رضا البطاوى
New member
قراءة فى بحث كيف كان القرآن شفاء لأمراض الإنسان وقاية وعلاجاً
المؤلف عمر سليمان الأشقر وهو يدور حول العلاج بالقرآن وقد استهل البحث بتعريف الصحة وذكر الآيات التى تبين أن القرآن شفاء فقال :
"فإن الصحة والمرض حالتان تعتوران الإنسان. وقد عَرَّف عبد اللطيف البغدادي هاتين الحالتين بقوله: "الصحة هيئة بدنية تكون الأفعال معها سليمة، والمرض حالة مضادة للصحة" .
والإنسان يكون صحيحاً إذا كان على الحال الذي خلقه الله عليها في بدنه وروحه. فإذا خرج عن الحال الذي فطر الله العباد عليها اعتل بدنه واعتلت روحه، واحتاج إلى معالجة حتى يتعافى بعودته إلى الخلقة السوية. وخير ما تعالج به الأمراض القرآن الكريم، وقد دل على أن القرآن شفاء نصوص من القرآن، قال الله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) .
وقال:(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) .
وقال تبارك وتعالى: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) .
وطرح الرجل سؤالا عن كيفية كون القرآن شفاء وأجاب فقال :
"كيف كان القرآن شفاء؟
وقد يسأل سائل عن أبعاد المعالجة بالقران، فيقول: هل كون القرآن شفاء على حقيقته؟ أم أن ذلك واقع على طريق المجاز؟ وهل يعالج أمراض القلوب والأرواح فحسب؟ أم يمتد العلاج به إلى أمراض الأبدان؟ وإذا كان العلاج ممتدا به إلى أمراض الأبدان فما وجه المعالجة به؟ وكيف يكون علاجا؟
والجواب :أن القرآن علاج باعتبارات متعددة:
أولاً : معالجته لأمراض النفوس والقلوب:
أما معالجة القرآن لأمراض النفوس والقلوب فإنه تفرد بذلك دون سواه، ومعالجة البشر بأفكارهم ونظرياتهم ومباحثهم لهذه الأمراض موهومة تدخل في باب الأوهام والخيالات في كثير من الأحيان. وقد يظن البشر أنهم يقدمون الدواء في هذه المجالات، وهم في الحقيقة يفسدون ويُمْرضون من حيث ظنوا الإصلاح.
إن إدراك حقيقة الروح وحقيقة الأمراض التي تُمْرضها وتُميتها، والأدوية التي تُصلحها وتجلب لها العافية ليس في طاقة البشر أن يعرفوه ويعلموه، فعلمهم في هذا المجال أقل من القليل. وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .
إن البشر لا يعلمون حقيقة الروح، فكيف يعرفون طريقة معالجتها؟ إن الذي أنزل القرآن شفاءً لأرواحنا هو خالق هذه الأرواح ومبدعها، وهو العالم بما يصلحها ويفسدها.
يقول ابن القيم مبينا أن علاج الأرواح إنما هو للوحي السماوي المنزل على الرسل والأنبياء دون غيرهم: "فأما طب القلوب فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم، وعلى أيديهم. فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأحكامه، وأن تكون مُؤْثرة لمرضاته ولمحابه، متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرسل، وما نظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم فغلط ممن يظن ذلك. وإنما ذلك حياة نفسه البهيمية الشهوانية وصحتها وقوتها، وحياة قلبه وصحته وقوته عن ذلك بمعزل. ومن لم يميز بين هذا وهذا فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره فإنه منغمس في بحار الظلمات" .
وعملية إصلاح النفس الإنسانية أطلق عليها القرآن "تزكية النفس". وعملية إفساد هذه النفس سماها "بتدسية النفس" وأقسم الحق تبارك وتعالى أقساما سبعة في مطلع سورة الشمس على أن المفلح من زكى نفسه، والخائب الخاسر من دساها فقال:
(والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، والنهار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها، والسماء وما بناها، والأرض وما طحاها، ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكَّاها، وقد خاب من دساها) .
وقال في موضع آخر : (قد أفلح من تزكى) .
وقال لموسى عندما أرسله إلى فرعون: (إذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى) .
ولما كان القرآن هو طب القلوب وأدواءها، وبه تتحقق تزكية النفوس والأرواح. فإنه بمثابة الروح لأرواحنا، والنور لبصائرنا. (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) .
فأنت ترى أن الله وصف الوحي بوصفين؛ الأول: أنه روح، والثاني: أنه نور. وبالروح تكون الحياة، وبالنور تكشف الظلمات. ولذا فإن الله يحي بهذا القرآن من ماتت قلوبهم وعميت بصائرهم بالكفر والضلال.
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) .
وأمراض القلوب التي أنزل القرآن شفاء لها نوعان: أمراض شبهات تجعل الإنسان في حيرة وقلق وضياع، وأمراض شهوات، فأمراض الشبهات مذكورة في مثل قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) .
وأمراض الشهوات مذكورة في مثل قوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) .
وهذان النوعان من أمراض القلوب أصل فساد العبد وشقائه في معاشه ومعاده. وشفاؤه في معرفته لربه، واستقامته على طاعته، والبعد عما نهى عنه، وحذر منه.
وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم في الحديث عن أدواء القلوب وكيفية معالجتها، ولى في ذلك رسالة لطيفة ضمنتها كتابي الموسوم، "محاضرات إسلامية هادفة"، (ص127-146)، بعنوان: "منهج الإسلام في تزكية النفس".
ولا يفوتني هنا أن أبين أن أكثر أمراض النفوس إنما تأتي من الشيطان، والنفس الأمّارة بالسوء. فالشيطان يستعين على بلوغه غرضه من الإنسان بالنفس الأمّارة بالسوء. وليس من طريق للخلاص من الشيطان إلا بالالتجاء إلى الرحمن. وقد علَّمنا الله أن نلجأ إليه دائما، ونحتمي به من نزغات الشيطان: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) . و(قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) ."
وما سبق من كلام الرجل لا غبار عليه فالقرآن شفاء لكل ما فى الكفر والنفاق من شبهات أى أنه علاج للنفس المسيئة
وطرح الرجل سؤالا عن كون القرآن شفاء لغير أمراض النفوض وهى القلوب وأجاب فقال:
"هل شفاء القرآن قصر على أمراض القلوب:
عندما نرجع إلى شراح القرآن لكتاب الله تراهم يقصرون النصوص المتحدثة عن كون القرآن شفاء على أمراض القلوب. وهى أمراض الكفر والنفاق وسوء الأخلاق. يقول ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) .
"أي من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من دنس" .
وقال في تفسيره لقوله تعالى:(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) .
يقول تعالى عن كتابه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، إنه شفاء ورحمه للمؤمنين. أي يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل. فالقرآن يشفى من ذلك كله" .
وإذا أنت دققت في النصوص المقررة لكون القرآن شفاء وجدتها تتحدث عن أمراض القلوب دون أمراض الأبدان.
فآية سورة يونس جعلته شفاء لما في الصدور، والذي تحويه الصدور هو القلوب كما قال تعالى:(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) .
والقلوب التي في الصدور هي التي ينسب القرآن إليها الإيمان والفقه والتدبر، وهي التي يقع فيها الكفر والشك والنفاق.
وقد أخبر الحق تبارك وتعالى: أن القرآن شفاء للمؤمنين دون الكافرين، وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين .
(وتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) .
أما الكفار فلا يزيدهم إلا خسارا (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) وقال في الآية الثالثة :
(قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى) .
وقد حدثنا ربنا في موضوع رابع عما يفعله القرآن المنزل من عنده في نفوس المؤمنين ونفوس الكافرين: (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون .وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) .
ولو كان القرآن شفاء للأبدان كما هو شفاء للقلوب لشفى المؤمنين والكفار"
ورغم أن الرجل استعرض أقوال المفسرين فى الموضوع حيث أجمعوا على أن الشفاء نفسى للكفر والنفاق وليس به علاقة بأمراض البدن إلا أنه استعرض آراء أخرين يؤمنون بكونه علاج نفسى وبدنة فقال :
"الذين يذهبون إلى أن النصوص عامة في أمراض القلوب والأبدان:
ويذهب جمهور علماء أهل السنة إلى النصوص المقررة لكون القرآن شفاء، أنها عامة في أمراض القلوب والأبدان. وفى ذلك يقول العلامة ابن القيم: "قال الله تعالى:(وتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)
والصحيح أن (مِنْ) هنا لبيان الجنس لا للتبعيض. وقال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة. وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به. وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه؛ لم يقاومه الداء أبدا. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها. فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفى القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه" .
الأدلة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان: وعلى كل، فسواء أكانت النصوص القرآنية المقررة لكون القرآن شفاء خاصة بأمراض القلوب، أو شاملة لها ولأمراض الأبدان؛ فقد قامت أدلة كثيرة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان، ومن هذه الأدلة:
الأول: ثبت أن القرآن يُطَهِّر الأرواح ويباركها ويصلحها. وإذا صلحت الأرواح كان في صلاحها صلاح للأبدان. يقول ابن القيم: "قد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفوس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره. فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به، وحبها له، وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه أن يكون لها ذلك من أكبر الأدوية، وتوجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية" .
الثاني: ثبوت معالجة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرقى وإرشاد أصحابه إلى المعالجة بها.
والرقية كما يقول ابن الأثير: "العوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات" .
ويقول القرافي في تعريفها. "الرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام والأدواء والأسباب المهلكة، ولا يقال لفظ رقى على ما يحدث ضرراً، بل ذلك يقال له السحر" ."
وكل ما نقله الرجل هنا هو ضرب من التخريف للتالى :
الأول أن قوله " وشفاء لما فى الصدور " خدد ما يشفيه القرآن وهو ما فى الصدور وهى النفوس ولو أخذنا بظاهر معنى الصدور فى كتب اللغة لكان معناه أنه يشفى أمراض القفص الصدرى فقط دون بقية الجسم وهو ما لا يقوله المؤمنون بسقاء القرآن للبدن
الثانى ما هو لزوم أحاديث التداووى إذا كان الشفاء يتم بقراءة القرآن مثل " تداووا عباد الله إن الله جعل لكل داء دواء"؟
الثالث لماذا لم يشف الرسول(ص) نفسه وزوجاته وصحابته بالقرآن إذا كان شفاء مع أن الروايات أجمعت على موته مريضا فى أخر حياته؟
الرابع إذا كان القرآن وحده شفاء لأمراض البدن فلماذا ذكر الله الشراب وهو العسل كشفاء لبعض الأمراض فى قوله تعالى :
"يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس"
وحدثنا الرجل عن الأحاديث التى ذكرت فيها الرقى وهى غير قرآنية فقال:
"والأحاديث التي تدل على مشروعية الرقى متواترة تواتراً معنوياً، فهي وإن اختلفت ألفاظها ووقائعها؛ إلاّ أن كل واحد منها يدل على مشروعية الرقى.
وقد يقال: نعم صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عالج المرضى بالرقى، وأرشد أصحابه إلى المعالجة بها، ولكن هذا في الرقية بغير القرآن.
والجواب عن هذا من وجهين:
1- إذا ثبت أن الرقى عامة مما يشفي من الأمراض والأسقام، فإن كلام الله أفضل ما يرقى به، لأن له من الخصائص ما ليس لغيره. وفي ذلك يقول ابن القيم - فيما نقله عنه ابن حجر العسقلانى: "إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين" .
وقراءة القرآن من أنفع الأدوية للأدواء التي يسببها الجان، أو يكون له دخل في الإصابة بها؛ كتلبيس الجان بالإنسان، والسحر والعين والحسد ونحوها.
2- صح في الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم رقى بكتاب الله كما صح أنه أقر من رقى بكتاب الله؛ ففي صحيح البخاري ومسلم والموطأ والسنن لأبي داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث"
وفي سن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ ويقول: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان". فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما وصح في صحيحي البخاري ومسلم والسنن لأبى داود والترمذي أن رجلا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى رجلاً كان سيداً في قومه من لدغة حية أو عقرب بفاتحة الكتاب، فشفاه الله، وأخذ على رقيه أجراً. فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأقره على رقيته. وعلى ما أخذه من أجر على رقيته .
والحديث برواياته في كتب السنة في جامع الأصول.
وأورد صاحب جامع الأصول حديثاً آخر رواه أبو داود ذكر فيه أن صحابيا رقي معتوها في القيود بفاتحه الكتاب، فشفاه الله. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره على رقيته، وعلى ما أخذه من أجر عليها الثالث: ومما يدل على صحة التشافي بالرقى وأعظمها الرقى القرآنية، أنه ثبت بما لا يقبل الشك أن الرقى ذات تأثير على أمراض الأبدان. وهذا أمر مشاهد في كل عصر ومصر. ولا ينكر مثل هذا إلا مكابر أو جاهل. يقول ابن حزم "جربنا من كان يرقي الدمل الحاد القوي الظهور في أول ظهوره، فيبدأ من يومه ذاك بالذبول، ويتم يبسه في اليوم الثالث، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها جربنا ذلك ما لا نحصيه. وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد، ولا ترقي الثاني، فييبس الذي رقت، ويتم ظهور الذي لم ترق، ويلقى منه حامله الأذى الشديد. وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير، فيندمل ما يفتح منها، ويذبل ما لم ينفتح، ويبرأ" .
وقد ثبت في صحيح الأحاديث أن الذين رقَوْا شفى الله على أيديهم من رقَوْه، وقد سقنا: الأحاديث المثبتة لذلك فيما سبق."
وكل الأحاديث السابقة التى ذكرها الرجل باطلة تتعارض مع أحاديث الأمر بالتداوى والذهاب للطبيب
وحديث مثل كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث" لا يوجد فيه دليل على شفاء نتيجة القراءة
وحديث: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان" لا يوجد فيه ذكر لمرض أو شفاء
وحديث الرقية بفاتحة الكتاب لم يكن فيه مريض لأن لدغ الحية أ, الثعبان ليس مرضا
وحديث العته وهو الجنون ليس مرضا بدنيا
وأصر الرجل على أن التشافى بالقرآن لا يقتصر على الرقى مع أنه لا توجد رواية واحدة تقول أن من قرأ تم شفائه
وأعلن الرجل أن القرآن يحتوى على قواعد العلاج والوقاية من الأمراض فقال :
"الاستشفاء بالقرآن ليس قصراً على الرقية به:
ما قرره الحق تبارك وتعالى من كون القرآن شفاءً ليس قصراً على قراءة القرآن على المريض، بل هي دائرة أوسع من ذلك بكثير، ويمكننا أن ندرك سعة هذه الدائرة من خلال الأمرين التاليين:
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله.
الثاني: وقاية القرآن الفرد والمجتمع من الأمراض من خلال تشريعات كثيرة.
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله حوت النصوص من الكتاب والسنة الأصول والقواعد التي تدل على كيفية معالجة الأبدان، بل دلت على تفاصيل مهمة في علاج الأمراض، وفي ذلك يقول ابن القيم: "قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة. وذكر المولى تبارك وتعالى هذه الأصول الثلاثة في ثلاثة مواضع.
فقال في آية الصوم: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة، وما يوجبه من التحلل وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل، فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر حفظاً لصحته وقوته عما يضعفها.
وقال تعالى في آية الحج:(فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) .
فأباح للمريض، ومن به أذى من رأٍسه من قمل أو حكة أو غيرها أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر. فإذا حلق رأٍسه، ففتحت المسام، فخرجت تلك الأبخرة منها، فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه.
والأشياء التي يؤذى انحباسها ومدافعتها عشرة: الدم إذا هاج، والمنى إذا سبغ، والبول، والغائط، والريح، والقئ، والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش.
وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحبسة. وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها، وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب منه كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى.
وأما الحمية فقال تعالى في آية الوضوء: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً) .
فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه. وهذا تنبيه على الحمية من كل مؤذ له من داخل أو خارج .
وقد عقب ابن القيم على كلامه هذا الذي نقلناه عنه بقوله: "فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده" وقد أطال ابن القيم بعد ذلك في ذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطب والمعالجة في نفسه وأهله وأصحابه. وذكر في ذلك هديه في الأمر بالتداوي، وهديه في معالجة استطلاق البطن، والطاعون، وداء الاستسقاء، وهديه في المعالجة بالعسل والحجامة والكي، وهديه في معالجة الصرع وغير ذلك، مما يجعل ما أورده فيه مؤلفاً مستقلا بذاته."
وكلام ابن القيم كلام لا علاقة له بالطب وإنما هو نظريات تخريفية فالمرض ليس فى الرأس حيث زعم انحباس البخار فيه لأن المرض بسبب القمل والحشرات التى فى الرأس ونحن لا نرى بخار يخرج من الرأس عقب الحلق فحتى مع الحلق تماما تبقى جذور الشعر فى جلد الدماغ وتنبت مرة أخرى ومن ثم فالحلق لا يفتح المسام
وكلامه عن أن حبس ما يخرج من الجسد كالبول والبراز والعرق والمنى يسبب أمراض صحيح
وتحدث الرجل عن الطب الوقائى فقال :
"الثاني: الطب الوقائي في الكتاب والسنة
النوع الثاني الذي يوسع دائرة الاستشفاء بالقرآن هو الطب الوقائي الذي يستفاد من جملة الأحكام والتوجيهات التي جاء بها القرآن وصحيح الأحاديث. وهذا باب واسع، فالنصوص الآمرة بالطهارة والنظافة كثيرة جداً. بل إن طهارة البدن عبادة لا تتم الصلاة بغيرها. فقد أوجب الله الاغتسال من الجنابة. كما أوجب الغسل على المرأة إذا هي طهرت من حيضها ونفاسها. وحبب الرسول صلى عليه وسلم الاغتسال في كل يوم جمعة.
ولم يكتف بذلك بل أوجب الوضوء كلما أراد الصلاة إذا خرج منه بول أو غائط أوريح. والوضوء يشمل غسل الأعضاء الظاهرة من الوجوه والأيدي والأرجل، كما أمر بمسح الرؤوس.
وأمرت النصوص بتقليم الأظافر، وغسل اليدين عند الاستيقاظ من نوم الليل، وحببت غسلهما عند الطعام، وأمرت بالاستنجاء من البول والغائط. وهى عملية يُطهِّر المسلم فيها مخرج البول والغائط بعد خروجهما منه.
وأمرت الشريعة المباركة بقص الأظافر، وقص الشارب، ونتف شعر الإبط، وحلق شعر العانة؛ كما أوجبت الختان في حق الذكور.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً على تطهير الفم بالسواك، وأخبر أنه مطهرة للفم مرضاة للرب.
كما حث أيضاً على نظافة المساكن وأفنية البيوت. وأمر برفع الأذى عن الطريق، وجعله إحدى خصال الإيمان، ونهى أشدَّ النهي عن إيذاء المسلمين في طرقاتهم، وأماكن جلوسهم، وموارد مياهم. وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتداوي. ونهى المسلمين عن دخول البلاد الموبوءة بالأمراض المعدية. ونهى من كان في تلك الديار عن الخروج منها. وهذه أفضل وسيلة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة التي تنتقل بالعدوى السريعة، وهذا ما يسمى اليوم بالحجر الصحي.
وشرع لنا تناول الطيبات من الأطعمة والأشربة، ونهانا عن تناول الخبيث منهما. ونهانا عن الإسراف في تناول الطعام والشراب. وحرم علينا الأكل من الميتة، والدم، ولحم الخنزير. كما نهانا عن الخمر، والمخدرات. وشرع لنا الزواج، ونهى عن الزنا واللواط.
ومن تتبع ما جاء به الإسلام مما يقيم صحة الإنسان، ويحفظ بدنه، ويدفع عنه الأسقام؛ فإنه يجد منهجاً كاملاً يحفظ الله به الإنسان من كثير من الأسقام. وقد استقرأ علماء الشريعة التشريعات التي جاء بها الكتاب والسنة؛ فوجدوا أن الشريعة وُضِعَت لجلب المصالح للعباد، ودفع المفاسد عنهم. ووجدوا أن تشريعات هذا الدين تتجه كلها إلى أن تحفظ على الناس دينهم وأنفسهم وعقولهم وأنسابهم وأموالهم."
وأحكام الحفاظ على الصحة التى ذكرها تحت مسمى الطب الوقائى هى أحكام من عند الله لا يمكن الجدال فيها
وتحدث عما يحدث فى الغرب من تقدم فى مجالات مختلفة منها علاج الأمراض ومع ذلك أقر أن الأمراض النفسية تزداد عندهم بينما أمراض البدن تقل فقال :
"نظرة في عالم الغرب
إذا نظرنا في عالم الغرب اليوم، فإنه يذهلنا التقدم الهائل الذي بلغه أولئك الأقوام. ...وأصبحت الأمراض التي كانت مستعصية على البشر قابلة للشفاء. ومع ذلك التقدم المذهل في مختلف المجالات، فإن البشر في عالم الغرب يرزح تحت أمراض نفسية واجتماعية، بل وجسدية تشقيه وتؤرقه. لقد حاول البشر أن يضعوا منهجاً لأنفسهم بعيداً عن هدى السماء. وظنوا أن ما حصلوه من علوم كافٍ لإصلاح نفوسهم وأجسادهم وأسرهم ومجتمعاتهم. ولكن الحال التي هم عليها اليوم تقول: إن علمهم لم يجلب لهم الراحة والهناء بحال.
إن العقد النفسية والهموم النفسية -اليوم- سمة المجتمعات الغربية. وعلى الرغم من كثرة العيادات النفسية، والمعالجين النفسيين؛ فإن الأمراض النفسية في ازدياد. فالكآبة والقلق والحيرة والشكوك تموج بها النفوس كموج البحر.
وقد غرقت تلك المجتمعات في مستنقعات الشهوات. فالإباحية، والشذوذ ...
إنها ظلمات بعضها فوق بعض، تكاد تأتى على الأخضر واليابس، وتهد الفرد والأسرة والمجتمع. وكل ذلك ينادى بالناس أيها الحيارى التائهون عودوا إلى الله ومنهجه، كي تصلح دنياكم وأخراكم والله المستعان."
وهذا الكلام عن الغرب فى نهاية بحث عن التشافى بالقرآن هو كلام غريب بعيد عن الموضوع فنحن نتحدث عن مسألة قرآنية لا علاقة للكفار به
المؤلف عمر سليمان الأشقر وهو يدور حول العلاج بالقرآن وقد استهل البحث بتعريف الصحة وذكر الآيات التى تبين أن القرآن شفاء فقال :
"فإن الصحة والمرض حالتان تعتوران الإنسان. وقد عَرَّف عبد اللطيف البغدادي هاتين الحالتين بقوله: "الصحة هيئة بدنية تكون الأفعال معها سليمة، والمرض حالة مضادة للصحة" .
والإنسان يكون صحيحاً إذا كان على الحال الذي خلقه الله عليها في بدنه وروحه. فإذا خرج عن الحال الذي فطر الله العباد عليها اعتل بدنه واعتلت روحه، واحتاج إلى معالجة حتى يتعافى بعودته إلى الخلقة السوية. وخير ما تعالج به الأمراض القرآن الكريم، وقد دل على أن القرآن شفاء نصوص من القرآن، قال الله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) .
وقال:(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) .
وقال تبارك وتعالى: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) .
وطرح الرجل سؤالا عن كيفية كون القرآن شفاء وأجاب فقال :
"كيف كان القرآن شفاء؟
وقد يسأل سائل عن أبعاد المعالجة بالقران، فيقول: هل كون القرآن شفاء على حقيقته؟ أم أن ذلك واقع على طريق المجاز؟ وهل يعالج أمراض القلوب والأرواح فحسب؟ أم يمتد العلاج به إلى أمراض الأبدان؟ وإذا كان العلاج ممتدا به إلى أمراض الأبدان فما وجه المعالجة به؟ وكيف يكون علاجا؟
والجواب :أن القرآن علاج باعتبارات متعددة:
أولاً : معالجته لأمراض النفوس والقلوب:
أما معالجة القرآن لأمراض النفوس والقلوب فإنه تفرد بذلك دون سواه، ومعالجة البشر بأفكارهم ونظرياتهم ومباحثهم لهذه الأمراض موهومة تدخل في باب الأوهام والخيالات في كثير من الأحيان. وقد يظن البشر أنهم يقدمون الدواء في هذه المجالات، وهم في الحقيقة يفسدون ويُمْرضون من حيث ظنوا الإصلاح.
إن إدراك حقيقة الروح وحقيقة الأمراض التي تُمْرضها وتُميتها، والأدوية التي تُصلحها وتجلب لها العافية ليس في طاقة البشر أن يعرفوه ويعلموه، فعلمهم في هذا المجال أقل من القليل. وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .
إن البشر لا يعلمون حقيقة الروح، فكيف يعرفون طريقة معالجتها؟ إن الذي أنزل القرآن شفاءً لأرواحنا هو خالق هذه الأرواح ومبدعها، وهو العالم بما يصلحها ويفسدها.
يقول ابن القيم مبينا أن علاج الأرواح إنما هو للوحي السماوي المنزل على الرسل والأنبياء دون غيرهم: "فأما طب القلوب فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم، وعلى أيديهم. فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأحكامه، وأن تكون مُؤْثرة لمرضاته ولمحابه، متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرسل، وما نظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم فغلط ممن يظن ذلك. وإنما ذلك حياة نفسه البهيمية الشهوانية وصحتها وقوتها، وحياة قلبه وصحته وقوته عن ذلك بمعزل. ومن لم يميز بين هذا وهذا فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره فإنه منغمس في بحار الظلمات" .
وعملية إصلاح النفس الإنسانية أطلق عليها القرآن "تزكية النفس". وعملية إفساد هذه النفس سماها "بتدسية النفس" وأقسم الحق تبارك وتعالى أقساما سبعة في مطلع سورة الشمس على أن المفلح من زكى نفسه، والخائب الخاسر من دساها فقال:
(والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، والنهار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها، والسماء وما بناها، والأرض وما طحاها، ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكَّاها، وقد خاب من دساها) .
وقال في موضع آخر : (قد أفلح من تزكى) .
وقال لموسى عندما أرسله إلى فرعون: (إذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى) .
ولما كان القرآن هو طب القلوب وأدواءها، وبه تتحقق تزكية النفوس والأرواح. فإنه بمثابة الروح لأرواحنا، والنور لبصائرنا. (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) .
فأنت ترى أن الله وصف الوحي بوصفين؛ الأول: أنه روح، والثاني: أنه نور. وبالروح تكون الحياة، وبالنور تكشف الظلمات. ولذا فإن الله يحي بهذا القرآن من ماتت قلوبهم وعميت بصائرهم بالكفر والضلال.
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) .
وأمراض القلوب التي أنزل القرآن شفاء لها نوعان: أمراض شبهات تجعل الإنسان في حيرة وقلق وضياع، وأمراض شهوات، فأمراض الشبهات مذكورة في مثل قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) .
وأمراض الشهوات مذكورة في مثل قوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) .
وهذان النوعان من أمراض القلوب أصل فساد العبد وشقائه في معاشه ومعاده. وشفاؤه في معرفته لربه، واستقامته على طاعته، والبعد عما نهى عنه، وحذر منه.
وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم في الحديث عن أدواء القلوب وكيفية معالجتها، ولى في ذلك رسالة لطيفة ضمنتها كتابي الموسوم، "محاضرات إسلامية هادفة"، (ص127-146)، بعنوان: "منهج الإسلام في تزكية النفس".
ولا يفوتني هنا أن أبين أن أكثر أمراض النفوس إنما تأتي من الشيطان، والنفس الأمّارة بالسوء. فالشيطان يستعين على بلوغه غرضه من الإنسان بالنفس الأمّارة بالسوء. وليس من طريق للخلاص من الشيطان إلا بالالتجاء إلى الرحمن. وقد علَّمنا الله أن نلجأ إليه دائما، ونحتمي به من نزغات الشيطان: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) . و(قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) ."
وما سبق من كلام الرجل لا غبار عليه فالقرآن شفاء لكل ما فى الكفر والنفاق من شبهات أى أنه علاج للنفس المسيئة
وطرح الرجل سؤالا عن كون القرآن شفاء لغير أمراض النفوض وهى القلوب وأجاب فقال:
"هل شفاء القرآن قصر على أمراض القلوب:
عندما نرجع إلى شراح القرآن لكتاب الله تراهم يقصرون النصوص المتحدثة عن كون القرآن شفاء على أمراض القلوب. وهى أمراض الكفر والنفاق وسوء الأخلاق. يقول ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) .
"أي من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من دنس" .
وقال في تفسيره لقوله تعالى:(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) .
يقول تعالى عن كتابه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، إنه شفاء ورحمه للمؤمنين. أي يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل. فالقرآن يشفى من ذلك كله" .
وإذا أنت دققت في النصوص المقررة لكون القرآن شفاء وجدتها تتحدث عن أمراض القلوب دون أمراض الأبدان.
فآية سورة يونس جعلته شفاء لما في الصدور، والذي تحويه الصدور هو القلوب كما قال تعالى:(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) .
والقلوب التي في الصدور هي التي ينسب القرآن إليها الإيمان والفقه والتدبر، وهي التي يقع فيها الكفر والشك والنفاق.
وقد أخبر الحق تبارك وتعالى: أن القرآن شفاء للمؤمنين دون الكافرين، وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين .
(وتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) .
أما الكفار فلا يزيدهم إلا خسارا (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) وقال في الآية الثالثة :
(قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى) .
وقد حدثنا ربنا في موضوع رابع عما يفعله القرآن المنزل من عنده في نفوس المؤمنين ونفوس الكافرين: (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون .وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) .
ولو كان القرآن شفاء للأبدان كما هو شفاء للقلوب لشفى المؤمنين والكفار"
ورغم أن الرجل استعرض أقوال المفسرين فى الموضوع حيث أجمعوا على أن الشفاء نفسى للكفر والنفاق وليس به علاقة بأمراض البدن إلا أنه استعرض آراء أخرين يؤمنون بكونه علاج نفسى وبدنة فقال :
"الذين يذهبون إلى أن النصوص عامة في أمراض القلوب والأبدان:
ويذهب جمهور علماء أهل السنة إلى النصوص المقررة لكون القرآن شفاء، أنها عامة في أمراض القلوب والأبدان. وفى ذلك يقول العلامة ابن القيم: "قال الله تعالى:(وتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)
والصحيح أن (مِنْ) هنا لبيان الجنس لا للتبعيض. وقال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة. وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به. وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه؛ لم يقاومه الداء أبدا. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها. فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفى القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه" .
الأدلة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان: وعلى كل، فسواء أكانت النصوص القرآنية المقررة لكون القرآن شفاء خاصة بأمراض القلوب، أو شاملة لها ولأمراض الأبدان؛ فقد قامت أدلة كثيرة على أن القرآن شفاء لأمراض الأبدان، ومن هذه الأدلة:
الأول: ثبت أن القرآن يُطَهِّر الأرواح ويباركها ويصلحها. وإذا صلحت الأرواح كان في صلاحها صلاح للأبدان. يقول ابن القيم: "قد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفوس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره. فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به، وحبها له، وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه أن يكون لها ذلك من أكبر الأدوية، وتوجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية" .
الثاني: ثبوت معالجة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرقى وإرشاد أصحابه إلى المعالجة بها.
والرقية كما يقول ابن الأثير: "العوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات" .
ويقول القرافي في تعريفها. "الرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام والأدواء والأسباب المهلكة، ولا يقال لفظ رقى على ما يحدث ضرراً، بل ذلك يقال له السحر" ."
وكل ما نقله الرجل هنا هو ضرب من التخريف للتالى :
الأول أن قوله " وشفاء لما فى الصدور " خدد ما يشفيه القرآن وهو ما فى الصدور وهى النفوس ولو أخذنا بظاهر معنى الصدور فى كتب اللغة لكان معناه أنه يشفى أمراض القفص الصدرى فقط دون بقية الجسم وهو ما لا يقوله المؤمنون بسقاء القرآن للبدن
الثانى ما هو لزوم أحاديث التداووى إذا كان الشفاء يتم بقراءة القرآن مثل " تداووا عباد الله إن الله جعل لكل داء دواء"؟
الثالث لماذا لم يشف الرسول(ص) نفسه وزوجاته وصحابته بالقرآن إذا كان شفاء مع أن الروايات أجمعت على موته مريضا فى أخر حياته؟
الرابع إذا كان القرآن وحده شفاء لأمراض البدن فلماذا ذكر الله الشراب وهو العسل كشفاء لبعض الأمراض فى قوله تعالى :
"يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس"
وحدثنا الرجل عن الأحاديث التى ذكرت فيها الرقى وهى غير قرآنية فقال:
"والأحاديث التي تدل على مشروعية الرقى متواترة تواتراً معنوياً، فهي وإن اختلفت ألفاظها ووقائعها؛ إلاّ أن كل واحد منها يدل على مشروعية الرقى.
وقد يقال: نعم صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عالج المرضى بالرقى، وأرشد أصحابه إلى المعالجة بها، ولكن هذا في الرقية بغير القرآن.
والجواب عن هذا من وجهين:
1- إذا ثبت أن الرقى عامة مما يشفي من الأمراض والأسقام، فإن كلام الله أفضل ما يرقى به، لأن له من الخصائص ما ليس لغيره. وفي ذلك يقول ابن القيم - فيما نقله عنه ابن حجر العسقلانى: "إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين" .
وقراءة القرآن من أنفع الأدوية للأدواء التي يسببها الجان، أو يكون له دخل في الإصابة بها؛ كتلبيس الجان بالإنسان، والسحر والعين والحسد ونحوها.
2- صح في الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم رقى بكتاب الله كما صح أنه أقر من رقى بكتاب الله؛ ففي صحيح البخاري ومسلم والموطأ والسنن لأبي داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث"
وفي سن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ ويقول: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان". فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما وصح في صحيحي البخاري ومسلم والسنن لأبى داود والترمذي أن رجلا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى رجلاً كان سيداً في قومه من لدغة حية أو عقرب بفاتحة الكتاب، فشفاه الله، وأخذ على رقيه أجراً. فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأقره على رقيته. وعلى ما أخذه من أجر على رقيته .
والحديث برواياته في كتب السنة في جامع الأصول.
وأورد صاحب جامع الأصول حديثاً آخر رواه أبو داود ذكر فيه أن صحابيا رقي معتوها في القيود بفاتحه الكتاب، فشفاه الله. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره على رقيته، وعلى ما أخذه من أجر عليها الثالث: ومما يدل على صحة التشافي بالرقى وأعظمها الرقى القرآنية، أنه ثبت بما لا يقبل الشك أن الرقى ذات تأثير على أمراض الأبدان. وهذا أمر مشاهد في كل عصر ومصر. ولا ينكر مثل هذا إلا مكابر أو جاهل. يقول ابن حزم "جربنا من كان يرقي الدمل الحاد القوي الظهور في أول ظهوره، فيبدأ من يومه ذاك بالذبول، ويتم يبسه في اليوم الثالث، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها جربنا ذلك ما لا نحصيه. وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد، ولا ترقي الثاني، فييبس الذي رقت، ويتم ظهور الذي لم ترق، ويلقى منه حامله الأذى الشديد. وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير، فيندمل ما يفتح منها، ويذبل ما لم ينفتح، ويبرأ" .
وقد ثبت في صحيح الأحاديث أن الذين رقَوْا شفى الله على أيديهم من رقَوْه، وقد سقنا: الأحاديث المثبتة لذلك فيما سبق."
وكل الأحاديث السابقة التى ذكرها الرجل باطلة تتعارض مع أحاديث الأمر بالتداوى والذهاب للطبيب
وحديث مثل كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث" لا يوجد فيه دليل على شفاء نتيجة القراءة
وحديث: "أعوذ بالله من الجان، وعين الإنسان" لا يوجد فيه ذكر لمرض أو شفاء
وحديث الرقية بفاتحة الكتاب لم يكن فيه مريض لأن لدغ الحية أ, الثعبان ليس مرضا
وحديث العته وهو الجنون ليس مرضا بدنيا
وأصر الرجل على أن التشافى بالقرآن لا يقتصر على الرقى مع أنه لا توجد رواية واحدة تقول أن من قرأ تم شفائه
وأعلن الرجل أن القرآن يحتوى على قواعد العلاج والوقاية من الأمراض فقال :
"الاستشفاء بالقرآن ليس قصراً على الرقية به:
ما قرره الحق تبارك وتعالى من كون القرآن شفاءً ليس قصراً على قراءة القرآن على المريض، بل هي دائرة أوسع من ذلك بكثير، ويمكننا أن ندرك سعة هذه الدائرة من خلال الأمرين التاليين:
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله.
الثاني: وقاية القرآن الفرد والمجتمع من الأمراض من خلال تشريعات كثيرة.
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله حوت النصوص من الكتاب والسنة الأصول والقواعد التي تدل على كيفية معالجة الأبدان، بل دلت على تفاصيل مهمة في علاج الأمراض، وفي ذلك يقول ابن القيم: "قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة. وذكر المولى تبارك وتعالى هذه الأصول الثلاثة في ثلاثة مواضع.
فقال في آية الصوم: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة، وما يوجبه من التحلل وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل، فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر حفظاً لصحته وقوته عما يضعفها.
وقال تعالى في آية الحج:(فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) .
فأباح للمريض، ومن به أذى من رأٍسه من قمل أو حكة أو غيرها أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر. فإذا حلق رأٍسه، ففتحت المسام، فخرجت تلك الأبخرة منها، فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه.
والأشياء التي يؤذى انحباسها ومدافعتها عشرة: الدم إذا هاج، والمنى إذا سبغ، والبول، والغائط، والريح، والقئ، والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش.
وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحبسة. وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها، وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب منه كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى.
وأما الحمية فقال تعالى في آية الوضوء: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً) .
فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه. وهذا تنبيه على الحمية من كل مؤذ له من داخل أو خارج .
وقد عقب ابن القيم على كلامه هذا الذي نقلناه عنه بقوله: "فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده" وقد أطال ابن القيم بعد ذلك في ذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطب والمعالجة في نفسه وأهله وأصحابه. وذكر في ذلك هديه في الأمر بالتداوي، وهديه في معالجة استطلاق البطن، والطاعون، وداء الاستسقاء، وهديه في المعالجة بالعسل والحجامة والكي، وهديه في معالجة الصرع وغير ذلك، مما يجعل ما أورده فيه مؤلفاً مستقلا بذاته."
وكلام ابن القيم كلام لا علاقة له بالطب وإنما هو نظريات تخريفية فالمرض ليس فى الرأس حيث زعم انحباس البخار فيه لأن المرض بسبب القمل والحشرات التى فى الرأس ونحن لا نرى بخار يخرج من الرأس عقب الحلق فحتى مع الحلق تماما تبقى جذور الشعر فى جلد الدماغ وتنبت مرة أخرى ومن ثم فالحلق لا يفتح المسام
وكلامه عن أن حبس ما يخرج من الجسد كالبول والبراز والعرق والمنى يسبب أمراض صحيح
وتحدث الرجل عن الطب الوقائى فقال :
"الثاني: الطب الوقائي في الكتاب والسنة
النوع الثاني الذي يوسع دائرة الاستشفاء بالقرآن هو الطب الوقائي الذي يستفاد من جملة الأحكام والتوجيهات التي جاء بها القرآن وصحيح الأحاديث. وهذا باب واسع، فالنصوص الآمرة بالطهارة والنظافة كثيرة جداً. بل إن طهارة البدن عبادة لا تتم الصلاة بغيرها. فقد أوجب الله الاغتسال من الجنابة. كما أوجب الغسل على المرأة إذا هي طهرت من حيضها ونفاسها. وحبب الرسول صلى عليه وسلم الاغتسال في كل يوم جمعة.
ولم يكتف بذلك بل أوجب الوضوء كلما أراد الصلاة إذا خرج منه بول أو غائط أوريح. والوضوء يشمل غسل الأعضاء الظاهرة من الوجوه والأيدي والأرجل، كما أمر بمسح الرؤوس.
وأمرت النصوص بتقليم الأظافر، وغسل اليدين عند الاستيقاظ من نوم الليل، وحببت غسلهما عند الطعام، وأمرت بالاستنجاء من البول والغائط. وهى عملية يُطهِّر المسلم فيها مخرج البول والغائط بعد خروجهما منه.
وأمرت الشريعة المباركة بقص الأظافر، وقص الشارب، ونتف شعر الإبط، وحلق شعر العانة؛ كما أوجبت الختان في حق الذكور.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً على تطهير الفم بالسواك، وأخبر أنه مطهرة للفم مرضاة للرب.
كما حث أيضاً على نظافة المساكن وأفنية البيوت. وأمر برفع الأذى عن الطريق، وجعله إحدى خصال الإيمان، ونهى أشدَّ النهي عن إيذاء المسلمين في طرقاتهم، وأماكن جلوسهم، وموارد مياهم. وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتداوي. ونهى المسلمين عن دخول البلاد الموبوءة بالأمراض المعدية. ونهى من كان في تلك الديار عن الخروج منها. وهذه أفضل وسيلة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة التي تنتقل بالعدوى السريعة، وهذا ما يسمى اليوم بالحجر الصحي.
وشرع لنا تناول الطيبات من الأطعمة والأشربة، ونهانا عن تناول الخبيث منهما. ونهانا عن الإسراف في تناول الطعام والشراب. وحرم علينا الأكل من الميتة، والدم، ولحم الخنزير. كما نهانا عن الخمر، والمخدرات. وشرع لنا الزواج، ونهى عن الزنا واللواط.
ومن تتبع ما جاء به الإسلام مما يقيم صحة الإنسان، ويحفظ بدنه، ويدفع عنه الأسقام؛ فإنه يجد منهجاً كاملاً يحفظ الله به الإنسان من كثير من الأسقام. وقد استقرأ علماء الشريعة التشريعات التي جاء بها الكتاب والسنة؛ فوجدوا أن الشريعة وُضِعَت لجلب المصالح للعباد، ودفع المفاسد عنهم. ووجدوا أن تشريعات هذا الدين تتجه كلها إلى أن تحفظ على الناس دينهم وأنفسهم وعقولهم وأنسابهم وأموالهم."
وأحكام الحفاظ على الصحة التى ذكرها تحت مسمى الطب الوقائى هى أحكام من عند الله لا يمكن الجدال فيها
وتحدث عما يحدث فى الغرب من تقدم فى مجالات مختلفة منها علاج الأمراض ومع ذلك أقر أن الأمراض النفسية تزداد عندهم بينما أمراض البدن تقل فقال :
"نظرة في عالم الغرب
إذا نظرنا في عالم الغرب اليوم، فإنه يذهلنا التقدم الهائل الذي بلغه أولئك الأقوام. ...وأصبحت الأمراض التي كانت مستعصية على البشر قابلة للشفاء. ومع ذلك التقدم المذهل في مختلف المجالات، فإن البشر في عالم الغرب يرزح تحت أمراض نفسية واجتماعية، بل وجسدية تشقيه وتؤرقه. لقد حاول البشر أن يضعوا منهجاً لأنفسهم بعيداً عن هدى السماء. وظنوا أن ما حصلوه من علوم كافٍ لإصلاح نفوسهم وأجسادهم وأسرهم ومجتمعاتهم. ولكن الحال التي هم عليها اليوم تقول: إن علمهم لم يجلب لهم الراحة والهناء بحال.
إن العقد النفسية والهموم النفسية -اليوم- سمة المجتمعات الغربية. وعلى الرغم من كثرة العيادات النفسية، والمعالجين النفسيين؛ فإن الأمراض النفسية في ازدياد. فالكآبة والقلق والحيرة والشكوك تموج بها النفوس كموج البحر.
وقد غرقت تلك المجتمعات في مستنقعات الشهوات. فالإباحية، والشذوذ ...
إنها ظلمات بعضها فوق بعض، تكاد تأتى على الأخضر واليابس، وتهد الفرد والأسرة والمجتمع. وكل ذلك ينادى بالناس أيها الحيارى التائهون عودوا إلى الله ومنهجه، كي تصلح دنياكم وأخراكم والله المستعان."
وهذا الكلام عن الغرب فى نهاية بحث عن التشافى بالقرآن هو كلام غريب بعيد عن الموضوع فنحن نتحدث عن مسألة قرآنية لا علاقة للكفار به