يوسف السناري
New member
[1]: قراءة في كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد... فهذه قراءة في كتاب إصلاح المنطق لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، أقوم فيها بالمقابلة بين أجود نشرات الكتاب كنشرة الشيخين أحمد شاكر وعبد السلام هارون، ونشرة الدكتور فخر الدين قباوة، وبعض النسخ الخطية التي قد وُفِّقت بالوقوف عليها ولم يقف عليهما أحد من الأشياخ، وقد وقفت على نسختين خطيتين برواية عالمين كبيرين:
الرواية الأولى: هي رواية الإمام الجواليقي، في مكتبة تشستربيتي، برقم (3263) وصورتها:
وفي مقدمة هذه النسخة إسناد للجواليقي يقول فيها الناسخ: «تلى» (ولعلها «أملى» والثانية هي التي أرجحها) الشيخ الإمام أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد الجواليقي...
وفي آخر هذه النسخة فهرس بالأبواب التي جاءت في الكتاب، صنعه مالك النسخة وهو: محمد بن خالد بن خليل الأزهري ... سنة 1318. فقال المالك كما جاء في خاتمة الكتاب: "على ظهر أول صحيفة منه خط إمام الأدب أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي البغدادي اللغوي... وقد سمعه منه الشيخ الفاضل أبو علي فرج بن أحمد بن علي بن الأخوة قراءة تصحيح ...
وقد ذكر المالك أنه تحرى معرفة تاريخ نسخ هذه النسخة فلم يستطع الوقوف على تأريخ كتابتها فقال: والله أعلم في أي تاريخ كتب هذا الكتاب لأني تحريت آخره فلم أجد سنة كتابته ولا اسم كاتبه. إلى أن قال المالك: والظاهر أن هذا الكتاب بخط أبي علي فرج بن الأخوة كما يستدل من أوله، ومن كتابة الجواليقي على ظهر أول صحيفة منه، وعلى آخر صحيفة منه أيضا خط أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي شيخ الجواليقي المتقدم الذكر".
[صورة ما كتبه المالك في طرة الكتاب]:
جزء من الفهرس الذي صنعه مالك النسخة:
والرواية الثانية: هي رواية أبي علي القالي، وقد جاء في صفحة العنوان: «سفر فيه جميع إصلاح المنطق، تأليف/ أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت رحمه الله/ رواية أبي علي إسماعيل بن القاسم البغداذي».
وهي نسخة قُرئتْ على أبي علي الشلوبين، عمر بن محمد بن عمر الأزدري (ت645هـ) وعليها خطه وإجازته!.
وفي صفحة العُلْوان ثبت سماع للإمام اللغوي الشلوبين بخط يده، جاء في آخره:
«وكتب/ عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله الأزدي، في شهر ذي الحجة من سنة تسع وعشرين وست مائة».
قال الزركلي في ترجمته: عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله الأَزْدي، أبو علي، الشلوبيني أو الشلوبين: من كبار العلماء بالنحو واللغة. مولده ووفاته بإشبيليّة. ينظر: الأعلام (5/62).
هل أملى ابن السكيت كتابه إصلاح المنطق أم ألفه ابتداء؟
أقول: إني قد وجدت في بعض نسخ إصلاح المنطق لابن السكيت الناسخَ يثبت عنوان الكتاب ثم يقول بعده: إملاء ابن السكيت وفي بعض النسخ الخطية يثبت الناسخ بعد العنوان: تأليف ابن السكيت، ويمكن الجمع بين هذا وذاك بأن يقال: إن أبا يوسف قد ألفه أولا ثم أملاه بعد ذلك، أو العكس أو يكون أحد الكلمتين خطأ من الناسخ.
[كتاب إصلاح المنطق أملاه ابن السكيت]:
[كتاب إصلاح المنطق تأليف ابن السكيت، برواية ثعلب]:
[سند كتاب إصلاح المنطق]:
قد وقفت على ثلاثة طرق كلهم قد رووا هذا الكتاب عن ابن السكيت وهم: عبد الله بن محمد بن رستم[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP])، وأبو عصيدة: أحمد بن عبيد الله بن ناصح ، وبُنْدار بن عبد الحميد أبو عمر الكرخي.
ينظر: فهرس ابن عطية ص (103)، و (76)، وفهرسة ابن خير الإشبيلي ص (296) و(297)، برنامج الوادي آشي (309)، المعجم المفهرس (تجريد أسانيد الكتب) (1/411) وكنيته في الأخير [أبو حميد].
والطريق الثالث: قد جاء في كتاب شرح أبيات إصلاح المنطق للسيرافي ص (49) يقول: وفي النسخة التي رواها أبي رحمه الله عن ابن أبي الأزهر عن بُنْدارٍ عن يقوب.
وهذا الطريق جاءت عليه نسخة كوبريلي (ك) في إستانبول تحت رقم (1208) وتاريخها سنة 444، وجاء فيها: ... يقول السيرافي: قرأت على أبي بكر بن أبي الأزهر، وقابلت بأصله، قال: قرأت على بندار بن لُرَّة قال: [قرأت على أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت] قال: هذا باب فَعْل وفِعْل باختلاف المعنى. مقدمة تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة.
والنسخة المطبوعة التي نشرت هي رواية ابن رستم عن ابن السكيت، والثانية لا نعلم عنها شيئا، وأغلب الظن أنها كانت رواية أهل المغرب والأندلس.
وقد وجدت ابن رستم يروى عن غير ابن السكيت كما جاء ذلك في فهرسة ابن خير الإشبيلي فقد روى كتاب "الفرق" لأبي محمد ثابت بن عبد العزيز بن أبي ثابت. وأخذه عنه أيضا تلميذه القاسم بن بشار الأنباري.
وكذلك روى ابن رستم عن ثابت كتاب خلق الإنسان. ينظر: فهرسة ابن خير ص (323)، و (324).
أما الرواية الثانية: فهي عن: أحمد بن <عبيد الله> بن ناصح بن بلنجر، الدَّيْلمي، الكوفي النحوي أبو جعفر، ويقال: له: "أبو عصيدة". ويختصر في كتب التراجم [عبيد الله] فيقال: [عبيد]، أدَّب ولد المتوكل "المعتز" العباسي كابن السكيت.
من كتبه: كتاب المقصور والممدود، وكتاب المذكر والمؤنث، "عيون الأخبار والأشعار"، "الزيادات في معاني الشعر لابن السكيت في إصلاحه". (ت278 تقريبا).
ينظر ترجمته في: نزهة الألباء في طبقات الأدباء (1/158)، معجم الأدباء (1/479)، بغية الوعاة (1/333)، الأعلام (1/166)، ومعجم المؤلفين (1/308).
وأحمد بن عبيد بن ناصح هو الذي ملأ ابن الأنباري في شرحه على المفضليات النقل عنه فهو نظير أبي عكرمة الضبي، وكلاهما من مصادر ابن الأنباري في شرح المفضليات.
وإذا جاء في شرح المفضليات: أحمد" هكذا فهو يعني ابن ناصح وكثيرا ما يقول ابن الأنباري في شرح المفضليات: قال أحمد، كذا، و لم يقل أحمد في هذا البيت شيئا، ورواه أحمد. وهو يقصده.
وذكر في كتب التراجم أنه أخذ عن الأصمعي. ولم يذكر فيما ذكر من الأشياخ: ابنَ السكيت، فلتضفه أنت لهم في نسختك، فلقد أبنتَ لك صحة هذا الطريق.
وفي كتاب تهذيب للغة (14/151) للأزهري يقول: وأخبرني المنذري عن القاسم بن محمد الأنباري عن <أحمد بن عبيد بن ناصح> قال: كنا نألف مجلس أبي أيوب ابن أخت أبي الوزير، فقال لنا يوما، <وكان ابن السكيت حاضرا>. وذكر قصة.
وفي تاج العروس (15/229): قال أبو عامر: قال لي عبد المحسن: ورأيت أنا نسخة من كتاب الألفاظ رواية أحمد بن عبيد بن ناصح، لمحمد بن عزير السجستاني.
قلت: واللام التي في "محمد" للملك أي نسخة يملكها محمد بن عُزَيْر_ وعزيز تصحيف عنها_ لكتاب الألفاظ لابن السكيت، وقد صرح هنا برواية أحمد بن عبيد ناصح لكتاب الألفاظ لابن السكيت. فخذها فإنها غالية!
وإني قد وجدت في بعض مخطوطات إصلاح المنطق لابن السكيت زيادات قد أخلَّتْ بها بعض نسخ الكتاب، وزيادات أشك في نسبتها لابن السكيت، وأعتقد أنها من تصرف النساخ والطلبة حال الإملاء من الشيخ، وفصلها عن الكتاب يحتاج إلى جهد كبير، وبحث وتفتيش، وقد نبه على ذلك السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق وهذه الزيادات شيء منها في نسخة ابن الأنباري ومن أخذ عنه، وجزء منها في نسخة بندار بن عبد الحميد الكرخي ومن أخذ عنه .
يقول السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق ص (49): وقد زاد قومٌ، قُرئ عليهم هذا الكتاب، شواهد كثيرة لم يذكرها يعقوب، ولا أحد ممن روى عنه، وأكثر ما يقع ذلك في النسخ الخراسانية والجَبَليَّة، وفي النسخة التي رواها أبي رحمه الله عن ابن أبي الأزهر عن بندار عن يعقوب أبيات زادها بُنْدار في الكتاب ليست عن يعقوب، وهي يسيرة. انتهى كلامه.
وهو هنا يشير إلى زيادات شعرية استشهد بها الشيوخ حال الإملاء والشرح فزاد التلاميذ في النص كلاما لم يقله ابن السكيت، إنما أدخل حال الشرح والإملاء، ولم يشر هنا السيرافي إلى زيادات نثرية.
وقد أشار السيرافي بعد ذلك إلى وجود زيادة في رواية ابن الأنباري ص (50)، وطريق ابن الأنباري هو طريقنا، الذي أسنده إلى ابن رستم إلى ابن السكيت.
وقد وجدت الدكتور قباوة في نشرته لكتاب الإصلاح قد أحسن وأجاد عن نشرة دار المعارف، كما سأبين لك في هذه القراءة، وأظن أن نشرة الدكتور قباوة هي التي سيعول عليها المحققون والباحثون في قابل الأيام.
[رواية الجواليقي لكتاب إصلاح المنطق]:
قد أخذ هذا الكتابَ الإمامُ أبو منصور موهوبُ بنُ أحمدَ [الجَوَاليقيُّ: هذا هو الصحيح عندي كما سيأتي] (ت540هـ) عن أبي زكرياء يحيى بن عليّ الخطيب (التبريزي) (ت502هـ) عن الرئيس أبي الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم <الكاتب> (ت448هـ) عن أبي [بكر] أحمد بن محمد بن الجراح (ت381هـ)، عن أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري (ت328هـ) عن أبيه (القاسم بن محمد الأنباري (ت305هـ) عن <عبد الله بن محمد بن رستم> (لا أعلم له سنة وفاة، ونقول: كان من علماء القرن الثالث) عن أبي يوسف يعقوب بن السكيت (ت244ه) قال... الكتابَ. ينظر: مقدمة مخطوط شستربيتي (3263).
وفي ترجمة هلال بن المحسن الكاتب. ينظر: تاريخ يغداد (16/117)، معجم الأدباء (6/2783).
وأحمد بن محمد بن الجراح، أبو بكر، (ت381هـ) هو: صاحب أبى بكر الأنبارىّ، وكان يروى أكثر تصانيفه ورواياته عنه. ينظر: إنباه الرواة (1/169).
والراجح عندي في النسبة أن يقال: [الجواليقي] بإسقاط "ابن" على أنه لقب له، وليس اسما للجدّ.
ينظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ت597هـ) (وابن الجوزي تلميذه) (1/706)، نزهة الألباء في طبقات الأدباء لعبد الرحمن الأنباري (ت577هـ) (1/293)، معجم الأدباء للحموي (ت626هـ) (6/2735)، البلغة للفيروزآبادي (ت817هـ) (1/300)، قال: المعروف بـ[الجواليقي].
وقد أدخله السمعاني في النسبة [الجَوَالِيقي] في الأنساب. ينظر: (3/370).
وهي بفتح الجيم والواو وكسر اللام. قال: هذه النسبة إلى الجواليق وهي جمع جوالق، ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها، ثم أدرج العلامة أبا منصور موهوب الجواليقي في النسبة. فتحققت من غير ذكر [ابن] على أنه لقب له ونسبة له وليس اسما للجد.
ينظر: اللباب في تهذيب الأنساب (1/301)، لب اللباب (1/69).
قال ابن الجوزي (وهو تلميذ الجواليقي) في تقوم اللسان: "الجُوَالق" بضم الجيم ولا يفتح في الواحد، إنما يفتح في الجمع، قرأت على شيخنا "أبي منصور" (يعني الجواليقي) قال: الجُوَالق أعجمي معرب. وأصله بالفارسية "كُواله" وجمعه: "جَوَالِق" بفتح الجيم، وهو من نادر الجمع.
قال سيبويه: قالوا: جوالقٌ وجواليقُ فلم يقولوا: جُوالقاتٌ. وفي المحكم لابن سيده (6/150): استغنوا عنه بجواليق. وذكر الجمع بالألف والتاء الفيروزآبادي في القاموس (872)، ضمن الجموع.
وقال القاضي عياض: الجوالق: شبه التابوت. ينظر: مشارق الأنوار (1/165). وفي القاموس ص (872): وعاء. وقال في ضبطه: الجِوالِقُ، بكسرِ الجيمِ واللامِ، وبضمِّ الجيمِ، وفتح اللامِ وكسرِها: وعاءٌ م، ج: جَوالِقُ، كصَحائِفَ، وجَواليقُ وجُوالِقاتٌ. وينظر: قول الشارح في التاج (25/129).
[نسخ سند الجواليقي كما جاء في نسخة تشستربيتي]:
تلا الشيخُ الإمام أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد <الجَوَاليقي>: قلتُ: قرأتُ على أبي زكرياء يحيى بن عليٍّ الخطيب [التبريزي] قال: أجازني الرئيس أبو الحسين* هلال بن المحسن الكاتب قال: أجازني أبو [بكر أحمد]* بن محمد بن الجراح قال: أجازني أبو بكر محمد بن القاسم بن بشَّار الأنباري، [عن] أبي (القاسم الأنباري) قال: أجازني عبد الله بن محمد بن رستم قال: أجازني أبو يوسف يعقوب [بن إسحاق] بن السكيت قال:....
صفحة العنوان: كتاب إصلاح المنطق. المعنى تصنيف أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت عن الشيخ الجواليقي عن الخطيب التبريزي عن هلال بن المحسن الكاتب عن أحمد الجراح عن ابن الأنباري عن عبد الله بن محمد بن رستم عن ابن السكيت مؤلف كتاب إصلاح المنطق قال... بسم الله نبدأ:
[سند الخطيب التبريزي لكتاب إصلاح المنطق كما جاء في تهذيبه]:
يقول الخطيب التبريزي في تهذيب إصلاح المنطق:
ينظر: تهذيب إصلاح المنطق له، ص 23، تحقيق: فخر الدين قباوة.
قلت: وهذا السند هو الذي عليه يعول الناس في التحقيق، وعليه السماع والقراءة في الكتاب من طريق ابن رستم عن ابن السكيت، ولم أقف على نسخة من الإصلاح جاءت على طريق أحمد بن عبيد بن ناصح.
وقد أسقطت النسخ التي اعتمد عليها الشيخان: أحمد شاكر. و عبد السلام هارون [ابن رستم]، وهو سند مبتور، والصواب إثبات ابن رستم، فليضف في نص الكتاب فهو الصحيح، كما جاء في رواية الجواليقي، بسند نازل والتبريزي بسند عالٍ.
البدء في المقصود
[1]: جاء في طبعة دار المعارف لكتاب إصلاح المنطق لابن السكيت ص 3: باب فَعْل وفِعْل باختلاف المعنى
قال أبو محمد القاسم ثم ذكر السند.
وهذا _والله أعلم_ تناقض ظاهر في النسخ، فالبدء بالتبويب ثم إرْدافه بسند الكتاب غريب! لأن هذا الترتيبَ جَعَلَ التبويبَ ليس من قول ابن السكيت أعني قوله: [باب فَعْل وفِعْل...] ثم قال سمعت أبا يوسف ... يقول: الحَمْل... إلى آخره.
والعكس هو الصحيح، وعلى العكس جاءت رواية الجواليقي فبدأت النسخةُ بالسند ثم أردفتِ التبويبَ، وفي هذا الترتيب نسبة التبويب إلى ابن السكيت في كتابه وليس كما صَوَّرته طبعة. دار المعارف، ونفس الخطأ قد وقع فيه الدكتور فخر الدين قباوة في نشرته ص (5)، فقد ذكر التبويب ثم ذكر سند الكتاب، والعكس هو الصحيح، فتأمل هذا فهو يفيدك.
[صورة طبعة دار المعارف]:
[صورة نسخة الجواليقي]:
وفي نسخة أبي علي القالي:
[2]: جاء في الطبعة ص 3: وأنشد الأصمعي: (ولم يذكر قائله).
وقد نسبه الشيخان في الحاشية: إلى [عمرو بن حسان].
وقد جاءت النسخة بإسناد المبهم، وبالتصريح بالنسبة:
فجاء في رواية الجواليقي: [أنشد الأصمعي لخالد بن حق الشيباني]:
وفي طبعة الدكتور قباوة ص (6) جاء مبهما أيضا.
[3]: قال الشيخان في الحاشية: ألحق بعد هذه الكلمة في هامش الأصل: قال العجاج [ثَبْتٍ إذا ما صِيح بالقوم وَقَرْ]. ص 4.
قلت: وهذا الذي جعله الشيخان في الحاشية جاء في رواية الجواليقي في نص الكتاب وليس في الحاشية كما جعله الشيخان، فهو في رواية الجواليقي، وتهذيب الخطيب التبريزي في نص الكتاب، وكثيرا مما ذكره الشيخان في الحاشية محله الصحيح ثني الكتاب، ولم يذكر هذا الشطر الدكتور قباوة في نص الكتاب وقال في الحاشية: في حواشي الأصل وك وس بقلم آخر. بيت من الرجز للعجاج. ص (6). فهو يرى أن شطر البيت ليس من الكتاب. والله أعلم.
[4]: وجاء في ص (5) من طبعة المعارف:
وفي النسخة الجواليقية جاء البيت تاما:
بأشهبَ من أبكارِ مُزْنٍ سحابةٌ *** وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ
ينظر: [6/ب]، ولم يشر إلى ذلك الدكتور فخر الدين قباوة حفظه الله في تحقيقه ص (7-8).
[5]: وجاء في ص 6 من كتاب إصلاح المنطق ط.الرابعة، دار المعارف: [الأزْل: القِدَم] بفتح الهمزة وسكون الزاي، وفي طبعة ثانية من الكتاب [الأزَل] بفتح الزاي، وها هي صورتها:
وفي نسخة الجواليقي [تشستربيتي رقم (3263) ورقة: 6/ب]: أسقط الناسخ كلمة [الأزل: القِدم]:
التعقيب: كلمة [والأزل: القِدَم] كلمة أراها مقحمة في النص، ليست من كلام ابن السكيت، وقد أنكرها جماعة من العلماء المتقدمين كابن الجوزي، والصفدي، والعسكري، وليست في رواية الجواليقي، ولا تهذيب الخطيب التبريزي، بل شكك فيها وأنكرها، وشكك في عربيتها صاحب "أصل السماع" الذي على نسخته حقق الشيخان الكتاب، أعني ابن فارس، فقد صرح بذلك في كتابه مجمل اللغة ومقاييس اللغة كما سيأتي، وإن نظر البصير المدقق يخبره من التأمل الأول أنها قلقة مقحمة في النص فالإزْل الوارد في الشعر بمعنى الكذب، وليس بمعنى القدم أو القديم، فما الذي جعلها بين كلمة الكذب والبيت المستشهد به على أن الإزْل بمعنى الكذب؟! أيضا كلمة [الأَزَل] على صيغة [فَعَل] بفتح العين، والباب الذي ذكرت فيه كلمة [الأزَل بمعنى القدم] هو باب [فَعْل] و [فِعْل] باختلاف المعنى. بسكون العين، إذن هي جاءت في غير بابها، لأنها على زنة [فَعَل] بفتحتين، وهذا أقوى الأدلة عندي على إقحامها في النص المحقق، وأستأنسُ بإسقاط رواية الجواليقي لها وإنكار ابن الجوزي، وتخطئة العسكري، وتشكيك ابن فارس في المجمل والمقاييس، ونفي الصفدي لأصالتها وعربيتها، فهي كلمة مولدة ليست عربية، نبرِّئُ ابنَ السكيت منها، وننسبها إلى أحد النسّاخ الجهلة من المتعصبين، والمخالفين لمنهج القرون الثلاثة الأُول، وفي إثبات عربية الأَزَل إثباتٌ للأزلية التي لم تأت في كتاب الله ولا سنة نبيه، بل الوارد الأولية صفة من اسمه الأول، فالكلمة أراها من المباحث العقدية أيضا، وللأسف الشديد أثبتها أيضا الدكتور قباوة في النص المحقق مع أنه قال في الحاشية عن [الأزَل: القدم]: سقط هذا المعنى من ك و س و م، ب: [أيضا الوزر]، وفي حاشية ك عن ابن السيرافي: [الأزل ليس بعربي، إنما ولَّدوه من قولهم: لا يزال ولم يزل، وليس بشيء]. انتهت الحاشية.
وكل هذا كان كافيًا في إسقاط هذه الكلمة من نص الكتاب المحقق، أو أنها تذكر في الحاشية ويتكلم عنها وما جاء في النسخ الأخرى.
وفي بعض طبعات دار المعارف جاءت الكلمة: [الأَزَل: فَعَل] وفي الطبعة الرابعة جاءت: [الأَزْل فَعْل] وهو خطأ مطبعي، وبيت ابن دارة جاءت الكلمة على [إِزْل: فِعْل: الكذب]، فلا معنى هنا أن نقول: [الأَزَل: القدم] ثم نستشهد به ببيت تأتي فيه الكلمة بمعنى الكذب، قال ابن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حبُّ ليلى ووُدُّها *** وقد كذبوا ما في مودتها إِزْلُ !!!
ولو زعمتَ أنها سُكِّنتْ لضرورة شعرية وأنها في البيت بمعنى القدم، لظهر لك فساد المعنى، وهيهات هيهات أن ينسب ذلك الهراء إلى عبد الرحمن بن دارة، أو أخيه سالم، ويكفيك تصريح العلماء على أنها ليست بعربية، وفي حاشية ط. المعارف نقل الشيخان كلام التبريزي في تهذيبه وهو:
ينظر: تهذيب إصلاح المنطق للتبريزي ص (36)، والإصلاح، ط. المعارف حاشية ص (6).
[تشكيك العلماء في عربية الأَزَل: بمعنى القِدَم]:
قد ذكرت لك أن كثيرا من العلماء قديما قد نبوا على أن كلمة الأزل والأزلية ليست عربية الأصل إنما هي كلمة مولدة، وسأسرد لك الآن بعض هذه النصوص القديمة التي تكلمت على هذه الكلمة، وعِذْرةً لك بأني أكثرت من الحديث عن هذه الكلمة لأني أرى فيها مبحثا عقديا، وأرى أنها من المباحث المشتركة بين أصول الدين وأصول العربية، يقول ابن الجوزي في تقويم اللسان ص (78):
قال أبو هلال العسكري: "وتقول العوام: شيء "أزَلي" أي قديم، ويصفون الله (تعالى) بالأزليَّةِ. وكل ذلك خطأ لا أصل له في العربية، وإنما سمعوا قول الناس: لم يَزَلْ الله موجودا ولا يزال، فبَنوا منه هذا البناء.
وقال: وفي بعض النسخ من "إصلاح المنطق": الأزَل: القديم، فإن كان ابن السكِّيتِ قاله فقد أخطأ، ليس الأزَلُ بشيء".
قلت (يوسف): وأنا أبرئ ابن السكيت من نسبة هذا الخطأ له، ونسبته إلى النساخ أولى عندي كما تقدم. والله أعلم.
وفي النسخة المطبوعة من الصحاح (4/1622) للجوهري: وأنشد يعقوب (يعني ابن السكيت)... والأَزَل بالتحرك: القدم، يقال أزلي.
وسأزيدك برهانا وآية على الآيات والبراهين السابقة، وهي أن نسخة الشيخين شاكر وهارون التي حقق عليهما الكتاب هي نسخة عليها سماع [أحمد بن فارس] صاحب مجمل اللغة ومقاييس اللغة، وقد قرئت عليه. وقد جاء في كتب أحمد بن فارس ما يفيد تشكيكه في هذه الكلمة فقال في مجمل اللغة (1/94): الأزل: القدم، تقول: هو أزلي، و[أرى الكلمة ليست بمشهورة]، وفيما أحسب أنهم قالوا للقديم: لم يزل، ثم نسب إلى هذا فلم يستقم إلا بالاختصار، فقالوا: يزلى ثم أبدلت الياء ألفاً، لأنها أخف فقالوا: أزلي، وهو كقولهم في الرمح: المنسوب إلى ذي يزن: أزني.
وقال في مقاييس اللغة (1/97): وأما الأزل الذي هو القدم فالأصل ليس بقياس، ولكنه كلام موجز مبدل.
وقال الصفدي في تصحيح التصحيف ص (100): قولهم: الأزَليّ قبْلَ خَلْقِه، ولم يزَلْ واحداً في أزَليّتِه، وكان هذا في الأزَل. قال: وذلك كله خطأ لا أصل له في كلام العرب، وإنما يريدون المعنى الذي في قولهم: لم يزَلْ عالِماً، ولا يصح ذلك في اشتقاق ولا تصريف، وقد أولِع بالخطأ في هذا أهل الكلام والمدعون لحدود المنطق، حتى غَرّ ذلك جماعة من الخطباء فأدخلوه في خطبهم، ولا يجوز لأحد أنْ يصِفَ اللهَ بغيرِ ما وصَفَ بهِ نفسَه في مُحْكَمِ وحْيه أو ما ثَبَت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو صحت الكلمةُ في الاشتقاق والتصريف.
[6]: جاء في كتاب إصلاح المنطق، ط. المعارف ص 245: "عمرو بن قَمِيَّة".
قلت: وهذا تصحيف، والصواب عمرو بن قَمِيئة. كسفينة (فَعِيلة) من غير همز، وهو شاعر جاهلي، وصاحب امرئ القيس.
[7]: [زيادة في النص ليست من كتاب إصلاح المنطق]: وجاء في طبعة دار المعارف من كتاب إصلاح المنطق [باب فُعَلَة] ص (427) وينتهي ص (429). وهي في ط. قباوة ص (675-678).
وقد كتب د. قباوة حاشية على هذا الباب فيقول: ورد هذا الباب مذيلا بالذي يليه في (ك.و.س.و.م) بعد الباب 114، وجاء كذلك في باب بعد الباب 110، مناسبا لما نص عليه التبريزي في التهذيب ص (520) س: فُعْلة وفُعَلة. وقبل هذا الباب فيها: [وهذا من كتاب المنطق]. وفوقه فيها عن نسخة [أنه من غير كتاب المنطق] وفي حاشية [ك] أنه ليس في نسخة السيرافي. وفي م: قال: هذا آخر الكتاب، وهذان البابان من أول الكتاب، هكذا وجدناه في نسخة أبي محمد.
قلت: الذي جاء في رواية أبي علي القالي هو أن هذا الباب ليس من كتاب إصلاح المنطق فقد جاء في نسختي الإسكوريال: [وهذا من كتاب آخر <غير المنطق>: باب فعلة. اعلم أنه .... إلى آخر قوله: [محتال]. وحينما عدت إلى كتاب تهذيب الإصلاح لم أجد هذا الباب [فُعَلَة] في الكتاب، فقد أسقطه الخطيب التبريزي من نسخته. ووجدته في نسخة الجواليقي مثبتا في النص.
وإني لَشَاكٌّ في هذا البابِ ومرتابٌ في إدْراجِه الكتابَ، والنافي عنده زيادة علم عن المثبت، فالنفي ليس على الجادة، ومجيء ذلك في نسختين يقوي نفي هذه الزيادة من كتاب الإصلاح.
وها هي ذي صورة نسخة الإسكوريال برواية أبي علي القالي، التي لم يعتمدها الشيخان شاكر وهارون في نشرة المعارف، ولم يعتمدها أيضا الدكتور قباوة في نشرته:
[المصدر: نسخة الإسكوريال لكتاب إصلاح المنطق، ورقة [134/ب].
وفي النسخة الثانية من مكتبة الإسكوريال التي اعتمدها الشيخان شاكر وهارون في طبعة المعارف جاء فيها [198/أ].
وقد أسقط الشيخان شاكر وهارون من نشرتهما ما جاء في نسخة الإسكوريال الثانية والذي يفيد بأن الكتاب قد تم وما جاء بعده ليس من كتاب الإصلاح إنما هو من كتاب آخر لابن السكيت، فأسقط الشيخ: «تم كتاب المنطق والحمد لله وهذا من غير كتاب المنطق، باب فُعْلة» فجاء في نشرة المعارف: «باب فَعَلة... » وأسقط الذي أثبته لك من نسخة الإسكوريال الثانية، ولم يشر الشيخان إلى هذا النص العزيز الذي جاء في نسختي الإسكوريال، والذي اعتمد الشيخ أحدهما. فجاء في طبعة المعارف:
وهاتان النسختان تختلف في الترتيب بالتقديم والتأخير عن النص الذي جاء في نشرة المعارف، فآخر كلمة جاءت في النسختين هي: امتلخ ضرسه. ثم يذكر الباب الذي ليس من كتاب الإصلاح وهو باب فعلة. الذي جعله الشيخان في ثني الكتاب ص (427) فالبابان اللذان ليسا من كتاب إصلاح المنطق كما جاء في النسختين هما:
«باب فُعْلة وفُعَلَة» و«باب ما أتى من الأسماء على فُعَلَة».
ينظر: ورقة [198] من نسخة الإسكوريال رواية أبي علي القالي.
[8]: [زيادة في النص]: تنتهي نسخة الجواليقي ونسخة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وأبي علي القالي بكلمة [الحرب خُدَعَة] وهي في طبعة دار المعارف ص (430). وفي طبعة د. قباوة ص (682). وقد أورد الشيخان المحققان شاكر وهارون زيادة بعدها ص (431-434) وهي في طبعة د. قباوة ص (683-688).
وهذه الزيادة قد صرحت بأني شاك في نسبتها لكتاب "إصلاح المنطق" وعلى أقل تقدير هي تصح لابن السكيت ولكن من كتاب آخر.
[9]: وفي طبعة دار المعارف من كتاب إصلاح المنطق سقط منها في ص (366) عنوان باب هو [باب المنسوب] وهو مثبت في نسخة الجواليقي، وكذا سقط من طبعة قباوة ص (570)، وكذا أسقطه الخطيب التبريزي في تهذيبه للإصلاح ص (579-774). وقد أتى الكلام في طبعة المعارف في ثِني باب آخر من فعيلة. فلينظر.
وسقط من طبعة دار المعارف عنوان باب هو [باب النبات] وهو مثبت في طبعة قباوة ص (571) وتهذيب إصلاح المنطق للتبريزي ص (759)، ومثبت في نسخة الجواليقي ورقة [445/ب].
وفي طبعة دار المعارف ص (375) من كتاب إصلاح المنطق سقط منها عنوان باب، هو مثبت في نسخة الجواليقي ، ومثبت في طبعة قباوة ص (586) ومثبت في تهذيب إصلاح المنطق للخطيب التبريزي، وهذا العنوان هو: [باب الأسقية وأسمائها]. وفي طبعة المعارف أتى الكلام في أثناء باب طويل هو [باب آخر من فعيلة]، ولم يذكر العنوان الآنف ذكره.
وللحديث صلة إن قدر الله تعالى.
([1])هو عبد الله بن محمد بن رستم، أبو محمد، اللغوي، راوية ابن السكيت، من علماء اللغة في القرن الثالث الهجري، روى عن ابن السكيت كتاب "إصلاح المنطق"، و"الألفاظ"، وغير ذلك. وعنه أخذ القاسم بن محمد الأنباري كتاب "إصلاح المنطق". الذي حققه الشيخ أحمد شاكر وعبد السلام هارون في دار المعارف عن أصل قديم وجده في مكتبة مغمورة بالمنصورة. ولم يترجم له الزركلي في الأعلام، ولا كحالة في معجم المؤلفين، ومن ترجم لعالم فقد أحْياه وخلَّد ذكره!.
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد... فهذه قراءة في كتاب إصلاح المنطق لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، أقوم فيها بالمقابلة بين أجود نشرات الكتاب كنشرة الشيخين أحمد شاكر وعبد السلام هارون، ونشرة الدكتور فخر الدين قباوة، وبعض النسخ الخطية التي قد وُفِّقت بالوقوف عليها ولم يقف عليهما أحد من الأشياخ، وقد وقفت على نسختين خطيتين برواية عالمين كبيرين:
الرواية الأولى: هي رواية الإمام الجواليقي، في مكتبة تشستربيتي، برقم (3263) وصورتها:
وفي مقدمة هذه النسخة إسناد للجواليقي يقول فيها الناسخ: «تلى» (ولعلها «أملى» والثانية هي التي أرجحها) الشيخ الإمام أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد الجواليقي...
وفي آخر هذه النسخة فهرس بالأبواب التي جاءت في الكتاب، صنعه مالك النسخة وهو: محمد بن خالد بن خليل الأزهري ... سنة 1318. فقال المالك كما جاء في خاتمة الكتاب: "على ظهر أول صحيفة منه خط إمام الأدب أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي البغدادي اللغوي... وقد سمعه منه الشيخ الفاضل أبو علي فرج بن أحمد بن علي بن الأخوة قراءة تصحيح ...
وقد ذكر المالك أنه تحرى معرفة تاريخ نسخ هذه النسخة فلم يستطع الوقوف على تأريخ كتابتها فقال: والله أعلم في أي تاريخ كتب هذا الكتاب لأني تحريت آخره فلم أجد سنة كتابته ولا اسم كاتبه. إلى أن قال المالك: والظاهر أن هذا الكتاب بخط أبي علي فرج بن الأخوة كما يستدل من أوله، ومن كتابة الجواليقي على ظهر أول صحيفة منه، وعلى آخر صحيفة منه أيضا خط أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي شيخ الجواليقي المتقدم الذكر".
[صورة ما كتبه المالك في طرة الكتاب]:
جزء من الفهرس الذي صنعه مالك النسخة:
والرواية الثانية: هي رواية أبي علي القالي، وقد جاء في صفحة العنوان: «سفر فيه جميع إصلاح المنطق، تأليف/ أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت رحمه الله/ رواية أبي علي إسماعيل بن القاسم البغداذي».
وهي نسخة قُرئتْ على أبي علي الشلوبين، عمر بن محمد بن عمر الأزدري (ت645هـ) وعليها خطه وإجازته!.
وفي صفحة العُلْوان ثبت سماع للإمام اللغوي الشلوبين بخط يده، جاء في آخره:
«وكتب/ عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله الأزدي، في شهر ذي الحجة من سنة تسع وعشرين وست مائة».
قال الزركلي في ترجمته: عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله الأَزْدي، أبو علي، الشلوبيني أو الشلوبين: من كبار العلماء بالنحو واللغة. مولده ووفاته بإشبيليّة. ينظر: الأعلام (5/62).
هل أملى ابن السكيت كتابه إصلاح المنطق أم ألفه ابتداء؟
أقول: إني قد وجدت في بعض نسخ إصلاح المنطق لابن السكيت الناسخَ يثبت عنوان الكتاب ثم يقول بعده: إملاء ابن السكيت وفي بعض النسخ الخطية يثبت الناسخ بعد العنوان: تأليف ابن السكيت، ويمكن الجمع بين هذا وذاك بأن يقال: إن أبا يوسف قد ألفه أولا ثم أملاه بعد ذلك، أو العكس أو يكون أحد الكلمتين خطأ من الناسخ.
[كتاب إصلاح المنطق أملاه ابن السكيت]:
[كتاب إصلاح المنطق تأليف ابن السكيت، برواية ثعلب]:
[سند كتاب إصلاح المنطق]:
قد وقفت على ثلاثة طرق كلهم قد رووا هذا الكتاب عن ابن السكيت وهم: عبد الله بن محمد بن رستم[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP])، وأبو عصيدة: أحمد بن عبيد الله بن ناصح ، وبُنْدار بن عبد الحميد أبو عمر الكرخي.
ينظر: فهرس ابن عطية ص (103)، و (76)، وفهرسة ابن خير الإشبيلي ص (296) و(297)، برنامج الوادي آشي (309)، المعجم المفهرس (تجريد أسانيد الكتب) (1/411) وكنيته في الأخير [أبو حميد].
والطريق الثالث: قد جاء في كتاب شرح أبيات إصلاح المنطق للسيرافي ص (49) يقول: وفي النسخة التي رواها أبي رحمه الله عن ابن أبي الأزهر عن بُنْدارٍ عن يقوب.
وهذا الطريق جاءت عليه نسخة كوبريلي (ك) في إستانبول تحت رقم (1208) وتاريخها سنة 444، وجاء فيها: ... يقول السيرافي: قرأت على أبي بكر بن أبي الأزهر، وقابلت بأصله، قال: قرأت على بندار بن لُرَّة قال: [قرأت على أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت] قال: هذا باب فَعْل وفِعْل باختلاف المعنى. مقدمة تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة.
والنسخة المطبوعة التي نشرت هي رواية ابن رستم عن ابن السكيت، والثانية لا نعلم عنها شيئا، وأغلب الظن أنها كانت رواية أهل المغرب والأندلس.
وقد وجدت ابن رستم يروى عن غير ابن السكيت كما جاء ذلك في فهرسة ابن خير الإشبيلي فقد روى كتاب "الفرق" لأبي محمد ثابت بن عبد العزيز بن أبي ثابت. وأخذه عنه أيضا تلميذه القاسم بن بشار الأنباري.
وكذلك روى ابن رستم عن ثابت كتاب خلق الإنسان. ينظر: فهرسة ابن خير ص (323)، و (324).
أما الرواية الثانية: فهي عن: أحمد بن <عبيد الله> بن ناصح بن بلنجر، الدَّيْلمي، الكوفي النحوي أبو جعفر، ويقال: له: "أبو عصيدة". ويختصر في كتب التراجم [عبيد الله] فيقال: [عبيد]، أدَّب ولد المتوكل "المعتز" العباسي كابن السكيت.
من كتبه: كتاب المقصور والممدود، وكتاب المذكر والمؤنث، "عيون الأخبار والأشعار"، "الزيادات في معاني الشعر لابن السكيت في إصلاحه". (ت278 تقريبا).
ينظر ترجمته في: نزهة الألباء في طبقات الأدباء (1/158)، معجم الأدباء (1/479)، بغية الوعاة (1/333)، الأعلام (1/166)، ومعجم المؤلفين (1/308).
وأحمد بن عبيد بن ناصح هو الذي ملأ ابن الأنباري في شرحه على المفضليات النقل عنه فهو نظير أبي عكرمة الضبي، وكلاهما من مصادر ابن الأنباري في شرح المفضليات.
وإذا جاء في شرح المفضليات: أحمد" هكذا فهو يعني ابن ناصح وكثيرا ما يقول ابن الأنباري في شرح المفضليات: قال أحمد، كذا، و لم يقل أحمد في هذا البيت شيئا، ورواه أحمد. وهو يقصده.
وذكر في كتب التراجم أنه أخذ عن الأصمعي. ولم يذكر فيما ذكر من الأشياخ: ابنَ السكيت، فلتضفه أنت لهم في نسختك، فلقد أبنتَ لك صحة هذا الطريق.
وفي كتاب تهذيب للغة (14/151) للأزهري يقول: وأخبرني المنذري عن القاسم بن محمد الأنباري عن <أحمد بن عبيد بن ناصح> قال: كنا نألف مجلس أبي أيوب ابن أخت أبي الوزير، فقال لنا يوما، <وكان ابن السكيت حاضرا>. وذكر قصة.
وفي تاج العروس (15/229): قال أبو عامر: قال لي عبد المحسن: ورأيت أنا نسخة من كتاب الألفاظ رواية أحمد بن عبيد بن ناصح، لمحمد بن عزير السجستاني.
قلت: واللام التي في "محمد" للملك أي نسخة يملكها محمد بن عُزَيْر_ وعزيز تصحيف عنها_ لكتاب الألفاظ لابن السكيت، وقد صرح هنا برواية أحمد بن عبيد ناصح لكتاب الألفاظ لابن السكيت. فخذها فإنها غالية!
وإني قد وجدت في بعض مخطوطات إصلاح المنطق لابن السكيت زيادات قد أخلَّتْ بها بعض نسخ الكتاب، وزيادات أشك في نسبتها لابن السكيت، وأعتقد أنها من تصرف النساخ والطلبة حال الإملاء من الشيخ، وفصلها عن الكتاب يحتاج إلى جهد كبير، وبحث وتفتيش، وقد نبه على ذلك السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق وهذه الزيادات شيء منها في نسخة ابن الأنباري ومن أخذ عنه، وجزء منها في نسخة بندار بن عبد الحميد الكرخي ومن أخذ عنه .
يقول السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق ص (49): وقد زاد قومٌ، قُرئ عليهم هذا الكتاب، شواهد كثيرة لم يذكرها يعقوب، ولا أحد ممن روى عنه، وأكثر ما يقع ذلك في النسخ الخراسانية والجَبَليَّة، وفي النسخة التي رواها أبي رحمه الله عن ابن أبي الأزهر عن بندار عن يعقوب أبيات زادها بُنْدار في الكتاب ليست عن يعقوب، وهي يسيرة. انتهى كلامه.
وهو هنا يشير إلى زيادات شعرية استشهد بها الشيوخ حال الإملاء والشرح فزاد التلاميذ في النص كلاما لم يقله ابن السكيت، إنما أدخل حال الشرح والإملاء، ولم يشر هنا السيرافي إلى زيادات نثرية.
وقد أشار السيرافي بعد ذلك إلى وجود زيادة في رواية ابن الأنباري ص (50)، وطريق ابن الأنباري هو طريقنا، الذي أسنده إلى ابن رستم إلى ابن السكيت.
وقد وجدت الدكتور قباوة في نشرته لكتاب الإصلاح قد أحسن وأجاد عن نشرة دار المعارف، كما سأبين لك في هذه القراءة، وأظن أن نشرة الدكتور قباوة هي التي سيعول عليها المحققون والباحثون في قابل الأيام.
[رواية الجواليقي لكتاب إصلاح المنطق]:
قد أخذ هذا الكتابَ الإمامُ أبو منصور موهوبُ بنُ أحمدَ [الجَوَاليقيُّ: هذا هو الصحيح عندي كما سيأتي] (ت540هـ) عن أبي زكرياء يحيى بن عليّ الخطيب (التبريزي) (ت502هـ) عن الرئيس أبي الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم <الكاتب> (ت448هـ) عن أبي [بكر] أحمد بن محمد بن الجراح (ت381هـ)، عن أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري (ت328هـ) عن أبيه (القاسم بن محمد الأنباري (ت305هـ) عن <عبد الله بن محمد بن رستم> (لا أعلم له سنة وفاة، ونقول: كان من علماء القرن الثالث) عن أبي يوسف يعقوب بن السكيت (ت244ه) قال... الكتابَ. ينظر: مقدمة مخطوط شستربيتي (3263).
وفي ترجمة هلال بن المحسن الكاتب. ينظر: تاريخ يغداد (16/117)، معجم الأدباء (6/2783).
وأحمد بن محمد بن الجراح، أبو بكر، (ت381هـ) هو: صاحب أبى بكر الأنبارىّ، وكان يروى أكثر تصانيفه ورواياته عنه. ينظر: إنباه الرواة (1/169).
والراجح عندي في النسبة أن يقال: [الجواليقي] بإسقاط "ابن" على أنه لقب له، وليس اسما للجدّ.
ينظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ت597هـ) (وابن الجوزي تلميذه) (1/706)، نزهة الألباء في طبقات الأدباء لعبد الرحمن الأنباري (ت577هـ) (1/293)، معجم الأدباء للحموي (ت626هـ) (6/2735)، البلغة للفيروزآبادي (ت817هـ) (1/300)، قال: المعروف بـ[الجواليقي].
وقد أدخله السمعاني في النسبة [الجَوَالِيقي] في الأنساب. ينظر: (3/370).
وهي بفتح الجيم والواو وكسر اللام. قال: هذه النسبة إلى الجواليق وهي جمع جوالق، ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها، ثم أدرج العلامة أبا منصور موهوب الجواليقي في النسبة. فتحققت من غير ذكر [ابن] على أنه لقب له ونسبة له وليس اسما للجد.
ينظر: اللباب في تهذيب الأنساب (1/301)، لب اللباب (1/69).
قال ابن الجوزي (وهو تلميذ الجواليقي) في تقوم اللسان: "الجُوَالق" بضم الجيم ولا يفتح في الواحد، إنما يفتح في الجمع، قرأت على شيخنا "أبي منصور" (يعني الجواليقي) قال: الجُوَالق أعجمي معرب. وأصله بالفارسية "كُواله" وجمعه: "جَوَالِق" بفتح الجيم، وهو من نادر الجمع.
قال سيبويه: قالوا: جوالقٌ وجواليقُ فلم يقولوا: جُوالقاتٌ. وفي المحكم لابن سيده (6/150): استغنوا عنه بجواليق. وذكر الجمع بالألف والتاء الفيروزآبادي في القاموس (872)، ضمن الجموع.
وقال القاضي عياض: الجوالق: شبه التابوت. ينظر: مشارق الأنوار (1/165). وفي القاموس ص (872): وعاء. وقال في ضبطه: الجِوالِقُ، بكسرِ الجيمِ واللامِ، وبضمِّ الجيمِ، وفتح اللامِ وكسرِها: وعاءٌ م، ج: جَوالِقُ، كصَحائِفَ، وجَواليقُ وجُوالِقاتٌ. وينظر: قول الشارح في التاج (25/129).
[نسخ سند الجواليقي كما جاء في نسخة تشستربيتي]:
تلا الشيخُ الإمام أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد <الجَوَاليقي>: قلتُ: قرأتُ على أبي زكرياء يحيى بن عليٍّ الخطيب [التبريزي] قال: أجازني الرئيس أبو الحسين* هلال بن المحسن الكاتب قال: أجازني أبو [بكر أحمد]* بن محمد بن الجراح قال: أجازني أبو بكر محمد بن القاسم بن بشَّار الأنباري، [عن] أبي (القاسم الأنباري) قال: أجازني عبد الله بن محمد بن رستم قال: أجازني أبو يوسف يعقوب [بن إسحاق] بن السكيت قال:....
صفحة العنوان: كتاب إصلاح المنطق. المعنى تصنيف أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت عن الشيخ الجواليقي عن الخطيب التبريزي عن هلال بن المحسن الكاتب عن أحمد الجراح عن ابن الأنباري عن عبد الله بن محمد بن رستم عن ابن السكيت مؤلف كتاب إصلاح المنطق قال... بسم الله نبدأ:
[سند الخطيب التبريزي لكتاب إصلاح المنطق كما جاء في تهذيبه]:
يقول الخطيب التبريزي في تهذيب إصلاح المنطق:
ينظر: تهذيب إصلاح المنطق له، ص 23، تحقيق: فخر الدين قباوة.
قلت: وهذا السند هو الذي عليه يعول الناس في التحقيق، وعليه السماع والقراءة في الكتاب من طريق ابن رستم عن ابن السكيت، ولم أقف على نسخة من الإصلاح جاءت على طريق أحمد بن عبيد بن ناصح.
وقد أسقطت النسخ التي اعتمد عليها الشيخان: أحمد شاكر. و عبد السلام هارون [ابن رستم]، وهو سند مبتور، والصواب إثبات ابن رستم، فليضف في نص الكتاب فهو الصحيح، كما جاء في رواية الجواليقي، بسند نازل والتبريزي بسند عالٍ.
البدء في المقصود
[1]: جاء في طبعة دار المعارف لكتاب إصلاح المنطق لابن السكيت ص 3: باب فَعْل وفِعْل باختلاف المعنى
قال أبو محمد القاسم ثم ذكر السند.
وهذا _والله أعلم_ تناقض ظاهر في النسخ، فالبدء بالتبويب ثم إرْدافه بسند الكتاب غريب! لأن هذا الترتيبَ جَعَلَ التبويبَ ليس من قول ابن السكيت أعني قوله: [باب فَعْل وفِعْل...] ثم قال سمعت أبا يوسف ... يقول: الحَمْل... إلى آخره.
والعكس هو الصحيح، وعلى العكس جاءت رواية الجواليقي فبدأت النسخةُ بالسند ثم أردفتِ التبويبَ، وفي هذا الترتيب نسبة التبويب إلى ابن السكيت في كتابه وليس كما صَوَّرته طبعة. دار المعارف، ونفس الخطأ قد وقع فيه الدكتور فخر الدين قباوة في نشرته ص (5)، فقد ذكر التبويب ثم ذكر سند الكتاب، والعكس هو الصحيح، فتأمل هذا فهو يفيدك.
[صورة طبعة دار المعارف]:
[صورة نسخة الجواليقي]:
وفي نسخة أبي علي القالي:
[2]: جاء في الطبعة ص 3: وأنشد الأصمعي: (ولم يذكر قائله).
وقد نسبه الشيخان في الحاشية: إلى [عمرو بن حسان].
وقد جاءت النسخة بإسناد المبهم، وبالتصريح بالنسبة:
فجاء في رواية الجواليقي: [أنشد الأصمعي لخالد بن حق الشيباني]:
وفي طبعة الدكتور قباوة ص (6) جاء مبهما أيضا.
[3]: قال الشيخان في الحاشية: ألحق بعد هذه الكلمة في هامش الأصل: قال العجاج [ثَبْتٍ إذا ما صِيح بالقوم وَقَرْ]. ص 4.
قلت: وهذا الذي جعله الشيخان في الحاشية جاء في رواية الجواليقي في نص الكتاب وليس في الحاشية كما جعله الشيخان، فهو في رواية الجواليقي، وتهذيب الخطيب التبريزي في نص الكتاب، وكثيرا مما ذكره الشيخان في الحاشية محله الصحيح ثني الكتاب، ولم يذكر هذا الشطر الدكتور قباوة في نص الكتاب وقال في الحاشية: في حواشي الأصل وك وس بقلم آخر. بيت من الرجز للعجاج. ص (6). فهو يرى أن شطر البيت ليس من الكتاب. والله أعلم.
[4]: وجاء في ص (5) من طبعة المعارف:
وفي النسخة الجواليقية جاء البيت تاما:
بأشهبَ من أبكارِ مُزْنٍ سحابةٌ *** وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ
ينظر: [6/ب]، ولم يشر إلى ذلك الدكتور فخر الدين قباوة حفظه الله في تحقيقه ص (7-8).
[5]: وجاء في ص 6 من كتاب إصلاح المنطق ط.الرابعة، دار المعارف: [الأزْل: القِدَم] بفتح الهمزة وسكون الزاي، وفي طبعة ثانية من الكتاب [الأزَل] بفتح الزاي، وها هي صورتها:
وفي نسخة الجواليقي [تشستربيتي رقم (3263) ورقة: 6/ب]: أسقط الناسخ كلمة [الأزل: القِدم]:
التعقيب: كلمة [والأزل: القِدَم] كلمة أراها مقحمة في النص، ليست من كلام ابن السكيت، وقد أنكرها جماعة من العلماء المتقدمين كابن الجوزي، والصفدي، والعسكري، وليست في رواية الجواليقي، ولا تهذيب الخطيب التبريزي، بل شكك فيها وأنكرها، وشكك في عربيتها صاحب "أصل السماع" الذي على نسخته حقق الشيخان الكتاب، أعني ابن فارس، فقد صرح بذلك في كتابه مجمل اللغة ومقاييس اللغة كما سيأتي، وإن نظر البصير المدقق يخبره من التأمل الأول أنها قلقة مقحمة في النص فالإزْل الوارد في الشعر بمعنى الكذب، وليس بمعنى القدم أو القديم، فما الذي جعلها بين كلمة الكذب والبيت المستشهد به على أن الإزْل بمعنى الكذب؟! أيضا كلمة [الأَزَل] على صيغة [فَعَل] بفتح العين، والباب الذي ذكرت فيه كلمة [الأزَل بمعنى القدم] هو باب [فَعْل] و [فِعْل] باختلاف المعنى. بسكون العين، إذن هي جاءت في غير بابها، لأنها على زنة [فَعَل] بفتحتين، وهذا أقوى الأدلة عندي على إقحامها في النص المحقق، وأستأنسُ بإسقاط رواية الجواليقي لها وإنكار ابن الجوزي، وتخطئة العسكري، وتشكيك ابن فارس في المجمل والمقاييس، ونفي الصفدي لأصالتها وعربيتها، فهي كلمة مولدة ليست عربية، نبرِّئُ ابنَ السكيت منها، وننسبها إلى أحد النسّاخ الجهلة من المتعصبين، والمخالفين لمنهج القرون الثلاثة الأُول، وفي إثبات عربية الأَزَل إثباتٌ للأزلية التي لم تأت في كتاب الله ولا سنة نبيه، بل الوارد الأولية صفة من اسمه الأول، فالكلمة أراها من المباحث العقدية أيضا، وللأسف الشديد أثبتها أيضا الدكتور قباوة في النص المحقق مع أنه قال في الحاشية عن [الأزَل: القدم]: سقط هذا المعنى من ك و س و م، ب: [أيضا الوزر]، وفي حاشية ك عن ابن السيرافي: [الأزل ليس بعربي، إنما ولَّدوه من قولهم: لا يزال ولم يزل، وليس بشيء]. انتهت الحاشية.
وكل هذا كان كافيًا في إسقاط هذه الكلمة من نص الكتاب المحقق، أو أنها تذكر في الحاشية ويتكلم عنها وما جاء في النسخ الأخرى.
وفي بعض طبعات دار المعارف جاءت الكلمة: [الأَزَل: فَعَل] وفي الطبعة الرابعة جاءت: [الأَزْل فَعْل] وهو خطأ مطبعي، وبيت ابن دارة جاءت الكلمة على [إِزْل: فِعْل: الكذب]، فلا معنى هنا أن نقول: [الأَزَل: القدم] ثم نستشهد به ببيت تأتي فيه الكلمة بمعنى الكذب، قال ابن دارة:
يقولون: إِزْلٌ حبُّ ليلى ووُدُّها *** وقد كذبوا ما في مودتها إِزْلُ !!!
ولو زعمتَ أنها سُكِّنتْ لضرورة شعرية وأنها في البيت بمعنى القدم، لظهر لك فساد المعنى، وهيهات هيهات أن ينسب ذلك الهراء إلى عبد الرحمن بن دارة، أو أخيه سالم، ويكفيك تصريح العلماء على أنها ليست بعربية، وفي حاشية ط. المعارف نقل الشيخان كلام التبريزي في تهذيبه وهو:
[تشكيك العلماء في عربية الأَزَل: بمعنى القِدَم]:
قد ذكرت لك أن كثيرا من العلماء قديما قد نبوا على أن كلمة الأزل والأزلية ليست عربية الأصل إنما هي كلمة مولدة، وسأسرد لك الآن بعض هذه النصوص القديمة التي تكلمت على هذه الكلمة، وعِذْرةً لك بأني أكثرت من الحديث عن هذه الكلمة لأني أرى فيها مبحثا عقديا، وأرى أنها من المباحث المشتركة بين أصول الدين وأصول العربية، يقول ابن الجوزي في تقويم اللسان ص (78):
قال أبو هلال العسكري: "وتقول العوام: شيء "أزَلي" أي قديم، ويصفون الله (تعالى) بالأزليَّةِ. وكل ذلك خطأ لا أصل له في العربية، وإنما سمعوا قول الناس: لم يَزَلْ الله موجودا ولا يزال، فبَنوا منه هذا البناء.
وقال: وفي بعض النسخ من "إصلاح المنطق": الأزَل: القديم، فإن كان ابن السكِّيتِ قاله فقد أخطأ، ليس الأزَلُ بشيء".
قلت (يوسف): وأنا أبرئ ابن السكيت من نسبة هذا الخطأ له، ونسبته إلى النساخ أولى عندي كما تقدم. والله أعلم.
وفي النسخة المطبوعة من الصحاح (4/1622) للجوهري: وأنشد يعقوب (يعني ابن السكيت)... والأَزَل بالتحرك: القدم، يقال أزلي.
وسأزيدك برهانا وآية على الآيات والبراهين السابقة، وهي أن نسخة الشيخين شاكر وهارون التي حقق عليهما الكتاب هي نسخة عليها سماع [أحمد بن فارس] صاحب مجمل اللغة ومقاييس اللغة، وقد قرئت عليه. وقد جاء في كتب أحمد بن فارس ما يفيد تشكيكه في هذه الكلمة فقال في مجمل اللغة (1/94): الأزل: القدم، تقول: هو أزلي، و[أرى الكلمة ليست بمشهورة]، وفيما أحسب أنهم قالوا للقديم: لم يزل، ثم نسب إلى هذا فلم يستقم إلا بالاختصار، فقالوا: يزلى ثم أبدلت الياء ألفاً، لأنها أخف فقالوا: أزلي، وهو كقولهم في الرمح: المنسوب إلى ذي يزن: أزني.
وقال في مقاييس اللغة (1/97): وأما الأزل الذي هو القدم فالأصل ليس بقياس، ولكنه كلام موجز مبدل.
وقال الصفدي في تصحيح التصحيف ص (100): قولهم: الأزَليّ قبْلَ خَلْقِه، ولم يزَلْ واحداً في أزَليّتِه، وكان هذا في الأزَل. قال: وذلك كله خطأ لا أصل له في كلام العرب، وإنما يريدون المعنى الذي في قولهم: لم يزَلْ عالِماً، ولا يصح ذلك في اشتقاق ولا تصريف، وقد أولِع بالخطأ في هذا أهل الكلام والمدعون لحدود المنطق، حتى غَرّ ذلك جماعة من الخطباء فأدخلوه في خطبهم، ولا يجوز لأحد أنْ يصِفَ اللهَ بغيرِ ما وصَفَ بهِ نفسَه في مُحْكَمِ وحْيه أو ما ثَبَت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو صحت الكلمةُ في الاشتقاق والتصريف.
[6]: جاء في كتاب إصلاح المنطق، ط. المعارف ص 245: "عمرو بن قَمِيَّة".
قلت: وهذا تصحيف، والصواب عمرو بن قَمِيئة. كسفينة (فَعِيلة) من غير همز، وهو شاعر جاهلي، وصاحب امرئ القيس.
[7]: [زيادة في النص ليست من كتاب إصلاح المنطق]: وجاء في طبعة دار المعارف من كتاب إصلاح المنطق [باب فُعَلَة] ص (427) وينتهي ص (429). وهي في ط. قباوة ص (675-678).
وقد كتب د. قباوة حاشية على هذا الباب فيقول: ورد هذا الباب مذيلا بالذي يليه في (ك.و.س.و.م) بعد الباب 114، وجاء كذلك في باب بعد الباب 110، مناسبا لما نص عليه التبريزي في التهذيب ص (520) س: فُعْلة وفُعَلة. وقبل هذا الباب فيها: [وهذا من كتاب المنطق]. وفوقه فيها عن نسخة [أنه من غير كتاب المنطق] وفي حاشية [ك] أنه ليس في نسخة السيرافي. وفي م: قال: هذا آخر الكتاب، وهذان البابان من أول الكتاب، هكذا وجدناه في نسخة أبي محمد.
قلت: الذي جاء في رواية أبي علي القالي هو أن هذا الباب ليس من كتاب إصلاح المنطق فقد جاء في نسختي الإسكوريال: [وهذا من كتاب آخر <غير المنطق>: باب فعلة. اعلم أنه .... إلى آخر قوله: [محتال]. وحينما عدت إلى كتاب تهذيب الإصلاح لم أجد هذا الباب [فُعَلَة] في الكتاب، فقد أسقطه الخطيب التبريزي من نسخته. ووجدته في نسخة الجواليقي مثبتا في النص.
وإني لَشَاكٌّ في هذا البابِ ومرتابٌ في إدْراجِه الكتابَ، والنافي عنده زيادة علم عن المثبت، فالنفي ليس على الجادة، ومجيء ذلك في نسختين يقوي نفي هذه الزيادة من كتاب الإصلاح.
وها هي ذي صورة نسخة الإسكوريال برواية أبي علي القالي، التي لم يعتمدها الشيخان شاكر وهارون في نشرة المعارف، ولم يعتمدها أيضا الدكتور قباوة في نشرته:
[المصدر: نسخة الإسكوريال لكتاب إصلاح المنطق، ورقة [134/ب].
وفي النسخة الثانية من مكتبة الإسكوريال التي اعتمدها الشيخان شاكر وهارون في طبعة المعارف جاء فيها [198/أ].
وقد أسقط الشيخان شاكر وهارون من نشرتهما ما جاء في نسخة الإسكوريال الثانية والذي يفيد بأن الكتاب قد تم وما جاء بعده ليس من كتاب الإصلاح إنما هو من كتاب آخر لابن السكيت، فأسقط الشيخ: «تم كتاب المنطق والحمد لله وهذا من غير كتاب المنطق، باب فُعْلة» فجاء في نشرة المعارف: «باب فَعَلة... » وأسقط الذي أثبته لك من نسخة الإسكوريال الثانية، ولم يشر الشيخان إلى هذا النص العزيز الذي جاء في نسختي الإسكوريال، والذي اعتمد الشيخ أحدهما. فجاء في طبعة المعارف:
وهاتان النسختان تختلف في الترتيب بالتقديم والتأخير عن النص الذي جاء في نشرة المعارف، فآخر كلمة جاءت في النسختين هي: امتلخ ضرسه. ثم يذكر الباب الذي ليس من كتاب الإصلاح وهو باب فعلة. الذي جعله الشيخان في ثني الكتاب ص (427) فالبابان اللذان ليسا من كتاب إصلاح المنطق كما جاء في النسختين هما:
«باب فُعْلة وفُعَلَة» و«باب ما أتى من الأسماء على فُعَلَة».
ينظر: ورقة [198] من نسخة الإسكوريال رواية أبي علي القالي.
[8]: [زيادة في النص]: تنتهي نسخة الجواليقي ونسخة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وأبي علي القالي بكلمة [الحرب خُدَعَة] وهي في طبعة دار المعارف ص (430). وفي طبعة د. قباوة ص (682). وقد أورد الشيخان المحققان شاكر وهارون زيادة بعدها ص (431-434) وهي في طبعة د. قباوة ص (683-688).
وهذه الزيادة قد صرحت بأني شاك في نسبتها لكتاب "إصلاح المنطق" وعلى أقل تقدير هي تصح لابن السكيت ولكن من كتاب آخر.
[9]: وفي طبعة دار المعارف من كتاب إصلاح المنطق سقط منها في ص (366) عنوان باب هو [باب المنسوب] وهو مثبت في نسخة الجواليقي، وكذا سقط من طبعة قباوة ص (570)، وكذا أسقطه الخطيب التبريزي في تهذيبه للإصلاح ص (579-774). وقد أتى الكلام في طبعة المعارف في ثِني باب آخر من فعيلة. فلينظر.
وسقط من طبعة دار المعارف عنوان باب هو [باب النبات] وهو مثبت في طبعة قباوة ص (571) وتهذيب إصلاح المنطق للتبريزي ص (759)، ومثبت في نسخة الجواليقي ورقة [445/ب].
وفي طبعة دار المعارف ص (375) من كتاب إصلاح المنطق سقط منها عنوان باب، هو مثبت في نسخة الجواليقي ، ومثبت في طبعة قباوة ص (586) ومثبت في تهذيب إصلاح المنطق للخطيب التبريزي، وهذا العنوان هو: [باب الأسقية وأسمائها]. وفي طبعة المعارف أتى الكلام في أثناء باب طويل هو [باب آخر من فعيلة]، ولم يذكر العنوان الآنف ذكره.
وللحديث صلة إن قدر الله تعالى.
كتبه/ يوسف السناري
([1])هو عبد الله بن محمد بن رستم، أبو محمد، اللغوي، راوية ابن السكيت، من علماء اللغة في القرن الثالث الهجري، روى عن ابن السكيت كتاب "إصلاح المنطق"، و"الألفاظ"، وغير ذلك. وعنه أخذ القاسم بن محمد الأنباري كتاب "إصلاح المنطق". الذي حققه الشيخ أحمد شاكر وعبد السلام هارون في دار المعارف عن أصل قديم وجده في مكتبة مغمورة بالمنصورة. ولم يترجم له الزركلي في الأعلام، ولا كحالة في معجم المؤلفين، ومن ترجم لعالم فقد أحْياه وخلَّد ذكره!.