قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قال تعالى في سورة التوبة :{ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)}
قال الطبري رحمه الله:
قوله {هُوَ مَوْلَانَا} يَقُولُ: هُوَ نَاصِرُنَا عَلَى أَعْدَائِهِ. {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} يَقُولُ: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجُوا النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَخَافُوا شَيْئًا غَيْرَهُ، يَكْفِهِمْ أُمُورَهُمْ وَيَنْصُرْهُمْ عَلَى مَنْ بَغَاهُمْ وَكَادَهُمْ.
قال ابن كثير رحمه الله :
{قُلْ} أَيْ: لَهُمْ {لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} أَيْ: نَحْنُ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَقَدَرِهِ، {هُوَ مَوْلانَا} أَيْ: سَيِّدُنَا وَمَلْجَؤُنَا {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أَيْ: وَنَحْنُ مُتَوَكِّلُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
قال في فتح القدير : وَفَائِدَةُ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ كَائِنٌ، وَأَنَّ كُلَّ مَا نَالَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ هَانَتْ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ، وَلَمْ يَجِدْ مَرَارَةَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، وَتَشَفِّي الْحَسَدَةِ هُوَ مَوْلانا أَيْ: نَاصِرُنَا، وَجَاعِلُ الْعَاقِبَةِ لَنَا، وَمُظْهِرٌ دِينَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ: تَفْوِيضُ الْأُمُورِ إِلَيْهِ وَالْمَعْنَى:أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَجْعَلُوا تَوَكُّلَهُمْ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ، لَا يَتَوَكَّلُونَ عَلَى غَيْرِهِ.
قال في التحرير والتنوير : وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ التَّخَلُّقَ بِهَذَا الْخُلُقِ: وَهُوَ أَنْ لَا يَحْزَنُوا لِمَا يصيبهم لِئَلَّا يهنو وَتَذْهَبَ قُوَّتُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ } . وَأَنْ يَرْضَوْا بِمَا قَدَّرَ اللَّهُ لَهُمْ وَيَرْجُوا رِضَى رَبِّهِمْ لِأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ نَصْرَ دِينِهِ. ويعلموا أَنَّ مَا أَصَابَهُمْ مَا كَانَ إِلَّا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ نَفْعٌ مَحْضٌ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْدِيَةُ فِعْلِ كَتَبَ بِاللَّامِ الْمُؤْذِنَةِ بِأَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ لِنَفْعِهِمْ.
 
عودة
أعلى