سالم سرور عالي
New member
- إنضم
- 15/04/2006
- المشاركات
- 161
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
قراءة جديدة لمرض القولون وعلاجه
[FONT="]قبل أيام ناقشني بعض طلبتي عن سبب وفاة الإمامين الشافعي (ت: 204هـ ) وابن حجر(ت: 852هـ ) رحمهما الله تعالى ، وعلاقة مرضهما بِعلة القولون ، فانقدح في ذهني تأصيل هذه المسألة بإجمال. [/FONT]
[FONT="]لاحظتُ من خلال إستقراء ما كُتب حول مرض القولون أن ما دُوِّن عنه لم يفِ بالغرض من الوجهة الشرعية ، وقد يكون مستوفىً من الوجهة الطبية العلاجية ، وفوق كلِّ ذي علم عليم .[/FONT]
[FONT="]تكمن أهمية هذا المقال في التعرُّف على مهمات الأحكام الشرعية المتعلِّقة بهذا المرض ، والوقوف على موارد الأدلة وقواعدها المؤدِّية إلى التعافي منه .[/FONT]
[FONT="]وقد تقرر عند الأصوليين أن بعض المأمورات لا يصح فيها التخييِّر وتكلُّف الطلب . ومن ذلك التجربة على المرضى وتخيُّر الأدوية بدون ضابط من الشرع ، كما هو حال مرضى القولون ، فبعضهم له عشرون سنة يتنقل بين الأدوية وعلاجه الناجع أقرب إليه من شسع نعله ! .[/FONT]
[FONT="]كثير من الناس أسرفوا في الإقبال على تناول أغدية مُحدَّدة وامتنعوا عن أغذية أُخرى طلبًا للشفاء من هذا المرض ، لكن دون جدوى .[/FONT]
[FONT="]وفي نفس الوقت تم إهمال كثير من الأوامر الشرعية المتعلِّقة بالمرض ، فاستفحل الداء وطال زمنه ، وأضحى كثيرٌ من الناس يخرجون من الباب الذي دخل المرض منه ، فلا المرض تم علاجه ، ولا أسبابه عُرفت وتم اجتنابها .[/FONT]
[FONT="]بعض الأمراض التي يطول أمدها مع الإنسان يكون سببها مخالفة هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطعام والشراب ، أو مخالفة قاعدة نبوية في الغذاء ، أو إيذاء البدن بهواء أو بغذاء لم يعتد عليه ، أو بطاعة النفس في التهام كُّل شهيِّ ولذيذ ، دون مراعاة ضرره على البدن ، ونحو ذلك من المخالفات . وقد تقرر عند الأصوليين أن الاستطاعة الموجبة للفعل يأثم صاحبها إن فرَّط فيها وهو عالم بحدودها . وقد قال الله تعالى : " ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون " ( هود : 20 ) .[/FONT]
[FONT="]قواعد علم الطب الحديث التي تُسمَّى بنظريات العلم التجريبي هي التي أفسدت كثيراً من عافية الناس ، فأضحت الأبدان ضعيفة تُؤذيها نسمة الهواء العليلة ويُؤرِّقها جريان الماء في عروق النبات ، ولهذا باتت الأبدان لا تعرف طعم العافية إلا بتناول العقاقير الكيمائية الحديثة .[/FONT]
[FONT="]ومما زاد الطين بِلة تنافس الشركات الطبية الحديثة في الترويج لكل عقار جديد خُلط بالمواد المصنعة لإدمان الأبدان على تناولها كل حين.[/FONT]
[FONT="]وقد حدثني بعض الأطباء أن سُموم الأدوية تُؤثِّر في البدن ولو بعد عشرات السنين. [/FONT]
[FONT="]والمعضلة أنه لا يمكن الإستغناء عن العقاقير الحديثة ، لأنها اختلطت بدم الإنسان وعظامه وأصبحت ضرورة شرعية وعادة طبية للتداوي ، لكن الخطأ في الإسراف في تناولها ووصفها لكل مريض ومعتلِّ ، وكأن المرضى شربوا من كأسٍ واحد .[/FONT]
[FONT="]يبدأ مرض القولون من الناحية الشرعية بسبب اعتلالات نفسية : حزن وقلق وخوف وهموم متراكمة في الصدر وساوس ، وتستحيل هذه العِلل مع الوقت لإحداث آلام مزمنة ومتقطِّعة في الجهاز الهضمي مع اصفرار الوجه وشحوبه .[/FONT]
[FONT="]مِحور الداء يبدأ من هذه العِلل الخمسة ، وإن طالت هدمت أعلى الجهاز الهضمي وأسفله ، فأحدثت نزيفاً وصديداً مزمناً. [/FONT]
[FONT="]والطب الحديث فشل في رصد علاج لهذه العِلل ، فيجب على المريض التفطُّن لمولِّداتها والحذر من استفحالها ومجاهدة النفس على التقليل منها أو قطع أسبابها . فمعرفة الداء نصف العلاج كما يقال .[/FONT]
[FONT="]المستحضرات العشبية التي تُوصف لمريض القولون تُخفِّف من الداء لكن الألم الرئيس لا يزول إلا بزوال سببه .[/FONT]
[FONT="]ولهذا فإن أنجع وسيلة للقضاء على هذا الداء يكون بتسلية المريض وادخال السرور على نفسه والترويح عنه بالكلام المباح والمزاح الذي يجلب السرور ، وتطييِّب خاطره بما يفرحه ، مع الإستغفار في السَّحر .[/FONT]
[FONT="]ولهذا فإن الطفل إنما ينشأ وتستقيم طباعه على ما عوَّده أهله وبيئته في الخِلال الخمس المُتقدِّمة ، والعكس بالعكس .[/FONT]
[FONT="]وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل من نبَّه على هذا المسلك في علاج الإعتلالات النفسية وما تُسِّببه من أدواء مزمنة كالحزن والإحباط وكراهية الناس ، ونحو ذلك .[/FONT]
[FONT="]فقد كان المعصوم يصف للمرضى ما يُسمَّى بالتلبينة كما في المرفوع ": التلبينة مُجمَّة لفؤاد المريض ، تُذهب ببعض الحزن" متفق عليه .[/FONT]
[FONT="]والتلبينة هي الدقيق مع العسل.ويسمى عندنا في قريتنا " المعفوس " ![/FONT]
[FONT="]تهيجات القولون وما تُسبِّبه من إفرازات للجهاز الهضمي هي أثر الحزن والخوف والقلق والتفكير في الماضي والحاضر والمستقبل .[/FONT]
[FONT="]ولن تزول هذه الأعراض ومخلَّفاتها إلا بالثقة بالله تعالى وحسن الظن به والتوكل عليه والإبتهال إليه وعدم التفكير في مدح الناس وذمِّهم .[/FONT]
[FONT="]ومن تأمل قصة يعقوب عليه السلام في حُزنه على يوسف عليه السلام أدرك كيف يكون أثر التفكير الإضطراري على بدن الإنسان ومشاعره وأعضائه .[/FONT]
[FONT="]من أعظم أسباب الشفاء من القولون تربية النفس على الرضا وعدم الغضب والكره ، إلا ما لا طاقة للإنسان على دفعه . [/FONT]
[FONT="]ومن تأمل تعلُّق الأحكام بمراعاة حال البدن ، كحكم طلاق الغضبان وحكم قضاء الحاكم حال غضبه ، وصلاة مدافع الأخبثين ونحوها ، عرف دقة الشرع الحكيم في مراعاة حفظ المشاعر ، لحفظ البدن من الإختلال .[/FONT]
[FONT="]ومما يُنفِّس على المريض داءه أن هذا المرض خيرٌ لصاحبه، إفهامه أن وجعه من آثار الهِمم السامقة والعزائم الصلبة .[/FONT]
[FONT="]فمن قرأ سيرة بعض العلماء كابن حزم ( ت: 456هـ) والعز بن عبد السلام( ت: 660هـ ) وابن تيمية (ت: 728هـ ) وأحمد شاكر( ت: 1377هـ ) ومحمود شاكر(ت: 1418هـ ) والألباني(ت: 1420هـ) وابن عثيمين (ت: 1421هـ) رحمهم الله تعالى، وغيرهم من النبهاء ، يلحظ عوارض هذا الأمر في هِممهم وأبدانهم من خلال سيرتهم وتأريخهم ، فقد كانت تعتريهم حِدَّة في الأخلاق بسبب طول البحث والنظر في المسائل والتصدُّر للنوازل ، ولن يخلو الجسد من آثار ذلك ولله في خلقه شؤون . [/FONT]
[FONT="]وهذا مصداق قول الشاعر :[/FONT]
[FONT="]وإذا كانت النفوس كباراً [/FONT]
[FONT="]تعبت في مُرادها الأجسامُ[/FONT]
[FONT="]وقول الشاعر : [/FONT]
[FONT="]ولكل جسم في النحول بليٌة [/FONT]
[FONT="]وبلاء جسمي من تفاوت هِمتي[/FONT]
[FONT="]يغيب عن أذهان من ابتلوا بهذا الداء أن القولون لا يمكن التعافي منه إلا بالتوازن النفسي والغذائي ، بمعنى أن لا يُفكِّر الإنسان في تحقيق ما هو أعلى من قدراته وملكاته ، وأن لا يستغرق في محاولة إصلاح ما لا يستطيع إصلاحه ، فالمُدبِّر هو الله ، وكل شي يسير في الكون بتقدير الله ، وعلينا العمل وعلى الله التيسير .[/FONT]
[FONT="]فمحاولة تغيير سنن الله أو تبديلها تُفسد البدن وتوهن القُوى .[/FONT]
[FONT="]والرِّضا مع العمل هو الترياق الشافي بإذن الله .[/FONT]
[FONT="]والتوازن الغذائي يكون بعدم إرهاق البدن بالمأكولات دفعةً واحدة بشحومها ولحومها ، أو النوم بعد الشِّبع ، أو إدخال الطعام على الطعام ، مما يُسبِّب الأخلاط الفاسدة في جوف الإنسان ، وربما الوفاة .[/FONT]
[FONT="]يعاني بعض مرضى القولون من شدة تجمع الغازات في البطن وضغطها على البدن مما يفسد الطهارة والصلاة على صاحبها ، وقد جوَّز الشرع لهذه الحالة الوضوء عند وقت الشروع في الصلاة دفعاً للحرج ، والجمع بين الصلاتين ، ويكون حضور الجمعة والجماعة مُتعيِّناً حسب الإستطاعة .[/FONT]
[FONT="]وقد قال العلامة العيني (ت: 855هـ ) رحمه الله تعالى :" ويُلحق بالمستحاضة ما في معناها[/FONT][FONT="]،كمن به سلس البول والمذي والودي ، ومن به جُرح يسيل[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="] .[/FONT]
[FONT="]والقاعدة هنا : أن من كان به مرض يخاف معه تلف النَّفس أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النَّفس أو تلف عضو أو فوات منفعة ، فهذا يجوز له التيمم لقول الله تعالى : "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[/FONT][FONT="]" )[/FONT][FONT="]النِّساء: [/FONT][FONT="]29) .[/FONT]
[FONT="]ومن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم [/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]أما إسهال وإمساك القولون فهما مما يُبيحا لصاحبها الترخُّص من أداء الواجب في وقته وصفته المعهودة ، فيتطهر بقدر طاقته ويُصلِّي حسب حاله .[/FONT]
[FONT="]ولهذا عُرف بين العامة والخاصة أن صاحب القولون مما يُطيل المكث في المستراح ، فتكون رخصته دفعاً لمشقته ، وعُرف أيضاً بعجزه عن الجلوس الطويل في المجلس على هيئة التربيع ، لأن هذه الجلسة تحدث آلامًا لصاحبها وعدم طمأنينة في البطن .[/FONT]
[FONT="]وقد اتفق أكثر الفقهاء على أنه يُباح الفطر – حال الصيام - للمريض الذي يتضرَّر بالقولون ، إذا كان يؤخِّر الصوم شفاءه أو يزيد في مرضه، ويلزمه أن يقضي عدد ما أفطر من أيام رمضان عند التمكُّن من ذلك، لقول الله تعالى: "فَمَن كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة:184 ).[/FONT]
[FONT="]وإن قرَّر الطبيب الثقة بأن القولون لا يُرجى برؤه، فيلزم أن يخرج عن كل يوم كفارة، وهي إطعام مسكين مداً من طعام، وهو ما يعادل (750 جراماً ) تقريباً ، ولا قضاء عليه . [/FONT]
[FONT="]وفي الختام أُنبِّه على ما قرَّره الأصوليون من أن المندوب قد يُقدَّم على الواجب أحياناً . وعليه فيجب تقديم الأخذ بأسباب العافية السالفة على تناول العقاقير الطبية ، فقد يطول الداء وأسباب العافية معلومة لكنها مهجورة . ومقيِّد هذه السطور يعرف من تعافى من هذا المرض في أيام قليلة ، ومنهم من حُرم العافية إلى هذه الساعة . والحمد لله على ألطافه .[/FONT]
[FONT="]نسأل الله العافية لنا ولجميع المسلمين . هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة[/FONT]
(منقول )
[FONT="]قبل أيام ناقشني بعض طلبتي عن سبب وفاة الإمامين الشافعي (ت: 204هـ ) وابن حجر(ت: 852هـ ) رحمهما الله تعالى ، وعلاقة مرضهما بِعلة القولون ، فانقدح في ذهني تأصيل هذه المسألة بإجمال. [/FONT]
[FONT="]لاحظتُ من خلال إستقراء ما كُتب حول مرض القولون أن ما دُوِّن عنه لم يفِ بالغرض من الوجهة الشرعية ، وقد يكون مستوفىً من الوجهة الطبية العلاجية ، وفوق كلِّ ذي علم عليم .[/FONT]
[FONT="]تكمن أهمية هذا المقال في التعرُّف على مهمات الأحكام الشرعية المتعلِّقة بهذا المرض ، والوقوف على موارد الأدلة وقواعدها المؤدِّية إلى التعافي منه .[/FONT]
[FONT="]وقد تقرر عند الأصوليين أن بعض المأمورات لا يصح فيها التخييِّر وتكلُّف الطلب . ومن ذلك التجربة على المرضى وتخيُّر الأدوية بدون ضابط من الشرع ، كما هو حال مرضى القولون ، فبعضهم له عشرون سنة يتنقل بين الأدوية وعلاجه الناجع أقرب إليه من شسع نعله ! .[/FONT]
[FONT="]كثير من الناس أسرفوا في الإقبال على تناول أغدية مُحدَّدة وامتنعوا عن أغذية أُخرى طلبًا للشفاء من هذا المرض ، لكن دون جدوى .[/FONT]
[FONT="]وفي نفس الوقت تم إهمال كثير من الأوامر الشرعية المتعلِّقة بالمرض ، فاستفحل الداء وطال زمنه ، وأضحى كثيرٌ من الناس يخرجون من الباب الذي دخل المرض منه ، فلا المرض تم علاجه ، ولا أسبابه عُرفت وتم اجتنابها .[/FONT]
[FONT="]بعض الأمراض التي يطول أمدها مع الإنسان يكون سببها مخالفة هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطعام والشراب ، أو مخالفة قاعدة نبوية في الغذاء ، أو إيذاء البدن بهواء أو بغذاء لم يعتد عليه ، أو بطاعة النفس في التهام كُّل شهيِّ ولذيذ ، دون مراعاة ضرره على البدن ، ونحو ذلك من المخالفات . وقد تقرر عند الأصوليين أن الاستطاعة الموجبة للفعل يأثم صاحبها إن فرَّط فيها وهو عالم بحدودها . وقد قال الله تعالى : " ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون " ( هود : 20 ) .[/FONT]
[FONT="]قواعد علم الطب الحديث التي تُسمَّى بنظريات العلم التجريبي هي التي أفسدت كثيراً من عافية الناس ، فأضحت الأبدان ضعيفة تُؤذيها نسمة الهواء العليلة ويُؤرِّقها جريان الماء في عروق النبات ، ولهذا باتت الأبدان لا تعرف طعم العافية إلا بتناول العقاقير الكيمائية الحديثة .[/FONT]
[FONT="]ومما زاد الطين بِلة تنافس الشركات الطبية الحديثة في الترويج لكل عقار جديد خُلط بالمواد المصنعة لإدمان الأبدان على تناولها كل حين.[/FONT]
[FONT="]وقد حدثني بعض الأطباء أن سُموم الأدوية تُؤثِّر في البدن ولو بعد عشرات السنين. [/FONT]
[FONT="]والمعضلة أنه لا يمكن الإستغناء عن العقاقير الحديثة ، لأنها اختلطت بدم الإنسان وعظامه وأصبحت ضرورة شرعية وعادة طبية للتداوي ، لكن الخطأ في الإسراف في تناولها ووصفها لكل مريض ومعتلِّ ، وكأن المرضى شربوا من كأسٍ واحد .[/FONT]
[FONT="]يبدأ مرض القولون من الناحية الشرعية بسبب اعتلالات نفسية : حزن وقلق وخوف وهموم متراكمة في الصدر وساوس ، وتستحيل هذه العِلل مع الوقت لإحداث آلام مزمنة ومتقطِّعة في الجهاز الهضمي مع اصفرار الوجه وشحوبه .[/FONT]
[FONT="]مِحور الداء يبدأ من هذه العِلل الخمسة ، وإن طالت هدمت أعلى الجهاز الهضمي وأسفله ، فأحدثت نزيفاً وصديداً مزمناً. [/FONT]
[FONT="]والطب الحديث فشل في رصد علاج لهذه العِلل ، فيجب على المريض التفطُّن لمولِّداتها والحذر من استفحالها ومجاهدة النفس على التقليل منها أو قطع أسبابها . فمعرفة الداء نصف العلاج كما يقال .[/FONT]
[FONT="]المستحضرات العشبية التي تُوصف لمريض القولون تُخفِّف من الداء لكن الألم الرئيس لا يزول إلا بزوال سببه .[/FONT]
[FONT="]ولهذا فإن أنجع وسيلة للقضاء على هذا الداء يكون بتسلية المريض وادخال السرور على نفسه والترويح عنه بالكلام المباح والمزاح الذي يجلب السرور ، وتطييِّب خاطره بما يفرحه ، مع الإستغفار في السَّحر .[/FONT]
[FONT="]ولهذا فإن الطفل إنما ينشأ وتستقيم طباعه على ما عوَّده أهله وبيئته في الخِلال الخمس المُتقدِّمة ، والعكس بالعكس .[/FONT]
[FONT="]وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل من نبَّه على هذا المسلك في علاج الإعتلالات النفسية وما تُسِّببه من أدواء مزمنة كالحزن والإحباط وكراهية الناس ، ونحو ذلك .[/FONT]
[FONT="]فقد كان المعصوم يصف للمرضى ما يُسمَّى بالتلبينة كما في المرفوع ": التلبينة مُجمَّة لفؤاد المريض ، تُذهب ببعض الحزن" متفق عليه .[/FONT]
[FONT="]والتلبينة هي الدقيق مع العسل.ويسمى عندنا في قريتنا " المعفوس " ![/FONT]
[FONT="]تهيجات القولون وما تُسبِّبه من إفرازات للجهاز الهضمي هي أثر الحزن والخوف والقلق والتفكير في الماضي والحاضر والمستقبل .[/FONT]
[FONT="]ولن تزول هذه الأعراض ومخلَّفاتها إلا بالثقة بالله تعالى وحسن الظن به والتوكل عليه والإبتهال إليه وعدم التفكير في مدح الناس وذمِّهم .[/FONT]
[FONT="]ومن تأمل قصة يعقوب عليه السلام في حُزنه على يوسف عليه السلام أدرك كيف يكون أثر التفكير الإضطراري على بدن الإنسان ومشاعره وأعضائه .[/FONT]
[FONT="]من أعظم أسباب الشفاء من القولون تربية النفس على الرضا وعدم الغضب والكره ، إلا ما لا طاقة للإنسان على دفعه . [/FONT]
[FONT="]ومن تأمل تعلُّق الأحكام بمراعاة حال البدن ، كحكم طلاق الغضبان وحكم قضاء الحاكم حال غضبه ، وصلاة مدافع الأخبثين ونحوها ، عرف دقة الشرع الحكيم في مراعاة حفظ المشاعر ، لحفظ البدن من الإختلال .[/FONT]
[FONT="]ومما يُنفِّس على المريض داءه أن هذا المرض خيرٌ لصاحبه، إفهامه أن وجعه من آثار الهِمم السامقة والعزائم الصلبة .[/FONT]
[FONT="]فمن قرأ سيرة بعض العلماء كابن حزم ( ت: 456هـ) والعز بن عبد السلام( ت: 660هـ ) وابن تيمية (ت: 728هـ ) وأحمد شاكر( ت: 1377هـ ) ومحمود شاكر(ت: 1418هـ ) والألباني(ت: 1420هـ) وابن عثيمين (ت: 1421هـ) رحمهم الله تعالى، وغيرهم من النبهاء ، يلحظ عوارض هذا الأمر في هِممهم وأبدانهم من خلال سيرتهم وتأريخهم ، فقد كانت تعتريهم حِدَّة في الأخلاق بسبب طول البحث والنظر في المسائل والتصدُّر للنوازل ، ولن يخلو الجسد من آثار ذلك ولله في خلقه شؤون . [/FONT]
[FONT="]وهذا مصداق قول الشاعر :[/FONT]
[FONT="]وإذا كانت النفوس كباراً [/FONT]
[FONT="]تعبت في مُرادها الأجسامُ[/FONT]
[FONT="]وقول الشاعر : [/FONT]
[FONT="]ولكل جسم في النحول بليٌة [/FONT]
[FONT="]وبلاء جسمي من تفاوت هِمتي[/FONT]
[FONT="]يغيب عن أذهان من ابتلوا بهذا الداء أن القولون لا يمكن التعافي منه إلا بالتوازن النفسي والغذائي ، بمعنى أن لا يُفكِّر الإنسان في تحقيق ما هو أعلى من قدراته وملكاته ، وأن لا يستغرق في محاولة إصلاح ما لا يستطيع إصلاحه ، فالمُدبِّر هو الله ، وكل شي يسير في الكون بتقدير الله ، وعلينا العمل وعلى الله التيسير .[/FONT]
[FONT="]فمحاولة تغيير سنن الله أو تبديلها تُفسد البدن وتوهن القُوى .[/FONT]
[FONT="]والرِّضا مع العمل هو الترياق الشافي بإذن الله .[/FONT]
[FONT="]والتوازن الغذائي يكون بعدم إرهاق البدن بالمأكولات دفعةً واحدة بشحومها ولحومها ، أو النوم بعد الشِّبع ، أو إدخال الطعام على الطعام ، مما يُسبِّب الأخلاط الفاسدة في جوف الإنسان ، وربما الوفاة .[/FONT]
[FONT="]يعاني بعض مرضى القولون من شدة تجمع الغازات في البطن وضغطها على البدن مما يفسد الطهارة والصلاة على صاحبها ، وقد جوَّز الشرع لهذه الحالة الوضوء عند وقت الشروع في الصلاة دفعاً للحرج ، والجمع بين الصلاتين ، ويكون حضور الجمعة والجماعة مُتعيِّناً حسب الإستطاعة .[/FONT]
[FONT="]وقد قال العلامة العيني (ت: 855هـ ) رحمه الله تعالى :" ويُلحق بالمستحاضة ما في معناها[/FONT][FONT="]،كمن به سلس البول والمذي والودي ، ومن به جُرح يسيل[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="] .[/FONT]
[FONT="]والقاعدة هنا : أن من كان به مرض يخاف معه تلف النَّفس أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النَّفس أو تلف عضو أو فوات منفعة ، فهذا يجوز له التيمم لقول الله تعالى : "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[/FONT][FONT="]" )[/FONT][FONT="]النِّساء: [/FONT][FONT="]29) .[/FONT]
[FONT="]ومن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم [/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]أما إسهال وإمساك القولون فهما مما يُبيحا لصاحبها الترخُّص من أداء الواجب في وقته وصفته المعهودة ، فيتطهر بقدر طاقته ويُصلِّي حسب حاله .[/FONT]
[FONT="]ولهذا عُرف بين العامة والخاصة أن صاحب القولون مما يُطيل المكث في المستراح ، فتكون رخصته دفعاً لمشقته ، وعُرف أيضاً بعجزه عن الجلوس الطويل في المجلس على هيئة التربيع ، لأن هذه الجلسة تحدث آلامًا لصاحبها وعدم طمأنينة في البطن .[/FONT]
[FONT="]وقد اتفق أكثر الفقهاء على أنه يُباح الفطر – حال الصيام - للمريض الذي يتضرَّر بالقولون ، إذا كان يؤخِّر الصوم شفاءه أو يزيد في مرضه، ويلزمه أن يقضي عدد ما أفطر من أيام رمضان عند التمكُّن من ذلك، لقول الله تعالى: "فَمَن كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة:184 ).[/FONT]
[FONT="]وإن قرَّر الطبيب الثقة بأن القولون لا يُرجى برؤه، فيلزم أن يخرج عن كل يوم كفارة، وهي إطعام مسكين مداً من طعام، وهو ما يعادل (750 جراماً ) تقريباً ، ولا قضاء عليه . [/FONT]
[FONT="]وفي الختام أُنبِّه على ما قرَّره الأصوليون من أن المندوب قد يُقدَّم على الواجب أحياناً . وعليه فيجب تقديم الأخذ بأسباب العافية السالفة على تناول العقاقير الطبية ، فقد يطول الداء وأسباب العافية معلومة لكنها مهجورة . ومقيِّد هذه السطور يعرف من تعافى من هذا المرض في أيام قليلة ، ومنهم من حُرم العافية إلى هذه الساعة . والحمد لله على ألطافه .[/FONT]
[FONT="]نسأل الله العافية لنا ولجميع المسلمين . هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة[/FONT]
(منقول )