شكرا، ونشكر أستاذنا خليل محمود اليماني على هذه القراءة التنويرية، وننتظر المقالة الثالثة والأخيرة لنفهم تغلغل التأصيل التيمي هذا عند من جاء بعده.
أظن أن الانحياز التأكيدي كان وراء تلك المشكلات الدقيقة التي يعاني منها التنظير التيمي، وهو انحياز ناتج عن عاملين التفكير الرغبوي وخوفه الشديد من انتشار ما كان يراه بدعة، ولذا كان يقوم بحساب العواقب في حالة تخطئته لمنهجية سلفه في توظيف الإسرائيليات، وهنالك وقع الانحياز بدل البحث بطريقة حيادية، فوقع الاسقاط في تنظيره ذاك، والاسقاط أدى إلى محاولة تبريرية لا تنفك عن التفكير الرغبوي!
فهو رحمه الله عندما سئل عن التفاسير التي في أيدي الناس، ايش قال؟ قال:
.. فأصحها تفسير الطبري ليس فيه بدعة .. وأما التفاسير المسئول عنها فأسلمها من البدعة البغوي المختصر الثعلبي وحذف منه البدع التي فيه .. وأما الواحدي فإنه تلميذ الثعلبي وهو أخبر منه بالعربية لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع .. وأما الزمخشري فتفسيره محشو بالبدعة .. وتفسير القرطبي خير منه بكثير وأبعد من البدع .. وتفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري وأبعد عن البدع.. لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها.
الخلاصة: أصحها تفسير الطبري والباقي متفاوت في الابتداع فيجب إعطاء كل ذي حق حقه لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها.
إذا كان ذلك كذلك وقد كان عنده كذلك فلست أتخيل ابن تيمية إلا وهو يحاول أن يجد صيغة تبريرية لتوظيف الطبري للإسرائيليات، فهذا هو الانحياز الذاتي الذي غالبا ما يحدث بلا شعور، خاصة في " الخوف "، لأن الاحتمال الآخر معروف وخطر على العوام.