قيام إسرائيل: نهاية اليهود للشيخ محمد المنتصر الكتاني

إنضم
18/07/2007
المشاركات
627
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=justify][align=center][glow=FF3300]بسم الله الرحمن الرحيم

قيام إسرائيل: نهاية اليهود[/glow]
[/align]

محاضرة للإمام محمد المنتصر بالله الكتاني: [ تغمده الله برحمته ]

تقديم مجلس التوعية الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، والصلاة والسلام على سيد الخلق سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا اللذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. [العصر/ 1-3].
يسر مجلس "التوعية الإسلامية" بجامعة الملك عبد العزيز، أن يقدم لكم هذه الليلة محاضرنا الكريم، فضيلة الشيخ محمد المنتصر الكتاني.
فضيلة المحاضر درَس بجامعة القرويين بفاس، بالمغرب، وتخصص في جامعة الأزهر في الحديث الشريف، له باع طويل في حقل التدريس والدعوة إلى الله عز وجل، فقد درّس في الجامعات والكليات في المغرب وسورية، والمملكة العربية السعودية، وغيرها من البلاد العربية. درّس الفقه والتفسير والحديث، والمذاهب المعاصرة، والحضارة الإسلامية، وله العديد من المؤلفات المطبوعة؛ ومنها: "معجم فقه ابن حزم الظاهري"، "تخريج فقه الحنفية"، "فتية طارق والغافقي"، "الإمام مالك" رضي الله عنه، "فاس عاصة الأدارسة"، ونشرت له صحف المملكة والمغرب وسورية ومصر بحوثا ودراسات مختلفة.
قام بمهمات إسلامية للملوك والرؤساء العرب، ويعمل الآن مستشارا عاما في رابطة العالم الإسلامي، ومدرسا للتفسير في الحرم المكي، ومدرسا للحديث في الحرم المدني.
مرحبا بفضيلة المحاضر، وجزاه الله خيرا للاستجابة الكريمة، وليتفضل مشكورا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


المحاضرة

السلام عليكم، زملائي الأساتذة، أبنائي الطلبة، لست غريبا عن جامعة الملك عبد العزيز، فقد درّست وحاضرت مدى سنتين في كلية الشريعة منها في مكة المكرمة، ويسرني العودة الآن إلى الوفود بينكم، والتحدث إليكم، في معضلة نعيش فيها قرابة نصف قرن، وهي لا تزيدها الأيام إلا شدة، ولا تزيدها السنون إلا تعقيدا، ولو اهتدينا إلى الطريق السوي لما احتجنا إلى كل هذا، فما أُخِذ بالقوة لا يرجع إلا بالقوة، وقديما كان الجهاد في الإسلام، كان ماضيا في أول الإسلام، وسيبقى كذلك إلى آخر الدنيا، سواء كان الجهاد مع بر أو فاجر، سيبقى مشروعا أبدا مادام في الأرض طغاة وجبابرة، ومادام في الأرض مجرمون وخبثاء يريدون الاعتداء على حقوق الناس، وأراضي الناس، وعقائد الناس، وتراث الناس، وأملاك الناس...
وإن كان حديثي اليوم سيكون مقصورا - كما رغبت الجامعة ومن دعاني للحديث - على اليهود، ولا أقول: على الصهيونيين، وكل يهودي صهيوني، وكل صهيوني يهودي، وليس في القنافذ أملس كما تقول الأمثلة العربية، وإنما هي تحايز من هؤلاء لنوفر اليهود من كشف ظلمهم وجورهم، وغضب الله عليهم ولعنتهم، وانتشار فسادهم قديما وحديثا، ونقصر ذلك على من يسمونه بالصهيونية. ولكن إذا هم شتموا المسلمين بأسمائهم، وشتموا العرب بأسمائهم، فلا مانع عندهم.

دولة إسرائيل المعاصرة مذكورة في القرآن:
اليهود أقاموا دولتهم على أساس من الدين، وقد تساءلتُ قبل غيري وأنا كنت لا أزال أسكن المغرب على شاطئ المحيط في مدينة أثرية هي توأم للعاصمة الرباط، وأعني بها: سلا، عندما كثر الحديث عن أنها ستقوم دولة يهودية، كنت أقول: "فال الله ولا فال من يقول ذلك". اعتمادا على ما عندي من موروثات ومن مفهومات لنصوص حديثية، ونصوص قرآنية.
وإذا بي أفاجأ بعد أسابيع بأن قامت لهم دولة، فتزعزعت لذلك عقيدتي، وعشت أسابيع كما وصف الله من تتزعزع عقيدته؛ من ضيق الصدر حتى كأنما أصَّعَّدُ في السماء، ولكنني هُديت لأن أستشير تفاسير كتاب الله في القرآن الكريم، بعد قراءتي للقرآن الكريم خلال ثلاثة أيام، قراءة تدبر وتمعن، وجردت منها، من القرآن الكريم الآيات المتعلقة ببني إسرائيل، وإذا بي أجد عجبا!. لكن هذا العجب سأجعله آخر كلامي، ليكون المبشر، وليكون المرجع، ولتكون نفوسنا مطمئنة بأن القرآن الكريم لم يترك شاذة ولا فاذة بما ينصح الناس، كل الناس، إلا وأرشدهم إليها، ونبههم لها، لعلهم يوما يرجعون إليها، ويتأدبون بآدابها.

اليهود عنصر فساد في الأرض:
اليهود في الأرض، وفي عصرهم، هم عنصر فساد في الأرض، كل شيء في الأرض له جرثومة، الجرثومة في الخشب، في النبات، في الأرض، على كل ما على سطحها، في الحيوانات، في الإنسان. وما هي جرثومة الإنسان؟. هو: اليهودي!.
اليهودي والفساد كلمتان مترادفتان، بدمه وفطرته، وتاريخه وتراثه، ونشأته، منذ يسقط في رحم أمه القذر، إلى أن يرضع لبانها المنتنة، وهو لا يفكر إلا في الفساد، ولا ينشأ إلا على الفساد.
نراجع تاريخ اليهود في كتابهم مثلا، وبالنسبة لهم ينبغي أن يكون هذا أفضل شيء، خذ التوراة؛ التوراة يقولون عنها: "الكتاب المقدس"، ولا شك أنه في الأصل هو كتاب مقدس، موحى به من الله تعالى إلى نبيه موسى عليه السلام، الذي نؤمن نحن كذلك به، ولكن هذا الكتاب الذي يؤمن به اليهود ويؤمن به النصارى أيضا؛ وما النصرانية إلا شعبة من اليهودية؛ إذ النصارى يؤمنون بما يسمونه "العهد القديم" الذي هو "التوراة"، ويزيدون عليه بالإيمان بالعهد الجديد الذي هو "الإنجيل"، فزادوا في الإيمان على خرافات وخزعبلات وفساد التوراة خرافات وخزعبلاتت أخرى من الإنجيل.
لنأخذ التوراة مثلا؛ نجد التوراة – وعجيب أن يقبل ما فيها عقل إنسان في الأرض – كلها عامرة ومليئة بالهجوم على الله، وجلال الله، وعظمة الله، وقذف الأنبياء – أنبيائهم – لم يستثنوا أحدا، بين كافر في نظرهم، وفاجر مع المحارم، وفاجر مع الجارات، وفاجر بما لا يحل له، زيادة على ما في الكتاب من العبادة للعجل، والعبادة للعزير.
وهكذا لم يكتفوا بذلك حتى أفسدوا الإنجيل على أهله، فنقلوه من كتاب توحيد وكتاب تسليم، من عبادة الله الواحد إلى عبادة مريم وعيسى، وإلى خرافات أخرى معروفة وليست بخافية عن أحد.
تاريخ اليهود منذ كانوا في حياة أنبيائهم، لنأتي إلى "الإنجيل"، ثم لنأتي إلى "القرآن"، فنجد ما عاملوا به أنبياءهم من موسى إلى هارون إلى من قبله، وإلى من بعده، فنجدهم سفكوا الدم الحرام، ونشروا الفساد بكل أنواعه، زنا وربا، وطغيانا وتجبرا، ونشرا لجميع خلائق السوء، بما أصبح بذلك جزءا لا يتجزأ من كيانهم وحياتهم.
والخطير في شأنهم: أن هذا الفساد يلصقونه بدينهم، ويروونه عن ربهم، وعن أنبيائهم، بحيث الفساد في الأرض يوجد في الكثيرين، وفي كل الأمم، وفي كل الشعوب، لكن لا على أن الفساد دين، وعلى أن الفساد غاية، وعلى أن الفساد حضارة، وعلى أن الفساد يجب أن يكون وينشر. هذا لا نجده إلا عند اليهود. اليهودي إذا تم يوم من أيامه دون أن يؤذي أويظلم، أويسرق أو يُفسد، بما يؤذي به إنسانا أو يوجعه؛ يعد نفسه ذلك اليوم ليس من أيامه ولا من حياته. وهكذا إلى أن جاء الإسلام.

ونتابع بإذن الله تعالى مع المحاضر حيث يقول : =

إسرائيل دولة دينية يهودية:
[/align]
 
[align=justify][align=center][glow=FF3300]إسرائيل دولة دينية يهودية:[/glow][/align]

وهم أقاموا كيانهم الجديد على دين، يعني: هذا الفساد جعلوه دينا، وجددوا به كيانهم على أساس أن إسرائيل تعني: اليهودية الجديدة التي جاء بها إسرائيل. إسرائيل هو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. ونحن نؤمن بالثلاثة أنبياء من الله صادقين، لا شك ولا ريب.
وهم عندما جعلوا شعار الدولة اسم نبي من أنبيائهم، يقولون في الشعار كما قال في المحتوى: "إن هذه الدولة قامت على الدين"، هم لا يسمحون في بلادهم بأن تنشر مدارس أو تعليم لا ديني، وما أصبحوا يسمونه "علماني"، ليخفوا كلمة: "لا ديني"، و"لائيك"، حتى من أوجدهم من الأمريكان والإنجليز حاولوا أن يقيموا هناك – كعادتهم – جامعات ومعاهد ومدارس لا دينية، فرفضوا رفضا باتا، ونجدهم في أعمالهم دائما يتقدمها كبير حاخاماتهم الذي هو - أيضا - في رتبة عسكرية يوصف بها الجنرال، ليعطوا كل أعمالهم، كل سلبهم، كل طغيانهم، كل ظلمهم صفة دينية تعود إلى التوراة.
ثم قالوا على لسان كبرائهم من أمثال هرتزل ووايزمان؛ قالوا: بأن هذه البلاد وُعدوا بها في "التوراة" من أنبيائهم، ولذلك يسمونها "أرض الميعاد"، كانوا يقولون هذا والناس تهزأ بهم، ثم أعادوه وقالوا: "انظر؛ أليس وقوع هذا دليلا على صدقنا وصدق أنبيائنا؟". فغلّّطوا الكثيرين، وضللوا الكثيرين، وأصبح الناس يتساءلون: "أصحيح ذلك؟؛ أن أنبياء الله من أنبياء بني إسرائيل قالوا لليهود: ستعودون يوما لهذه البلاد، ويكون لكم شأن؟".

هل لإسرائيل ذكر في مصادر التشريع الإسلامية؟:

إن كان ذلك كذلك؛ ما هو موقف الإسلام، وماذا يقول القرآن آخرُ هذه الكتب والمهيمن على تلك الكتب، ماذا يقول نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام في تفسير هذه الآيات إن وُجدت؟، أو في الاستيناس بذلك إن لم يوجد في القرآن؟.
هذا سؤال سمعته في المشرق وفي المغرب، وفي جامعات مشرقية ومغربية، وأنا حدث معي – كما قلت أول الكلام – وأنا في سلا، عندما قامت هذه الدولة قلت: "كيف يكون ذلك؟". كان فهمي كفهم العموم: أن اليهود لن تقوم لهم قائمة بعدما ضرب الله عليهم من ذل وهوان. فإذا بي أفاجأ بأن الدولة قد قامت، كيف يجتمع الذل والهوان مع هذه الدولة؟. هذا ما لم يحتمله عقلي، ولم تتحمله نفسي لمدة أيام.

الإسلام حاول احتواء اليهود قبل أن ينقلبوا عليه:

هؤلاء الذين هم عنصر فساد، الإسلام حاول في أيامه الأولى بقيادة صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام، عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكانوا إذذاك هم الظاهرين والبارزين، وأصحاب التجارة، وأصحاب الثقافة والدراسة، والكلام على ماضي الدنيا وعلى حاضرها ومستقبلها، في المدينة المنورة، التي كانوا يسمونها "يثرب"، وغير اسمها عليه الصلاة والسلام، وحَرَّج على المسلم أن يسميها بعد ذلك "يثرب"، فأصبحت "مدينة"، وأصبحت "طابة"، قدسها الله، وزادها تقديسا واحتراما.
فعاملهم [الرسول عليه الصلاة والسلام] بما لم يسبق أن عومل به أحد من غير المسلمين، دخل المدينة، وكانوا مسالمين في الأول، وكانوا يقولون للأوس والخزرج من سكان المدينة: "يوشك أن يظهر نبي جديد، فنكون معه وننتقم منكم".
جاء النبي الجديد، وكانوا يظنونه إسرائيليا، فوجدوه عربيا قرشيا، فحسدوه، وأصروا على عدم الإيمان به، وعلى الكفر به وجحوده. ولكنهم عندما ذهب إليهم رسول الله عليه الصلاة والسلام للمدينة المنورة مهاجرا بنفسه وبأتباعه وبدينه؛ قابلوه لأول مرة على أنه سيكون مساعدا لهم ونصيرا، ويتركهم من غير دعوة إلى دينه. فخرجوا يستقبلون مع من استقبله خارج المدينة على أميال، وهزجوا مع الهازجين:

[align=center][poem=font="Simplified Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
طلع البدر علينا=من ثنيات الوداع[/poem][/align]

وضربوا الدفوف مع الضاربين، وقالوا للأوس والخزرج: "قد جاء حظكم يا بني الخزرج ويا بني الأوس".
لكن عندما دعاهم النبي عليه الصلاة والسلام للدخول في دينه؛ حاصوا حيصة حمُر الوحش، وهاجوا وماجوا، وقالوا: "ما كنا نظن ذلك!، نحن على دين، لسنا نحتاج لغير ديننا، ولنا أنبياء وقادة، فلسنا نحتاج إلى غيرهم".
فقال لهم نبينا عليه الصلاة والسلام: "دينكم بُدل، ودينكم غُير، التوراة زيد فيها وحُرفت، والإنجيل زيد فيه وحُرف، وأنا نبي الله إلى الناس كافة، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي". عليه الصلاة والسلام. وأخبر بأن عيسى – أيضا – سينزل في آخر الزمان إلى الأرض، وبشرت بذلك آيات الله وكتابه، وسينزل على دينه، وسيحج حجه، وسيعتمر عمرته، ويصلي خلف أئمة المسلمين.
سكتوا على مضض، فعقد معهم عليه الصلاة والسلام معاهدة – كما يقال اليوم بلغة عصرية: اعتبرهم مواطنين – وأعطاهم من الحقوق ما فرض عليهم من الواجبات، لم يميزهم بشيء ميز به أصحابه، سواء من أهل مكة الذين سموا بعد هجرتهم بالمهاجرين، أو من الأوس والخزرج سكان المدينة الذين سموا بعد ذلك بالأنصار.
وهذه المعاهدة طويلة، أطول معاهدة عرفت لنبي الله عليه الصلاة والسلام، وأول معاهدة عقدت في فاتح الإسلام مع غير المسلمين، مدونة معروفة في كتب السنة وكتب السير، وكتب التاريخ، وجُمعت أخيرا في كتاب "الوثائق النبوية" بأكثر رواياتها، هذا الكتاب طبع عدة مرات.
ولم يكن عليه الصلاة والسلام عندما عقد معهم هذه المعاهدة يجهل حقيقتهم، ويجهل فسادهم، ولكنه أراد بذلك أن يضرب عصفورين بحجر: من كان لا يزال متعصبا لهم من الأوس والخزرج حتى بعد الإسلام، وأنهم حلفاؤه وأنصاره، أن يوقفهم على حقيقتهم من الخيانة والغدر والفساد بكل أشكاله، وأن يقيم الحجة عليهم أنفسهم، حتى إذا بدا لهم يصنع ما يصنع؛ يكون قد أزال الحجة عن نفسه وألبسها لخصمه.
ما كاد يعقد تلك المعاهدة حتى عاد اليهود - على عادتهم - إلى فسادهم، فألبوا على رسول الله قومهم، وقبائل الجزيرة العربية، وما كادت تمضي بضع سنوات على هجرته للمدينة؛ حتى هوجم - عليه الصلاة والسلام - في عقر داره بجيش عرمرم، ووجد أنه معه من المسلمين مع من يوجد مع الطابور من الجيش الخامس داخل جماعته في نفس الأرض التي يسكنها – أعني: اليهود – فوجد أنه لا يمكن أن يواجه هؤلاء مواجهة المهاجم، واكتفى بمواجهة المُدافع، وخندق على نفسه في المدينة المنورة برأي سلمان، وجعل جبل أُحُد خلف ظهره كحماية، وقاسى الشدائد عليه الصلاة والسلام.
ولكن الله تعالى نصره نصرا عزيزا مؤزرا، فاختلف اليهود مع حلفائهم من قريش وغطفان، وبقية الأحزاب، وهي ما سمي: غزوة الأحزاب وغزوة الخندق. وبذلك زالت الحجة عنهم، وأعطيت الحجة للبطش بهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام، بما أقنع حلفاءهم من الأوس والخزرج، وأقنعهم هم أنفسهم.
فرجع إليهم، وعلى مدى أيام أدبهم ورباهم، واكتفى بأن يكون ذلك على درجات ومراحل، ولكن اليهود سوف لا يقفون على هذا فقط؛ حاولوا تسميم النبي عليه الصلاة والسلام، وفعلوا: سممته يهودية اسمها: زينب، في ذراع من شاة، من أكل معه توفي، وكان الذي توفي: شخصان. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يمت ساعتها، ولكنه قال عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك في غزوة خيبر: "لازالت أكلة خيبر تُعادُّني حتى قطعت أبهري"؛ أي: بقي مريضا عليه الصلاة والسلام، يعاوده السم الذي أكل في تلك الذراع شهرا بعد شهر، وعاما بعد عام إلى أن قطع نياط قلبه، فمات عليه الصلاة والسلام. من أجل ذلك كانت تقول أم المؤمنين عائشة: "جمع الله لرسوله بين الموت على فراشه وبين الشهادة". وبذلك كان رسول الله عليه الصلاة والسلام مات شهيدًا نتيجة تسميم اليهود له!.
كان مرة في أحد حصونهم، ووقف ينتظر على الحائط، وإذا به يُنبَّه بأن بعض اليهود صعد للسطح وأخذ رحا وأراد أن يرميها على رأسه عليه الصلاة والسلام، فسبقهم قبل أن يرموها، وذهب إلى بيته عليه الصلاة والسلام.
وبعد ذلك؛ ألبوا وشتموا، وهجوا، وجمعوا القبائل لحربه، وأخذوا ينفرون الناس عنه وعن دينه، وما قصة كعب بن الأشرف عن الناس ببعيدة، الذي اتخذ الشعر ديدنا لهجو رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتنفير الناس منه، هذا مع المعاهدة التي بينه وبينهم، ومع كونهم يساكنونه كجيش خامس من الدار.
وهكذا شتتهم رسول الله وانتصر عليهم النصر العزيز المؤزر، بين قتيل وشريد وطريد، وأوصى بمن بقي منهم ولم يطرده؛ لأنه كان في حاجة إلى زراعتهم وخدمتهم، إذ المسلمون كان كل من أسلم يصبح جنديا بالواقع أو بالاحتياط، ولم يسمح بأن يشتغلوا بشيء سوى ذلك، وترك الأرض لمن يزرعها من أهل الذمة أو ممن لم يسلم بعد.
ولكنه أوصى الخلفاء بعده؛ فقال وهو على فراش الموت: "أخرجوا اليهود والنصارى عن جزيرة العرب، لا تصلح فيها قبلتان". هذا حديث متواتر، أخرجه أصحاب الستة، وأخرجه أصحاب الصحاح، ومما استدركتُه على كُتاب التواتر من المتواتر وأغفلوه، وبنيت عليه بحثا سبق أن ألقيته في عدة قاعات من الجامعات هنا وفي الخارج، كان عنوانه: "الأقليات في الدولة الإسلامية".

ونتابع مع المحاضر إن شاء الله تعالى حيث يقول : =

جل مآسي المسلمين في الصدر الأول للإسلام بسبب اليهود:
[/align]
 
[align=justify][align=center][glow=FF3300]جل مآسي المسلمين في الصدر الأول للإسلام بسبب اليهود:[/glow][/align]

مات عليه الصلاة والسلام، ولم يسلم من اليهود إلا قليل، والذي أسلم وحسُن إسلامه معدودون على الأصابع، أشهرهم وأبرزهم: عبد الله بن سلام. وقد أسلم ما يقارب مائتين كانوا في أكثريتهم الساحقة منافقين، ولذلك كانوا دعاة للنفاق، ومؤلبين الكثير ممن أسلموا من الأوس والخزرج ممن لم يحسن إسلامهم، على أن يؤمنوا ظاهرا ويبطنوا الكفر باطنا، وكان لهؤلاء المنافقين ذكر في المدينة المنورة، لم يكونوا موجودين في مكة، كان في مكة بعد أن خضعت مؤلفةٌ قلوبهم، ممن لم يفهموا الإسلام الفهم الصحيح بعد، ولم يكن فيها منافقون، ولكن المدينة كان فيها منافقون، وكان زعيم هؤلاء المنافقين: عبد الله بن أبيْ بن سلول، وظل على نفاقه إلى أن هلك، وكان متعاونا مع اليهود والذين حتى من أسلم منهم بقي متظاهرا بالإسلام، مبطنا للكفر، على عادة اليهود، وإلى عصرنا؛ وأضرب على هذا أمثالا في المغرب أكثر من المشرق، لأن المغرب اعتنى بأنسابه أكثر من المشرق، إلا ما كان من بعض القبائل، وبعض العشائر في بادية جزيرة العرب.
البلاد التي حكمتها تركيا ضاعت أنسابها، إلا قلة نادرة لا تكاد تذكر، المغرب لم تحكمه تركيا، أسرٌ عندنا أسلمت من يهودية، ومضى عليها قرون، وتبين بالتأكيد القاطع أن إسلامهم كان ظاهرا، وأن هؤلاء عندما وصلوا إلى الحكم والزعامة انقلبوا على الإسلام أعداء ألداء، وحتى بعد الاستقلال بعضهم وصل إلى الحكم فأدخل معه يهوديا في الوزارة، وألغى الشريعة، وحكم بحكم نابليون، وكاد يلغي اللغة العربية، ووضع اللغة الفرنسية مكانها، أو كرس الفرنسة بالمغرب، وقال: "أنا لا أعتبر اللغة الفرنسية لغة استعمار، ولكنها لغة حضارة وثقافة لا يستغني عنها الإنسان المعاصر!".
أنا أعتقد أن هذا كذلك في المشرق؛ ظهرت رؤساء وزعماء ولا يزال يظهر، هم عند الناس قد أخطأوا في المعركة وفي الحرب، وفي الحكم، وفي السياسة، ولكن الذي نعتقد: أنهم كانوا يهودا متظاهرين بالإسلام، وكل ما فعلوه على أنه أغلاط كان مقصودا بذلك، وهم في أنفسهم هلكوا وهم يعتقدون أنهم نجحوا إلى أقصى ما يراد من النجاح؛ لأن دولة اليهود صار لها شأن في أيامهم، فقد هيأوا لها، وشغلوا العرب شغل ذات اللحيين، إلى أن تم لها ما أرادت، ولكن الله تعالى أكرم عباده بذهاب هؤلاء إليه، فتغير الوضع ولله الحمد، وسيزداد في التغير لصالح الإسلام والمسلمين.
بعد الحياة النبوية؛ أحد الزعماء من اليهود اليمنيين اختلط في التاريخ، ودخل في اسم الصالحين والمثقفين والدارسين، وتُرجم في كتب السيرة وكتب الأعلام على أنه من الأعلام، ولزم عمر دهرا وزمنا، واعتبر من القادة في الإسلام والدعوة إلى الله، ولكنني منذ عرفته وتتبعت سيرته لم أشك في أنه كاذب، ولم يكن مسلما يوما، إلى أن تأكد لي ذلك بسؤال العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام له يوما: "يا فلان؛ ما الذي أخرك أن تأتي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام في حياته، ولم تكن صغيرا، كنت ابن أربعين سنة كما تذكر؟، لماذا لم تأت مسلما إلا بعد موته؟". وهو يشكك فيه؛ لأنه خاف أنه إذا حضر يفضحه الوحي ويفسد عليه أمره.
هذا كان ملازما لعمر، واتهم أنه كان ممن شارك في قتل عمر، وكاد عبد الله الذي قتل الزبرقان، وقتل الولدين لأبي لؤلؤة المجوسي الذي قتله، كاد يقتله. ولكن هُدد هو نفسه بالقتل، بعد ثلاثة أيام من مجلس الشورى الذي ترك عمر، والذي انتخب فيه عثمان، خاف على نفسه وفر إلى الشام!.
هذا مر عندما فتح جيوش المسلمين أيام عمر القدس، قال البطارقة: "لا نسلم مفاتيحها إلا إلى الخليفة الأعظم عمر!". فوجد عمر من قداسة القدس عليه وعلى المسلمين أنه: لا مانع أن يرحل إلى القدس ويستلم مفاتحها بنفسه. ذهب إلى الأقصى - وقد سماه الله مسجدا قبل أن يستلمها المسلمون، وقبل أن يصل إليها المسلمون، وتبنى مسجدا، قال: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا}. [الإسراء/ 1]. المسجد هو الأرض، وليس للبناء قيمة، والبناء القائم عليه إنما هو بناء بني أمية، وليست بنو أمية من القداسة التي تصل إليها قداسة عمر والخلفاء الراشدين، ولذلك؛ هؤلاء – اليهود – عندما يفكرون الآن أن يحرقوا المسجد أو يهدموه؛ لا يعني ذلك أنهم سيقولون: "أخذنا الأقصا وهدمناه"، فنحن سنأخذ الأرض، نحن نملك الأرض، بقي البناء أو لم يبق!.
عمر وصل إلى الأرض، عرف مكانها، أخذ يكنسها بثوبه، وتبعه كل من معه من الأصحاب والأنصار، والتفت إلى هذا الشخص وكان معه، قال له: "يا فلان؛ أين ترانا نصلي؟". فجاء به إلى وراء الصخرة، وقال: "وراء الصخرة". قال له عمر: "لقد ضاهيت اليهودية يا كعب!. بل ندع الصخرة خلفنا ونصلي أمامها كما صلى عليه الصلاة والسلام بالأنبياء في ليلة الإسراء".
مرة قال عنه معاوية بن أبي سفيان وأثنى عليه وعلى ذكائه وعلمه وفهمه، قال: "ومع ذلك؛ لقد بلونا عليه الكذب!".
قالت مرة عائشة أم المؤمنين، وكانت من المعدودات علما ومقاما، وأعلم من الكثير من الرجال: "لقد بلونا عليه الكذب!".
ما كاد يذهب هذا الرجل المخلوق إلا وجاء عبد الله بن سبأ، الذي نسبت له الطائفة السبئية، وإذذاك كما قتل عمر نتيجة مؤامرة يهودية؛ قتل عثمان نتيجة مؤامرة يهودية تزعمها عبد الله بن سبأ الصنعاني اليهودي الأصل، الذي تظاهر بالإسلام، وألب عليه أهل مصر وأهل الكوفة وأهل البصرة وأهل المدينة، وكانت النتيجة: استشهاده عليه رضوان الله.
وهكذا بعدُ بواسطة دسائسهم؛ استشهد علي، وهكذا وإلى يوم الناس هذا، ما كفوا عن الفساد قط.

إسرائيل في التوراة والقرآن:

نعود لأصل السؤال: هؤلاء زعموا أن هذه الأرض أرض ميعادهم، ووعدهم بها أنبياؤهم. هل قال شيئا من ذلك الإسلام؟.
نعم؛ قد قال. وهذا الذي قاله الإسلام عندما عرفته، لا أقول: اكتشفته، وثبت لغيري بعد ذلك ذكره وتكلم عنه، عندما أدركت ذلك وعرفته؛ قلت: "الأرض أرض الله، والعباد عباد الله، والعبرة بالخواتم". فالقرآن الكريم يقول ما قالت التوراة، وهو مهيمن عليه، وهذا مما يصدق بعض الآية. ماذا تقول التوراة؟.
تقول: "يا بني إسرائيل؛ إن موعدكم فلسطين، أرض الميعاد، لنذبحكم ذبحا!". لن يكون لهم عز وشأن وسلطان، لا؛ سيعودون عود الموالي إلى المجزرة. وكيف، وما معنى: "يعودون"، وما هي أرض الميعاد؟.
اليهود بعد أن ضرب الله عليهم الذل والغضب والهوان؛ قال عنهم: {وقطعناهم في الأرض أمما}. [الأعراف/ 168]، هم مُقطَّعون موزعون، على خلاف جميع شعوب الأرض وأممه، مقطعون في جميع شعوب الأرض، لا تكاد تجد قرية منها، ولا مدينة، ولا إقليما، ولا شعبا، ولا أمة من أقاصي الدنيا شرقا إلى أقاصيها غربا، وما بينهما، إلا وفيها من اليهود. فكونهم وعدوا لأن يجتمعوا فيها؛ لماذا؟. وعدوا – حسب توراتهم – ليذبحوا ذبحا!.

ماذا قال القرآن الكريم؟.

القرآن الكريم يقول ويؤكد هذا المعنى بأن لليهود في الأرض من الفساد فسادان، وفرصتان، لن يتجاوزوهما قط. وكان هذا عندما انتبهتُ له والأقصا لم يسقط بعد، فكنت أتأثم وأتحرج من أن أتكلم عنه، لكن بعد أن ذهب الأقصا، وكنت أتوقع ذلك، حسب الآية الكريمة، أصبح ذلك بشرى؛ لأن ذلك كان نهاية المطاف، ولذلك صح أن يكون عنوان كلامي: "قيام إسرائيل: نهاية اليهود".

ونتابع مع الشيخ المنتصر إن شاء الله تعالى : =

قيام إسرائيل ونهايتها في القرآن الكريم:
[/align]
 
[align=justify][align=center][glow=FF3300]قيام إسرائيل ونهايتها في القرآن الكريم:[/glow] [/align]

قال تعالى في سورة سميت بهم: سورة بني إسرائيل، كما سميت: سورة الإسراء: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا}. [الإسراء/ 4].
يقول تعالى: بأنه انقضى في سابق إرادته وعلمه في الكتاب، الكتاب هنا يحتمل: أن يكون التوراة، وهو ما أشاروا إليه وما أقروا بأنهم وُعدوا بفلسطين، لا ليكون لهم شأن، ولكن ليُذبحوا، وهو استدراج كما يقول أصحاب الحقائق والرقائق. أو: هو قضاء في سابق علم الله في اللوح المحفوظ، أو كلاهما، ولا مانع من كل ذلك.
{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب}: قضينا إليهم، فرضنا، أوجدنا، قدّرنا، خلقنا، سبق هذا في إرادتنا وعلمنا.
{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا}: علوا في الفساد، ولا يتصور سواه مع الله.
ثم أخذ الله يفصل في هذين الفسادين فقال: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا}. [الإسراء/ 5]. {فإذا جاء وعد أولاهما}: أولى الفسادين، يقول تعالى: سيبعث، وهذا الكلام يحكيه عما مضى وسبق في علمه في اللوح المحفوظ، وفي التوراة، وكان لم يحدث بعد هذا؛ لا الفساد الأول ولا الفساد الثاني، فكان الأمر أن: بعث عليهم رجالا أشداء دمروهم، خربوهم، تخللوا ديارهم كما يتخلل الدم العروق والجسم.
{فإذا جاء وعد أولاهما}، وإذا في لغة العرب التي نزل بها القرآن إذا دخلت على الفعل الماضي يحول مضارعا، إذا جاء: إذا يجيء، وبهذا لما كانت "إذا" وقد دخلت على الماضي؛ كان هذا الفعل لم يقع بعد، ولكن الله سيقول في آخر الفقرة: إنه قد كان.
{فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد – وكل خلق الله عباده - فجاسوا خلال الديار}: قتلوهم، وقطعوا الفيافي والقفار، ودخلوا دورهم، ودخلوا عواصمهم، وخربوا دولتهم، وخربوا ملكهم، وقتلوا واستعبدوا، وأسروا وشردوا وطردوا.
قال تعالى: {وكان وعدا مفعولا}. أي: هذا الوعد الأول، والفساد الأول الذي تخلله هؤلاء العباد؛ عباد الله الأشداء، ذووا البأس والسلطان والقوة، هذا الفساد قد كان شيئا موجودا وذهب. وهذا ما أجمع عليه المفسرون، وأن هذا الفاسد الذي طغوا فيه وتجبروا ثم عاقبهم الله وأدبهم، هذا الفساد قد كان عندما قتلوا أنبياءهم، لم يقتلوا عيسى، وإن كانت نية القتل، والمحاولة قد كانت، قد كانت؛ لكن قتلوا أنبياء آخرين؛ قتلوا يحيى، وقتلوا زكريا، الله قال: قتلوا الأنبياء. وسفكوا الدم الحرام بالآلاف، وهتكوا الأعراض، وأكلوا المال الحرام، وحرفوا كتاب ربهم، وقذفوا أنبياءهم بكل ما لا يكاد يحتمله إنسان في أكفر الكفرة وأفجر الفجرة، وهم مع ذلك لازالوا يقولون عنهم أنبياء، ولا يزالون يقولون عن الكتاب: إنه كتابهم المقدس.
فعندما تجاوز طغيانهم وفسادهم الحد؛ سلط الله عليهم بختنصر البابلي العراقي، فأباد خضراءهم، وشتت جمعهم، وأصبحوا مقطعين في الأرض أمما، كما قال تعالى: {وقطعناهم في الأرض أمما}. هذا الشيء متفق عليه، وقد ذهب.
قال تعالى عن الفساد الثاني: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا}. [الإسراء/ 7]. {فإذا جاء وعد الآخرة}: أيضا "جاء" فعل الماضي، كان الكلام عليه بإذا الظرفية معناه: المضارع، وساعة نزول الآية – أي: الفساد الثاني – لم يكن بعد، والماضي تحول مضارعا بدخول "إذا" عليه.
{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا}: سمى الله الفساد الثاني: المرة الآخرة، وما تعني كلمة "الآخرة"؟. التي ليس بعدها فساد، وليس بعدها كينونة ولا وجود، الله تعالى قسم الكون إلى دنيا وآخرة، سميت الدنيا دنيا؛ لأنها أدنى شيء إلى الموجودين والمخلوقين من خلق الله، ملائكة وجنا وإنسا، وما يتبع ذلك من طير وحيوان. وسمى الآخرة التي ليس بعدها خلق آخر، ولا وجود دنيا أخرى، ولا وجود آخر؛ سماها: الآخرة. يعني: ليس في الكون إلا دنيا وآخرة. الدنيا: فانية، والآخرة هي الشيء الثاني والأخير.
فإذا كانا إفسادين: الفساد الأول بعث عليهم فيه عبادا له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا، المفعول: تم، وأما الثاني؛ فسماه: الأخير. ومعناه: هي الثانية والأخيرة. فلو عبر أحد قال: جاء زيد، وأخيرا جاء عمرو. هل يصح أن يقول بعد ذلك: وجاء بكر، وجاء خالد، وجاء عمرو؟. لا!. وإلا يكون التعبير غير صحيح، إلا إذا أراد أن يُعرض عن كلامه أو يَضرب، فيقول: "بل"، و"بل" سموها في لغة العرب: "بل للإضراب"، أي: أضربَ واستأنف الكلام، أضربَ عن فساد القول، وشطب عن الآخر كما يشطب الأستاذ على ورقة الطالب عندما لا يحسن الجواب.
{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم}: هذا فعل مضارع يدل على حال، والفعل المضارع يدل على الحال أو الاستقبال؛ فمعناه: وقت نزول الآية. في الحال؟، لا يمكن أن يكون ما حدث من رسول الله مع يهود المدينة هو الفساد الكبير الذي انتشر في الأرض واحتاج واحتاج واحتاج، ولم يكن فيه لا شركعة ولا بهدلة للمسلمين في المدينة ولا في مكة، لا مسلمي المدينة، ولا مسلمي مكة. هذا لم يكن قط. وإن كان قد قالها بعض الناس.
[أما الشركعة والبهدلة] فهذا ما وقع معهم في الحرب، اليهود قالوا: سيغلبون خلال ستة أيام، هم أخذوا ما كانوا يريدونه خلال ست ساعات، وإنما الأيام الستة كما سموها في المخطط الذي وضعوه لما كانوا يريدون أن يأخذوه، ولكن تلك المعارضة التي كانت سنة 1967 لم تكن شعارا، كان فيها مواطأة ومؤامرة، سلموا فيها البلاد والعباد لليهود بغير حرب، ذهبوا لقتل المسلم والأخ وابن العقيدة، وابن الدم، خلال سبع سنوات، وتركوا البلاد بلا حراسة ولا جيش ولا تحصين ولا حدود، وهكذا عندما أرادوا أن يسلموا البلاد تواطؤا وخيانة، قالوا للبوليس الدولي: "كش"، وفتحوا الباب، وقالوا للآخرين: "تفضلوا"، وهكذا كان، ما كانت حرب.
والقرآن ما قال: "حرب"، قال: {ليسوؤوا وجوهكم}، يسودوا الوجه، فعلا سودوا وجوهنا سود الله وجوههم، وهو مسود الآن وسيزداد، من سعى في ذلك، ومن تسبب فيه، ومن هلك. نفس التعبير منتهى ما يكون الإعجاز والبلاغة. جاء الفساد الثاني، وكان هو ما قاله القرآن بالحرف، وذلك من معجزاته.
{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم}: يبهدلوكم يا مسلمين، يُشطحوكم، يسودوا وجوهكم، وأقصى كلمة يقولها العربي الآن: "فلان سود الوجه سود الله وجهه"، وهذا منتهى ما يكون في اللعنة والخزي.
{وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة}: أيضا: "ليدخلوا": مضارع يدل على الحاضر والاستقبال، المسجد لم يدخلوه في الأيام النبوية، بل الذي دخله: المسلمون، الذين دخلوه أيام عمر، والمسجد عندما يقال: "المسجد" بالألف واللام؛ الألف واللام هما للمعهود الذهني الذي مضى قريبا. في الآية السابقة قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}. أي: المسجد الأقصى، ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، ولم يسبق في التاريخ على طوله وعرضه أن اليهود كانوا في القدس إلا أيام سليمان عندما قالوا بنوا الهيكل، وخربه الروم ولم يعودوا.
لكن الله قال في هذه الآية، وحدد أنه فساد، وعلامة الفساد الثاني: دخولهم للمسجد {وليتبروا ما علوا تتبيرا}، سيخربون هذا المسجد تخريبا كاملا، وقد ابتدأوا بمجرد دخولهم. حرقوه وقالوا: "مجنون من المجانين حرقه"، ثم يهدمون أساسه بحجة البحث عن أصول الهيكل. وسوف لا يجدونه، ولكن اليهود قوم بهت كما وُصفوا ووصفهم النبي عليه الصلاة والسلام، كذبة فجرة، يكذبون عليك في وجهك، مادام السيف لا يزال في يدهم لم ينتزعه من يدهم المسلمون، سيقولون ويقولون، ويأتون بآثار وألاعيب، ويقولون: وجدناها.
وافرض أن الأمر كذلك؛ هل لأن هذا الهيكل كان يوما من الأيام في يد سليمان، الذين هم قالوا عنه: "كفر"، ولعنوه وأخزوه في التوراة، وشتموا أنبياءهم الذين يزعمون الآن أنهم سموا دولتهم بهم. هذا لا يقدم شيئا ولا يؤخر.
نحن لا نملك البناء فقط، ولا قيمة للبناء، نملك الأرض، علت إلى ما فوق هي أرضنا، نزلت للأرض السابعة هي أرضنا، وهي أرضنا من الأرض السابعة إلى الأفنان على فرض صعدوا في الأفنان. سواء أبقوا البناء أو خربوه، ولا قيمة للبناء، نحن لا نحرص على الأقصى لأنه منبر أثري، لأن عبد الملك بن مروان صنع وصنع، وما بعد؟؛ فليأخذوه إذا أرادوا أن يبايعونا أو يشارونا، أو يساومونا على أساس أن يهدموه ويتركوه لنا، نحن قابلون، وسنبنيه بعد بما نشاء، إن صح أن نبنيه لبنة من فضة ولبنة من ذهب؛ بنيناه. ولكن هذا لا يصح، ولا حاجة إليه، العبرة بالأرض.
{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة}: لم يسبق في التاريخ أن دخل اليهود لهذه الأرض إلا أيام سليمان، وما كادت تنتهي أيام سليمان حتى سلط الله عليهم الفرس ثم الروم، حتى إن عيسى – آخر أنبيائهم – عندما نبيء في فلسطين أو في الناصرة أو في القدس؛ كانت الأرض للرومان، وهم يقولون - سواء في توراتهم المحرفة أو في إنجيلهم المحرف - إنهم لما أرادوا قتل عيسى؛ أثاروا عليه الروم، وقالوا: إنه يريد ملكا ويريد إمبراطورية...وإن كانوا قد قتلوا من شبهوه به كما قال القرآن الكريم: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم}. [النساء/ 157].
وهذا بعينه ما ذكره إنجيل برنابا الذي حاولوا أن ينكروه، وهو أصح أناجيلهم على الإطلاق، وقد قدم له نصراني ماروني متعصب، وقال بأن: "هذا الإنجيل أخذتُه من الخزائن السرية لخزائن الفاتيكان"، وعرف عند النصارى قبل ظهور النبي عليه الصلاة والسلام بقرون. وكتب مقدمة لو تعطى الشهادات العليا "الدكتوراة" - وإن كان هذا حدث في جامعات أخرى - بمجرد دراسة هذه المقدمة؛ لأعطيته فيها أعلى شهادة بها: الدكتوراة، لبحث الإنجيل وكتابة المقدمة في نحو مائة صفحة؛ لكن عبارة عن كتاب دراسي تحقيقي، منتهى ما يكون من قوة في البحث والدليل والبرهان، وأظن أن الرجل أسلم، كتابته تدل على إسلامه، وابنه كان من أشر الناس وألعنهم، قتل، وهو أشك أنه قد مات مسلما.
{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا}. ليخربوا، وقد بدأوا. ماذا بعد ذلك؟. انتهى اليهود، والأمارة بيننا وبين ربنا: أن يفسدوا مرة ثانية، ويدخلوا الأقصا، وقد دخلوه، ولم يبق الآن إلا الخروج.
عندما وجدت هذا المعنى وانتبهت له، عادت إلي عقيدتي، وعاد إلي سلامة التفكير، وأحمد الله وأشكره ولا أزال. وقصصت ذلك على والدي [العلامة محمد الزمزمي الكتاني] في فاس، وأنا كنت أسكن سلا، فانتبه وأقرني، وقال لي: "ويؤكد فهمك: آخر السورة؟". ماذا؟، الله تعالى قص علينا بعد أن نصر موسى على فرعون وآل فرعون، قال: {وقلنا من بعده – من بعد غلبة فرعون ونصر موسى – لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا}. [الإسراء/ 104]. إذا جاء وعد الفساد الآخر، التالي الأخير، الذي ليس بعده ثالث: {جئنا بكم لفيفا}".
وهذا – أيضا – من المعجزات القرآنية العظيمة العجيبة، اللفيف في لغة العرب: العدد من ثلاثة إلى تسعة إلى عشرة، ومعناه: سيأتي اليهود إلى الأقصا إلى فلسطين لفيفا لفيفا. من أين؟. قال الله في سورة الأعراف: {وقطعناهم في الأرض أمما}. [الأعراف/ 168]، وهذا الذي حدث خلال خمسين عاما ولا يزالون يتجمعون من مختلف أقطار الأرض بالواحد والاثنين والثلاثة والخمسة، والسبعة والعشرة يتجمعون.
{وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا. وبالحق أنزلناه وبالحق نزل}. [الإسراء/ 104، 105]. يقول تعالى عن كتابه: بالحق أنزله وبالحق نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام، كل ما فيه حق، وأنزله بحقه على النبي الحق محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

نتابع مع الشيخ الكتاني إن شاء الله تعالى : =

نهاية "إسرائيل" في السنة النبوية:
[/align]
 
[align=justify][align=justify][align=center][glow=FF3300]نهاية "إسرائيل" في السنة النبوية:[/glow][/align]

هذا المعنى أكده رسول الله عليه الصلاة والسلام بحديث متواتر، ويكاد أن يكون هذا الحديث من قبل غير مقبول أو غير مفهوم، وقد جاء سيد المحدثين والحفاظ، والذي قل أن مضى مثله ولم يأت بعده نظيره باليقين؛ وهو: الحافظ الإمام الحجة أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري، في كتابه: "فتح الباري" عند شرحه لهذا الحديث، ولم أقله بعد، وسأقوله، فشرحه ولفت النظر إليه، ولكن عندما أراد النتيجة لم يصل إلى نتيجة، لأنه كما يقال في القواعد المنطقية: "الحكم على الشيء فرع تصوره"، فما كان يتصور العقل الإنساني إذذاك، ولا العقل منذ خمسين سنة فقط أن اليهود ستكون لهم قائمة وتكون لهم دولة.
قلنا: هذه الآية فسرها النبي عليه الصلاة والسلام فقال كما في صحيح مسلم، وصحيح البخاري، والكتب الستة، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، وصحيح الحاكم...وغير ذلك من أمهات السنة، عن جماعة من الصحابة؛ فيهم: عمر، وفيهم: علي، وفيهم: ابن مسعود، وفيهم: ابن عباس...إلى ثلاثة عشر صحابيا رضي الله عنهم: قال عليه الصلاة والسلام: "تقاتلكم اليهود، فتقاتلونهم، فتنتصرون عليهم، حتى يقول الشجر والحجر والمدر: يا عبد الله، يا عبد الرحمن، يا مسلم؛ هذا يهودي خلفي تعال فاقتله!. إلا الغرقد".
هذا الحديث عجيب غريب، كان يقول عمر بن الخطاب: "إن معجزات محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد موته لأعظم منها في حياته"، وأنا أقول هذا والله قبل أن أسمع هذه الكلمة وأرويها عن عمر.
نحن نعيش في معجزاتٍ ذكرها القرآن، ومعجزات كثيرة كثيرة جدا ذكرها رسول الله في الحديث النبوي، نعيش في واقعها، آمنا بها شهودا وواقعا، ولم يؤمن بها من قبلنا إلا تصديقا، كما آمن من قبلنا في عصر الصحابة بما أدركوه من رسول الله من معجزات شهودا، وآمنا بها تصديقا. ولكن معجزاتنا أكثر من معجزاتهم!.

مناقشة جواب الحافظ ابن حجر لحديث "تقاتلكم اليهود":

"تقاتلكم يهود": قال الحافظ ابن حجر: "تقاتلكم معناها: يبتدئوننا بالقتال"، قال: "وكيف ذلك واليهود أذل من جسع النعل؟". كيف يتصور أن اليهود المشردون المقذوفون بالنعال على الأبواب يصبح لهم شأن حتى يبتدئوننا بالقتال؟. قال: "يكون ذلك أيام الدجال".
ولكن لو فكر الحافظ قليلا؛ لوجد حتى هذا المعنى لا يمكن أن يستقيم؛ لأن الدجال - كما حدثت به الأحاديث المتواترة - عندما سيظهر؛ سيظهر وهو مدع للألوهية كفرعون، ولا يظهر على أنه يريد أن يجعل لليهود شأنا أو دولة أو سلطانا، فهو مدع الألوهية، وسيقول لهم من خزعبلاته وشعوذاته ما يشبه الجنة والنار، يضلل بها ويفسد بها، صحيح هو يهودي كما ثبت في الأخبار النبوية، وأكثر أنصاره من اليهود كما ثبت في الأخبار النبوية، وسبعون ألفا يتبعونه من يهود أصبهان ببلاد فارس كما قالت الأخبار النبوية، ولكن عندما سيقاتل سيقاتل وهو يدعي الألوهية، واليهود عندما قاتلونا الآن ما قاتلونا لأنهم يدعون الألوهية.
بالعكس، قالوا بأنهم يريدون أن يجددوا دينهم، ويؤمنون بالأنبياء، ويعادوا من الشيوعية والإلحاد قالوا: إلى الدين، أما هذا؛ فيدعو إلى نفسه، ولذلك فإن هذا المعنى الذي قاله الحافظ ليس بصحيح، ولا يحتاج إلى إجابات، فنحن نعيش في واقع، ليس حتى يأتي الدجال بأية حال، وإن كان الدجاجلة كما يقول عليه الصلاة والسلام هم سبعون دجالا، وحتى السبعون هؤلاء هم أظهرهم، ولا مفهوم للعدد، ولكن أكبرهم وأكثرهم تسلطا، وأكثرهم افتراء على الله وادعاء ما ليس له: الدجال الذي سيدعي الألوهية، وليس هو هذا، ولم يأت بعد.
وإن كان اثنان من أهل العلم: شيخ في الشام، وشاب في المغرب قالا هذا، ومن الغريب: كانوا يقولون على هذا العسكري، هذا الأعور [موشي دايان] هو: الأعور الدجال، وأنه سيبقى اليهود هناك إلى أن سيأتي المهدي ويأتي عيسى، ولكن سرعان ما ذهب الدجال، هو دجال، ولكن دجال صغير، ما وصل إلى درجة دجال كبير. وانتهى.
كتبه شخص، لا أدري ما فعل الشاب الذي في المغرب، وكتبه شيخ له شأن في العلم، وكتبه شاب أيضا من أهل العلم، واجتمعت بهما كليهما، وزيفت لهما قولهما، ولكن بقيا مصرين على رأيهما!.
[/align]

نتابع مع الشيخ الكتاني إن شاء الله تعالى : =

مراحل حربنا مع إسرائيل طبقا للحديث: ثلاثة:
[/align]
 
[align=justify][align=center][glow=FF0000]مراحل حربنا مع إسرائيل طبقا للحديث: ثلاثة:[/glow][/align]

"تقاتلكم يهود، فتقاتلونهم، فتنتصرون عليهم": هي ثلاث مراحل قالها عليه الصلاة والسلام:
الأولى: "تقاتلكم يهود". بمعنى: سيبقون يقاتلوننا وحدهم دون أن نقاتلهم، وقد كان هذا منذ سنة 1947 إلى سنة 1973، واليهود يقاتلوننا وحدهم دون مقاومة ولا مقابل، أخذوا من مصر ما تعلمون، وأخذوا من الشام ما تعلمون، وأخذوا الأقصى، وأخذوا من الأردن ما تعلمون، بل وأخذوا من لبنان ما تعلمون، ونحن نصيح صياح الديكة دون مقاومة، ولكن الله كريم، أبى إلا أن يصدق نبيه الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى.
فجاءت المرحلة الثانية في رمضان، وفي ستة أكتوبر كما نقول، أو ستة تشرين، وأما نحن لا تشرين ولا شباط، عشرة رمضان سنة 1393، لأول مرة في الحروب التي مضت كلها، ابتدأناهم بالقتال، فأكرمنا الله، وأعاد لنا هيبتنا واحترامنا واعتبارنا، بالرغم من كوننا لم ننجح النجاح الكامل، ولكن رجع لنا اعتبارنا، وأصبح الجندي العربي المسلم من جديد له شأنه، وله سلطانه، وله اعتباره، ورحم الله فيصل وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وأعان خلفه وأعوانه: الملك خالد، وجازى الله كذلك عنا الرئيس السادات، ووفقهم في هذا الاجتماع الذي يجتمعون فيه الآن في الرياض. [كان هذا قبل اتفاقية كامب ديفيد، إذ بعدها اتخذ صاحب المحاضرة موقفا عدائيا من السادات].
بدأناهم ولأول مرة خلال هذه الحروب: "تقاتلكم يهود، فتقاتلونهم": لأول مرة ابتدأنا نقاتلهم، وفي خلال ساعات - أيضا - كان قيام فرعون الجديد، خلال ساعات أضاعت البلاد والعباد، أيام فيصل والسادات خلال ساعات جئنا لما سموه الحصن، ولما سموه الصاع، ولما سموه أنه أعظم خط ناجين وخط وخط، خط برلين، فخربوه خلال ساعات، وبأشياء اخترعت لم يذكروها جميعا، وأعظم ما ظهر من كتب في المعركة: كتاب كتبه خمسة ضباط عسكريين شاركوا في المعركة، ذكروا عجائب وغرائب، وسكتوا عن كثير، قالوا: "لم يحن الوقت بعد لنذكرها". وأصبحت هذه المعركة بجميع تفاصيلها تدرس في الكليات الحربية في العالم، في بلاد العدو، وفي البلاد الصديقة. "فتقاتلونهم": المرحلة الثانية مضت، ماذا يبقى؟.
المرحلة الثالثة: "فتنتصرون عليهم": أنا قلت في أيام المعركة ولم أكن أصدقها إلا بعد أيام، وأكرمني الله وذهبت بعد ذلك إلى مصر، قصد الوفود عليها وإلقاء المحاضرات في جامعتها، فقلت هذا وذكرته، ونوهت به بين عسكريين ومدنيين وسياسيين وغيرهم.
المعركة الثالثة: قلت عن المعركة: "مع ذلك هي فجر كاذب سيعقبه فجر صادق"، والفجر الكاذب مع الفجر الصادق متصلان، بينهما زمن قليل، والأشياء نسبية، نحن الآن على أبواب الفجر الصادق، كيف سيكون؟، الله أعلم.
وقد شاء وحدثنا بذلك من لا ينطق عن الهوى محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام: "فتقاتلونهم فتنتصرون عليهم"، هذا الانتصار سيكون ساحقا. بيانه بالتفصيل: هذا النصر حتى يقول الشجر والحجر والمدر: يا عبد الله، يا عبد الرحمن، يا مسلم"، لا حاجة إلى نطق لا حجر ولا شجر ولا مدر، ولكنه لسان الحال. كيف ذلك؟.
اليهود جعلوا من فلسطين – ولا يزالون يجعلون – حصنا بأكمله، جعلوا من الشجر، ومن المزارع، ومن الدور، ومن الحديد، حصونا من فولاذ، وإن كان عندما يأتي أمر الله لا فولاذ ولا غير فولاذ، تحطمَ مع برلين، وانتهى، وانتهى مع برلين، وأصبح في الأمس الدابر، وأصبح أسطورة وخرافة، هم وإياه.
هذا النصر سيكون من الحرب التي يسمونها باللغة العسكرية الحديثة: ["الأرض المحروقة"]؛ الحرب الحارقة المدمرة، التي لا تبقي على الأرض حيا، لا من إنسان، ولا من حيوان، ولا من طائر، ولا يبقي بناء على بناء، ولا يبقي شجر قط، هذا الذي سيحدث، سيذهب البناء، كل الأبنية كلها ستصبح خرابا، الأشجار وما يبنون من غابات ستصبح جذوعا، على عادة اليهود في حروبهم لا يقاتلون كما قال تعالى عنهم: {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جُدُر بأسهم بينهم شديد}. [الحشر/ 14]. صدق الله العظيم.
وحربهم القديمة التي حكي لنا عنهم، وسواء في العهد النبوي أو في عهودهم في حربنا معهم، اليهودي لا يحاربك إلا وراء دبابة، إلا وراء مصفحة، إلا وراء حصن، إلا في طائرة في بعيد الأجواء، إذا قابلته وجها لوجه؛ يفر ويهرب، وهذا تراه في حرب الكرامة وحرب وحرب وحرب؛ وقع لليهود ما لا يخطر لهم ببال.
هؤلاء عندما ستهدم حصونهم وما كانوا يلهفون ويختفون وراءه؛ سيحاول أن يختفي منهم من سيبقى، وسوف لا يجد ما يختفي فيه إلا خرائب لا تكاد تخفي جسده كله، وإلا جذوع الشجر لا تكاد تخفي جسده كله، فيحاول أن يختفي، فيبقى رأسه وشيء من جسده ظاهرا، فكأن تلك الحجارة والخراب، وكأن تلك الجذوع الباقية من الغاب والشجر، تقول كما قال النبي: "هذا يهودي خلفي؛ تعال فاقتله!". فيجهز عليه فيُقتل، ويتنادى بشعار الإسلام: يا عبد الله يا عبد الرحمن يا مسلم، [عبد الله و] عبد الرحمن: اسم إسلام، وآخر باسم الإسلام مباشرة: يا مسلم.
عندما سيكون الفجر الصادق، ونحن على أبوابه بفضل الله، ستكون المعركة إسلامية، انتهينا من خرافة القومية العربية والوطنية...وغيرها. العرب لم يكن لهم شأن إلا بالإسلام، وعندما حاولوا أن يتركوا الإسلام ذلوا، وأصبحوا أتباعا لليهود والنصارى، عندما غيروا القيادة المحمدية بقيادة ماركس ولينين، وبقيادة الوجوديين، وبقيادة هذه الأسماء القذرة الوسخة؛ امتُهنوا وذلوا، ولا يزالون، وعندما سينتهي ذلك، بعد أن أخذوا العبرة من الواقع؛ ستتحول المعركة، وينقلب الوضع، عندما قدموا فيصل – رحمه الله – انتهت الدعوة إلى القومية وإلى الوطنية، وإلى غير هذا الكلام الذي ما عاد على المسلمين إلا بالذل والهوان، تحولت المعركة إسلامية بداية.
فعندما سيأتي الفجر الصادق، وهو المرحلة، مرحلة النصر؛ سيتنادى المسلمون في الأرض: "يا مسلم؛ هذا يهودي خلفي؛ تعال فاقتله"، إلا الغرقد، وفي رواية: "والغرقد من شجر اليهود". الغرقد في المغرب يسمى: القِقْلان، نبات عريشي يسيج به اليهود دورهم وحصونهم، له حب أصفر كحب الحداس، سمعت مرة أن اسمه "ضاع"، هذا إلى الآن كل حصونهم وبساتينهم وقللهم ورياضهم محصنة به، واللون الأصفر عندهم مقدس، رايتهم هكذا، وقصة البقرة الصفراء في القرآن هكذا.
هذا سوف لا يتكلم؛ لماذا؟. لأنه لا يستطيع، لأن هذا العريش كالسنابل، سيحاولون عندما لا يجدون بناء قائما، ولا شجرة قائمة، ولا شيئا شاخصا يختفون حوله؛ سيختفون خلف هذه العوث، هذه بمجرد ما تأتي موجة خفيفة من الهواء أو الأثير؛ إلا وتتمايل يمينا وشمالا، وتكشف ما اختفى وراءها. هي في الأصل ما كانت تكتمهم ولا تسترهم.
وهكذا أصبحنا نعتقد بوعد الله الحق على لسان رسوله الصادق بأن هؤلاء الذين وُعدوا، هذه الفئة على لسان أنبيائهم؛ التقى كلامهم مع كلام كتابنا، أن الأرض أرض الميعاد، ولكن الميعاد: للذبح، وذلك استدراج. ومن الحكمة؛ لو ذهب الإنسان يريد أن يقتل اليهود في الأرض؛ لكان ذلك – بحسب العادة – مستحيلا، لماذا ؟. لو ذهبت إلى أمريكا لتقتل كلبا أو كلبين من اليهود؛ لقامت أمريكا في وجهك، ولم تقم لك قائمة، وقيل: قتلت مواطنا. لو ذهبت إلى فرنسا؛ نفس الشيء، لو ذهبت إلى روسيا؛ نفس الشيء، هؤلاء هم يتملصون منك، ويأتونك على مرمى حجر منك ومن أرضك ومن بلادك، يدفعهم الشغف والطمع والأماني الباطلة.
حتى إذا جاء وعد الله؛ جعل أرضهم دكا، وخربت بلادهم تخريبا، وسيكون ذلك على يد من سينصره الله، فيعز المسلمين في أيامه وعلى يديه، وكما قال عليه الصلاة والسلام: "طوبى لمن خلقه الله وجعل الخير على يده، ويا ويل من خلقه الله وجعل الشر على يده".
نحن نكتفي بهذا الآن، ونشكركم على استماعكم، ونشكر الجامعة على أن أتاحت لنا هذه الفرصة لنعود من جديد لنكلم طلابنا، ونتحدث مع زملائنا. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

[align=center]تمت[/align]
[/align]

[align=center]منقول[/align]
 
قال تعالى :((ثم رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً)) .

لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من هذه الآية أن العرب قليل يومئذ .
عن أُمُّ شَرِيكٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : (لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِى الْجِبَالِ). قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : (هُمْ قَلِيلٌ). رواه مسلم

{وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا}.
جاءوا ملتفين بالطيلسان أيضاً .
قال رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : (يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ) . رواه مسلم
 
والدليل من كتاب الله على أنهم تابِعو الدجال ، قوله تعالى : ((ويسعون في الأرض فساداً)) . مع كون الدجال أكثر الأشياء فساداً في الأرض . فهم يشركونه بقول الله تعالى : ((لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلُن علوّاً كبيراً)) .
 
عودة
أعلى