قراءة في الصحافة المغربية

إنضم
11/04/2006
المشاركات
157
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
رحلت إلى المغرب لتزور أم هاشم أهلها ويزور هاشم وفاطمة جدها وجدتهما (فلم يعد لهما جدّة هنا) ولأزور أصهاري. وأمضينا قرابة الثلاثة أسابيع ومنّ الله علي في هذه الرحلة بالتمتع بجمال المغرب سهولها ووديانها وجبالها وبحارها وأشجارها ورفقة أهلها (ورفقة ماجد) وخربشت كثيراً في الرحلة ونظمتها في مقالات نشرتها في صفحتي في الفيس بوك، وإليكم أحد هذه المقالات فإن أعجبكم نشرت غيره بإذن الله.
قراءات في الصحافة المغربية
حفلت الصحافة المغربية في أثناء زيارتي للمغرب بالكثير من القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية، وقد أتاحت لي القهوة الكحلا والمقاهي الكثيرة في الدار البيضاء وفي مراكش وأنزقان أن أقرأ وألخص وأعلق على هذه الكتابات وإليكم بعضها:
الجيش والإسلاميون.... تاريخ علاقات ملتبسة للكاتب محمد ضريف في صحيفة "المساء" العدد 1370 يوم 17 فبراير 2011م.
تناول الكاتب علاقة الإسلاميين بالجيوش والانقلابات في كل من مصر وتونس والسودان، وكيف كان الإسلاميون جزءاَ من انقلابات الجيوش في تلك البلاد ، ولكن لم يتم الأمر للإسلاميين فلم يستمر التحالف بينهم وبين الجيوش بل سرعان ما أطيح بهم وأخرجوا واضطهدوا وقمعوا في كل من مصر وتونس.
يقول الكاتب إن الإسلاميين كانوا جزءاً من حركة بن علي في تونس وحصل حزب النهضة على الترخيص كحزب سياسي وجرت الانتخابات ولما كان لهم وجود مهم (علمت من لقاء مع عبد الفتاح مورو عام 1989 أو 1996،وأرجح الأول أنهم اكتسحوا الانتخابات،وهنا افتعل بن علي أنه كان هناك مؤامرة للانقلاب فانقلب على الديمقراطية التي بشّر بها وأمسك البلاد بيد من حديد.
وكذلك فعل عبد الناصر كان الإخوان معه في الثورة ثم حاربهم حتى اعتقل عشرات الآلاف وقتل العديد من قادتهم.
وأتساءل كما تساءل محمد ناصر لماذا يقاتل الإسلام وتهب الشعوب مجاهدة وتطرد الاستعمار والحكام ثم تكون الثمرة لغيرهم ليحاربوهم وهو ما سمي ب "سرقة الثورة" فلماذا يخفق الإسلاميون من الوصول إلى الهدف؟ هل ينطبق عليهم الحديث الشريف: " المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم". أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة.ص.ج.6653,حسن. فهل يدرك الإسلاميون أو يتداركون الأمر. وبهذه المناسبة أذكر أنني لقيت رئيس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون فسألته عن موقف الغرب من الحكومات في الشرق الأوسط فقال لي أتعجب لماذا تقف الدول الغربية موقفاً معادياً من وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة، فقد قبلنا الشيوعيين والبعثيين والعلمانيين والقوميين ولكن الإسلاميين لم يعطوا فرصة لإثبات وجودهم. فقلت له أنت أمريكي وتقول هذا الكلام، قال ليت حكوماتنا تستمع لنا. قلت حتى أنتم؟ هل أنتم مثلنا؟ أو كلنا في الهم شرق.
صحيفة الشرق الأوسط والتفوق الإعلامي
نقلت إحدى الصحف المغربية مقالة لعبد الباري عطوان (تتلمذ في صحيفة المدينة المنورة) رئيس تحرير جريدة القدس العربي عن الإعلام المصري وتراجعه لصالح صحافة الجزيرة العربية وبالذات السعودية، ثم قناة الجزيرة القطرية، وتساءل هل يعود الإعلام المصري ليقود بعد أن يقوم بعملية تطهير حقيقية يحاسب الطحالب والمتسلقين والانتهازيين لا أن يسمح لهم بالاستمرار عملاً بالمثل "مع الخيل يا شقرا"(كتب فهمي هويدي أيضاً حول تطهير الإعلام المصري من الذين انقلبوا مع التيار) لقد كان هؤلاء كما أسماهم عطوان "عباد مبارك بالأمس واليوم أعداء مبارك وكافرون به" وقد عادي كثير من المصريين قناة الجزيرة منذ بدأت تتفوق على الجزيرة بسبب ما عاناه الشعب المصري من تكميم الأفواه وقمع ولكن العجيب أن يأتي التذمر والانتقاد لهذه القناة التي سحبت البساط من تحت الإعلام المصر في العهد البائد أساتذة جامعيون في مؤتمر عقد في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1426هـ (2006م)
وأحب أن أشير إلى ما جمعه أحد الكتاب في المملكة من مواقف عدد من كتاب الصحافة السعودية الذين كانوا ينادون بمساندة رئيس مصر المخلوع وهو وليد أبو الخير في مقالته المعنونة (مثقفون سعوديون من جنبها)(في صفحته بموقع تويتر وأعادت نشره الساحة العربية وغيرها من المواقع) وكان مما كتبه في تقديم مقالته "فقد كان متوقعاً أن ينحاز عدد كبير من كتاب ومثقفي وشيوخ السعودية ضد مصالح الأمة (بسقوط الأنظمة الاستبدادية) سيما مع قيام ثورتي تونس ومصر، لكن ما لم يكن متوقعاً أن يكون الانحياز بهذا السفور الواضح، وتلك المبررات الفجة والتي كان أبرزها ما أسميه بـ(فوبيا الإخوان المسلمين) أو المبرر الآخر وهو تفضيل بقاء الظلم على وقوع الفوضى." كما تناول الكاتب بعض المشايخ الذين عدّوا مبارك وغيره من الزعماء أولياء الأمور الذين يجب عدم الخروج عليهم مع علم الجميع ما تتعرض له الشعوب العربية من قهر وإذلال واستعباد على يد هؤلاء الحكام ومن على شاكلتهم,
أراجوز في أيد أمريكية ،مقالة بقلم زينب ريتاب نشرت في صحيفة المساء العدد (1370) يوم 17 فبراير 2011م
بدأت الكاتبة بتوضيح مكونات الدكتاتورية وهم:
- رجال الأعمال الذين يستغلون قربهم من النظام لإبرام صفقات مشبوهة وجمع الأموال الطائلة بطرق غير قانونية.
- الأجهزة الأمنية التي "تبتلع" نصيباً من ميزانية الدولة. وأتساءل لماذا سيارات وزارات الداخلية والاستخبارات في الدول العربية آخر موديل ويتم تبديل موديلاتها باستمرار، وتضيف الكاتبة" إن هذه الميزانيات كان الأحرى أن ينفق على قطاعات أهم كالتعليم والصحة وذلك ليس خدمة للشعب والحفاظ على أمنه وكرامته بل خدمة ل "النظام" وسطوته وإبقائه يقمع المواطنين وسلب عزتهم وكرامتهم."
- كبار ضباط الجيش الذين يستفيدون أيضاً من عدة امتيازات لضمان حيادهم ودعمهم، كما أنهم يمتلكون عدة شركات متعلقة بالجهاز العسكري وهذا ما يفسر أن الجيش لم يتخذ موقفاً حاسماً تجاه الثورة إلاّ بعد عدة أيام.
- الإعلام الرسمي الذي كان الوحيد عالمياً الذي يعطي صورة خاطئة عن الواقع أثناء الثورة.
وفي الختام تقول " إذا كان الديكتاتور زعيماً لهؤلاء البلطجية فإنه لا يعدو أن يكون دمية في أيدي أمريكية توجهها حسب مقتضيات مصالحها ورغباتها ثم ترميها حين تنتهي صلاحياتها (وهذا يذكرني برأي الدكتور عبد الخبير عطا حين أُقصي بورقيبة فقال لي يا مازن المسألة تغيير أحصنة)
البركان التونسي والنفاق الغربي: للكاتب حسن بن شليخة نشرت في جريدة "المساء" العدد 1358 في 3 فبراير 2011م.
نفاق الغرب أمر واضح ومعلوم، ولكن ما بالنا نطلب من الغرب وهو الذي يصدق عليه قول الشاعر
المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار
وصدق الشاعر الذي قال:
يقول لك الإفرنج والقول كاذب نريد لكن خيراً وهل يُكْرَه الخير
فما وعدوا والله إلاّ ليخلفوا وما عهدهم إلاّ على وعدهم غدر.
ويقول الكاتب:"لماذا خرست صحافة الغرب بل أسدلت ستار من حديد على اضطرابات تونس ومعها حكوماتها التي تتشدق دائماً بدعمها للحريات وحقوق الإنسان وقيم العدالة والديمقراطية لأن الغرب بكل بساطة لا يهمه ضياع القيم والمبادئ وخروقات حقوق الإنسان المتواصلة من طرف الحكام الديكتاتوريين بقدر ما يهمه وجود حكومات تسير في فلكه وتلتزم بتنفيذ مشاريعه وسياساته وتتقن نهب الثروات وتحسن القمع والتسلط وهتك الأعراض"
"فهمُّ فرنسا ليس الضحايا الشباب الذين سقطوا برصاص أصحاب القلوب الغليظة لأنها هي نفسها اغتالت شعوباً بأكملها في أفريقيا، لكن همها هو حرصها على التهدئة والحوار في تونس، بمعنى آخر فإن باريس لا يمكنها أن تبتلع فكرة سقوط الديكتاتوريين بن علي أشهر الحكام العرب الأميين والمجرمين وقطاع الطرق الذي جلبته إلى السلطة ولأنه عميلها وحارس "جنة الفساد" التي يتبول فيها الفرنسيون على كرامة التونسيين.
" إن الرعب الذي مارسه بن علي على شعبه من تعذيب واغتصاب واختفاء وخطف واغتيالات سياسية وإنهاء للحريات المدنية وإلغاء للنقابات وسرقة لأموال الدولة بالجملة، وسجن لأكثر من 350 ألف تونسي وبقائه في الحكم لمدة 23 سنة لا يمكن إلاّ أن يتبرأ منه الإنسان"
 
دكتور مازن حفظك الله
اسمح لي سأرد هذه المرة بطريقة مختلفة :
"هؤلاء كتبة صحف سطحيون لا يستطيعون تقييم الأمور ، ويهرفون بما لا يعرفون ، ومحرضون على ولاة الأمور ، كان الواجب أن يرجعوا إلى العلماء قبل أن يقولوا للحرامي حرامي ، وللظالم ظالم ، وللمفسد مفسد ، لا ويمكن أن يكونوا مأجورين لجهات خارجية مشبوهة"
وكل رحلة وأنت والعائلة الكريمة بخير
 
معذرة وأنا سأرد بطريقة مختلفة وهل كل من حكم تعده من ولاة الأمور وما هذه التعميمات الجزافية كما نقول في البحث العلمي أنصحك أن تراجع نفسك. وهل الشمس تحتاج إلى دليل؟ أهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي أعاد إلى بيت المال كلَّ ما أخذه منه حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " رحمك الله يا ابا بكر ومن يطيق ما تطيق، لقد أتعبت من جاء بعدك" أما إنهم لصوص فهل نكذب البنوك الدولية وما تقوله عن أرصدة هؤلاء، لو عددنا اللصوص لكانت القائمة طولها طول محيط الكرة الأرضية، وإن كنت لا تؤمن بالكروية فيمكن أن يكون طولها ما بين الأرض وأبعد الكواكب. وأخيراً ما أضاعنا إلاّ مثل تفكيرك العميق.
 
معذرة وأنا سأرد بطريقة مختلفة وهل كل من حكم تعده من ولاة الأمور وما هذه التعميمات الجزافية كما نقول في البحث العلمي أنصحك أن تراجع نفسك. وهل الشمس تحتاج إلى دليل؟ أهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي أعاد إلى بيت المال كلَّ ما أخذه منه حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " رحمك الله يا ابا بكر ومن يطيق ما تطيق، لقد أتعبت من جاء بعدك" أما إنهم لصوص فهل نكذب البنوك الدولية وما تقوله عن أرصدة هؤلاء، لو عددنا اللصوص لكانت القائمة طولها طول محيط الكرة الأرضية، وإن كنت لا تؤمن بالكروية فيمكن أن يكون طولها ما بين الأرض وأبعد الكواكب. وأخيراً ما أضاعنا إلاّ مثل تفكيرك العميق.
سامحك الله يا دكتور مازن ..... أعد النظر في كلامي
أما ردك هنا فالقذافي يقول:
أتحدى أن يثبت أحد أني أملك دولارا واحدا !
طبعا قصده أن الأطنان غير الدولار
وبعدين سامحك الله لو اقتدوا بأبي بكر رضي الله عنه فأين بيوت الأموال التي يمكن أن تتسع ....
 
أبا سعد رجعت إلى المنتدى فوجدتك كثير الجدال في هذا المنتدى، وليس لدي وقت أضيعه فارعوي يا رجل لديك بعض الاضطراب فوصمت كل من نقلت عنهم بأنهم سطيحون وذكرت ولاة الأمر فهل كان حسني ولي أمر وهل كان الشين الشين ولي أمر، وهل كل ولي أمر ولي أمر؟ أصلحني الله وإياك ولنوقف النقاش.
 
سامحك الله يا دكتور
يبدو أن زحمة الأحداث أفقدتنا التركيز فيما نقرأ
يا دكتور أنا وضعت الرد بين علامتي تنصيص ، أي أن منكري الحقائق سيردون عليك هكذا رد.
وليس هذا هو ما أعتقده فالحقائق لم تعد تخفى على أحد إلا على من لا يريد أن يرى و لا يسمع.
فهل اتضح لك موقفي وستغير رأيك عني أم سأبقى في نظرك مضطرب وكثير الجدال !؟

 
طرائف ولطائف من المغرب 1

طرائف ولطائف من المغرب 1

العداد ذي الحسابات الثلاث:
جميل أن يكون في المغرب عدد كبير من سيارات الأجرة الصغيرة التي تعمل بالعداد التي إن كان السائق أميناً دفعت ما يكافئ المشوار، والسيارة صغيرة أي لا تحمل أكثر من ثلاثة ركاب حتى لو كان الراكب الرابع طفلاً عمره سنتين مما يضطرك إلى استئجار سيارة أخرى وأحيانا لا تتوفر السيارة الأخرى. ولكن السائقين في المغرب يحبون أن يعملوا على خطوط معينة يكثر فيها الزبائن فقد يرفض السائق أن ينقلك إلى مكان غير ما يحب هو. وما أن تركب وتظن أنك استأجرت السيارة تفاجئ بأنك استأجرت مقعداً فقط، فالعداد له ثلاثة حسابات لكل راكب حساب. فقد كنت في معرض الكتاب في الدار البيضاء وحين خرجت من المعرض كان المطر ينهمر فبحثت عن سيارة فكان الجميع يسيرون في غير الاتجاه الذي أرغب الذهاب إليه حتى إني وعدت السائق أن أدفع له عشرة دراهم زيادة إن قبل، ومع ذلك فقد وجد ركاباً آخرين ومع ذلك فقد دفعت له الزيادة.
ويتحايل السائقون على النظام فلا تقف بعض سيارات الأجرة الصغيرة لعائلة أو مجموعة من ثلاثة أشخاص لأنه لن يكسب سوى مشواراً واحداً، وهنا تتحايل بعض الأسر بأن يتفرقوا حتى يمكنهم أن يركبوا معاً ولكن بأجرة ثلاثة ركاب. وأحياناً يغامر السائق بمخالفة النظام مقابل مبلغاً إضافياً.
المولد النبوي
يحتفل المغاربة بمناسبة المولد النبوي ويطلقون عليه عيد المولد النبوي ويقوم البعض بشراء ملابس جديدة للأطفال في هذه المناسبة، ويتبادلون التهاني وحتى الزيارات. كما يحصلون على إجازة يمين للاحتفال بالمولد. ويقام حفل بهذه المناسبة يحضره الملك وولي عهده وبعض إخوته، ويلقي فيه أحد العلماء كلمة بين يدي الملك يثني فيها على أمير المؤمنين وإنجازاته ويعرج فيها على السيرة النبوية الشريفة فيقول بضع كلمات عن سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ويلقي فيها الملك كلمة وتوزع بعض الجوائز العلمية والفكرية بهذه المناسبة.
وقد نشرت بعض لصحف المغربية أن الزاوية القدرية البوديشيشية ستقوم بحملات طبية مجانية بمناسبة المولد إحداها ختان الأطفال المحتاجين الفقراء حيث سيتم ختام مائتي طفل، وحملة طبية أخرى في طب العيون والقلب وصرف نظارات طبية للمحتاجين.
أما في بلاد عربية أخرى فتدور النقاشات كل سنة عن مسألة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومدى مشروعية ذلك أو عدمها بل تنتشر الكتابات وتكرر كتابات سابقة لتذكر بالحكم الصحيح في هذه المسألة. وقد حدث تطور عجيب في المملكة هذا العام وهو أن أحد تجار جدة أعلن في إحدى الصحف ذاكراً مناسبة المولد النبوي الشريف،وظهر هناك من اعترض على ذلك. ولكن يبدو أن بعض الجهات في بلادنا تريد أن تخفف القيود في مثل هذه القضايا.
قاتل الله الإعلام
أغادر المغرب وأنا أردد: البائعون عقولهم والبائعات والمؤجرون عقولهم والمؤجرات والذين لا عقول واللاتي.. قاتل الله الإعلام كيف يمسخ العقول فيعطلها أو يلغيها، أقول هذا وأنا أتذكر أنني بدأت ترجمة كتاب الرئيس على عزت بيجوفيتش رحمه الله (الإسلام بين الشرق والغرب) الذي تحدث فيه عن الإعلام الجماهيري وسيطرته على عقول الشعوب واستخدام علم النفس الجماهيري ليس لتوجيه الفكر والرأي ولكن ليصل المشاهد إلى المواقف التي تريدها الأنظمة أو مالكي القنوات التلفازية ويعتقدون أن تلك الآراء والمواقف نابعة من أنفسهم.
وفي المغرب استمعت إلى أحاديث بعض المغاربة عن الأوضاع السياسية في العالم العربي وأن المغرب بمنأى عن هذه الثورات لأن على رأس الدولة ملك ذكي فطن يعرف كيف يسوس بلاده وأنه عمل ويعمل الكثير من أجل شعبه. لم أشارك في معظم هذه الأحاديث لأنني تذكرت قصة حوار قديم دار بيني وبين زميل عمل كان قد درس في كلية فيكتوريا البريطانية عن الزعيم التركي فذكرت له كتاب (الرجل الصنم) وكيف فرض مصطفى كمال العلمانية في تركيا وحارب الإسلام، فأصر ذلك الزمي على أن مصطفى كمال (أتاتورك) –وكان يصر على هذا اللقب الذي يعني أبا الأتراك، هو الذي أسس تركيا الحديثة وهو الذي قاد حركة الاستقلال وأنه رجل عظيم. فترددت في النقاش معه لأنني عرفت أنه قد غسل دماغه تماماً ولا يرى الحقيقة إلاّ فيما درّسه أساتذته الإنجليز. وهنا من يستطيع أن يقنع بعض المغاربة أن المغرب تحتاج إلى إصلاح حقيقي، وأن عليهم أن لا يتركوا عقولهم بين أيدي الإعلام. فالمغرب لا يختلف كثيراً عن بقية الدول العربية في سياسات تكميم الأفواه وقمع المعارضين والبطش بهم وكأنهم كما وصفهم الحق سبحانه وتعالى (وإذا بطشتم بطشتم جبارين). ومن تكميم الأفواه أنني كنت أحضر مؤتمراً في تطوان عام 1417هـ(1997م) ووقفت أتحدث مع بعض الشباب المغربي وكان حديثاً صريحاً أعرب فيه الشباب عن معاناتهم فأسرع إلي أحد الأساتذة ليأخذني بعيداً وحذرني بأن بين الطلاب أعوان الشرطة ويقصد المباحث السرية.
وأذكر أنني شاهدت مظاهرة سلمية في الرباط وفجأة ظهر أعوان الشرطة بلباس مدني فافتعلوا نقاشاً أو جدالاً مع أحد الأشخاص الذين كانوا في مقدمة المسيرة أو المظاهرة ثم انهالوا عليه ضرباً وأوقعوه أرضاً وقد سالت دماؤه. فكم مظاهرة غيرها قمع المتظاهرون بأعنف مما رأيت.
ويكفيني منظر واحد لأتساءل لماذا يسكت الشعب المغربي حين يحشد الآلف من العلماء والوجهاء والأعيان ويرتدون زياً موحداً تقريباً ليحتفلوا بعيد جلوس الملك ويتقدموا إليه خاضعين بانحناءة تكاد تكون ركوعاً ويرددون مع شخص معين (الله يبارك في عمر سيدنا). ويصر كثير منهم على تقبيل يد الملك. والحقيقة أن الملك محمد السادس أراد إلغاء عادة تقبيل اليد ولكنه جوبه بمعارضة من بعض رجال القصر الذي يرون أن عدم التقبيل فيه غض من هيبة الملك أو المُلْك, فلا حول ولا قوة إلاّ بالله. وقد قرأت ذات مرة بيت شعر يرفض فيه الشاعر تقبيل اليد
أنا لا أقبل تقبيل يد قطــــــــــــــــــعها أولى من تلك القُبل
ولماذا لا يحتج المغاربة ولا تكاد صحيفة في المغرب تخلو من الحديث عن جرائم السرقة والنهب وإليكم بضعة أسطر مما كتبه رشيد نيني يوم(8 ربيع الآخر 1432هـ) 14 مارس 2011م العدد : 1390 حيث يقول:
"جميع الولاة والعمال يعرفون أن الاستثناءات المعمارية هي بمثابة الكنز الذي يستطيعون بفضله أن يتحولوا إلى أثرياء في ظرف وجيز، فالأمر لا يتطلب سوى توقيع بسيط، وبهذه الطريقة دخل الوالي السابق على مكناس تافيلالت، حسن أوريد، فقيرا وغادرها مليارديراً هو وأفراد عائلته. ولذلك، فمن يعرقل مرور هذا القطار المحمل بالذهب يكون مصيره الإبعاد أو الإقالة. وكل الولاة الذين أظهروا صلابة في الموقف أمام الهمة (وزير داخلية سابق ورئيس حزب سياسي دفعوا ثمن تصلبهم. ولذلك أصبح أغلب الولاة يفهمون أن وزير الداخلية الحقيقي هو الهمة وليس مولاي الطيب الشرقاوي المنشغل أكثر باقتناء الأراضي والعقارات والضيعات الفلاحية".
 
مراكش- شعوذة في ساحة الفنا وثعابين وغيرها

مراكش- شعوذة في ساحة الفنا وثعابين وغيرها

مراكش- ساحة الفنا: ثعابين وسحر وشعوذة([1])
زرت مراكش من قبل وأعجبني اللون الأحمر وأعجبني إلى حد ما يوجد في ساحة الفنا من ترفيه بعضه برئ وبعضه إضاعة للوقت وشعوذة وغير ذلك. ولكن تلك الزيارة في الليل الذي يصبح حيوياً ويكثر الزوار والسائحون من كافة الجنسيات. وعندما جئت إلى مراكش هذه المرة أتيحت الفرصة لي للإقامة في فندق له اسم غريب فهو السراب الملكي، ولم أعرف أن السراب يصلح أن يكون جزءاً من اسم، فالسراب ورد ذكره في القرآن الكريم بأنه خادع (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(سورة النور آية 49) فلماذا يختارون مثل هذه المسميات؟
أما داخل الفندق فيتميز بكثرة الزخارف والنقوش حتى إنني قدرت لو أن تكاليف هذه الزخارف والنقوش أنفقت على فقراء مراكش لكفتهم عاماً أو يزيد أو إنها لو أنفقت على عشرة آلاف فقير لكفتهم عامين وزيادة. وهنا تذكرت تلاوة الشيخ إبراهيم الأخضر يحفظه الله في صلاة الفجر، أعاده الله إلى ذلك المحراب، من سورة الزخرف فحين يقرأ قوله تعالى (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ (34) وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ)(الزخرف آيات 33_35) وما أجمل صوت الشيخ وأروعه وما أبدع قراءته فحين يقف على كلمة (وزخرفا) يهزك هزاً لتفكر في الزخارف ولم تنته بعد من التفكير في السقف من فضة والمعارج والأبواب والسرر.
وفي صبيحة يوم الأربعاء السادس من ربيع الأول 1432هـ(9فبراير 2011م) خرجت أبحث عن مقهى لتناول قهوة الصباح فدلفت إلى مطعم الفندق فوجدت أمريكية مخففة جداً مما لا يجعلها تستحق اسم قهوة، وإنما ماء مغلي أو حتى ساخن ولون أسود وقليل من المرارة، وقهوتي الكحلا لا بد أن تكون مرة مرارة شديدة لتعادل كما أقول بطرافة لتعادل حلاوة الحياة.
وسرت خطوات خارج الفندق تقارب النصف كيلو متر لأشرب فنجاناً من القهوة يعدل الرأس كما يقال ولكن بسعر أربع أو خمس فناجين في المقاهي العادية في الدار البيضاء أو فاس. ولكن لمراكش أسعار خاصة سأتحدث عنها في حينه.
وسألت عن جامع الفنا فأخبرنا بالشارع الذي نسير فيه وقد رأينا مئذنة الجامع أو صومعته كما يقول المغاربة فكانت تبدو قريبة ولكن ما أن بدأنا السير على الأقدام حتى اكتشفنا أن المكان بعيد ويزيد على اثنين من الكيلومترات ونظراً لأن معنا هاشم ابن الست سنوات وفاطمة ابنة الثلاث سنوات ونصف فقد اضطررنا للتوقف عدة مرات والجلوس على المقاعد المتوفرة في الطريق.
وهناك معلومات غزيرة في شبكة الإنترنت حول هذه الساحة ومتى أنشئت وما الهدف الأساسي من إنشائها وكيف تحولت إلى ساحة للهو والمرح والبيع حتى يصدق فيها المثل الأردني "كل في سوقه يبيع خروقه). هذه الساحة تأسست في عهد المرابطين في القرن الخامس الهجري وكانت ساحة للتسوق ثم تطورت الساحة ببناء مسجد الكتبية بعد قرابة قرن. وكانت الساحة لاستعراض الجيوش، ثم أصبحت تجمعاً لمربي الأفاعي والقرود والطيور وكل أنواع الحركات البهلوانية التي يتجمهر السياح لمشاهدتها ويصفقون ويضحكون، ويدفع بعضهم بقشيشاً لمقدمي الاستعراض.
وما أن وصلنا ساحة الجامع حتى شعرنا بالجوع الشديد ودلفنا إلى أحد المطاعم السياحية وكانت مقاعده وطاولاته مصنوعة من الحديد الذي يستخدم في البناء فكان منظره قبيحاً جداً ولكنه بلا شك متين جداً فيمكن استخدامه مدة خمسين سنة أو أكثر. وكأن صاحب المطعم ذهب إلى متجر للخردة فاشترى أسياخ الحديد وذهب إلى مصنع للحديد فكلفه أن يصنع الكراسي والطاولات ووضع عليها وسادة رفيعة مغطاة ببلاستيك خفيف. ورأينا قائمة الطعام وهالتنا الأسعار المبالغ فيها فهي والله أغلى من أفخم مطعم في لندن أو باريس أو نيويورك. وطلبنا الطعام وكان مستواه سيئاً سيئاً جداً، فدفعنا حوالي ثلاثمائة درهم أي حوالي مائة وخمسين ريالاً سعودياً. فأحد الصحون يتكون من قليل من اللحم المفروم يقال إنه مشوي لا يسوي خمسة ريالات فإذ بثمنه يزيد على ثلاثين ريالاً أما المكرونة فكانت بضع أعواد مسلوقة ومطحون عليها النعنع والريحان، وقطعة دجاج قيل إنها مشوية ومعها بعض الطماطم أو المطيشة وقليل من الخس(ينطقه المغالبة بالضم فيقولون خُس) وتجاوز ثمنها السبعين درهماً.
وأما الشاي فثمن البراد ثمانية عشر درهماً وحتى إن البراد لم يكن يصب بطريقة جيدة ففتحت الغطاء لأَصُب الشاي ولكن لعل جزءاً من ثمن الشاي هو للموقع ولارتفاع أجور المحلات التجارية.
وكان من نشاطاتنا في ساحة الفنا أن أكلنا ما يسمّى الببوش، وهي قواقع برية فيها حيوان يشبه الحلزون ويتم طهيه بأنواع معينة من الأعشاب وله طعم حار فبالإضافة إلى أكل لحم الحلزون يتم شرب السائل الذي طُبِخ فيه وقد يطلب الشخص،وهم كثر، زلافة أخرى أي زبدية أخرى. كما تناولنا إحدى وجبات الشواء في الهواء الطلق ومن ذلك الكباب والمرقاز أو الصجك وشربنا الحريرة مع الشباكية أو التمر المستورد في الغالب من تونس الذي يشبه التمر من نوع دقلة نور ذات الطعم المميز. كما شربنا عصير البرتقال الذي تتوفر محلات كثيرة لبيعه مع أنواع أخرى من العصير سوى الجزر.
وفي ساحة الفنا يكثر الشحاذون أو المتسولون واللصوص والمحتالون والنصابين، وكأن النصب والاحتيال مرتبط بالسياحة فإن المواقع السياحية التي تتحدث عن إحدى كبريات المدن السياحية في أوروبا مثل برشلونة فتحذر من النصابين والمحتالين واللصوص.
وفي الجهة المقابلة حديقة المنارة وبركتها الضخمة التي قيل أن الذي بناها هو السلطان الموحدي الأول عندما أمر بحفر بركتين إحداهما لسقي الدواب من أبقار وغيرها والثانية في بستانه الخاص وهو بستان ضخم سبحان مع جعله متنزهاً عاماً بعد أن كان خاصاً به. والبستان يحتوي الأشجار المثمرة وفيه ما لا يقل عن بضعة آلاف من شهر الزيتون. وكتب أحد سكان مراكش واصفاً هذه الحديقة بأنها " الفضاء الوحيد الذي تستغله الأسر المراكشية لقضاء أوقات سعيدة... نأتي إلى هنا كل يوم أحد، نتناول وجبة الغداء تحت الأشجار، ويقضي الأطفال وقتا ممتعا في لعب الكرة وركوب الجمال"، ويقال إن اسم المنارة ظهر في عهد المرينيين ثم عاد إلى الظهور في عهد السلطان العلوي نحمد ابن المولى عبد الرحمن وهو الذي قام بترميم الجدار الضخم المكون للسياج الذي يحمي 96 هكتارا من البساتين، وحسن تموينه المائي، وقام ببناء جناح ملكي ومركز حراسة، ومكان للخيول على أطراف بركة المياه الكبيرة الوسطى، والتي يبلغ طولها 200 متر وعرضها 150 مترا. ويتبدى الجناح الملكي على شكل بناية قليلة الزخرفة، أبعادها متواضعة، وجدرانها المبنية من الحجارة سميكة، وزواياها من الآجر، وسقفها الهرمي المربع ملبس بقرميد أخضر . وقد بني هذا الجناح على مستويين، طابق أرضي، عبارة عن قاعة مستطيلة مفتوحة على بركة المياه، وممددة إلى الخلف عبر غرفة انتظار، وطابق علوي (المنزه)، توجد به قاعة مربعة منعزلة تحوي شرفة كبيرة تطل على بركة المياه، وتتمدد أيضاً إلى الخلف عن طريق غرفة انتظار تتوفر على ثلاث نوافذ تنفتح على الجبل.
أما داخل القبة فهو يزدان بزخرفة هندسية بسيطة وملونة تنضح بهجة وعذوبة، وتقتصر على خيوط رفيعة من الصباغة، ألوانها زاهية على زوايا القبة الخارجية البارزة وحول النافذة. ويمتد الدرج الصغير، الواصل إلى الطابق، حتى مصطبة صغيرة، تستند على غرفة انتظار المنزه، وتقدم منظرا بديعا يطل على البستان الملكي الكبير، وعلى المناطق الداخلية، وعلى جبال الأطلس.
وملاحظة أخيرة إن الملوك يعرفون كيف يستأنسوا، وقد حكى القرآن عن فرعون (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ)(الزخرف 43) وعجيب أنها في السورة نفسها التي اقتبست بعض آياتها في سطوري السابقة.

 
دروس من الصحافة المغربية

دروس من الصحافة المغربية

أردت أن أنهي هذه السلسلة من المقالات عن الصحافة المغربية لكنني وجدت أنني جمعت عدداً كبيراً من المقالات والأخبار فالصحافة كما يقال هي مرآة الشعب، ولكن ليس كل مرآة مرآة، وقد قرأنا كيف كان الإعلام سلاحاً لكبت الشعوب وتجهيلها وإرهابها وتخويفها في العالم العربي. ومع كل ذلك فلا بد أن نقرأ ففي الأمة كتاب مخلصون لا يكتبون لإرضاء جيوبهم أو مخابيهم كما كان يصرح مدير جامعة الإمام محمد السالم (ملوا مخابيكم)
وفيما يأتي آخر دفعة من القراءات وأولها مقالة بعنوان "دور العلوم الإنسانية في تحليل وفهم المجتمعات المعاصرة" بقلم مصطفى الحسناوي" في صحيفة "المساء" يوم 11 مارس 2011م . بدأ مقالته بالتساؤل لماذا تفاجئ الحكام العرب بثورة شعوبهم عليهم وكانت إجابة الكاتب قوله أن هؤلاء الحكام "يجهلون شعوبه والمأساة هو أنهم قضوا عقوداً يسوسون شعوباً يجهلونها" ويرى أن الفرق بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة المستبدة أنّ الأولى تدرس شعوبها " لتكيّف أساليب حكمها ومؤسساتها ونظم قوانينها وخطاباتها مع وضعه البشري المتعدد والمتحول... أما الأنظمة الاستبدادية لا تدرس شعوبها لأنها " مطمئنة" إلى أنه كائن بالمجاز لا تتعدى آدميته حدود خوفه وتملقه ونفاقه"
ويرى الكاتب أن جهل الحكام العرب بشعوبهم هو " مناخ ثقافي يحتقر العلم والمعرفة ويحتقر الإنسان في المحصلة لأن الأنظمة التي تهتم بدراسة الإنسان هي نفسها التي تحتفي به بينما الأنظمة التي تحتقر الإنسان لا تدرسه بل تقمعه من أن يعبر ويعيش تعدد وضعه البشري كإنسان."
ويضيف الكاتب أن الإنسان العربي كان "مثار استغراب وسخرية الكثير من السياسيين والمثقفين في الغرب والذي يحيل على انعدام الحركية والجمود القاتل وعلى القَبُول القَدَري بحتمية الاستبداد" ويرى الكاتب أن الاستقلال أو ما سُمّي الاستقلال لم ينتج سوى"الدولة الأمنية القهرية التي سادت بقوة المخابرات والأجهزة الأمنية وظل معها كل نزوع إلى التحرر الفعلي والديمقراطية والمواطنة مؤجلاً إلى أجل"
ويقول الكاتب:" إن العلوم الإنسانية، إذن، ليست ترفاً فكرياً ولكنها ضرورة معرفية لفهم الواقع وأنماط وآليات اشتغاله وديناميته ومنهج تطوره، وأمام تحولات كالتي يشهدها العالم الربي حالياً تصير الحاجة إليها أكثر من مهمة"
وبالنسبة لأهمية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية فأحب أن أذكر مثالين، فقد أردت ذات يوم أن أحضر مؤتمراً في الصين دعا إليه معهد دراسات غرب آسيا وشمال أفريقيا المدعوم من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية عام 2000م، فدلفت إلى شبكة المعلومات الدولية لأعرف أكثر عن المؤتمر وعن الأكاديمية فرأيت صورة للأكاديمية عام 1947 وهي لا تتجاوز أربعة أو خمسة طوابق فقط، وفي عام 2000م أصبح مبنى الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أكثر من عشرين طابقاً، مما يدل على إدراك الحكومة الصينية للعلوم الاجتماعية والبحوث الاجتماعية وفهم الإنسان الصيني، بل سعت الصين من مؤتمرها عام 2000 الذي كان عنوانه (العولمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) الذي دعت له كبار المتخصصين في أنحاء العالم إلى فهم الشعوب الأخرى ودراستها.
والعلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية مكون أساسي لأي نهضة وهذا ما قاله أحمد بهاء الدين وهو يتحدث عن اهتمام اليابان بالعلوم الإنسانية وإيفادها شخصاً ليتعلم العربية ويتقنها ليتمكن من ترجمة مقدمة ابن خلدون إلى اللغة اليابانية من اللغة العربية مباشرة في كتابه (شرعية السلطة في العالم العربي ) الذي نشر في عام 1984(تاريخ كتابة مقدمة الكتاب):" وقتها كانت اليابان خارجة من كبوتها وهزيمتها في الحرب العالمية الثانية. لم تكن قد هجمت على العالم كله بعد بسياراتها وترانزيستوراتها وتلفزيوناتها وكل صناعاتها التي تذهل العالم وتزعزع أغنى الدول الصناعية الأخرى.
والبعض يظن – في سطحية – أن اليابان عكفت على إتقان هذه الصناعات وحدها، كلاً فنفس الجهد الذي كانت تبذله اليابان في مجال البحث العلمي والإنتاج الصناعي كانت تبذله –بالتوازي_ في مجالات البحث الأخرى كالعلوم الإنسانية وتترجم مقدمة ابن خلدون من العربية رأساً إلى اليابانية. عرفت اليابان قيمة الكلمة والورقة كما عرفت قيمة الجهاز الإلكتروني الصغير وبغير هذا ما كانت اليابان لتحرز ما أحرزته من تقدم مذهل. ففي حياة الأمم لم يحدث أبدأ أن تم التقدم في مجال واحد دون مجال. المجتمع أو الشعب إمّا أن يتقدم في كافة المجالات لأنها تكمل بعضها وإما أن لا يتقدم."(ص 8_9)
وقبل سنوات حضرت مؤتمراً في معهد قوته بالقاهرة عن الشباب العربي والشباب الألماني (5% عن الشباب الألماني والباقي عن الشباب العربي) فعرفت أن شركة شل (البترولية) تقدم منحة لمؤسسات بحثية في علم الاجتماع لدراسة أوضاع الشباب الألماني اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً كل ثلاث سنوات. وتنفق شركة شل مبالغ طائلة على هذه البحوث التي توجه الحكومة الألمانية والمؤسسات الألمانية للتعامل مع الشباب.
أما في العالم العربي فظللنا نرفض دراسة مشكلاتنا بل الحديث عنها في العلن وكأننا مبرءون من كل العيوب وأننا لا نشكو من شيء بل كل شيء على ما يرام حتى إن زلزالاً حدث في إحدى المناطق وقام بعض الصحفيين بتصوير الحدث فما كان من رئيس التحرير إلاّ أن اتصل بالوزير (وزير الإعلام) فأمره أن لا ينشر أي صورة عن الزلزال. واستمررنا في السكوت عن مشكلة المخدرات حتى أصبحت وباءً، وسكتنا عن بعض أنواع التطرف حتى ابتلينا كما ابتلي غيرنا بأنواع من التشدد والتطرف والعنف.
وفي مجال العلوم الإنسانية حملت الأخبار أن رئيس كيان اليهود كان في زيارة لتركيا فصحب معه ما لا يقل عن عشرين عالماً ولم يكونوا علماء ذرة أو كيمياء وإنما كانوا من أقسام علم الاجتماع والآداب والتاريخ وعلم النفس والعلوم السياسية. وهكذا فعل رئيس تركيا حين زار إسرائيل. وعلى الرغم من العدد الكبير من الرسائل الجامعية التي قدمت للجامعات الأجنبية حول القضايا الاجتماعية في العالم العربي وكذلك أن بلادنا العربية تستقبل عدداً كبيراً من الباحثين الأجانب من أوروبيين وأمريكيين وحتى يابانيين يأتون لدراستنا فلا نستفيد من هذه الدراسات بينما علمت من الدكتور طه جابر العلواني الذي أن الرسائل الجامعية كلها يتم إعداد ملخص لها يرسل إلى الدوائر الحكومية فتقرر إن أرادت الاطلاع على الدراسة كاملة، فأي بلد عربي يطلع على الرسائل الجامعية ليفيد منها لا لمراقبتها كما يحدث في بعض البلاد العربية التي شكلت الجامعات ووزارات الداخلية لجاناً أمنية لمراجعة الدراسات الجامعية.
 
عودة
أعلى