ابن الصفوة
New member
- إنضم
- 07/08/2007
- المشاركات
- 2
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
قوله تعالى قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُو
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ سورة الزمر آية (53)
موضوع الآية :
دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة إلى الله , وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا وإن كثرت لمن تاب منها.
مناسبة الآية لما قبلها :
لمَّا شدد الله تعالى على الكفار وذكر ما أعد لهم من العذاب، وأنهم لو كان لأحدهم ما في الأرض ومثله معه لافتدى به من عذاب الله، ذكر ما في إحسانه من غفران الذنوب إذا آمن العبد ورجع إلى الله.
وكثيراً تأتي آيات الرحمة مع آيات النقمة ليرجو العبد ويخاف.
سبب النزول :
روى البخاري في صحيحه , كتاب التفسير , باب )يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا...) برقم 4532 :
حدثني إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام بن يوسف: أن ابن جريج أخبرهم: قال يعلى: إن سعيد بن جبير أخبره، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ :
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَنَزَلَ :
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
وجاء في بعض كتب التفاسير وفي كتاب فتح الباري قوله: ( لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ) في رواية الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن السائل عن ذلك هو " وحشي بن حرب " قاتل حمزة , وأنه لما قال ذلك نزلت إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا الآية فقال : هذا شرط شديد , فنزلت قل يا عبادي الآية . وروى ابن إسحاق في " السيرة " قال : حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر قال " اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص أن نهاجر إلى المدينة " فذكر الحديث في قصتهم ورجوع رفيقه فنزلت قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية قال فكتبت بها إلى هشام .
اللغة :
أسْرَفوا : تجاوَزوا الحدّ في المعاصي
لا تَقْنَطُوا : لا تيْـأسوا
التفسير :
قوله تعالى : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم قل يا محمد صلى الله عليه وسلم - مبلغاً عن ربك _ لعبادي الذين تمادوا في المعاصي, وأصرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه من الذنوب: لا تقنطوا من رحمة الله
_ و قوله : { لا تقنطوا من رحمة الله } أي : لا تيأسوا من رحمة الله لكثرة ذنوبكم
_ وقوله : { إن الله يغفر الذنوب جميعا } : إن الله يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها ورجعوا عنها
_ وقوله :{ إنه هو الغفور الرحيم } : إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها .
من فوائد الآية :
1_ بيان فضل الله ورحمته على عباده بقبول توبة العبد إن تاب مهما كانت ذنوبه.
2_ دعوة الله الرحيم إلى عباده المذنبين بالإنابة إليه والإِسلام الخالص له.
3_ جملة ( إن الله يغفر الذنوب جميعا ) تعليل للنهي عن اليأس من رحمة الله ,
ومادة الغفر ترجع إلى الستر وهو يقتضي وجود المستور واحتياجه للستر فدل ( يغفر الذنوب ) على أن الذنوب ثابتة أي المؤاخذة بها ثابتة والله يغفرها أي يزيل المؤاخذة بها وهذه المغفرة تقتضي أسبابا أجملت هنا وفصلت في دلائل أخرى من الكتاب والسنة منها قوله تعالى ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى )
4_ وجملة ( إنه هو الغفور الرحيم ) تعليل لجملة ( يغفر الذنوب جميعا ) أي لا يعجزه أن يغفر جميع الذنوب ما بلغ جميعها من الكثرة لأنه شديد الغفران شديد الرحمة
فبطل بهذه الآية قول المرجئة إنه لا يضر مع الإيمان شيء
من الأحكام التي تدور حولها الآية :
(1) النهي عن القنوط يقتضي الأمر بالرجاء
(2) يقول العلماء :لا يصح حمل هذه الآية على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه , فهذه الآية نزلت في التائبين ، فإن تاب ؛ تاب الله عليه وإن عظم ذنبه ، كما قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 68 ـ 70 ]
أما غير التائبين ، فقد قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )[النساء:48] فغير التائبين إن كان عملهم كفراً ، فإنه لا يغفر ، وإن كان سوى الكفر ، فإنه تحت المشيئة ، ؛ إن شاء الله عذب عليه ، وإن شاء غفر له .
لكن إن كان من الصغائر ، فإن الصائر تكفر باجتناب الكبائر ، وببعض الأعمال الصالحة .
(3) أحكام تتعلق بالتوبة إلى الله :
يقول العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب , وأعظمها وأوجبها التوبة من الكفر إلي الإيمان ، قال الله تعالي: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)(لأنفال: من الآية38), ثم يليها التوبة من كبائر الذنوب ,ثم المرتبة الثالثة: التوبة من صغائر الذنوب.
• شروط التوبة : خمسة شروط :
الشرط الأول: الإخلاص لله:
بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله- عز وجل- وأن يتوب الله عليه.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من المعصية:
لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل علي انه صادق في التوبة؛ بمعني أن يتحسر على ما سبق منه، وينكسر من أجله.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب الذي هو فيه:
والإقلاع عن الذنب :
_ إن كان الذنب ترك واجب؛ فالإقلاع عنه بفعله؛ مثل أن يكون شخص لا يزكي، فأراد أن يتوب إلي الله، فلابد من ان يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها.
_ وإن كانت المعصية بفعل محرم،فالواجب أن يقلع عنه فوراً، ولا يبقي فيه ولا لحظة.
• والإقلاع عن الذنب :
(1) إما أن يكون إقلاعاً عن ذنب يتعلق بحق الله عز وجل :
فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربك، ولا ينبغي أن تحدث الناس بما صنعت , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) "أخرجه البخاري"
إلا أن بعض العلماء قال: إذا فعل الإنسان ذنباً فيه حد، فإنه يباح له أن يذهب إلي الإمام الذي يقيم الحدود- مثل الأمير- ويقول إنه فعل الذنب الفلاني ويريد أن يطهره منه، لأن الحد كفارة للذنب, ومع ذلك فالأفضل أن يستر على نفسه،أما المعاصي الأخرى فيسترها على نفسه كما سترها الله .
(2) أما إذا كان الذنب بينك وبين الخلق :
_ فإن كان مالاً فلابد أن تؤديه إلي صاحبه، فإن كان قد مات، فإنك تعطيه ورثته، فإن لم تعرفهم، أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكاناً، فتصدق به عنه تخلصاً منه، والله- سبحانه وتعالي- يعلمه ويعطيه إياه.
_أما إذا كانت المعصية التي فعلتها مع البشر ضرباً وما أشبهه، فاذهب إليه ومكنه من أن يضربك مثل ما ضربته؛ إن كان على الظهر فعلي الظهر، وإن كان علي الرأس فعلي الرأس، أو في أي مكان ضربته فليقتص منك؛ لقول الله تعالي سبحانه: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)(الشورى: من الآية40)ولقوله: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: من الآية194).
_ وإذا كان بقول؛ أي: أذية بالقول، مثل ان تكون قد سببته أمام الناس ووبخته وعيرته، فلابد أن تذهب إليه وتستحل منه بما تتفقان عليه. حتى لو قال لا أسمح لك إلا بكذا وكذا من الدراهم فأعطه.
_ أما إن كان الحق غيبة،فهذه اختلف فيها العلماء ؛ فمنهم من قال: لا بد أن تذهب إليه، وتقول له يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس، فأرجوك أن تسمح عني وتحللني.
وقال فيها بعض العلماء؛ لا تذهب إليه، بل فيه التفصيل , فإن كان قد علم بهذه الغيبة فلابد أن تذهب إليه وتستحله. وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه، واستغفر له , وتحدث بمحاسنه في المجالس التي كنت تغتابه فيها .
وهذا القول أصح
الشرط الرابع: فهو العزم على أن لا تعود في المستقبل.
الشرط الخامس: أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة:
فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة. وذلك علي نوعين:
النوع الأول: باعتبار كل إنسان بحسبه.
النوع الثاني: باعتبار العموم.
أما الأول: فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل- يعني الموت-، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفع التائب؛ لقول الله تعالي (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)(النساء: من الآية18)
أما النوع الثاني: وهو العموم، فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن : ( الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها). "رواه أبو داود , وصححه الألباني "
فإذا طلعت الشمس من مغربها لم ينفع أحداً من توبة.قال الله سبحانه: ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا)(الأنعام: من الآية158) وهذا البعض: هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلي الله عليه وسلم
البلاغة :
في قوله تعالى يَا عِبَادِيَ إضافتهم إليه وندائهم، لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم.
ولعل وجه ثبوت الياء في هذه الآية دون نظيرها وهو قوله تعالى قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم ، أن الخطاب هنا للذين أسرفوا وفي مقدمتهم المشركون وكلهم مظنة تطرق اليأس من رحمة الله إلى نفوسهم، فكان إثبات ياء المتكلم في خطابهم لتقوية نسبة عبوديتهم إلى الله تعالى, وإيماء إلى أن شأن الرب الرحمة بعباده.
في قوله تعالىالَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ الإسراف : الإكثار , والأكثر أن يعدى إلى متعلقه بحرف (من) وتعديته هنا بـ ( على ) لأن الإكثار هنا من أعمال تتحملها النفس وتثقل بها وذلك متعارف في التبعات والعدوان تقول : أكثرت على فلان فمعنى ( أسرفوا على أنفسهم ) أنهم جلبوا لأنفسهم ما تثقلهم تبعته ليشمل ما اقترفوه من شرك وسيئات.
في قوله تعالى لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إضافة الرحمة إلى الله : التفات من ضمير المتكلم إلى الاسم الغائب، لأن في إضافتها إليه سعة للرحمة إذا أضيفت إلى الله الذي هو أعظم الأسماء، لأنه العلم المحتوي على معاني جميع الأسماء.
_ في قوله تعالىإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا أعاد الاسم الأعظم، وأكد الجملة بإن مبالغة في الوعد بالغفران .
_ في قوله تعالى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وصف الله تبارك وتعالى نفسه بالرحمة والغفران بصفتي المبالغة، وأكد بلفظ "هو " المقتضي عند البعض الحصر
لطائف تتعلق بالآية الكريمة :
آية الزمر قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا هذه الآية عامة مطلقة، فهي للتائبين.
وأما آية النساء إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فهي عامة مخصوصة مقيدة.
فلما عمم -سبحانه وتعالى- وأطلق في آية الزمر، وخصص وقيد في آية النساء ؟
يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي :آية الزمر في التائبين من الشرك وما دونه، و آية النساء عامة في جميع الذنوب التي لم يتب منها، وهي دون الشرك فهي تحت المشيئة.
أرجى آية في القرآن
اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولًا :
أحدها: آية الزمر { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله } .
الثاني : { أولم تؤمن قال بلى } فرضي من إبراهيم بقوله بلى، فهذا لما يعترض في الصدور ويوسوس به الشيطان.
الثالث: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} وهي الشفاعة.
الرابع: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} .
الخامس: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}
السادس: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا}
السابع : { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}
الثامن: { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} , ولم يقل على إحسانهم.
التاسع: {يتيمًا ذا مقربة أومسكينًا ذا متربة}
العاشر: { قل كل يعمل على شاكلته }.
الحادي عشر: { هل يجازي إلا الكفور }.
الثاني عشر : { إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى }
الثالث عشر :{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوعن كثير}
الرابع عشر: { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }
قال الشبلي: إذا كان الله أذن للكافر بدخول الباب إذا أتى بالتوحيد والشهادة أفتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها.
الخامس عشر:( آية الدين) ووجهه أن الله أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أمرهم بكتابة الدين الكثير والحقير فمقتضى ذلك يرجى عفوه عنهم لظهور العناية العظيمة بهم.
السادس عشر: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال: كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبًا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة بابه , وجعلت كفارة ذنوبكم قولًا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم والذي نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلى من الدنيا وما فيها , وذكر الآية
السابع عشر : {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} على شهادة أن لا إله إلا الله.
المصادر والمراجع :
_ تفسير ابن كثير: للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير
_ جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لـ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري
_ فوائد في التفسير : للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
_ تفسير البحر المحيط : لابن حيان الأندلسي
_ أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير :للشيخ أبو بكر الجزائري
_ التحرير والتنوير : لـ الطاهر بن عاشور
_ تيسيرالكريم المنان في تفسيركلام الرحمن : للشيخ عبدالرحمن السعدي
_ الجامع لأحكام القرءان : للإمام أبو عبدالله القرطبي
_ الإتقان في علوم القرءان : لجلال الدين السيوطي
_ كلمات القرءان تفسير وبيان : للشيخ حسنين محمد مخلوف
_ شرح كتاب رياض الصالحين : للشيخ محمد بن صالح العثيمين
_ كتاب صحيح البخاري : للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
_ كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري : لابن حجر العسقلاني
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/align]
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ سورة الزمر آية (53)
موضوع الآية :
دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة إلى الله , وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا وإن كثرت لمن تاب منها.
مناسبة الآية لما قبلها :
لمَّا شدد الله تعالى على الكفار وذكر ما أعد لهم من العذاب، وأنهم لو كان لأحدهم ما في الأرض ومثله معه لافتدى به من عذاب الله، ذكر ما في إحسانه من غفران الذنوب إذا آمن العبد ورجع إلى الله.
وكثيراً تأتي آيات الرحمة مع آيات النقمة ليرجو العبد ويخاف.
سبب النزول :
روى البخاري في صحيحه , كتاب التفسير , باب )يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا...) برقم 4532 :
حدثني إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام بن يوسف: أن ابن جريج أخبرهم: قال يعلى: إن سعيد بن جبير أخبره، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ :
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَنَزَلَ :
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
وجاء في بعض كتب التفاسير وفي كتاب فتح الباري قوله: ( لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ) في رواية الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن السائل عن ذلك هو " وحشي بن حرب " قاتل حمزة , وأنه لما قال ذلك نزلت إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا الآية فقال : هذا شرط شديد , فنزلت قل يا عبادي الآية . وروى ابن إسحاق في " السيرة " قال : حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر قال " اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص أن نهاجر إلى المدينة " فذكر الحديث في قصتهم ورجوع رفيقه فنزلت قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية قال فكتبت بها إلى هشام .
اللغة :
أسْرَفوا : تجاوَزوا الحدّ في المعاصي
لا تَقْنَطُوا : لا تيْـأسوا
التفسير :
قوله تعالى : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم قل يا محمد صلى الله عليه وسلم - مبلغاً عن ربك _ لعبادي الذين تمادوا في المعاصي, وأصرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه من الذنوب: لا تقنطوا من رحمة الله
_ و قوله : { لا تقنطوا من رحمة الله } أي : لا تيأسوا من رحمة الله لكثرة ذنوبكم
_ وقوله : { إن الله يغفر الذنوب جميعا } : إن الله يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها ورجعوا عنها
_ وقوله :{ إنه هو الغفور الرحيم } : إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها .
من فوائد الآية :
1_ بيان فضل الله ورحمته على عباده بقبول توبة العبد إن تاب مهما كانت ذنوبه.
2_ دعوة الله الرحيم إلى عباده المذنبين بالإنابة إليه والإِسلام الخالص له.
3_ جملة ( إن الله يغفر الذنوب جميعا ) تعليل للنهي عن اليأس من رحمة الله ,
ومادة الغفر ترجع إلى الستر وهو يقتضي وجود المستور واحتياجه للستر فدل ( يغفر الذنوب ) على أن الذنوب ثابتة أي المؤاخذة بها ثابتة والله يغفرها أي يزيل المؤاخذة بها وهذه المغفرة تقتضي أسبابا أجملت هنا وفصلت في دلائل أخرى من الكتاب والسنة منها قوله تعالى ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى )
4_ وجملة ( إنه هو الغفور الرحيم ) تعليل لجملة ( يغفر الذنوب جميعا ) أي لا يعجزه أن يغفر جميع الذنوب ما بلغ جميعها من الكثرة لأنه شديد الغفران شديد الرحمة
فبطل بهذه الآية قول المرجئة إنه لا يضر مع الإيمان شيء
من الأحكام التي تدور حولها الآية :
(1) النهي عن القنوط يقتضي الأمر بالرجاء
(2) يقول العلماء :لا يصح حمل هذه الآية على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه , فهذه الآية نزلت في التائبين ، فإن تاب ؛ تاب الله عليه وإن عظم ذنبه ، كما قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 68 ـ 70 ]
أما غير التائبين ، فقد قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )[النساء:48] فغير التائبين إن كان عملهم كفراً ، فإنه لا يغفر ، وإن كان سوى الكفر ، فإنه تحت المشيئة ، ؛ إن شاء الله عذب عليه ، وإن شاء غفر له .
لكن إن كان من الصغائر ، فإن الصائر تكفر باجتناب الكبائر ، وببعض الأعمال الصالحة .
(3) أحكام تتعلق بالتوبة إلى الله :
يقول العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب , وأعظمها وأوجبها التوبة من الكفر إلي الإيمان ، قال الله تعالي: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)(لأنفال: من الآية38), ثم يليها التوبة من كبائر الذنوب ,ثم المرتبة الثالثة: التوبة من صغائر الذنوب.
• شروط التوبة : خمسة شروط :
الشرط الأول: الإخلاص لله:
بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله- عز وجل- وأن يتوب الله عليه.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من المعصية:
لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل علي انه صادق في التوبة؛ بمعني أن يتحسر على ما سبق منه، وينكسر من أجله.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب الذي هو فيه:
والإقلاع عن الذنب :
_ إن كان الذنب ترك واجب؛ فالإقلاع عنه بفعله؛ مثل أن يكون شخص لا يزكي، فأراد أن يتوب إلي الله، فلابد من ان يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها.
_ وإن كانت المعصية بفعل محرم،فالواجب أن يقلع عنه فوراً، ولا يبقي فيه ولا لحظة.
• والإقلاع عن الذنب :
(1) إما أن يكون إقلاعاً عن ذنب يتعلق بحق الله عز وجل :
فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربك، ولا ينبغي أن تحدث الناس بما صنعت , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) "أخرجه البخاري"
إلا أن بعض العلماء قال: إذا فعل الإنسان ذنباً فيه حد، فإنه يباح له أن يذهب إلي الإمام الذي يقيم الحدود- مثل الأمير- ويقول إنه فعل الذنب الفلاني ويريد أن يطهره منه، لأن الحد كفارة للذنب, ومع ذلك فالأفضل أن يستر على نفسه،أما المعاصي الأخرى فيسترها على نفسه كما سترها الله .
(2) أما إذا كان الذنب بينك وبين الخلق :
_ فإن كان مالاً فلابد أن تؤديه إلي صاحبه، فإن كان قد مات، فإنك تعطيه ورثته، فإن لم تعرفهم، أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكاناً، فتصدق به عنه تخلصاً منه، والله- سبحانه وتعالي- يعلمه ويعطيه إياه.
_أما إذا كانت المعصية التي فعلتها مع البشر ضرباً وما أشبهه، فاذهب إليه ومكنه من أن يضربك مثل ما ضربته؛ إن كان على الظهر فعلي الظهر، وإن كان علي الرأس فعلي الرأس، أو في أي مكان ضربته فليقتص منك؛ لقول الله تعالي سبحانه: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)(الشورى: من الآية40)ولقوله: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: من الآية194).
_ وإذا كان بقول؛ أي: أذية بالقول، مثل ان تكون قد سببته أمام الناس ووبخته وعيرته، فلابد أن تذهب إليه وتستحل منه بما تتفقان عليه. حتى لو قال لا أسمح لك إلا بكذا وكذا من الدراهم فأعطه.
_ أما إن كان الحق غيبة،فهذه اختلف فيها العلماء ؛ فمنهم من قال: لا بد أن تذهب إليه، وتقول له يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس، فأرجوك أن تسمح عني وتحللني.
وقال فيها بعض العلماء؛ لا تذهب إليه، بل فيه التفصيل , فإن كان قد علم بهذه الغيبة فلابد أن تذهب إليه وتستحله. وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه، واستغفر له , وتحدث بمحاسنه في المجالس التي كنت تغتابه فيها .
وهذا القول أصح
الشرط الرابع: فهو العزم على أن لا تعود في المستقبل.
الشرط الخامس: أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة:
فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة. وذلك علي نوعين:
النوع الأول: باعتبار كل إنسان بحسبه.
النوع الثاني: باعتبار العموم.
أما الأول: فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل- يعني الموت-، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفع التائب؛ لقول الله تعالي (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)(النساء: من الآية18)
أما النوع الثاني: وهو العموم، فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن : ( الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها). "رواه أبو داود , وصححه الألباني "
فإذا طلعت الشمس من مغربها لم ينفع أحداً من توبة.قال الله سبحانه: ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا)(الأنعام: من الآية158) وهذا البعض: هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلي الله عليه وسلم
البلاغة :
في قوله تعالى يَا عِبَادِيَ إضافتهم إليه وندائهم، لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم.
ولعل وجه ثبوت الياء في هذه الآية دون نظيرها وهو قوله تعالى قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم ، أن الخطاب هنا للذين أسرفوا وفي مقدمتهم المشركون وكلهم مظنة تطرق اليأس من رحمة الله إلى نفوسهم، فكان إثبات ياء المتكلم في خطابهم لتقوية نسبة عبوديتهم إلى الله تعالى, وإيماء إلى أن شأن الرب الرحمة بعباده.
في قوله تعالىالَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ الإسراف : الإكثار , والأكثر أن يعدى إلى متعلقه بحرف (من) وتعديته هنا بـ ( على ) لأن الإكثار هنا من أعمال تتحملها النفس وتثقل بها وذلك متعارف في التبعات والعدوان تقول : أكثرت على فلان فمعنى ( أسرفوا على أنفسهم ) أنهم جلبوا لأنفسهم ما تثقلهم تبعته ليشمل ما اقترفوه من شرك وسيئات.
في قوله تعالى لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إضافة الرحمة إلى الله : التفات من ضمير المتكلم إلى الاسم الغائب، لأن في إضافتها إليه سعة للرحمة إذا أضيفت إلى الله الذي هو أعظم الأسماء، لأنه العلم المحتوي على معاني جميع الأسماء.
_ في قوله تعالىإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا أعاد الاسم الأعظم، وأكد الجملة بإن مبالغة في الوعد بالغفران .
_ في قوله تعالى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وصف الله تبارك وتعالى نفسه بالرحمة والغفران بصفتي المبالغة، وأكد بلفظ "هو " المقتضي عند البعض الحصر
لطائف تتعلق بالآية الكريمة :
آية الزمر قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا هذه الآية عامة مطلقة، فهي للتائبين.
وأما آية النساء إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فهي عامة مخصوصة مقيدة.
فلما عمم -سبحانه وتعالى- وأطلق في آية الزمر، وخصص وقيد في آية النساء ؟
يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي :آية الزمر في التائبين من الشرك وما دونه، و آية النساء عامة في جميع الذنوب التي لم يتب منها، وهي دون الشرك فهي تحت المشيئة.
أرجى آية في القرآن
اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولًا :
أحدها: آية الزمر { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله } .
الثاني : { أولم تؤمن قال بلى } فرضي من إبراهيم بقوله بلى، فهذا لما يعترض في الصدور ويوسوس به الشيطان.
الثالث: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} وهي الشفاعة.
الرابع: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} .
الخامس: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}
السادس: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا}
السابع : { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}
الثامن: { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} , ولم يقل على إحسانهم.
التاسع: {يتيمًا ذا مقربة أومسكينًا ذا متربة}
العاشر: { قل كل يعمل على شاكلته }.
الحادي عشر: { هل يجازي إلا الكفور }.
الثاني عشر : { إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى }
الثالث عشر :{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوعن كثير}
الرابع عشر: { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }
قال الشبلي: إذا كان الله أذن للكافر بدخول الباب إذا أتى بالتوحيد والشهادة أفتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها.
الخامس عشر:( آية الدين) ووجهه أن الله أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أمرهم بكتابة الدين الكثير والحقير فمقتضى ذلك يرجى عفوه عنهم لظهور العناية العظيمة بهم.
السادس عشر: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله} الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال: كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبًا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة بابه , وجعلت كفارة ذنوبكم قولًا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم والذي نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلى من الدنيا وما فيها , وذكر الآية
السابع عشر : {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} على شهادة أن لا إله إلا الله.
المصادر والمراجع :
_ تفسير ابن كثير: للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير
_ جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لـ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري
_ فوائد في التفسير : للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
_ تفسير البحر المحيط : لابن حيان الأندلسي
_ أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير :للشيخ أبو بكر الجزائري
_ التحرير والتنوير : لـ الطاهر بن عاشور
_ تيسيرالكريم المنان في تفسيركلام الرحمن : للشيخ عبدالرحمن السعدي
_ الجامع لأحكام القرءان : للإمام أبو عبدالله القرطبي
_ الإتقان في علوم القرءان : لجلال الدين السيوطي
_ كلمات القرءان تفسير وبيان : للشيخ حسنين محمد مخلوف
_ شرح كتاب رياض الصالحين : للشيخ محمد بن صالح العثيمين
_ كتاب صحيح البخاري : للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
_ كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري : لابن حجر العسقلاني
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/align]