قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }

قال ابنُ كثيرٍ رَحمَه اللهُ ...............

قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي وَغَيْرِهِ قَالُوا: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا أَرَى قُرّاءنا هَؤُلَاءِ إِلَّا أَرْغَبَنَا بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا أَلْسِنَةً، وَأَجْبَنَنَا عِنْدَ اللِّقَاءِ. فرُفع ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَدِ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. فَقَالَ: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُجْرِمِينَ} وَإِنَّ رِجْلَيْهِ لَتَنْسِفَانِ الْحِجَارَةَ وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ في غزوة تبوك في مجلس مَا رَأَيْتُ مِثْلَ قُرائنا هَؤُلَاءِ، أرغبَ بُطُونًا، وَلَا أكذبَ أَلْسُنًا، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ: كذبتَ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ. لَأُخْبِرَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَأَنَا رَأَيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بحَقَب نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنكُبُه الْحِجَارَةُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} .وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا .

قال السّعدي رحمه الله .............

وفي هذه الآيات دليلٌ على أن مَن أسرَّ سريرةً خصوصا السَّريرة التي يَمكر فيها بِدينه ويَستهزئ به وبآياته وَرَسُولِهِ- فإن اللّه تعالى يُظهرها ويفضحُ صاحبَها ويُعاقبه أشدَّ العُقُوبةِ..وأن من استهزأ بشيء من كِتابِ اللّهِ أو سنة رسوله الثابتة عنه أو سخر بذلك أو تنقصه أو استهزأ بالرَّسول أو تَنقَّصَه فإنه كافرٌ باللّه العظيم- وأن التَّوبةَ مقبولةٌ من كل ذنب وإن كان عظيما .

قال في محاسنِ التّأويلِ ..............

قال في " الإكليل " : قال إلكيا : فيه دلالة على أن اللاعبَ والجادّ في إظهار كَلَمة الكُفر سواء ، وأن الإستِهزاءَ بآياتِ اللهِ كفرٌ - انتهى - .
قال الرَّازي : لأن الإستهزاءَ يَدلُ على الاستخفافَ ، والعُمدةُ الكُبرى في الإيمان تعظيمُ اللهِ تعَالَى بأقصَى الإمَكانِ ، والجَمعُ بينهما مُحالٌ .
وقال الإمامُ ابنُ حزمٍ في " المِللِ " : كلُّ ما فيه كُفرٌ بالبَارئ تعاَلى ، واستخفافٌ به ، أو بنبيّ مِن أنبيائه ، أو بمَلك مِن مَلائكته ، أو بآية مِن آياته عزَّ وجلَّ ، فلا يحلُّ سماعُه ، ولا النُّطق به ، ولا يَحلّ الجلوسُ حيثُ يُلفظُ به . ثم سَاقَ الآية .

قَالَ البَغوي رَحمَه اللهُ في تَفسيرِه...................

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ: أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَظْهَرْتُمُ الكفر بعد ما أَظْهَرْتُمُ الْإِيمَانَ.

قال في تَفسيرِ اللبابِ ................
وَالِاسْتِهْزَاءُ بِاللَّهِ: هو الاستهزاءُ بتكاليفِ الله، والاستهزاءُ بذكر الله، فإنَّ أسماءَ الله قد يَستهزىءُ بها الكافرُ، كما أنَّ المؤمنَ يُعظمها. والمرادُ بالاستهزاء ب «آيَاتِهِ» هو القرآنُ، وسائر ما يدلُّ على الدين، والرسول معلوم.

قال في التَّحريرِ والتَّنويرِ ..................
وَالِاسْتِهْزَاءُ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ إِلْزَامٌ لَهُم: لأنّهم استهزأوا بِرَسُولِهِ وَبِدِينِهِ، فَلَزِمَهُمُ الِاسْتِهْزَاءُ بِالَّذِي أَرْسَلَهُ بِآيَاتِ صِدْقِهِ.
وَقَدْ أَنْبَأَ عَنْ ذَلِكَ إِضَافَةُ الْإِيمَانِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ دُونَ تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْحَقِيقَةِ، أَيْ بَعْدَ إِيمَانٍ هُوَ مِنْ شَأْنِكُمْ، وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ الْإِيمَانُ الصُّورِيُّ غَيْرُ الْحَقِّ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى الْآتِي:{ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ }[التَّوْبَة: 74] وَهَذَا مِنْ لَطَائِفِ الْقُرْآن.
 
قولُه تَعالَى :{ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}

قال العُثيمين رَحِمَهُ اللهُ عند هَذه الآيَةِ...............


من فوائد الآية: تَحريمُ اتخاذ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا سواء اتخذ الكل أم البعض؛ فمثال اتخاذ آيَاتِ اللَّهِ الشرعية هزواً أن يهزأ الإنسانُ ويسخرَ من شرعِ اللهِ عزّ وجلّ، سواء سخرَ بالشرع كله، أو بجزءٍ منه؛ لأن الاستهزاءَ ببعضِ الشَّريعة استهزاءٌ بجميع الشَّريعة؛ وهناك فرقٌ بين من يدعُ العملَ مع تعظيمه لشرعِ الله عزّ وجلّ؛ وبين من يَسخرُ بالشرع، ويَستهزئُ به، ويرى أنه عبثٌ، وأنه باطلٌ، وما أشبه ذلك؛ فالأول له حكمُ العصاة؛ فإن كانت معصيته كبيرةً تبلغُ به الكفر فهو كافرٌ؛ وإلا فهو فاسقٌ؛ وإلا فهو دونَ الفاسقِ - كما لو كانت من صغائر الذنوب، ولم يُصر عليها -؛ وأما الثَّاني المُستهزئ الذي يرى أن الشَّرعَ عبث، أو أنه لأناس انقرضوا، ومضوا، وأن هذا العصر لا يصلحُ للعمل بهذا الشَّرع؛ فهذا لا شك أنه كافرٌ؛ وإذا استهزأ مُستهزئ بحامل الشَّريعة، أو العامل بها من أجل حمله الشريعة، أو عمله بها فهو كافر؛ لأنه استهزأ بشريعة من شرائع الله؛ ولهذا قال عزّ وجلّ في أولئك النَّفرِ الَّذينَ قالوا: مَا أَرَى قُرّاءنا هَؤُلَاءِ- يَعنونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأصحَابَه - إِلَّا أَرْغَبَنَا بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا أَلْسِنَةً، وَأَجْبَنَنَا عِنْدَ اللِّقَاءِ.
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيهم: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ - لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } [التوبة: 65، 66] ؛ أما الذين يقولونَ عن حَملةِ الشَّرعِ، والعَاملين به: «هؤلاء دَراويش لا يعرفونَ المُجتمعَ ولا الدُّنيا»، وما أشبهَ ذلك من الكلمات؛ فهؤلاء أيضاً كفار؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ - وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ-وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ - وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ } [المطففين: 29 - 32] ؛ وفي معنى ذلك قولهم: «هؤلاء رَجعيون»، وقد ذكرَ اللهُ في آخر الآيات ما يدل على كُفرهم في قوله تعالى: { فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } [المطففين: 34] ؛ فدل هذا على أن أولئك الذين يسخرونَ بالمؤمنين من أجل إيمانِهم كُفارٌ.

ومثال اتخاذ الآيات الكونيَّة هزواً: لو نزل المطرُ في أيام الصيف - وهذا لم تجرِ به العادةُ - فقال: «ما هذا التبديلُ! يوم أن يكون الناسُ محتاجينَ إلى المَطر في الشَّتاء لا يَجيء؛ والآن يأتي!» وهذا يُمكن أن يُوجدَ من بعض الفَجرة الذين يقولونَ مثلَ هذا الكلامَ؛ أو مثلاً يُغْلَبُ قوميونَ من العرب - تغلبهم اليهود مثلاً، فيقول المُستهزئ بآياتِ اللهِ الكونية -: «ما هذا؟ كيف يكون النَّصر لليهود على العَربِ - على بني كنعان، وعدنان، وقحطان؛ كيف هذا وهم بنو إسرائيل؟!» وما أشبه ذلك؛ لكن المؤمن يَستسلمُ لأمر الله عزّ وجلّ الكوني كما يَستسلمُ لأمره الشرعي؛ ويرى أنه في غاية الحكمة، وفي غاية الإتقان، وأنه في مكانه، وأن ما حدث فهو واقع موقعه، وأن الحكمةَ تقتضي ذلك؛ لأن اللهَ عزّ وجلّ حكيم؛ لا يصنعُ شيئاً إلا لحكمة؛ فالمهم أن الاستهزاءَ بالآية الكونية يُمكن أن يكون؛ وقد نهى اللهُ تعالى أن تتخذ آياته هزواً؛ وهو عام للكونية، والشرعية؛ لكن بما أن الآية في سياق الآية الشَّرعية تكون أخص بالآيات الشَّرعية منها بالآيات الكونية.

- ومن فوائد الآية: أن المُخَالفةَ نوعٌ من الاستهزَاء؛ لأنَّكَ إذا آمنتَ بأن اللهَ عزّ وجلّ هو الربُّ العَظيمُ الذي له الحكمُ، وإليه الحُكم، ثم عَصيتَه فكأنَّك تَستهزئ بهذِه العَظَمةِ؛ فلو أن ملكاً من المُلوك - وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى - نهاكَ عَن شيء، ثم إنك أمامه، وعلى عَينه تخالفُ هذا الأمرَ، فسيقولُ لك: «أنت تستهزئُ بي؛ لأني نهيتُك، ففعلتَ ما نهيتُك عنه أمامي»؛ فالمعصيةُ نوعٌ من الاستِهزاء باللهِ عزّ وجلّ - وإن كانت ليست من النَّوع الَّذي يَخرجُ به الإنسانُ من الإسلامِ -.
 
قوله تعالى :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}

قال العُثيمين رَحِمَهُ اللهُ عند هَذه الآيَةِ...............

وكل إنسان يُشهد له بأنه في النار فهو في النار، وأما من لم يَشهد له الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنشهدُ له بالعموم، فنقول: كل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، ولا نشهدُ لشخص معين بأنه من أهل النار، أو من أهل الجنة إلا من شهد له الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ففي هذه الآية الكريمة بيان تعظيم الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يجهر له بالقول كجهره لسائر الناس، وأنه لا يجوز له أن يرفع صوته على صوت الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولما نزلت هذه الآية تأدَّب الصحابة - رضي الله عنهم - بذلك حتى كان بعضهم يكلمه مسارَّة ولا يفهم الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يقول من إسراره، حَتَّى يَستَثبتَه مرةً أُخرَى .

وفي هذه الآية دليلٌ على أن كل من استهانَ بأمر
الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن عمله حابط؛ لأن الاستهانة بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ردَّة، والاستهزاء به ردَّة كما قال اللهُ تعالى في المنافقين الذين كانوا يستهزئون بالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } وكانوا يقولونَ: ما رَأينَا مثل قُرَّائنَا هؤلاء - يَعنون الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابَه - أرغبُ بُطوناً - يعني أوسع - ولا أجبنُ عندَ اللقاء، ولا أكذبُ ألسناً، فأنزلُ اللهُ هذه الآية، ولما سألهم الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك قالوا: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ، يعني نتكلم بكلام لا نريده ، ولكن لنقطع به عنا عناء الطريق ، فأنزلُ الله هذه الآية. { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }. ولهذا كان الصحيح أن من سبَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان كافراً مرتدًّا، فإن تاب قبلنا توبته لكننا لا نرفع عنه القتل، بل نقتله أخذاً بحق الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإذا قتلناه بعد توبته النَّصوح الصَّادقة صَلينا عليه كسائرِ المُسلمين الذين يَتوبونَ من الكُفر أو من المَعاصي.
 
عودة
أعلى