الحذف : البنية العميقة و البنية السطحية .
الحذف : البنية العميقة و البنية السطحية .
بسم الله الرحمن الرحيم.
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عامر مهدي صالح العلواني ـ حفظه الله ـ .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإني أحمد الله إليكم أن وفقكم لدراسة الحذف بهذه الطريقة العلمية المتميزة ، و إن كنت أرى أن للموضوع تتمات و ذيولا يتعين استكمالها . و ذلك ما نتمناه على فضيلتكم إتماما للفائدة في مثل هذه الموضوعات اللغوية والبلاغية التي قلما يعرض إليها الباحثون .
و قد عنت لي بعض الملاحظات و أنا بصدد قراءة بحثكم يمكنني إجمالها في ما يلي :
1- إن التحليل اللغوي ـ من حيث المنطلقات التأسيسية ، و الأدوات الإجرائية ـ في المدرسة الوصفية ، ليس هو التحليل نفسه في المدرسة التوليدية التحويلية ، و من ثم فإنه لا يجوز لنا القول بتخطئة من يتبنى مدرسة معينة مخالفة للمدرسة التي نتبناها في تحليلنا للنصوص و الخطابات اللغوية . و العمدة عندنا تكامل النموذج مما يجعل منه منظومة متكاملة قادرة على التوصيف العلمي ، و وضوحه و بساطته و اقتصاد المجهود من جهة . و قابليته للتطبيق من جهة أخرى . كما أن كفاءته و كفايته تتمثل في قابليته للنقد بل النقض .
2- إن إرجاع الجملة إلى أصلها ـ البنية العميقة ـ مع رصد التحويلات الطارئة عليها ، وصولا إلى البنية السطحية ، هو في تصوري تمييز بين مستويين :
أ ـ المستوى النحوي التركيبي .
ب ـ المستوى البلاغي الجمالي .
ومن ثم فإن عمل النحاة و اللغويين و البلاغيين العرب هو مساهمة جادة لفهم الطريقة التي تشتغل بها اللغة في مسيرتها لإنجاز الخطاب اللغوي الرفيع " الأدبي " ، و من ثم فهي عملية ربط بين المبنى و المعنى و الجمال . مع استحضار أبعاد تداولية يمكننا حصرها في إرادة المتكلم ، و إرادة المخاطب ، و ذاتية الخطاب ، و ما يؤطر ذلك كله من ظروف إنتاج الخطاب ، و ظروف تلقيه .
و لعلكم استدركتم ذلك في آخر بحثكم عندما بينتم أن الأثر الفني يكمن في التركيب الذي تمثله البنية السطحية ، التي كانت بنية عميقة و طرأت عليها تحويلات .
3- إن نقض النموذج لا يمكن أن يتم بالاستناد إلى مثال أو أمثلة محدودة ، بل ذلك ما يؤكده ، فمعلوم أن الشذوذ يؤكد القاعدة و لا يخرمها ، و من ثم فإن الدليل العقلي المعتمد من قبل اللغويين و البلاغيين العرب لتأويل بعض الظواهر اللغوية ، هو منسجم مع المنطلقات التأسيسية للمدرسة اللغوية العربية باعتبارها مدرسة عقلية ، وواقعية ، و تأويلية ، فهي تعمل على تفسير الظواهر اللغوية بناء على واقع اللغة ، و ما يقتضيه الاستعمال اللغوي في علاقته بصاحب الخطاب و المتلقي و الخطاب في حد ذاته . علما أن إنتاج الخطاب و تلقيه يتمان في إطار معرفة مشتركة يصطلح عليها ب " معرفة العالم " . هذا الأمر يتعلق بالخطابات البشرية العادية ، أما الخطاب القرآني فإنه يمتاز بصفة الإطلاق مما يجعل معرفة المتلقي جزءا من معرفة صاحب الخطاب ، فالقرآن مطلق و الإنسان نسبي و لا يمكن للنسبي أن يحيط علما بالمطلق ، و من ثم فإن الإخبارات القرآنية المتعلقة بالصفات يعرفها صاحب اللسان العربي بدليل قدرته على التمييز بينها ، فالاستواء ليس هو العلم ، و البصر ليس هو القدرة ، و السمع ليس هو اليد ، فهو يعرفها و لكنه لا يدركها ، لأنه لا يملك صورة عن حقيقتها الخارجية ، و من ثم ذهب ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أن هذا هو ما استأثر الله تعالى بعلمه ، ومن ثم يتعين معالجة قضية المتشابه في إطار المحكم ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .(الشورى: من الآية11) نثبت لله ما أثبته لنفسه ، و ننفي عليه ما نفاه عن نفسه ، فالمنهج الحق هو الجمع بين النفي و الإثبات .
4- إنني لم أفهم لماذا تم استعمال مصطلح التناظر بديلا عن المصطلح المتداول في الدراسات القرآنية و البلاغية ألا و هو مصطلح التناسب ؟ .
و تفضلوا أخي الكريم بقبول خالص تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .