا لكنها الحياة أحبب من شئت فإنك مفارقه وكن أيضا يحببنه جدا.
ومن لطائف تعامله أنه كان يعجبه التيامن في شأنه كله وربما منع مني المصروف إذا قدمت يدي الشمال لأخذه منه وربما ضرب على يدي إذا تكرر ذلك .
ومن لطيف شأنه أنه تكلم علي مرة بكلام شديد وكنت وقتها شابا، وكانه شعر بانزعاجي من كلامه فأقبل علي واحتضنني وقال لا تزعل مني أنا لما أزعل أقول ما لا أقصد يا ألله كم يساوى هذا العناق! لقد كان رجلا عظيما
وللأسف فقد توفي وأنا البعيد القريب فلم أحضر جنازته ولم أتمكن من رؤيته في أيامه الأخيرة .. والحمد لله على كل حال ..
وكان عمره في ذلك الوقت نحو ثلاثة وستين عاما كعمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد توفي صبيحة يوم الاثنين 27 / 3 / 1417 ه وقد صلى الصبح في مستشفى الملك فهد حيث كان يرقد ليلته الأخيرة والوحيدة بالمشفى وحظي برفقته أخي عبدالعزيز فصلى الصبح وجلس يدعو حتى توفي ودفن بمقبرة الأسد بوسط مدينة جدة.
رحمه الله ورحم أموات المسلمين.
==========
نشرت اليوم في مدونتي.