قراءة شحرور للقصص القرآني بين التحريف والتخريف ( 1)

إنضم
31/08/2004
المشاركات
112
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
63
الإقامة
فلسطين
الموقع الالكتروني
http
قراءة شحرور للقصص القرآني بين التحريف والتخريف
(1) قراءته لقصة يوسف

طارق مصطفى حميدة
مركز نون للدراسات القرآنية/ فلسطين
هذه السلسلة من المقالات تهدف إلى تفنيد مزاعم محمد شحرور وأباطيله ، بخصوص القصص القرآني، وهي على أي حال استمرار لقراءته التي يحلو له وصفها بالمعاصرة!! منذ أصدر كتابه الأول قبل ربع قرن ( الكتاب والقرآن قراءة معاصرة).
ولولا أن هناك من يروج للرجل بوصفه مفكراً إسلامياً، في المحافل والفضائيات، وربما افتتن به أنصاف المثقفين، وبسطاء الناس، ما انشغلت به، لكنه وهو يتظاهر بالإيمان ويكرر وصف القرآن بأنه ( التنزيل الحكيم)، يفرغ القرآن من محتواه، ويروج للكفر والفسوق من خلال تأويلاته المنحرفة، وينكر المعلوم من الدين بالضرورة، ويجرئ على الكبائر، وينتقص من الإسلام بعضاً من أركانه.
وهذه المقالات لا تتغيا الدراسة الشاملة لقراءته، ولكنها تتوجه إلى عينات متفرقة من قراءاته، التي وصفتها في العنوان بأنها تحريف وتخريف، ذلك أن تأويلاته يظهر فيها التحريف المتعمد وليس فقط الانحراف في الفهم، وهذا التحريف بلا منطق ولا عقلانية إلى حد التخريف.
وقد جعل قراءته في أربعة أجزاء أولها مدخل وقراءة لقصة آدم، والثاني قراءة القصص من لدن نوح إلى يوسف عليه السلام، والثالث من بعد يوسف حتى عيسى عليهم السلام والأخير قراءة لما أسماه القصص المحمدي.
وهذه المقالة تفنيد لبعض أباطيله حول قصة يوسف عليه السلام، حيث لن أقوم في هذه المرحلة بالكتابة حسب التسلسل، وإنما بحسب ما يتجهز لدي أولاً، سائلاً المولى عز وجل التوفيق والسداد والإخلاص والقبول، آمين.
يقول شحرور:" ننتقل الآن إلى قوله تعالى: ﴿ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك، قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون﴾[ يوسف: 23]، ونفهم منه أموراً أولها: أن يوسف كان يعرف الله بدليل أنه استعاذ به، ثانيها: أنه استكبر واستنكر أن يمتثل لما تدعوه إليه باعتباره يتعارض أخلاقياً مع ما انفتحت عيناه عليه في بيئته الأولى من مكارم وقيم ومثل عليا كالوفاء والمروءة، وليس باعتباره زناً محرماً لأن تحريم الزنا لم يكن قد نزل به تحريم إلهي"[1].
ثم يقول شحرور:" بعد آية يوسف 23 يتابع سبحانه القصة قائلاً:﴿ ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين﴾[ يوسف: 24].
" هذه الآية لا يمكن فهمها إلا إذا فهمنا لماذا استعاذ يوسف بالله في الآية السابقة، والجواب إنه من موقعه كنبي يعلم أن ميل الرجل للمرأة والمرأة للرجل غريزة فطرية جعلها الله فيهما بدلالة قوله تعالى:﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..﴾[ الروم: 21]، ويعلم أن هذه الغريزة المخلوقة المجعولة فيه قانون رباني قاهر لا فكاك لإنسان منه نبياً كان أم غير نبي إلا بتدخل من الله الخالق البارئ المصور، وهذا ما أشار إليه يوسف نفسه في قوله:﴿ وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين﴾[ يوسف33]، ومن هنا كان طبيعياً أن يلجأ يوسف إلى ربه مستعيذاً به راجياً منه متوكلاً عليه.
" والسؤال الأول: هل استجاب الله ليوسف؟ والجواب نعم، بدلالة قوله تعالى:﴿ فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم﴾[ يوسف: 34]، والسؤال الثاني: كيف حصل ذلك وتم؟ والجواب: كما أن الله سبحانه استجاب لإبراهيم وعطل خاصية الإحراق في نار النمرود فجعلها برداً وسلاماً، وكما استجاب لموسى في مباراته أمام فرعون فحول العصا من خشب إلى لحم ودم فإذا هي حية تسعى، كذلك استجاب الله لنبيه يوسف فجرده من قدرته على الجماع، فإذا بعنوان ذكورته خرقة بالية لا تنفع لا للخل ولا للخردل.
"وهذا هو البرهان الرباني المادي الذي رآه يوسف رأي العين وهي تهم به ويهم بها، وهكذا أصبح الجماع الجنسي مستحيلاً. وهذا هو هو برهان الله على الإحصان من الفاحشة، وهو برهان من مقام الربوبية، وإلى يومنا هذا إذا أراد الله منع إنسان من الوقوع في الفاحشة فإنه يفقده القدرة على الجنس أن كان فاحشة، ونحن نؤكد قوله تعالى بأنه لو لم يهم بها لما رأى برهان ربه"[2].
ولنا على ما أورده شحرور الملاحظات الآتية:
1) قال شحرور تعليقاً على قول يوسف عليه السلام﴿ قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون﴾:" ونفهم منه أموراً أولها: أن يوسف كان يعرف الله بدليل أنه استعاذ به"!!
وكلامه هذا استمرار لدعاوى شحرور بأن التعرف على الله واسمه كان عملية تطورية تراكمية، وكأن اسم الله تعالى توصل إليه يوسف بينما لم يكن توصل إليه عدد من الأنبياء قبله، بينما القرآن يظهر خطاب الأنبياء لأقوامهم وهم يذكرون اسمه سبحانه، أو يدعون الله تعالى بلفظ الجلالة.
2) والأمر الثاني الذي فهمه شحرور من الآية الكريمة أن يوسف عليه السلام" استكبر واستنكر أن يمتثل لما تدعوه إليه باعتباره يتعارض أخلاقياً مع ما انفتحت عيناه عليه في بيئته الأولى من مكارم وقيم ومثل عليا كالوفاء والمروءة، وليس باعتباره زناً محرماً لأن تحريم الزنا لم يكن قد نزل به تحريم إلهي".
وهذا الكلام من شحرور لا دليل له عليه من القرآن الكريم، بل النص القرآني يفيد عكسه تماماً، فكل هذه الاستعاذة باللجوء إلى الله تعالى والاستجارة به لم تكن مجرد تورع عن أمر مخالف للمروءة بل كانت عن أمر عظيم وخطير ومحرم، ثم إن قول يوسف عليه السلام في السياق ذاته: ﴿ إنه لا يفلح الظالمون﴾ يؤكد أن مواقعة هذا الفعل – الزنا – ظلم للنفس وللغير وعاقبته عدم الفلاح الدنيوي والأخروي، فكيف لا يكون محرماً والحالة هذه؟
3) وتعليقا على الآية الكريمة:﴿ ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين﴾، يتابع الدكتور شحرور: " هذه الآية لا يمكن فهمها إلا إذا فهمنا لماذا استعاذ يوسف بالله في الآية السابقة، والجواب إنه من موقعه كنبي يعلم أن ميل الرجل للمرأة والمرأة للرجل غريزة فطرية جعلها الله فيهما بدلالة قوله تعالى:﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..﴾[ الروم: 21]، ويعلم أن هذه الغريزة المخلوقة المجعولة فيه قانون رباني قاهر لا فكاك لإنسان منه نبياً كان أم غير نبي إلا بتدخل من الله الخالق البارئ المصور، وهذا ما أشار إليه يوسف نفسه في قوله:﴿ وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين﴾[ يوسف33]، ومن هنا كان طبيعياً أن يلجأ يوسف إلى ربه مستعيذاً به راجياً منه متوكلاً عليه".
فأما قوله إن الميل المتبادل بين الرجال والنساء غريزة فطرية فصحيح، مع أن الآية التي استشهد بها قد لا تدل صراحة على مراده، ولعل في الكتاب أو السنة ما هو أصرح منها في الدلالة، لكن زعمه ب" أن هذه الغريزة المخلوقة المجعولة في الإنسان قانون رباني قاهر لا فكاك لإنسان منه نبياً كان أو غير نبي إلا بتدخل من الله"، مجانبة للحقيقة والواقع، فكم من الرجال والنساء الذين يتعرضون للتحرش والإغواء ثم لا يضعفون ولا يستجيبون دون أن تحصل لهم معجزات مادية، ومقتضى كلامه لو صح، أن يصبح الناس يتسافدون في الشوارع والمؤسسات، وهم في ذلك معذورون غير ملومين.
4) ثم يتابع شحرور تخريفاته بالقول :" كما أن الله سبحانه استجاب لإبراهيم وعطل خاصية الإحراق في نار النمرود فجعلها برداً وسلاماً، وكما استجاب لموسى في مباراته أمام فرعون فحول العصا من خشب إلى لحم ودم فإذا هي حية تسعى، كذلك استجاب الله لنبيه يوسف فجرده من قدرته على الجماع، فإذا بعنوان ذكورته خرقة بالية ى تنفع لا للخل ولا للخردل، وهذا هو البرهان الرباني المادي الذي رآه يوسف رأي العين وهي تهم به ويهم بها، وهكذا أصبح الجماع الجنسي مستحيلاً. وهذا هو هو برهان الله على الإحصان من الفاحشة".
والطريف أن شحرور يقول هذا الكلام ثم يتهكم ويسفه ما أورده بعض المفسرين نقلاً عن روايات القصاص من كلام غير مقبول، ويعلق بأن هذا الكلام هراء صاغته مخيلة مريضة، وكلامه هنا مقبول لا نعارضه، لكن ماذا يقول هو عن كلامه السابق بأن نجاة يوسف عليه السلام كانت بتعطيل قدرته الجنسية، والذي لا يؤيده النص القرآني، ولا يقبله العقل، ولا يؤيده الواقع ولا التجربة، خلافاً لزعمه:" وإلى يومنا هذا إذا أراد الله منع إنسان من الوقوع في الفاحشة فإنه يفقده القدرة على الجنس إن كان فاحشة".
5) إن كلام شحرور هنا تسويغ لكل من يتعرض للتحرش أو الإغواء أو حتى الإثارة، بأنه ليس عليه شيء لو ترك غريزته القاهرة!! تتحكم فيه وتقوده إلى الفاحشة، وهو ليس مسؤولاً ما دامت تلك هي إرادة الله، حسب زعم شحرور، إلا إذا أراد الله نجاته فيعطل قدرته على الجنس في تلك اللحظة، ( إن كان فاحشة) حسب تعبير شحرور، ولا أدري لم أورد هذا القيد هل ليستثني العلاقات الزوجية المشروعة، أم أن في رأسه موالاً آخر يبيح فيه العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ولا يعتبرها فاحشة!؟
6) وأين العظة والعبرة في القصة والدعوة إلى العفة، وأين السبعة الذين يظلهم الله بظله والذين من أبرزهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، لكن للشحرور موقفاً معروفاً من السنة، لعلنا نعرج إليه في سياق المقالات التالية؟
وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى.



[1] ) شحرور، القصص القرآني قراءة معاصرة، 2/ 233، دار الساقي، بيروت، ط1، 2012م.

[2] ) شحرور، القصص القرآني، 2/ 233- 234.
 
المعذرة ... فقد ذكرت أركون في العنوان والصواب شحرور، ولعل السبب أنني كنت كتبت سابقا عن أركون
 
بالله عليكم
شحرور هذا نكرة حتى الحداثيون المشتغلون بـ"القراءة" لا يلتفتون اليه ولو بطرف العين...
و انشائياته تبقى في رفوف بعض الوراقات الى أن يتغير لون ورقها...ولولا بعض من يظن نفسه ...لما بيعت نسخة منها...
لكننا نأبى للأسف الا أن نسهم في رواج أراجيفه بتسليط الكشافات الضوئية عليها...
 
أشكر الأخ طارق على موضوعه فشحرور مشروع يعقلن كل شيء وهو حقا قد جانفه الصواب في فهم هذه الآية ولكنه اجتهاد مجانف للصواب.
لم أقرأ شحرور بعد ولكني استمعت إلى بعض محاضراته ولقاءات تلفازية معه موجودة على اليوتيوب فبدأت أغيّر رأيي فيه نحو الأحسن. فشحرور ليس بتلك الدرجة من السوء التي يصورها لنا بعض الإخوة بل هو محاوِلٌ أن يفهم.
ولا يوجد فهم خالف فيه شحرور رأي الجمهور إلا وفي ما ذهب إليه نظر.
ولكنه لا يخرج عن سبيل الاجتهاد في تفسير النصوص وفهمها بطريقة تسعى لأن تكون معاصرة.
ويأتي القصور في طريقته وقبلها طريقة الأستاذ مصطفى محمود أنهم يحاولون أن يفهموا الدين بطريقة"واحدية" في حين أن منهج الأستاذ علي عزة بيكوفج أقرب إلى واقع الدين حين أدخل مفهوم "الوحدة ثنائية القطب".
هذا وقد حاول أدباء مصر ما بين الحربين كـ"ـمحمد فريد وجدي" و"عبدالوهاب النجار" ما حاوله هؤلاء في نهاية القرن العشرين الميلادي. واصطدموا بنفس العقبة التي يصطدم بها كل منهج "واحدي" يحاول أن يفهم بالعقل وحده موضوعا ذا طبيعة ثنائية.
ويُعذر هؤلاء أن الفلسفات البشرية في مجملها واحدية النزعة ويحسب لهم أنهم يحاولون الدفاع عن الدين فيما يكتبون ويحاولون. وإذا ولّد شحرور لبعضنا نفورا مثلما ولّده فيّ قبل سنيّات فربما ولّد لقراء آخرين اقتناعا أزال به شكوك بعضهم.
من وجهة نظري المتواضعة ـ معتذرا من الأخ طارق أن أخالفه الرأي ـ أن للأستاذ شحرور إيجابيات كثيرة وأن منهجه "المبتدع" خير من كثير من "التقليد والاتباع" عند المتصدرين للدين الرسمي الذين لا هم جددوا حقيقة ولا تركوا المكان لمن هو أولى وأجدر منهم في توجيه الناس نحو مقاصد الدين الرئيسة.

كتبت هذا التعليق لأني كنت أنتوي أن أكتب مقالا أدافع فيه عن شحرور وأورد لدفاعي حججا. وحين خشيت أن يبدو صنيعي كأنه مضادّ و مخالف لموضوع الأخ طارق اكتفيت بالتسليم عليه في هذا التعليق.

والله من وراء القصد
 
كتبت تعليقي أعلاه قبل أن يظهر هجوم الأخ عبدالرزاق عليه. ويطيب لي إضافة الاعتذار له أيضا أن أخالفه الرأي فقد بدا لي شحرور من خلال محاضراته ولقاءات تلفازية معه موجودة على اليوتيوب ليس سيئا بل هو محاولٌ أن يفهم ومحاولاته مسلوكة ضمن الاجتهادات التي لها الحق في الوجود.

وسلامي للصديق هرماس مرة أخرى
 
أنا لا أهاجم أحدا...
انما ادافع عن [المعرفة] باعتبارها أكرم ما يميز الانسان العاقل بعد شهادة لا اله الا الله...سواء تعلق الأمر بالقرآن أو باللغة أو بالآثار أو بالبيولوجيا...وهلم جرا...
شحرور اتجه قبل عقود من الزمان الى جامعة موسكو أيام (عز) الشيوعية ودرس الهندسة المدنية (الانشاءات)...بعدها اشتغل سنوات ذوات العدد في مجال تخصصه بسوريا...
بعد أن تقدم به السن قفز للكتابة عن القرآن...بنفس الطريقة التي كان القصاص والمذكرون يتسورون بها قديما على كتاب الله...
فأصبح عند بعضنا في عداد من يعتد بكلامهم عن القرآن فهما و تفسيرا...
فاللهم رحماك...
اللهم قيض للقرآن (محتسبين) يذبون عنه الدخلاء،كما يدفع المحتسبون عن الأسواق من يتسور على التجارة...
ان العلوم والمعارف كلها يحرص أربابها على تسييج ساحتها...
الا المعارف الشرعية جميعا
فقد أصبحت في زماننا -كما في الأمثال القديمة- مثل رأس اليتيم المهمل يتعلم فيها المتطلعون لاحتراف مهنة الحلاقة...
 
الإخوة الكرام... شكر الله لكم غيرتكم على الحق، ولكن هذه المقالة وما سيتبعها من شأنها أن تفضح ولا أقول فقط تكشف عداوة شحرور وحربه على الإسلام.
وأؤكد على ما تفضل به الأخ هرماس من أن الحداثيين أنفسهم لا يروق لهم شحرور كما فعل أركون مثلا، حيث لم يعجبه أن شحرور ينافق الإسلام وينتقد من الداخل، حيث أنه لا يجاهر بالعداءبل يدعي الإسلام والحرص على الفهم الصحيح له ثم ينكر ويلغي أهم أركانه ويعرض لنا إسلاما جديدا لا يمت لما أنزله الله بصلة، ويخدع البسطاء حتى إنهم يظنون أنه أحرص على الدين من الصحابة وأكثر فهما له من الرسول نفسه!!
وأعتقد أن ما عرضته عن قصة يوسف وما ستتلوه من حلقات ستكشف المزيد.
 
شحرور هذا نكرة حتى الحداثيون المشتغلون بـ"القراءة" لا يلتفتون اليه ولو بطرف العين...
وطه عبد الرحمن أيضا لا يعتبره من الحداثيين إذ هو يميز بين القراءة الحداثية والقراءة المعاصرة. أما عند محمد أركون الحداثوي فشحرور ومالك بن نبي والسيد الخوئي وحتى الصادق بلعيد، هؤلاء عنده هم أصحاب "خطاب تبجيلي" ولسبب هو أن الوحي عندهم لم يخضع للمساءلة ولم يصبح إشكاليا.

وأظن أن الإنتصار للقرآن أو للفهم الأصح للقرآن هو المطلوب، فلا يهم مصدر الشبهة أو الخطأ: قراءة سلفية (أصيلة، تراثية)، غنوصية باطنية، عصرانية، حداثية، إستشراقية أو عدائية كانت.

القراءة العصرانية التي يقدمها شحرور ومحمد أحمد خلف الله، وإلى حد ما القراءة الحداثية التي يقدمها محمد عابد الجابري للقصص القرآني، فهي في نظري إجتهادات تحتمل الخطأ والصواب، فيكون موضوع الإنتصار هو الإنتصار للفهم الأصح أو للإجتهاد الأقوى، لا الرد على الشبهة، لأن تلك القراءات لا تنال من قيمة القرآن ولا من مصدره ومشروعيته وتاريخه. أي أن الإختلاف معهم فيما يخص تلك القراءات يتعلق بالتأويل لا التنزيل.
 
يتسابق العلمانيون العرب ويتفاضلون فيما بينهم ويتفاخرون بالأقرب منهم إلى إبليس!
تأمل تعليق الهالك: " شاكر النابلسي " حين اعترض على تكفير بعض علماء الأزهر لـ " سيد القمني " والتوصية بمصادرة كتبه، فقال: " لماذا لم يكفروني ويوصوا بمصادرة كتبي رغم أني أكثر نقداً للإسلام منه "؟!
 
يتحدث الدكتور عبد الرحمن صالح عن منهج شحرور ويصفه بأنه يحاول أن يفهم بالعقل وحده موضوعا ذا طبيعة ثنائية، وأن منهجه "المبتدع" خير من كثير من "التقليد والاتباع" عند المتصدرين للدين الرسمي الذين لا هم جددوا حقيقة ولا تركوا المكان لمن هو أولى وأجدر منهم في توجيه الناس نحو مقاصد الدين الرئيسة!
ولعله معذور أنه كما ذكر لم يقرأ شحرور بعد، وإن قد استمع لبعض من محاضراته، لكنه حين يقرأ ويتمعن سيجد أن مشكلة شحرور ليست في استخدامه العقل بل في أنه يضع عقله جانباً حين يكتب عن القرآن والإسلام، ويريد منا أن نعطل عقولنا كي نتجرع كل ما يتناقض مع العقل والعلم واللغة العربية فضلاً عن القرآن الكريم، وبالتأكيد فلا يمكننا تسمية تخريفاته وتحريفاته اجتهادا، إلا إذا أصبحت كلمة الاجتهاد في غاية الابتذال ولم تعد تعني الاجتهاد الذي نعرفه
 
حقا إن المطلوب هو الانتصار للقرآن الكريم بمعنى الانتصار للفهم الأصوب فضلاً عن الرد على الشبهات، أما قول الأستاذ شايب إن قراءة شحرور لا تنال من قيمة القرآن ولا من مصدره ومشروعيته وتاريخه، وأن الاختلاف مع الشحرور يتعلق بالتأويل لا بالتنزيل، فإن الأمر على الضد تماماً، والخلاف مع شحرور وأمثاله هو في التأويل والتنزيل معا، وأنا أزعم أن الأستاذ شايب هو ممن لبّس عليهم الشحرور، وإن القراءة المتمعنة لتلبيساته من شأنها تصويب تلك النظرة العجلى.
 
يبدو لي أنّ الأخ طارق يُغفِل مسألة مهمة جداً يتحدّث عنها الأخ شايب وهي أنّ شحرور يعلنُ أنه يؤمن بأنّ القرآن العظيم كلام الله تعالى وأنه ينبري للدفاع عنه وإيجاد طرائق عقلية غير مسلوكة من قبل بمساعدة العلم الحديث وتحليل اللغة. فسواء اتفقنا أو اختلفنا معه فلا يمكننا اتهامه بأكثر من ابتداع الطريقة أو إبعاد النُّّجعة في الفهم وإذا فعلنا ذلك فنحن مطالَبون بالدليل. رغم أني لم أقرأ لشحرور حرفا واحدا إلا أنّ ما استمعت له من يوتيوبات تجعلني أستيقن وجوب التنبه إلى هذا الفارق الكبير الذي أشرت إليه وإلى تأييد منشور الأخ شايب أعلاه والله أعلم
 
كلام الدكتور عبد الرحمن يثير العجب والاستغراب؛ فهو من جهة يكرر التأكيد أنه لم يقرأ لشحرور حرفا واحداً، ثم يتحدث عنه كما لو كان خبيرا بما يكتب الرجل مؤكدا أن شحرور كما يعلن( يؤمن بأنّ القرآن العظيم كلام الله تعالى وأنه ينبري للدفاع عنه وإيجاد طرائق عقلية غير مسلوكة من قبل بمساعدة العلم الحديث وتحليل اللغة.)، علما بأنني لم أحرص على تكفير الرجل هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنني أكرر القول أن الشحرور ، وبالذات فيما كتبه عن القصص القرآني، فإنه يكتب بلا منهجية، ولا يشفع له أنه يحرص على التزام نظرية عدم وجود ترادف في القرآن وهو ما لا يخالفه فيه أهل العلم والتحقيق، ولكنه يشتط ويحرف ويأتي بما لا يقبله العقل،
ثم إنه لا يكفي أن يقول أحد إنه يؤمن بالقرآن ويدافع عنه لنسكت عن أخطائه ونتعامى عن خطاياه، ولا يزال العلماء ينتقدون أساطين التفسير من الطبري والرازي والزمخشري والسيوطي ورشيد رضا وصاحب الظلال، بالرغم من علو مكانتهم وجلال قدرهم،
وقد كتبت ثماني حلقات عن قراءته للقصص القرآني حتى لم أعد أحتمل تفاهات ما يخرف ويحرف، وأحب أن أؤكد أنني عندما قرأت بعض ما كتبه محمد أركون وهو أوضح في العداوة للقرآن والإسلام فإنني قد أفدت كثيرا لأن الرجل له قراءات عميقة في علوم مختلفة ومنها العلوم التي درس الغرب بها كتبهم المقدسة، ولولا أنه كان قد اتخذ موقفه من القرآن مسبقاً لوصل إلى الحق، وقد نشرت في هذا الملتقى عدة حلقات عن أركون وقراءته للقرآن منها
أركون ... أراد إثبات بشرية القرآن فأنطقه الله بعكس مراده (4)
http://vb.tafsir.net/tafsir39504/#.VRWvafzF_2E


ثم إنني أعجب كيف يطالبني الدكتور الصالح بالدليل على انحرافات شحرور ، وقد أفضت في ذلك خلال الحلقات الثماني وبالاقتباس من كتبه، بينما هو يصر على إعطائه صك البراءة بدون أي دليل. أما دعوى الدكتور بأنه يسلك طرائق غير مسلوكة في قراءة القرآن فليس ذلك إذا صح هو سبب انتقادنا له وإنما هي انحرافاته التي تغص بها صفحات كتبه، وليس يضيرنا جدة الطرائق ولا حداثة المناهج بل الواقع أن كل ذلك لا يزيد القرآن الكريم إلا تألقا، ولكنه يرمينا بتخريفاته وتحريفاته تحت دعاوى جدة الطرائق وحداثة المناهج واستخدام الدراسات اللغوية الحديثة.
 
عودة
أعلى