قراءة نقدية لتأصيل ابن تيمية لتوظيف الإسرائيليات في التفسير (2-3)

موقع تفسير

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
17/03/2003
المشاركات
2,896
مستوى التفاعل
43
النقاط
48
الإقامة
.
مشاهدة المرفق 12454يُعد ابن تيمية من أبرز من اعتنى بالتقعيد والتأصيل لتوظيف الإسرائيليات في التفسير، وهذه السلسلة تستعرض هذا التقعيد تحليلًا ونقدًا، وبعد أن استعرضَت المقالة الأولى منها منطلقه في التقعيد للمسألة؛ تأتي هذه الحلقة الثانية لمناقشة هذا المنطلق وتقويمه.

يمكنكم قراءة المقال كاملاً عبر الرابط التالي:
tafsir.net/article/5166
 
شكرا، ونشكر أستاذنا خليل محمود اليماني على هذه القراءة التنويرية، وننتظر المقالة الثالثة والأخيرة لنفهم تغلغل التأصيل التيمي هذا عند من جاء بعده.

أظن أن الانحياز التأكيدي كان وراء تلك المشكلات الدقيقة التي يعاني منها التنظير التيمي، وهو انحياز ناتج عن عاملين التفكير الرغبوي وخوفه الشديد من انتشار ما كان يراه بدعة، ولذا كان يقوم بحساب العواقب في حالة تخطئته لمنهجية سلفه في توظيف الإسرائيليات، وهنالك وقع الانحياز بدل البحث بطريقة حيادية، فوقع الاسقاط في تنظيره ذاك، والاسقاط أدى إلى محاولة تبريرية لا تنفك عن التفكير الرغبوي!

فهو رحمه الله عندما سئل عن التفاسير التي في أيدي الناس، ايش قال؟ قال:
.. فأصحها تفسير الطبري ليس فيه بدعة .. وأما التفاسير المسئول عنها فأسلمها من البدعة البغوي المختصر الثعلبي وحذف منه البدع التي فيه .. وأما الواحدي فإنه تلميذ الثعلبي وهو أخبر منه بالعربية لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع .. وأما الزمخشري فتفسيره محشو بالبدعة .. وتفسير القرطبي خير منه بكثير وأبعد من البدع .. وتفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري وأبعد عن البدع.. لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها.

الخلاصة: أصحها تفسير الطبري والباقي متفاوت في الابتداع فيجب إعطاء كل ذي حق حقه لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها.

إذا كان ذلك كذلك وقد كان عنده كذلك فلست أتخيل ابن تيمية إلا وهو يحاول أن يجد صيغة تبريرية لتوظيف الطبري للإسرائيليات، فهذا هو الانحياز الذاتي الذي غالبا ما يحدث بلا شعور، خاصة في " الخوف "، لأن الاحتمال الآخر معروف وخطر على العوام.
 
هذه القراءة النقدية لا بد منها
فإذا نظرنا إلى سنة الله الكونية في تدرج ما يتعلق بالحياة الدنيا من شؤون، فلعل العلوم الإنسانية (ومن ضمنها علم التفسير) لا تكون بدعاً عن هذه السنة الكونية.
ومن هنا فإن تفسير شيخ المفسرين الطبري رحمه الله تعالى يكفيه شرف السبق في الجمع بين الرواية والدراية، ولا ريب من تلقي الأمة له بالقبول (بإجمال) ولكن البحث العلمي الموضوعي والمنهج النقدي الذي تميز به سلفنا العظام جعلهم يستدركون عليه كثيرا من التفاصيل كموقفه - رحمه الله - من الترجيح بين القراءات.

وإن كان العلم (أي علم) يبدأ مولوداً ضعيفاً لم يشتد عوده (وهذا لا يعيبه في تلك المرحلة العمرية)؛ فهو - غالباً- ما يكون على هيئة ملاحظات واكتشافات واستقراءات.. ثم يرتقي إلى مرحلة أخرى من التحليل والنقد والاستنباط والربط بين الأسباب والمسببات والجدل والنقد المضاد..
ولما كان عمر الإنسان محدوداً فإن السابق من علماء ذاك العلم يسلمون الراية لخلفهم، وهكذا تتوالى المتواليات الهندسية، معتمدةً على تيسر سبل التعليم والتعلم وتطور الاتصال والتواصل بين أرحام ذاك العلم، وبذا يزداد العلم شباباً وترسخ قواعده وتتشذب أغصانه وفروعه؛ لتخرج أطيب الثمرات.

لذا ففي مثل هذه الدراسة النقدية خير عظيم، يسهم في التقوية لأسس أصول التفسير وقواعده.
 
عودة
أعلى