أحمد العمراني
New member
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:آية من آيات الله ، يحث فيها الشارع الحكيم على التمسك بحبل الله والاعتصام به ، المتمثل في القرآن ثم سنة النبي العدنان اعتمادا على بيان النبي صل1 في قوله : " إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا بم تخلفوني فيهما ". [1] وأكده ايضا صل1 بألفاظ متباينة : " تركت فيكم مالم تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله " [2].وفي رواية بزيادة : " وعترتي ".[3].وفي رواية ( وسنتي ).[4]
ولعله من نافلة القول التأكيد على خطورة آفة الاختلاف والفرقة ، أو التأكيد على ما يجب فعله تجاه هذه الآفة، ولعل من أجمل ما قيل في الموضوع ما نقله الشاطبي في كتاب الاعتصام عن أحد العلماء قوله: " إن كل مسألة حدثت في الاسلام واختلف الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة ، علمنا أنها من مسائل الاسلام ، وكل مسألة حدثت وطرأت فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء ، وأنها التي عنى رسول الله صل1 بتفسير الاية : " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ".(الأنعام/ 159)
وقال أيضا:" وهو ظاهر في أن الاسلام يدعو الى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف، فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ".[5]
وهذا ما جاء من أجله التشريع، ولكن ليستبين الأمر جيدا لا بأس من إعطاء بعض الإيضاحات حول هذه الآفة التي شتتت شمل الأمة ومزقتها شر ممزق.
فحال الأمة اليوم ينبئ عن بعد كبير عن حبل الله، وعن اعتصام قائم على غيره وليس به .
فقد فرط المسلمون في حبل الله وتشبتوا بحبال مقطوعة، فهوت بالأمة الى الفرقة والشتات، إن لم نقل الهلاك وقد قال النبي الكريم صل1:" لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ".[6].
فاختلاف الأمة – مع الأسف الشديد - بين واضح إذ لا تكاد تجتمع على أمر حتى تفترق ، حتى شاعت فينا مقولة : " اتفقوا على أن لا يتفقوا ".
فهل إلى حل من سبيل؟، وهل يمكن للأمة أن تحلم أو تتخيل يوما ما تعود فيه إلى رشدها وتنبذ فيه الخلاف بينها وتهتدي الى طريق الاعتصام بحبل باريها؟.
لاستجلاء إمكانية ذلك من عدمه وجب الإقرار بأمر أساسي وهو أن الاختلاف بين بني الانسان عموما، وبين أهل الايمان خصوصا لا يمكن أن يزول وينقطع بالمرة، ولكن أيضا لا يمكن له –أي الاختلاف- أن يصمد أمام عزيمة الانسان المؤمن وقوة إيمانه بقدر ربه وحسن تطبيقه لشرعه، فإن كان ولا بد، فسيكون للتراحم أثناء الاختلاف أعظم الأثر في حسن تغيير القدر.
فالخلاف قدر في الأمة، وهو أمر أكدته نصوص الوحيين حيث يقول تعالى:" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ".(هود/118). ويقول رسول الله صل1 :" كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ".[7].
وروى جابررضي الله عنه قال: قال رسول الله صل1 لما نزلت الآية: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم" قال رسول الله صل1 : أعوذ بوجهك،" أو من تحت أرجلكم" قال: أعوذ بوجهك،" أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض" قال رسول الله صل1 :" هذا أهون أو هذا أيسر"[8]. وفي رواية : " هاتان أهون أو أيسر" أي خصلة الالتباس وخصلة إذاقة بعضهم بأس بعض.
-وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل1 أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِى مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلاً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ ( صلى الله عليه وسلم ) سَأَلْتُ رَبِّى ثَلاَثاً فَأَعْطَانِى ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِى وَاحِدَةً سَأَلْتُ رَبِّى أن لا يهلك أُمَّتِى بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا ".[9]
-وروى العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:" وعظنا رسول الله صل1موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب ، فقلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع، فما تعهد إلينا، فقال: قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا…".[10].
وإذا كان الخلاف الواقع في الأمة والتشيع والبأس القائم بين أفرادها من قدر الله فيهم، وأننا أينما ذهبنا وارتحلنا ومهما فعلنا وغيرنا فنحن في قدر الله، فلماذا لا نفر من قدر الله المتمثل في الخلاف الى قدر الله الآخر الذي هو التقليل منه أو محوه ، أو التراحم أثناءه أو بعده على الأقل اعتمادا على الفهم الصائب الذي فهمه وبينه عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه .
يروي لنا البخاري رحمه الله أن عمر بن الخطابرضي الله عنه خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رضي الله عنهوَأَصْحَابُه رضي الله عنهم، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاء قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنهادْعُ لِى الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَاب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِى الأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ ، فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ ، فَقَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ ، وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ ، فَنَادَى عُمَرُ فِى النَّاسِ إِنِّى مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ قَال َأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَفِرَاراً مِنْ قَدَر اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيَاً لَهُ عُدْوَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ الله ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَكَانَ مُتَغَيِّبا فِى بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى فِى هَذَا عِلْماً سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول :" إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ ".[11]
ومما تعلمناه من شريعة ربنا، أن الله ما خلق داء إلا وخلق له دواء، ولعله من المؤكد أن الخلاف من أكبر الأدواء، وأن دواءه موجود بتقرير النص الحديثي الذي يقول فيه رسول الله صل1:" ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء " [12] .
فإن لم يفد الدواء في القضاء على الخلاف فبالتأكيد أنه سيخفف من آلامه وينقص من طغيانه، ولن يكون ذلك إلا بالإرادة المبنية على العلم والتعلم وإحسان القصد والنية، ليصل الفرد الى المبتغى، وهو أن الاختلاف أمر طبعي ولكن التراحم أثناءه وبعده أمر ضروري. وهو ما فهمه السلف الصالح عند تأويل قوله تعالى:" ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" (هود/118).. قال عطاء ومقاتل ويمان:" أي للاختلاف خلقهم " وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك:" ولرحمته خلقهم "[13].
فمطلوب من الأمة أن تتراحم أثناء الاختلاف، وتسعى الى التقليل منه ما أمكنها من جهد وليس من سبيل الى ذلك الا بالرجوع الى الحل الذي قدمه المصطفى صل1 لأمته في قوله:"...فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجد وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة ..".[14]
وبالتأكيد أن الاعتصام بحبل الله المنصوص عليه في الآية " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ، والتمسك بالمنصوص عليه في هذه الأحاديث ليعد من الأمور المفيدة والمعينة على التقليل من الخلاف والاختلاف ، والميسرة للوصول الى وحدة هذه الأمة المشتتة والممزقة .
يقول ابن تيمية رحمه الله: "ولا يجوز التفرق بذلك بين الأمة ، ولا أن يعطى المستحب فوق حقه ، فإنه قد يكون من أتى بغير ذلك المستحب من أمور أخرى واجبة أو مستحبة أفضل بكثير ، ولا يجوز أن تجعل المستحبات بمنزلة الواجبات بحيث يمتنع الرجل من تركها ويرى أنه قد خرج من دينه أو عصى الله ورسوله ، بل يكون ترك المستحبات لمعارض راجح أفضل من فعلها ، بل الواجبات كذلك، ومعلوم أن ائتلاف قلوب الأمة أعظم في الدين من بعض المستحبات، فلو تركها المرء لائتلاف القلوب كان ذلك حسنا وذلك أفضل إذا كان مصلحة ائتلاف القلوب دون مصلحة ذلك المستحب..". [15].
وقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صل1 قال لها : " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية ( أو قال بكفر ) لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ، ولأدخلت فيها من الحجر ".
وفي رواية : " لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين باب شرقيا وبابا غربيا ، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر ، فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة " [16].
ومما اطلعت عليه من نصوص تؤكد حقيقة الاختلاف في واقع المسلمين وتبرره بحجج منطقية رائعة، نص حوار المأمون الخليفة العباسي مع أحد المرتدين .
-قال المأمون لمرتد الى النصرانية ، أخبرنا عن الشيء الذي أوحشك من ديننا بعد أنسك به، واستيحاشك مما كنت عليه، فإن وجدت عندنا دواء دائك تعالجت به، وإن أخطأ بك الشفاء ونبا عن دائك الدواء كنت قد أعذرت ولم ترجع عن نفسك بلائمة ، وإن قتلناك قتلناك بحكم الشريعة وترجع أنت في نفسك بالاستبصار والثقة وتعلم أنك لم تقصر في اجتهاد ولم تفرط في الدخول من باب الحزم.
-قال المرتد : أوحشني ما رأيت من كثرة الاختلاف فيكم.
-قال المأمون: لنا اختلافان: أحدهما كالاختلاف في الأذان، والتكبير في الجنائز، والتشهد، وصلاة الأعياد، وتكبير التشريق، ووجوه القراءات، ووجوه الفتيا، وهذا ليس باختلاف، إنما هو تخير وسعة وتخفيف من المحنة فمن أذن مثنى وأقام مثنى لم يخطئ من أذن مثنى وأقام فرادى، ولا يتعايرون بذلك ولا يتعايبون، والاختلاف الآخر كنحو اختلاف في تأويل الآية من كتابنا، وتأويل الحديث مع اجتماعنا على أصل التنزيل واتفاقنا على عين الخبر، فإن كان الذي أوحشك هذا حتى أنكرت هذا الكتاب، فقد ينبغي أن يكون اللفظ بجميع التوراة والانجيل متفقا على تأويله كما يكون متفقا على تنزيله، ولا يكون بين جميع اليهود والنصارى اختلاف في شيء من التأويلات: وينبغي أن ترجع الى لغة لا اختلاف في تأويل ألفاظها، ولو شاء الله أن ينزل كتبه ويجعل كلام أنبيائه وورثة رسله لا يحتاج الى تفسير لفعل ، ولكنا لم نر شيئا من الدين والدنيا دفع إلينا على الكفاية ، ولو كان الأمر كذلك لسقطت البلوى والمحنة ، وذهبت المسابقة والمنافسة ولم يكن تفاضل وليس على هذا بنى الله الدنيا.
-قال المرتد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن المسيح عبد ، وأن محمدا صادق وأنك أمير المؤمنين حقا.[17.
إنه من الأهمية بمكان بالنسبة لمسلمي اليوم أن يوقنوا أنهم لن يستطيعوا رفع الخلاف بإطلاق إلا إذا غيروا طبيعة الانسان ، وهذا غيرممكن ، إذ لا تكليف إلا بمقدور، والذي على المسلمين اليوم هو أن يعرفوا كيف يختلفوا ما دام الاختلاف أمرا مقضيا وأن يعرفوا كيف يتوافقوا.
إن الاسلام علم ويعلم أتباعه كيف يختلفون، كما لقنهم ويلقنهم الأصول التي عليها يجتمعون، وأتى بضوابطه المنهجية الأخلاقية التي على المسلمين الالتزام بها لمواجهة الاختلاف .
ولعل من أهم الضوابط المعينة على التعايش مع الاختلاف؛ الرجوع الى الهيئات المتخصصة في الأمور المختلف فيها واعتماد الرأي الأغلب الذي ينضبط له الجميع، واعتماد الجدال بالتي هي أحسن، وهذا يقتضي استخدام الكلمة المسؤولة استخداما أمينا، مع جمال التعبير والعرض، والتذرع بأخلاق أهل الايمان التي تنفر من الحقد والوقيعة وسوء الظن والجهر بالسوء والحوار المنصف.
ومما يتعين أيضا لمواجهة الاختلاف تحديد الأصول والفروع، وتقريرالأولويات فلا يؤدي التنازع على الجزئيات إلى إهدار الكليات وإغفالها.
فكثيرة هي النوافل المختلف فيها مع الأسف تسبب في ضياع فرائض وواجبات متفق عليها بل قد يحصل المحظور، فعلى المسلمين أن لا ينسوا أن ما يجمعهم أكبر وأكثر وأجل مما يفرقهم، ويستحضروا دائما أن ما ينتظرهم كثير، وأن كرامتهم لا تتحقق باختلافهم بقدر ما تتحقق بتآزرهم.
فأعداء المسلمين أينما وجدوا لن يندحروا- سواء كانوا أعداء ماديين" أعداء الحرية والسلم والسلام " أم معنويين " كالجهل والأمية والظلم وغير ذلك"- إلا إذا وضع المسلمون اليد في اليد، وفتحوا القلب على القلب، ولن يتم ذلك إلا بالقضاء على الفرقة والاختلاف والشتات الذي يمزق كيان الأمة .
يكفي أن يُعرف هذا ليحرص الجميع على أن يأخذ الاختلاف حجمه الصحيح ، فلا يتجاهله ولا يلغيه ، ولا يسمح له في نفس الوقت أن يتضخم ويتفاقم كأنه أصل الأصول وقضية القضايا.
فهل بهذا الفهم نستطيع القول لا للاختلاف ونعم للتراحم ، أو أن الأمر أكبر من نفوسنا، وأن السوء قد طغى علينا، وأصبحت أنفسنا هي القائدة ونحن المقودون ؟.
د/ أحمد العمراني
الجديدة -المغرب-
[1] -مسند احمد 11148/و11120/و11229، ومسلم في فضائل الصحابة ، والدارمي في فضائل القرآن 2/432.
[2]-صحيح مسلم رقم:3009، وسنن ابن ماجه رقم:3076، والمتنتقى لابن الجارود :2/125/وصحيح ابن حبان:1456/و3943، والطبراني في الكبير :3/66، وصحيح ابن خزيمة :5/255.
[3] -سنن الترمذي : 3802.
[4] -سنن الدارقطني :4/245.
http://vb.tafsir.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref5-[5] الاعتصام للشاطبي :2/232.
[6]-صحيح البخاري رقم:2410. والمعجم الكبير للطبراني 7/254/و10/145/ومسند احمد رقم:3916/و3812/و3917/و4373.
[7] -المستدرك على الصحيحين 2/480/رقم:3654و2/596/4009.
[8]-صحيح البخاري تفسير سورة الأنعام رقم:4628/و7213 وسنن ابن ماجه رقم:3954وصحيح ابن حبان:6713 ومسند احمد رقم:14399.
[9] -صحيح مسلم رقم:7442.
[10] -سنن ابن ماجه :42/43 وسنن الترمذي 16 باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع رقم:2586.
[11] -صحيح البخاري كتاب الطب باب 30 رقم:5729.
[12] -صحيح البخاري كتاب الطب باب 1 رقم:5678.
[13] -الجامع للقرطبي :9/115.
[14] سنن ابن ماجه رقم:42/43.
[15] -خلاف الأمة في العبادات لابن تيمية مجموعة الرسائل المنيرية :1/124.
[16] -صحيح البخاري كتاب الحج باب 4 رقم:1586.و7243.
[17] -البيان والتبيين للجاحظ:1/559.