قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ

إنضم
03/01/2021
المشاركات
10
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
59
الإقامة
مصر
images


قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

بدأ الله تعالى أولًا بالأمر بإصلاح النفس، ووقايتها عذاب الله، احفظوا أنفسكم من النار، اجعلوا بينكم وبينها وقاية، هذه الوقاية هي الإيمان بالله، والعمل الصالح.
{وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]: ثم أمر سبحانه بوقاية الأهل، وهم زوجتك وأولادك من بنين وبنات، ومن هم تحت ولايتك وتصرفك. احفظوا أهليكم من النار، لا تقذفوا بأبنائكم في جهنم، ولا يكون ذلك إلا بالأخذ بأيديهم إلى مرضاة الله، وتجنُّب ما يُسخطه سبحانه.

قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: "أدِّبوهم وعلموهم الخير". وقال قتادة رحمه الله: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به، وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية، زجرتهم عنها"


الأب الواعي لا يتحمل أن يرى فِلْذَةَ كبده، يتألم من مرضٍ ألمَّ به، فكيف يرضى أن يُقذَف به في النار؟
الأب الواعي والأم الواعية يخافان على ولدهما من مصائب الدنيا،
فكيف لا يخافان عليه من هول الآخرة؟

يخافان عليه من المستقبل القادم، فكيف لا يخافان عليه من مصيره في الآخرة، وهو المستقبل الحقيقي؟

أيها الأب الكريم: أنت مُحاسَب أمام الله تعالى عن كل من تعُولهم، أنت مسؤول عن كل تقصير صدر منك، ما يغني عنك أمام الله تعالى إذا جئته، وقد علَّمت ولدك أنواع الدراسات، وألبسته أجود الألبسة، وأطعمته أشهى الأطعمة، وأمتعته بخير متاع الدنيا؟ إنَّ هذا كله لن يُغنِيَ عنك من الله شيئًا، ما دام ولدك لم يتخلَّق بأخلاق الإسلام،
عند ذلك سيقول: يا ربِّ، إن السبب في معصيتي لك وإعراضي عنك – أبي، فإنه لم يُربِّني على طاعتك، ولم يرشدني إلى تعظيمك، وإنما أهمل تربيتي، ترك صحبة السوء تربيني، ترك مواقع الإنترنت تربيني، تركني والبيئة الفاسدة.

وأنت أيها الزوج: كيف حال زوجتك مع الله؟ هل تقوم بطاعة الله على أحسن وجه؟ هل تحافظ على الصلوات الخمس؟ هل تزكِّي مالها؟ هل تصوم فرضها؟ هل تطيع زوجها على وجه يرضي الله عز وجل؟ من المسؤول عن ذلك كله؟ إنها ستوجه مقدارًا كبيرًا من اللوم عليك، فأنت وليُّها، وأنت القائم عليها، ولو أمرتها لأْتَمَرَتْ، ولو نهيتَها لانْزَجَرَتْ.

وأنت أيتها الزوجة: هل تعرفين أين تذهب ابنتك؟ هل رأيت لباسها؟ هل وجدتِهِ لباس حشمة مرضٍ للرب، أم لباس تبرُّج وسُفُور، مبدٍ للزينة، ومُظهِر للعورة؟ وهل تدرين مَن جلساء ولدك؟ لماذا لم تمثلي القدوة الحسنة لأولادك من بعدك؟
«كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ، ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده، ومسؤول عن رعيته»[رواه البخاري].


R_0204.gif


كيف نقي أنفسنا وأهلينا وأولادنا من النار؟
الجواب:
1ـ أن تكون قدوة: ألَّا يرى أهلك منك إلا خيرًا، ألَّا يسمعوا منك إلا خيرًا، ألَّا يطَّلعوا منك إلا على خير، أن تكون من أهل القرآن، أن تكون محافظًا على الصلوات، بارًّا بوالديك، واصلًا لرحمك، محسنًا مع جارك

2ـ أن تعلمهم التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: أن تُعلِّق قلوبهم بالله، وتعلمهم محبة الله، ورقابة الله، والخوف من الله
3ـ أن تأمرهم بالتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به: أن تغرس في نفوسهم أن محبته صلى الله عليه وسلم أكثرُ من النفس والأهل والمال والناس أجمعين؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده *والناس *أجمعين»
4ـ أن تعودهم على الصلاة، وتربيهم عليها، وتحببهم فيها: وتأمرهم بها إذا بلغوا سن السابعة، وتضربهم عليها إذا بلغوا سن العاشرة؛ امتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
5ـ أن تربيهم على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والآداب: من البر والصلة وحسن الجوار، وتنهاهم عن ضد ذلك من العقوق والقطيعة، وسوء الجوار، وأذية الناس.
6ـ أن تختار لهم الصحبة الصالحة، وتعرفهم ضرورتها، وتحذرهم صحبة السوء، وتعرفهم ضررها: فالأمر كما قال صلى الله عليه وسلم: «الرجل على دين خليله، *فلينظر *أحدكم *من *يخالل»

7ـ أن تربي بناتك على طاعة الله: والمحافظة على الصلاة في وقتها، وعلى الحجاب والحشمة والقرار في البيت، وعدم الخلطة بغير المحارم حتى ولو كانوا من أقاربهن
8ـ أن تطهِّر بيتك من الوسائل المفسدة: كالأغاني والصور المحرمة، والإنترنت المفتح ليلًا ونهارًا، سرًّا وجهارًا.
9ـ أن تصحب أهلك وأبناءك إلى مجالس العلم: فإنها مجالس عظيمة تعرف بالله، وتربط العبد بالله، وتغير كثيرًا، وحسبك أنها مجالس خيرٍ وبرٍّ، تحُفُّنا فيها الملائكة، وتغْشَانا فيها الرحمة، وتنزل علينا فيها السكينة، ويذكُرُنا الله تعالى فيمن عنده.

الكاتب: د. شريف فوزي سلطان
طريق الاسلام
 
عودة
أعلى