محمد محمود إبراهيم عطية
Member
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فأهنئ أهل الملتقى إدارة وإشرافًا وأعضاء وزوًّارا بشهر رمضان ، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا فيه لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار ... آمين .
ثم هذه قطوف أردت أن تشغل حيزًا من وقت الصائمين ، فيها إشارات سريعة مع كل يوم من أيام رمضان تخاطب القلب والعقل ، وتدعو القارئ إلى الفهم والعمل .
وقد أردت أن يتنقل القارئ فيها بين معاني آيات ، ومفهوم أحاديث ، وإشارات شعرية ، وعبارات طيبة لصالحي هذه الأمة ؛ في عبارات موجزة غير مخلة بالمعنى ، وربما قسمت المعنى على أكثر من قطوف رعاية للإيجاز ، ودفعًا لملل الإطالة ، والله المستعان .
............................................................قطوف اليوم الأول
...........................................................{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( 1 )
.... قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183 ) .
التقوى هي الغاية من الصيام ، ومن لم يحقق الغاية من الصوم فقد لا ينفعه صومه ، ومن أجل تحقيق هذه الغاية يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الصوم أمانة ، فليحفظ أحدكم أمانته " ( 1 ) ، ومعنى أن الصوم أمانة أنه يجب أن يُحفظ ، وحفظه بحفظ السمع والبصر والجوارح والقلب عن المعصية ، وقد قال بعض السلف : أهون الصيام الإمساك عن الشراب والطعام ، ولله در القائل :
..............................إذا لم يكـنْ في السمعِ مني تصاونُ ... وفي مقلتي غـضٌ وفي منطقي صَمْتُ
..............................فحظي إذًا من صومي الجوعُ والظمأ ... وإن قلتُ إني صُمتُ يومًا فما صُمْتُ
فاحفظوا رحمكم الله أبصاركم وأسماعم وألسنتكم وجوارحكم عن الحرام ، تبلغوا بذلك تقوى الله تعالى ، ويكون صومكم أقرب للقبول ، وفقنا الله وإياكم لصيام وقيام مقبولين ، وجعلنا وإياكم في هذا الشهر من عتقائه من النار .
..........................................................الحديث
روى الشيخان عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " [ البخاري ( 6689 ) ومسلم ( 1907 ) ] .
ومعنى الحديث : الْأَفْعَال الِاخْتِيَارِيَّة لَا تُوجَد وَلَا تَتَحَقَّق إِلَّا بِالنِّيَّةِ ؛ وَلَيْسَ لِلْفَاعِلِ مِنْ فِعْله إِلَّا مَا نَوَى ؛ أَيْ : الَّذِي يَرْجِع إِلَيْهِ مِنْ عَمَله نَفْعًا أَوْ ضَرَرًا هِيَ النِّيَّة ، فَإِنَّ الْعَمَل يُحْسَب بِحَسْبِهَا خَيْرًا وَشَرًّا ، أَوْ يُجْزِى الْمَرْءُ بِحَسْبِهَا عَلَى الْعَمَل ثَوَابًا وَعِقَابًا ؛ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَته إِلَى الله وَرَسُوله قَصْدًا وَفِعْلاً فَهِجْرَته إِلَى الله وَرَسُوله أَجْرًا وَثَوَابًا .
واختياري لهذا الحديث كأول حديث في القطوف لأذكر النية والإخلاص ، رزقني الله وإياكم الإخلاص في النية ... آمين .
.........................................................قطوف من الشعر
....................................أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ ... لتطهيرِ القلوبِ مِنَ الفسادِ
...................................فأدِّ حُقُوقَهُ قَولاً وفِعْلاً ... وزادَكَ فاتَخِـْذه للمعادِ
...................................فمنْ زرع الحبوبَ وما سَقَاهَا ... تَأَوَّهَ نادمًا يومَ الحصادِ
..................................................كلمات على طريق الآخرة
قيل : من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص .
قال ابن القيم - رحمه الله : فنقصان كل مخلص في إخلاصه بقدر رؤية إخلاصه ، فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص صار مُخْلِصًا مُخْلَصًا ( 2 ) .
( 1 ) ذكره الغزالي في الإحياء : 1 / 279 ، قال العراقي في تخريج إحياء علوم الدين : أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود في حديث في الأمانة والصوم ، وإسناده حسن .
( 2 ) مدارج السالكين : 2 / 91 .
فأهنئ أهل الملتقى إدارة وإشرافًا وأعضاء وزوًّارا بشهر رمضان ، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا فيه لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار ... آمين .
ثم هذه قطوف أردت أن تشغل حيزًا من وقت الصائمين ، فيها إشارات سريعة مع كل يوم من أيام رمضان تخاطب القلب والعقل ، وتدعو القارئ إلى الفهم والعمل .
وقد أردت أن يتنقل القارئ فيها بين معاني آيات ، ومفهوم أحاديث ، وإشارات شعرية ، وعبارات طيبة لصالحي هذه الأمة ؛ في عبارات موجزة غير مخلة بالمعنى ، وربما قسمت المعنى على أكثر من قطوف رعاية للإيجاز ، ودفعًا لملل الإطالة ، والله المستعان .
............................................................قطوف اليوم الأول
...........................................................{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( 1 )
.... قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183 ) .
التقوى هي الغاية من الصيام ، ومن لم يحقق الغاية من الصوم فقد لا ينفعه صومه ، ومن أجل تحقيق هذه الغاية يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الصوم أمانة ، فليحفظ أحدكم أمانته " ( 1 ) ، ومعنى أن الصوم أمانة أنه يجب أن يُحفظ ، وحفظه بحفظ السمع والبصر والجوارح والقلب عن المعصية ، وقد قال بعض السلف : أهون الصيام الإمساك عن الشراب والطعام ، ولله در القائل :
..............................إذا لم يكـنْ في السمعِ مني تصاونُ ... وفي مقلتي غـضٌ وفي منطقي صَمْتُ
..............................فحظي إذًا من صومي الجوعُ والظمأ ... وإن قلتُ إني صُمتُ يومًا فما صُمْتُ
فاحفظوا رحمكم الله أبصاركم وأسماعم وألسنتكم وجوارحكم عن الحرام ، تبلغوا بذلك تقوى الله تعالى ، ويكون صومكم أقرب للقبول ، وفقنا الله وإياكم لصيام وقيام مقبولين ، وجعلنا وإياكم في هذا الشهر من عتقائه من النار .
..........................................................الحديث
روى الشيخان عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " [ البخاري ( 6689 ) ومسلم ( 1907 ) ] .
ومعنى الحديث : الْأَفْعَال الِاخْتِيَارِيَّة لَا تُوجَد وَلَا تَتَحَقَّق إِلَّا بِالنِّيَّةِ ؛ وَلَيْسَ لِلْفَاعِلِ مِنْ فِعْله إِلَّا مَا نَوَى ؛ أَيْ : الَّذِي يَرْجِع إِلَيْهِ مِنْ عَمَله نَفْعًا أَوْ ضَرَرًا هِيَ النِّيَّة ، فَإِنَّ الْعَمَل يُحْسَب بِحَسْبِهَا خَيْرًا وَشَرًّا ، أَوْ يُجْزِى الْمَرْءُ بِحَسْبِهَا عَلَى الْعَمَل ثَوَابًا وَعِقَابًا ؛ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَته إِلَى الله وَرَسُوله قَصْدًا وَفِعْلاً فَهِجْرَته إِلَى الله وَرَسُوله أَجْرًا وَثَوَابًا .
واختياري لهذا الحديث كأول حديث في القطوف لأذكر النية والإخلاص ، رزقني الله وإياكم الإخلاص في النية ... آمين .
.........................................................قطوف من الشعر
....................................أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ ... لتطهيرِ القلوبِ مِنَ الفسادِ
...................................فأدِّ حُقُوقَهُ قَولاً وفِعْلاً ... وزادَكَ فاتَخِـْذه للمعادِ
...................................فمنْ زرع الحبوبَ وما سَقَاهَا ... تَأَوَّهَ نادمًا يومَ الحصادِ
..................................................كلمات على طريق الآخرة
قيل : من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص .
قال ابن القيم - رحمه الله : فنقصان كل مخلص في إخلاصه بقدر رؤية إخلاصه ، فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص صار مُخْلِصًا مُخْلَصًا ( 2 ) .
( 1 ) ذكره الغزالي في الإحياء : 1 / 279 ، قال العراقي في تخريج إحياء علوم الدين : أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود في حديث في الأمانة والصوم ، وإسناده حسن .
( 2 ) مدارج السالكين : 2 / 91 .