د محمد الجبالي
Well-known member
*قصة وضع الحركات على حروف اللغة العربية والنقاط:*
يقال أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه هو أول من لفتَ النظر إلى علم النحو، حيث إنه لما وجد اللَّحن بدأ يدب في لسان العرب عَلَّمَ مبادئ عِلْم النحو لأبي الأسود الدؤلي رحمه الله.
فمع انتشار الإسلام وفتح بلاد العجم، ودخول الأعاجم الإسلام، دَبَّ اللحن في لسان العرب.
ولاحظ ذلك أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فاستنفر عامله على البصرة (زياد بن أبيه) لاستدراك ذلك، وحتى لا يلحن قارئ القرآن.
فاستدعى زياد أبا الأسود الدؤلي ليقوم بمهمة ضبط حروف المصحف حتى لا يقع أحد في اللحن.
*فرفض أبو الأسود أن يزيد في رسم المصحف، فأمر زياد بعض أتباعه أن يجلس في طريق أبي الأسود ويقرأ القرآن بصوت مرتفع ويلحن قصدا.
فجلس الرجل في طريق أبي الأسود الدؤلي وقرأ قول الله عز وجل:
{وَأَذَ انࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلنَّاسِ یَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِیۤءࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَرَسُولُهُ}
وقرأ الرجل: (وَرَسُولِهُ) بكسر اللام.
وهنا هب أبو الأسود إلى الرجل فَزِعا حزينا وقال: "عزّ وجه الله أن يتبرأ من رسوله".، وعاد فوراً إلى زياد موافقاً على ضبط حروف المصحف.
*بداية الحركات نقاط*
لم تكن الحركات التي وضعها أبو الأسود على الهيئة التي بين أيدينا الآن بل كانت عبارة عن نقاط حمراء، ولم تكن الحروف قد نقطت بعد.
اختار أبو الأسود كاتباً ماهرا وقال له:
"خذ صبغاً أحمر *فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه،*
*وإذا كسرت فانقط واحدة أسفله،*
*وإذا ضممت فاجعل النقط بين يدي الحرف (أي أمامه)،*
*فإذا أتبعت شيئاً من هذه الحركات غُنَّة فانقط نقطتين"*
وأخذ أبو الأسود يملي القرآن بِتَأَنٍّ والكاتب يكتب حتى وصل إلى آخر المصحف،
وكان أبو الأسود يدقق في كل صحيفة حال انتهاء الكاتب منها.
ولم يضع أبو الأسود علامة للسكون إذ رأى أن إهمال الحركة يغني عن علامة السكون.
وظلت نقاط أبي الأسود حركات ضابطة لصوت الحرف فتحا وضما وكسرا.
*تنقيط الحروف*
وجاء العلامتان (نصر بن عاصم) و(يحيي بن يَعْمُر) فابتكرا اختراعا عظيما، ألا وهو تنقيط حروف اللغة العربية على الحال التي بين أيدينا الآن.
*ووقع الخلط:*
خلط بعض الناس بين نقاط الحركات التي وضعها أبو الأسود ونقاط الحروف التي وضعها نصر بن عاصم وابن يعمر.
ثم جاء *الخليل ابن أحمد ورسم الحركات:*
وجد الخليل بن أحمد رحمه الله أن بعض الناس يخلطون بين نقاط الحركات ونقاط الحروف فابتكر رحمه الله شكلا جديدا جميلا للحركات، وهو تلك الهيئة التي عليها الآن، حيث:
- استبدل بنقطة الفتحة ألفا صغيرة فوق الحرف مائلة منبطحة.
- واستبدل بنقطة الكسرة ألفا صغيرة منبطحة تحت الحرف.
- واستبدل بنقطة الضمة واوا صغيرة على الحرف.
- وجعل للسكون دائرة صغيرة على الحرف.
- جعل للتنوين رسم الحركة مرتين.
حتى استوى ضبط حروف اللغة العربية ونقطها على الهيئة التي عليها الآن.
جزاهم الله عنا خيرا
جزاهم الله عن القرآن وعن اللغة العربية وعن المسلمين خيرا.
إن أيادي هؤلاء الذين ضبطوا حركات حروف اللغة العربية ونقاطها وفضلهم علينا لا يحصيهما إلا الله.
رحمهم الله رحمة ترفعهم لأعلى عِلِّيين،
واجزهم اللهم ثوابا تعجز الكَتَبَة عن حصره.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
يقال أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه هو أول من لفتَ النظر إلى علم النحو، حيث إنه لما وجد اللَّحن بدأ يدب في لسان العرب عَلَّمَ مبادئ عِلْم النحو لأبي الأسود الدؤلي رحمه الله.
فمع انتشار الإسلام وفتح بلاد العجم، ودخول الأعاجم الإسلام، دَبَّ اللحن في لسان العرب.
ولاحظ ذلك أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فاستنفر عامله على البصرة (زياد بن أبيه) لاستدراك ذلك، وحتى لا يلحن قارئ القرآن.
فاستدعى زياد أبا الأسود الدؤلي ليقوم بمهمة ضبط حروف المصحف حتى لا يقع أحد في اللحن.
*فرفض أبو الأسود أن يزيد في رسم المصحف، فأمر زياد بعض أتباعه أن يجلس في طريق أبي الأسود ويقرأ القرآن بصوت مرتفع ويلحن قصدا.
فجلس الرجل في طريق أبي الأسود الدؤلي وقرأ قول الله عز وجل:
{وَأَذَ انࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلنَّاسِ یَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِیۤءࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَرَسُولُهُ}
وقرأ الرجل: (وَرَسُولِهُ) بكسر اللام.
وهنا هب أبو الأسود إلى الرجل فَزِعا حزينا وقال: "عزّ وجه الله أن يتبرأ من رسوله".، وعاد فوراً إلى زياد موافقاً على ضبط حروف المصحف.
*بداية الحركات نقاط*
لم تكن الحركات التي وضعها أبو الأسود على الهيئة التي بين أيدينا الآن بل كانت عبارة عن نقاط حمراء، ولم تكن الحروف قد نقطت بعد.
اختار أبو الأسود كاتباً ماهرا وقال له:
"خذ صبغاً أحمر *فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه،*
*وإذا كسرت فانقط واحدة أسفله،*
*وإذا ضممت فاجعل النقط بين يدي الحرف (أي أمامه)،*
*فإذا أتبعت شيئاً من هذه الحركات غُنَّة فانقط نقطتين"*
وأخذ أبو الأسود يملي القرآن بِتَأَنٍّ والكاتب يكتب حتى وصل إلى آخر المصحف،
وكان أبو الأسود يدقق في كل صحيفة حال انتهاء الكاتب منها.
ولم يضع أبو الأسود علامة للسكون إذ رأى أن إهمال الحركة يغني عن علامة السكون.
وظلت نقاط أبي الأسود حركات ضابطة لصوت الحرف فتحا وضما وكسرا.
*تنقيط الحروف*
وجاء العلامتان (نصر بن عاصم) و(يحيي بن يَعْمُر) فابتكرا اختراعا عظيما، ألا وهو تنقيط حروف اللغة العربية على الحال التي بين أيدينا الآن.
*ووقع الخلط:*
خلط بعض الناس بين نقاط الحركات التي وضعها أبو الأسود ونقاط الحروف التي وضعها نصر بن عاصم وابن يعمر.
ثم جاء *الخليل ابن أحمد ورسم الحركات:*
وجد الخليل بن أحمد رحمه الله أن بعض الناس يخلطون بين نقاط الحركات ونقاط الحروف فابتكر رحمه الله شكلا جديدا جميلا للحركات، وهو تلك الهيئة التي عليها الآن، حيث:
- استبدل بنقطة الفتحة ألفا صغيرة فوق الحرف مائلة منبطحة.
- واستبدل بنقطة الكسرة ألفا صغيرة منبطحة تحت الحرف.
- واستبدل بنقطة الضمة واوا صغيرة على الحرف.
- وجعل للسكون دائرة صغيرة على الحرف.
- جعل للتنوين رسم الحركة مرتين.
حتى استوى ضبط حروف اللغة العربية ونقطها على الهيئة التي عليها الآن.
جزاهم الله عنا خيرا
جزاهم الله عن القرآن وعن اللغة العربية وعن المسلمين خيرا.
إن أيادي هؤلاء الذين ضبطوا حركات حروف اللغة العربية ونقاطها وفضلهم علينا لا يحصيهما إلا الله.
رحمهم الله رحمة ترفعهم لأعلى عِلِّيين،
واجزهم اللهم ثوابا تعجز الكَتَبَة عن حصره.
والله أعلم
د. محمد الجبالي