ضيف الله الشمراني
ملتقى القراءات والتجويد
قراءة في كتاب
(التعليق الحاوي لبعض البحوث على شرح الصاوي)
تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم المبارك رحمه الله المتوفى 1402هـ
الشيخ الفقيه العلامة محمد بن إبراهيم آل مبارك رحمه الله يعتبر خاتمة محققي المالكية في الأحساء والخليج
كتاب (التعليق الحاوي لبعض البحوث على شرح الصاوي) طبع في مطبعة الحلبي بمصر في ستة مجلدات كبار على نفقة الشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات - رحمه الله - قبل ثلاثين عاماً، أعطاني الشيخ - رحمه الله - كمية منه وزعتها على المشايخ في الرياض وأربعة كراتين الكرتون فيه أربع نسخ سلمتها لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله -.
أقول: كتاب (الشرح الصغير على أقرب المسالك) تأليف العلامة الفقيه الشيخ أحمد بن محمد الدردير المتوفي عام 1201هـ وصلي عليه في جامع الأزهر - رحمه الله - عليه حاشية للعلامة الفقيه أحمد بن محمد الصاوي المتوفي عام 1241هـ في المدينة المنورة - رحمه الله - له حاشية نفيسة باسم (بلغة السالك).
والكتاب الشرح الصغير والحاشية عباراته مضغوطة جداً فجاءت حاشية الشيخ محمد بن إبراهيم آل مبارك (التعليق الحاوي) بعلم جم غزير اعتنى فيها بالدليل والتعليل والإشارة للمخالفين في أكثر المواطن من المذاهب الأربعة، وفيه فائدة كبرى وهي مكاتباته ومراسلاته للمعاصرين وللشيخ ترجمات وتوجيهات تدل على سعة علمه وحلمه لا يعرف قيمة جهوده إلا الفقهاء المتبصرون، اللهم اجعلنا منهم، تأملت في هذه الحاشية فشدت انتباهي لما فيها من تحرير وتقرير ناتجين عن صفاء ذهن وتفكير وقد قرضها فحول علماء المالكية من مشارقة ومغاربة وأثنوا عليها وينطبق على الشيخ أنه يعلم فقه الواقع وفقه النوازل.
ففي المجلد الأول ص82 ذكر الشيخ - رحمه الله - قول شيخ الإسلام ابن تيمية في جواز المسح على المخرق ثم قال الشيخ: وهي فسحة في هذا العصر الذي ضعف فيه أمر الدين عند الكثير من الناس، فانظر إلى هذا الشيخ الفقيه المالكي لم يتشنج ولم يرد بل وجد لها مخرجاً لهذا العصر وهذا هو فقه الواقع.
ص84 في المسح على الشراب (الجوارب) الذي هو من قطن ونحوه فالمالكية لا يرون المسح عليه ولكن الشيخ يقول: فعليه يسن إفتاء الضعفة من النساء والعجزة بالمسح عليه تقليداً للإمام أحمد ولكن مع مراعاة بقية الشروط عند المقلَّد، بفتح اللام، وهذا كذلك من سعة أفق الشيخ رحمه الله.
ج2 ص62 وما بعدها في إدخال الجنازة المسجد والصلاة عليها فيه.
قال الشيخ - رحمه الله - لخبر أبي داوود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له قال في التسهيل يثاب على ترك الصلاة عليها فيه للقاعدة أنَّ تارك المكروه يثاب. وخبر أبي داوود ناسخ لصلاته - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء في المسجد ويؤيده عمل أهل المدينة أهـ. وفيه ما يفيد ضعف خبر أبي داوود وتأويله بمعنى لا شيء عليه وأنَّ عمر فعله بجنازة أبي بكر وصهيباً بجنازة عمر وعائشة بجنازة سعد وبعد كلام للشيخ طويل قال - رحمه الله -: قلت فلا ينبغي أن يشوش على الناس بالتزام المشهور وفي الأمر سعة والحمد لله. من أراد الاستفادة كاملة فليرجع وهذا من سعة علم الشيخ وأفقه.
ص97 وما بعدها في الحديث عن كتاب تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء للسيوطي.. الكلام في ذكر تنزيه مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن ضرب المثل بهم لدفع المعرة عن النفس أو الغير وفيه تقبيح ما يقع للشعراء من التشبيه لممدوحيهم بصفوة الله من خلقه وفيه عن الإمام السبكي أنه لا يجوز ذكر المخلوق بصفته على وجه الاستهانة والسب فانظره تستفد.
ومما فيه قوله: ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممن جاء به. وقد أنكر الرشيد على أبي نواس قوله:
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم
فإن عصا موسى بكف خصيب
وقال له: يا ابن اللخناء أنت المستهزئ بعصا موسى وأمر بإخراجه عن عسكره من ليلته، إلى أن قال: وعلى هذا المنهج فتيا إمامنا مالك بن أنس - رحمه الله - وأصحابه ففي النوادر من رواية ابن أبي مريم في رجل عيَّر رجلاً بالفقر فقال: تعيرني بالفقر وقد رعى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغنم. فقال مالك: قد عرَّض بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير موضعه أرى أن يؤدب. قال: لا ينبغي لأهل الذنوب إذا عوتبوا أن يقولوا قد أخطأت الأنبياء قبلنا. وقال عمر بن الخطاب لرجل: انظر لنا كاتباً يكون أبوه عربياً، فقال كاتب له: قد كان أبو النبي كافراً فقال: جعلت هذا مثلاً فعزله وقال: لا تكتب لي أبداً أهـ. ص234، 235 نقلاً عن الشفاء للقاضي عياض.
قلت فينبغي التنبيه لمثل هذا والتحذير منه وفي طبي ص255 ج11 في تفسير قوله تعالى: (وعصى آدم) الآية ما نصه: قال القاضي أبوبكر بن العربي: لا يجوز لأحد منا اليوم أن يخبر بذلك عن آدم إلا إذا ذكرناه في أثناء قوله تعالى عنه أو قول نبيه، فأمَّا أن يبتدئ ذلك من قبل نفسه فليس بجائز لنا في آبائنا الأدنين إلينا المماثلين لنا فكيف في أبينا الأقدم الأعظم الأكرم النبي المقدم الذي عذره الله سبحانه وتاب عليه وغفر له الخ، وهو بحث نفيس يغفل عنه كثير من العامة والخاصة.
قلت وكذلك سمعت وقرأت لبعض طلبة العلم أنه يرغب في الكتب والمراجع ليستخدمها في الكتابة فهذا لم يوفق وإلاَّ كيف يقول (ليستخدمها) بل كتب لي أحدهم هذه العبارة في حق القرآن الكريم وغضبت عليه ووبخته ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
هذه نماذج والأبحاث كثيرة وطويلة ولم أرد الاستقصاء فهذا له مكانه ولكن أتيت بهذه النماذج لأبين مكانة هذا العالم الجليل الفقيه المتبحر الورع الذكي الزكي الذي يستحق أن يقال عنه خاتمة محققي المالكية - رحمه الله - رحمة واسعة.
ملحوظة: نمت بعد صلاة الفجر في يوم الأربعاء الموافق 19-8-1429ه ورأيت الشيخ محمد بن إبراهيم آل مبارك - رحمه الله - جالساً في شبه خيمة وأمامه من خارج الخيمة عدد ليس بالقليل من الناس متجهة أنظارهم إليه وكان أحدهم واقفاً وكأنه يسأل الشيخ أو يعترض عليه وإذا بالشيخ - رحمه الله - يشير إليَّ بيده ويحيل ذلك الرجل إلىَّ بأن أجيبه. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
www.alismaeil.com
الرابط:
http://www.al-jazirah.com/100546/bo6d.htm
(التعليق الحاوي لبعض البحوث على شرح الصاوي)
تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم المبارك رحمه الله المتوفى 1402هـ
الشيخ الفقيه العلامة محمد بن إبراهيم آل مبارك رحمه الله يعتبر خاتمة محققي المالكية في الأحساء والخليج
كتاب (التعليق الحاوي لبعض البحوث على شرح الصاوي) طبع في مطبعة الحلبي بمصر في ستة مجلدات كبار على نفقة الشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات - رحمه الله - قبل ثلاثين عاماً، أعطاني الشيخ - رحمه الله - كمية منه وزعتها على المشايخ في الرياض وأربعة كراتين الكرتون فيه أربع نسخ سلمتها لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله -.
أقول: كتاب (الشرح الصغير على أقرب المسالك) تأليف العلامة الفقيه الشيخ أحمد بن محمد الدردير المتوفي عام 1201هـ وصلي عليه في جامع الأزهر - رحمه الله - عليه حاشية للعلامة الفقيه أحمد بن محمد الصاوي المتوفي عام 1241هـ في المدينة المنورة - رحمه الله - له حاشية نفيسة باسم (بلغة السالك).
والكتاب الشرح الصغير والحاشية عباراته مضغوطة جداً فجاءت حاشية الشيخ محمد بن إبراهيم آل مبارك (التعليق الحاوي) بعلم جم غزير اعتنى فيها بالدليل والتعليل والإشارة للمخالفين في أكثر المواطن من المذاهب الأربعة، وفيه فائدة كبرى وهي مكاتباته ومراسلاته للمعاصرين وللشيخ ترجمات وتوجيهات تدل على سعة علمه وحلمه لا يعرف قيمة جهوده إلا الفقهاء المتبصرون، اللهم اجعلنا منهم، تأملت في هذه الحاشية فشدت انتباهي لما فيها من تحرير وتقرير ناتجين عن صفاء ذهن وتفكير وقد قرضها فحول علماء المالكية من مشارقة ومغاربة وأثنوا عليها وينطبق على الشيخ أنه يعلم فقه الواقع وفقه النوازل.
ففي المجلد الأول ص82 ذكر الشيخ - رحمه الله - قول شيخ الإسلام ابن تيمية في جواز المسح على المخرق ثم قال الشيخ: وهي فسحة في هذا العصر الذي ضعف فيه أمر الدين عند الكثير من الناس، فانظر إلى هذا الشيخ الفقيه المالكي لم يتشنج ولم يرد بل وجد لها مخرجاً لهذا العصر وهذا هو فقه الواقع.
ص84 في المسح على الشراب (الجوارب) الذي هو من قطن ونحوه فالمالكية لا يرون المسح عليه ولكن الشيخ يقول: فعليه يسن إفتاء الضعفة من النساء والعجزة بالمسح عليه تقليداً للإمام أحمد ولكن مع مراعاة بقية الشروط عند المقلَّد، بفتح اللام، وهذا كذلك من سعة أفق الشيخ رحمه الله.
ج2 ص62 وما بعدها في إدخال الجنازة المسجد والصلاة عليها فيه.
قال الشيخ - رحمه الله - لخبر أبي داوود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له قال في التسهيل يثاب على ترك الصلاة عليها فيه للقاعدة أنَّ تارك المكروه يثاب. وخبر أبي داوود ناسخ لصلاته - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء في المسجد ويؤيده عمل أهل المدينة أهـ. وفيه ما يفيد ضعف خبر أبي داوود وتأويله بمعنى لا شيء عليه وأنَّ عمر فعله بجنازة أبي بكر وصهيباً بجنازة عمر وعائشة بجنازة سعد وبعد كلام للشيخ طويل قال - رحمه الله -: قلت فلا ينبغي أن يشوش على الناس بالتزام المشهور وفي الأمر سعة والحمد لله. من أراد الاستفادة كاملة فليرجع وهذا من سعة علم الشيخ وأفقه.
ص97 وما بعدها في الحديث عن كتاب تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء للسيوطي.. الكلام في ذكر تنزيه مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن ضرب المثل بهم لدفع المعرة عن النفس أو الغير وفيه تقبيح ما يقع للشعراء من التشبيه لممدوحيهم بصفوة الله من خلقه وفيه عن الإمام السبكي أنه لا يجوز ذكر المخلوق بصفته على وجه الاستهانة والسب فانظره تستفد.
ومما فيه قوله: ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممن جاء به. وقد أنكر الرشيد على أبي نواس قوله:
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم
فإن عصا موسى بكف خصيب
وقال له: يا ابن اللخناء أنت المستهزئ بعصا موسى وأمر بإخراجه عن عسكره من ليلته، إلى أن قال: وعلى هذا المنهج فتيا إمامنا مالك بن أنس - رحمه الله - وأصحابه ففي النوادر من رواية ابن أبي مريم في رجل عيَّر رجلاً بالفقر فقال: تعيرني بالفقر وقد رعى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغنم. فقال مالك: قد عرَّض بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير موضعه أرى أن يؤدب. قال: لا ينبغي لأهل الذنوب إذا عوتبوا أن يقولوا قد أخطأت الأنبياء قبلنا. وقال عمر بن الخطاب لرجل: انظر لنا كاتباً يكون أبوه عربياً، فقال كاتب له: قد كان أبو النبي كافراً فقال: جعلت هذا مثلاً فعزله وقال: لا تكتب لي أبداً أهـ. ص234، 235 نقلاً عن الشفاء للقاضي عياض.
قلت فينبغي التنبيه لمثل هذا والتحذير منه وفي طبي ص255 ج11 في تفسير قوله تعالى: (وعصى آدم) الآية ما نصه: قال القاضي أبوبكر بن العربي: لا يجوز لأحد منا اليوم أن يخبر بذلك عن آدم إلا إذا ذكرناه في أثناء قوله تعالى عنه أو قول نبيه، فأمَّا أن يبتدئ ذلك من قبل نفسه فليس بجائز لنا في آبائنا الأدنين إلينا المماثلين لنا فكيف في أبينا الأقدم الأعظم الأكرم النبي المقدم الذي عذره الله سبحانه وتاب عليه وغفر له الخ، وهو بحث نفيس يغفل عنه كثير من العامة والخاصة.
قلت وكذلك سمعت وقرأت لبعض طلبة العلم أنه يرغب في الكتب والمراجع ليستخدمها في الكتابة فهذا لم يوفق وإلاَّ كيف يقول (ليستخدمها) بل كتب لي أحدهم هذه العبارة في حق القرآن الكريم وغضبت عليه ووبخته ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
هذه نماذج والأبحاث كثيرة وطويلة ولم أرد الاستقصاء فهذا له مكانه ولكن أتيت بهذه النماذج لأبين مكانة هذا العالم الجليل الفقيه المتبحر الورع الذكي الزكي الذي يستحق أن يقال عنه خاتمة محققي المالكية - رحمه الله - رحمة واسعة.
ملحوظة: نمت بعد صلاة الفجر في يوم الأربعاء الموافق 19-8-1429ه ورأيت الشيخ محمد بن إبراهيم آل مبارك - رحمه الله - جالساً في شبه خيمة وأمامه من خارج الخيمة عدد ليس بالقليل من الناس متجهة أنظارهم إليه وكان أحدهم واقفاً وكأنه يسأل الشيخ أو يعترض عليه وإذا بالشيخ - رحمه الله - يشير إليَّ بيده ويحيل ذلك الرجل إلىَّ بأن أجيبه. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
www.alismaeil.com
الرابط:
http://www.al-jazirah.com/100546/bo6d.htm