السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصيدة رائعة للشيخ عبد الرحيم البرعي وهو من السودان وقد أحببت أن أنقلها لكم لما فيها من الإفتقار إلى الله سبحانه وتعالى
أغيب وذو اللطائف لا يغيب= و أرجوه رجاءً لا يخيب
و أسأله السلامة من زمان =بليت به نوائبه تُشيب
و أنزل حاجتي في كل حال= إلى من تطمئن به القلوب
فكم لله من تدبير أمر =طوته عن المشاهدة الغيوب
وكم في الغيب من تيسير عسر= ومن تفريج نائبة تنوب
ومن كرم ومن لطف خفيّ = ومن فرج تزول به الكروب
ومن لي غير باب الله باب= ولا مولى سواه ولا حبيب
كريمٌ منعمٌ برٌ لطيفٌ =جميلُ الستر للداعي مُجيب
حليم لا يعاجل بالخطايا = رحيمٌ غيثُ رحمته يصوب
فيا ملك الملوك أقل عثاري= فإني عنك أنأتني الذنوب
وأمرضني الهوى لهوان حظي= ولكن ليس غيرك لي طبيب
فآمن روعتي وأكبت حسودا= فإن النائبات لها نيوب
وءانسنى بأولادي وأهلي= فقد يستوحش الرجل الغريب
ولي شجن بأطفال صغار= أكاد إذا ذكرتهم أذوب
ولكني نبذت زمام أمري= لمن تدبيره فينا عجيب
هو الرحمن حولي وإعتصامي= به و إليه مبتهلا أتيب
إلهي أنت تعلم كيف حالي= فهل يا سيدي فرج قريب
فيا ديان يوم الدين فرِّج= هموما فى الفؤاد لها دبيب
وصِلْ حبلي بحبل رضاك وأنظر= إلي وتُب علي عسى أتوب
وراع حمايتي وتولَّ نصري= وشُدّ عراي إن عرت الخطوب
وألهمني لذكرك طول عمري= فإن بذكرك الدنيا تطيب
وقُلْ عبد الرحيم ومن يليه= لهم في ريف رأفتنا نصيب
فظني فيك يا سندي جميل= ومرعى ذود آمالي خصيب
وصلِّ على النبي وآله = ما ترنّم في الأراك العندليب
أشكر الأخت الفاضلة سمر الأرناؤوط على حسن ذوقها ونبل مقصدها وسداد اختيارها لهذه القصيدة الرائعة ،
نعم أخي العربي هي للبرعي القديم وقد حداني ذلكم أن أكتب تعليقا على شعر هذا الشاعر الفحل و"وصادق الودّ يُملي صادق الكلمِ".
كان هذا الشاعر العملاق ذا تأثير كبير عليّ في حياتي حيث حفظت له قصيدته:
سمعتُ سويجع الأثلات غنى*عـلــى مـطـلـولـة الـعـذبــاتِ رنّــــا
ومن أجمل ما جاء فيها مقارنته بين ممدوحه (النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم) وسائر الأنبياء عليهم الصلاةُ والسلام حيث قال:
مـتــى ذُكـــر الحـبـيـبُ فـــذا حـبـيــبٌ * عــلــيـــه الله فـــــــي الـــتــــوراةِ أثـــنــــى
وبــشــرنـــا الـمــســيــح بــــــــه رســــــــولا * وحـــقـــق وصـــفـــه وســـمـــاً وكـــنّــــى
فــإن ذَكــروا نـجـيّ الـطـورِ فـاذكــــــــــر * نـــجـــيّ الـــعـــرش مـفـتــقــرا لـتــغــنــى
فـــــــــــــإن الله كــــــلـــــــم ذاك وحــــــيــاً * وكــــــلــــــم ذا مـــشـــافـــهـــةً وأدنــــــــــــى
ومـــوســــى خـــــــرّ مـغــشــيــا عــلــيـــــــه * وأحـمــدُ لــــم يــكــن لـيـضـيـق ذِهــنــا
ولـــو قـابـلـتَ لـفـظـةَ {لـــن تــرانــي} * بـ{ما كذب الفؤادُ} فهمتَ معنى
وإن يك خاطـب الأمـوات عيسـى * فــــــإنّ الـــجِــــذعَ حـــــــنّ لـــــــذا وأنّـــــــا
وسـلّــمــت الــجــمــادُ عــلــيــه نــطــقــاً * فـــأنــــى يــســـتـــوي الــفــتــيــانِ أنــــــــى
وإن يـــــدعـــــو ســلــيــمــانـــاً بـــمــــلــــكٍ * فــذا رفــض الكـنـوز وقـــد عـرضـنـا
وبـــطـــحـــا مــــكـــــةٍ ذهــــبـــــاً أبــــاهـــــا * يــبــيـــدُ الــمُــلـــكُ والــــلــــذاتُ تــفـــنـــى
وإن يــــــــــــــــكُ درع داودٍ لـــــبــــــوســا * يكـونُ مـن التبـاسِ الـبـأسِ حِصـــــــــنـا
فـــــــــدرعُ مـــحـــمّـــد الـــــقـــــرآن لـــــمـا * تــــــلا {واللهُ يـعــصــمــك} اطــمــأنّـــا
وأهـلــك قـومــه فــــي الأرضِ نــــــوحٌ * بــدعــوة {لا تـــــذر} أحـــــدا فـأفــنــى
ودعــــوةُ أحــمـــدٍ ربّ اهـــــدِ قــومـــي * فــهـــم لا يـعـلـمــون، كـــمـــا عـلـمــنــا
وقـــــــد كـــــــان ابــــــــنُ آمــــنــــةٍ نــبـــيـــا * وآدم لـــــــم يـــــــزل طــيـــنـــاً مــســـنّـــى
وتــــحــــتَ لــــوائــــه لــلـــرسْـــلِ ظِــــــــلٌّ * غــــداً يــــومَ الـجـبــالُ تــكــونُ عـهـنــا
وكـــــلُّ الـمـرسـلـيـن يـــقـــول نــفــســي * وأحــــمــــدُ أمــــتــــي! إنــــســــاً وجــــنّـــــا
ومن روائعه أيضاً قصيدته الجيمية :
مـتـى يستقـيـمُ الـظــلُّ والـعــودُ أعـــوجُ*وهـل ذهـبٌ صـرفٌ يسـاويـه بـهـرجُ؟
ومـــن رام إخـــراج الـزكــاة ولـــم يـجــدْ * نـصـابـاً يـزكـيــه فــمــن أيــــن يُــخــرجُ؟
هـيَ النفـسُ والدنيـا وإبليـسُ والهـوى * بطـاعـتـهـم عــــن طــاعــة الله أزعـــــجُ
إذا قــلــتُ لـلـنـفـسِ اسـتــعــدي بـتــوبــةٍ * أبـــــتْ وشـــقـــيُّ الـــحـــظ لا يـتـحــجــجُ
وإن قلتُ للقلبِ استقم بي تعرضتْ * لــــــــــه شـــــهـــــواتٌ نـــــارُهـــــا تـــتــــأجــــجُ
وإن حضر الإخوانُ للذكر والبكـــــــا * حضرتُ كأنّي لاعِـــــــــــــــــــــــــبٌ متفرِّجُ
أريدُ مقامَ الصالحين وليــــــــــــــس لي * كمنهجهم في الدين دينٌ ومنهجُ
فـوا خجلتـي شـيـبٌ وعـيـبٌ وقــد دنــا * رحــيـــلـــي ولا أدري عــــــــلامَ أعــــــــرِّجُ
ولـلــمــرء يـــــومٌ يـنـتـهــي فـــيـــه عـــمـــره * ومــــوتٌ وقــبْــرٌ ضــيِّـــقٌ فــيـــه يــولَـــجُ
ويـلـقـى نـكـيـراً فـــي الـســؤال ومـنـكــرا * يـســومــان بـالـتـنـكـيـر مــــــن يـتـلـجـلــجُ
وديــــانُ يــــوم الــديــنِ يــبـــرز عــرشـــه * وســوف يـبـيـن الـحــق والـحــقُّ أبـلــجُ
فـطـائـفـةٌ فـــــي جَنـــــةِ الـخــلــد خُـلِّدتْ * وطائفـةٌ فــي الـنـار تصـلـى فتنـضـج
وليس معي زادٌ ولا لي وسيـــــــــــــــــــــــلةٌ * بـلــى هـاشـمـيٌّ بالـبـهــــــاء مـتــوَّجُ
نبيٌّ تغارُ الشمس من نور وجهـــــِــــه * تـقــيٌّ نــقــيُّ الـثـغــر أحــــورُ أدعــــجُ
أمـا ومحـلّ الهـديِ تدمـى نحورُهـــــــا * ومن ضمه البيت العتيـقُ المدبـج
لــقـــد شـاقــنــي زوارُ قــبـــر مــحــمــدٍ * فشوقـي مـع الـزوار يسـري ويُدلـج
وقصيدته الرائعة "يا راحلين إلى منى بقيادي" وهي أشهر من نار على علم ومنها
يــــا راحـلــيــن إلـــــى مــنـــى بـقــيــادي*هـيـجـتـمـو يــــــوم الــرحــيــل فــــــؤادي
سـرتـم وســـار دليـلـكـم يـــا وحـشـتـي * الـشـوق أقلقـنـي وصـــوتُ الـحــادي
وحرمـتـمـو جـفـنـي الـمـنـام ببـعـدكــــم * يـــــا سـاكـنـيــن الـمـنـحـنـى والـــــوادي
ويـلـوح لـــي مـابـيـن زمـــزم والـصـفــــــا * عند المقام سمعت صوت منـادي
ويـقــول لــــي يـانـائـمـا جــــد الــسُــرى * عـرفـات تجـلـو كـــل قـلــب صـــادي
مـن نـال مـن عرفـات نظـرة ساعـــــةٍ * نــــال الــســـرور ونـــــال كـــــل مـــــراد
تالله مـا أحلـى المبيـت علـى مـنـىً * فــــي لــيــل عــيــد أبــــرك الأعــيــادي
ضحَّوْا ضحاياهم وسال دماؤهــــــــا * وأنــــا الـمـتـيـم قــــد نــحـــرت فـــــؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات الرضـا * وأنـــا الـمـلــوّع قــــد لـبـســت ســــوادي
يـارب أنـت وصلتـهـم صلـنـي بـهـم * فـبـحـقــهــم يـــــــا رب فُــــــــك قــــيــــادي
فــــــإذا وصــلــتــم سـالـمــيــن فـبــلــغــوا * مـنــي الـســلام أُهـيــل ذاك الـــوادي
قــولـــوا لــهـــم عــبـــد الـرحــيــم مـتــيــم * ومـــــــفــــــــارق الأحـــــــبــــــــاب والأولاد
صـلـى علـيـك الله يــا عـلـم الـهــدى * مـــا ســـار ركــــب أو تــرنَّــم حــــادي
رحمه تعالى وعفا عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عُدّلت المشاركة بتصحيح بعض الأخطاء الطباعية وإلغاء التنسيق الشعري لأن القصائد المنسقة به لا تظهر إلا لمتصفح واحد هو الانترنت اكسبلورر، على حين لا تظهر القصائد مطلقا في غيره من المتصفحات.