قوله تعالى ( وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاو

إنضم
17/08/2016
المشاركات
680
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المملكة العربية
قوله تعالى
( وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)) القمر

*قوله {ولقد أنذرهم}:* خوفهم لوط عقوبتنا.
قاله السمرقندي.

*قوله {بطشتنا}:* أي أنذر لوط قومه بطشة الله بهم، وهي عذابه الشديد وعقوبته البالغة.
قاله صديق حين خان:

قال البيضاوي، والنسفي: أخذتنا بالعذاب.
وهو قول أبي حيان في البحر المحيط.

وقال ابن جزي الغرناطي: البطش الأخذ بقوة وسرعة.

قال السمين الحلبي في العمدة: أي عقوبتنا السريعة.

وقال مقاتل: إذا غضب بطش، وإذا بطش أهلك.

قال السمعاني: البطش هو الأخذ بعنف وشدة.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}: قال الإيجي الشافعي: أخذه بالعنف لأعدائه.

قال البيضاوي: إن بطش ربك لشديد مضاعف عنفه؛ فإن البطش أخذ بعنف.

قال النسفي: البطش الأخذ بالعنف فإذا وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم والمراد أخذه الظلمة والجبابرة بالعذاب والانتقام.

قال ابن أبي زمنين: عقوبة ربك.

قال مكي في الهداية: أي: إن أخذ ربك يا محمد من أخذ من أعدائه وانتقامه منهم لتشديد.

وقال الواحدي في الوجيز: أخذه بالعذاب {لشديد}.

قال البقاعي: أي أخذ المحسن إليك المدبر لأمرك أعداء الدين بالعنف والسطوة وغاية الشدة {لشديد} أي شدة يزيد عنفها على ما في البطش من العنف المشروط في تسميته، فهو عنف مضاعف.

*قوله {فتماروا}:* أي شكوا برسالة الرسل.
قاله السمعاني.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً): «مِرْيَة» ٍ قال الزجاج، والنحاس: أي في شك مِنه. "بغتة" أي فجأة.

قلت: ووجه كلام السمعاني: " شكوا برسالة الرسل".
أن من كذب برسول واحد فقد كذب بجميع الرسل؛ دليله ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ). ومعلوم أن نوحا أول الرسل؛ فمن كذّب بأولهم فقد كذّب بآخرهم؛ كما أن من كذب بآخرهم كذب بأولهم؛ والحاصل: أن من كفر بواحد بكفر بالجميع؛ قال الله ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ). ونحوها في التنزيل كثير.
انتهى

*قوله {بالنذر}:* بإنذاره.
قاله الجلال المحلي.

أي: شكوا في الانذار.
قاله ابن قتيبة، ومكي، وابن الهائم، وصديق حسن خان.

وزاد صديق خان: ولم يصدقوه، وهو تفاعلوا من المرية وهي الشك، أو تجادلوا وكذبوا بإنذاره.

وقال الفراء: كذبوا بما قال لهم.

قال البغوي: شكوا بالإنذار وكذبوا ولم يصدقوا .

وقال الجلال المحلي: تجادلوا وكذبوا.

قال ابن أبي زمنين: كذبوا بما قال لهم لوط.

قال البيضاوي: فكذبوا بالنذر متشاكين.

قال السمرقندي: يعني: شكوا بالرسل، فكذبوا، يعني: لوط. ويقال: معناه شكوا بالعذاب الذي أخبرهم به الرسل أنه نازل بهم.

قال مقاتل بن سليمان: يقول شكوا في العذاب بأنه غير نازل بهم الدنيا.

وعن قتادة: «لم يصدقوه».
رواه عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره.

قال السمرقندي: يعني: شكوا بالرسل، فكذبوا، يعني: لوط. ويقال: معناه شكوا بالعذاب الذي أخبرهم به الرسل أنه نازل بهم.

*قوله {بالنذر}:* بإنذاره.
قاله الجلال المحلي.

*قوله {ولقد راودوه عن ضيفه}:* أرادوا فعل الفاحشة بأضياف لوط - عليه السلام -.

قال البيضاوي: قصدوا الفجور بهم.

قال صديق حسن خان: أي أرادوا منه تمكينهم ممن أتاه من الملائكة، ليفجروا بهم، كما هو دأبهم، يقال: راودته عن كذا مراودة، ورواداً أي: أردته، وراد الكلام يروده رواداً أي: طلبه المرة بعد المرة، فالمعنى طلبوه المرة بعد المرة أن يخلي بينهم وبينهم.

قال النسفي: طلبوا الفاحشة من أضيافه.

قال الثعلبي: طالبوه وسألوه أن يخلي بينهم وبينهم.

قال السمعاني: أي: طلبوا من لوط أن يسلم إليهم أضيافه.

قال الواحدي في البسيط: ومعنى المراودة في اللغة: المطالبة بأمر للعمل به.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ ): قال نجم الدين النيسابوري: طلبته بهوى وميل من الإرادة.

قال ابن الهائم: أي طلبته أن يواقعها.

قال الزجاج: المعنى أنها راودته عما أرادته مما يريد النساء من الرجال.

قالت كاملة الكواري: أصل المراودة: الإرادة والطلب برفق ولين، والمعنى أن امرأة العزيز طلبت من يوسف الفعل القبيح، ودعته إلى نفسها ليواقعها.

*قوله {فطمسنا أعينهم}:* قال القصاب: دليل على أن قوم لوط عموا قبل أن يخسف بهم.

قلت ( عبدالرحيم ): ومعنى قوله تعالى ( فطمسنا أعينهم ): أي محونا، وأذهبنا أبصارهم؛ بأن جعلها بلا شق؛ كباقي الوجه؛ فمن أين لهم الصر، وقد ذهبت أعينهم؟.

فلا يقدر على ذلك إلا الله ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ): قادر أن يذهب بها، ومن قدر على ذهابها؛ هو وحده القادر على ردها.

قال البيضاوي: فمسحناها وسويناها بسائر الوجه.

قال الإيجي الشافعي: صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق.

قال الواحدي في الوجيز: أعميناها وصيّرناها كسائر.

قال أبو حيان: محونا. والمطموس: الذي ليس بين جفنيه شق.

قال الجلال المحلي: أعميناها وجعلناها بلا شق كباقي الوجه.

قال صديق حسن خان: الطموس الدرس والانمحاء.

قال السمرقندي: يعني: أذهبنا أعينهم، وأبصارهم.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ): قال الفراء: أي ذهب ضوؤها.

ومنه قوله تعالى ؛ على لسان موسى ( رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ): "اطْمِسْ " قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: أي أذهب أموالهم، ويقال: طمست عينه وذهبت، وطمست الريح على الديار.

قال أبو بكر السجستاني: اطمس: أي امح، أي أذهبه.

ومنه ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ): لَطَمَسْنَا" قال الألوسي: لو نشاء لأذهبنا أحداقهم وأبصارهم.

وقال الواحدي في الوسيط: أذهبنا أعينهم وجعلناها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن، يهددهم الله بهذا.

(نكتة):

قوله تعالى ( فطمسنا أعينهم ): أي سواها بسائر الوجه؛ فذهبت أبصارهم؛ فأصابهم العمى ولا ريب.
يذكرك ها بأمرين:

الأول : ما أخبر الله به عن عيسى عليه السلام أنه كان يبرئ الأكمه كما قال (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي )؛ لأن الأكمه: الذي ولد أعمى؛ فعيناه غير مفتوحتين؛ فمن أين له الابصار؟. وهذا عين الاعجاز لعيسى عليه السلام.

الثاني: ما رواه ابن ماجة القزويني ؛ من طريق عبيد الله بن أبي رافع عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين.
صححه الألباني (صحيح وضعيف سنن ابن ماجة- 1054 ).

فالشاهد قوله ( شق سمعه وبصره ): أي لولا أن مَنّ علي؛ فشق بصري؛ أي: فتحه؛ لما أبصرت.

وإن الذي شقه قادر أن يطمسه؛ يمحوه، ويذهب به؛ لذا قال الله؛ مهددا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ).

فاتقوا الله عباد الله؛ في السمع والبصر.
انتهى

*قوله {فذوقوا}:* فقلنا لهم ذوقوا.
قاله الجلال المحلي.

قال النسفي: فقلت لهم ذوقوا على ألسنة الملائكة.

وهو قول أبي حيان في البحر، والإيجي في الجامع.

*قوله {عذابي ونذر}:* أي ما كنتم به تكذبون، وتمترون.

قال الجلال المحلي: إنذاري وتخويفي؛ أي ثمرته وفائدته.
____________
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، غريب القرآن لابن قتيبة، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، معاني القرآن للفراء، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، تفسير السمعاني، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، تفسير البيضاوي، تفسير النسفي، التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الغرناطي، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي، تفسير مقاتل بن سليمان، جامع البيان للإيجي الشافعي، تفسير ابن أبي زمنين، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، الوسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، الكشف والبيان للثعلبي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، تفسير السمرقندي، تفسير الجلالين، النكت للقصاب، تفسير البغوي، تفسير عبدالرزاق الصنعاني، إيجاز البيان عن معاني القرآن لنجم الدين النيسابوري، تفسير غريب القرآن لكاملة الكواري.

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
عودة
أعلى