قصيدة (رسالة في ليلة التنفيذ)

إنضم
04/02/2009
المشاركات
202
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة (رسالة في ليلة التنفيذ) للشاعر هشام الرافعي رحمه الله من نوادر الشعر العربي بل والانساني
لا يعينني لساني في الحديث عنها و وصفها بل اتركها للقارئ وحكمه وهي من الشهره بمكان
وكم اتمنى لو انها تترجم إلى اللغات العالمية وحتى تصل رسالة مؤثرة من شاب مسلم ...


ونهدي هذه القصيدة إلى اخواننا في سوريا والذين في كل يوم يعتقل منهم بالمئات
ويذهبون إلى المجهول وربما كانت هذه القصيدة هي لسان حالهم كان الله في عونهم


أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني ......والحبلُ والجلادُ ينتظراني

هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ ......مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ

لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها ......وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني

سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في ......هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني

الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ ......والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني

وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي ......في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ

والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ ......دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني

قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ إ ......لاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ


*****


شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ......فليرفعوه فلست بالجوعان

هذا الطعام المر ما صنعته لي ......أمي و لا وضعوه فوق خوان

كلا و لم يشهده يا أبتي معي ......أخوان جاءاه يستبقان

مدوا إلي به يدا مصبوغة ......بدمي و هذه غاية الإحسان

والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ ......عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ


*****


ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها ......يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ

مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ ......وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ

أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ ......ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني

هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي ......لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ

لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً ......ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ

فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً ......لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني

أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى أولادِهِ ......يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني


******


وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ ......بها معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ

قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً ......في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ

فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً ......ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ

نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ ......هُمُو كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني

وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي ......بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟

أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى ......مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟

ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما ......غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟


****


هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً ......ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ

وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ ......سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ

وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ ......مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني

وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ ......شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ

هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ ......بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ

وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ ......أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ


*****


أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ ......سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ

وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ ......قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني

دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ ......وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ

حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا ......لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ

ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا ......بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ

إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى ......أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ

وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ ......سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ

فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً ......أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ


******


أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي ......أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟

أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا ......مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟

كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي ......كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني

لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً ......غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني

أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا ......إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ

فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ ......عِزَّتي يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني


******


أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى ......وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ

وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ ......يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ

وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً ......تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ

وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا ......سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ

وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً ......في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ

لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما ......صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ

نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً ......وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ

أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى ......بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ


*******


أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً ......في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ

إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ ......قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ

فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا ......قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ

وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى ......تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ

وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها ......أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ

فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني ......لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ

مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها ......وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ

أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً ......لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ

فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ ......بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني

كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً ......يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني

وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ ...... سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ


******


هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي ......بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ

لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ ......بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ

فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي ......مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ

وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ ......قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ



[YOUTUBE]f8VxtxHsnrQ[/YOUTUBE]
 
بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة (رسالة في ليلة التنفيذ) للشاعر هشام الرافعي رحمه الله من نوادر الشعر العربي بل والانساني
لا يعينني لساني في الحديث عنها و وصفها بل اتركها للقارئ وحكمه وهي من الشهره بمكان
وكم اتمنى لو انها تترجم إلى اللغات العالمية وحتى تصل رسالة مؤثرة من شاب مسلم ...
ونهدي هذه القصيدة إلى اخواننا في سوريا والذين في كل يوم يعتقل منهم بالمئات
ويذهبون إلى المجهول وربما كانت هذه القصيدة هي لسان حالهم كان الله في عونهم
أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني ......والحبلُ والجلادُ ينتظراني
[YOUTUBE]f8VxtxHsnrQ[/YOUTUBE]
إي والله هي كما قلتَ وقلتُم وقالوا!
قصيدة مبكية مشجية مؤنسة.​
ولقد ذكّرتنا بها الطّعن وما نسيناه أخانا العزيز ماجد حفظكم الله، ورعاكم، ورضي عنكم، وأرضاكم.
لكنّ القصيدة يا أخانا للشّاعر الشّابّ الشّهيد -كما نحسبه ولا نزكّيه على الله- هاشم الرّفاعيّ-رحمه الله تعالى، وتقبّله عنده بقبول حسن- وألحقنا به شهداء يا ربّ.
وما أجمل الحديث عنه وعن شعره العذب السّهل الممتنع! على الرّغم من صغر سنّه( قُتل وعمره أربع وعشرون عاماً: 1935-1959م)، قتله الرّئيس الخالد أبو خالد، لهجائه إيّاه وأجهزته الأمنيّة الفاسدة؛ ومنها مخاطبا ًإيّاه بعد شعاره: ارفع رأسك يا أخي! فما رفع بعدها أحد رأسه: هزائمه جاءت تترى:
أنزل بهذا الشّعب كلّ هوانِ *** وأعد عهودَ الرّقّ للأذهانِ
أطلق زبانية الجحيم عليه منْ *** بوليسك الحربيّ والأعوانِ​
رحمه الله تعالى ولا حرمنا من أمثاله.
 
لطلما أبكتنى هذه الكلمات وها أنا أقرأها اليوم بعد سنين وأيضا أبكى وكأنه أحد أبنائى رحم الله كاتبها وجمعنا الله به تحت ظل عرشه
كنت أظنه مصريا ً!!!!!! كم ذقت يا مصر !! وكم ذاق أبنائك !!! نسأله تعالى أن يرحمنا برحمته وأبناء المسلمين فى كل مكان
 
لطلما أبكتنى هذه الكلمات وها أنا أقرأها اليوم بعد سنين وأيضا أبكى وكأنه أحد أبنائى رحم الله كاتبها وجمعنا الله به تحت ظل عرشه
كنت أظنه مصريا ً!!!!!! كم ذقت يا مصر !! وكم ذاق أبنائك !!! نسأله تعالى أن يرحمنا برحمته وأبناء المسلمين فى كل مكان

اختي الفاضلة ظنك في مكانه
فهو مصري واسمه هاشم الرفاعي وليس الرافعي كما كتبت انا في اول الموضوع

وعندي ان هذه القصيدة من أجمل قصائد الشعر العربي واحبها إلى قلبي
أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ ......سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ
وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ ......قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني
دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ ......وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ
حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا ......لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ
ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا ......بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ
إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى ......أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ ......سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً ......أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ
 
عودة
أعلى