"قرآنيون" بل إنهم "لا- سنيون"

أبو عبد المعز

Active member
إنضم
20/04/2003
المشاركات
588
مستوى التفاعل
25
النقاط
28
"قرآنيون" بل إنهم "لا- سنيون"
فقد نبتت نابتة زعمت أنه لا يفسر القرآن إلا بالقرآن، وأن ليس للشريعة إلا مصدر وحيد هوالتنزيل ...مذهب متهافت يبخل المرء بوقته في دحضه....يكفي أن يعلم الناس أن هؤلاء يقولون بلسان حالهم "إن لكل من هب ودب الحق في تفسير القرآن وتأويله فيؤخذ من كلامه أويترك ،إلا رسول الله ،فلا حق له في شيء من ذلك، ولا يرجع إليه البتة، وقد استغنينا عنه بالقرآن...!!!
هذا القول لازم لهم أحبوا أم كرهوا...ومذهبهم بعدئذ ضراط في قفار...
وإنما نريد أن نناقش اصطلاح "قرآنيون" الذي ارتضوه لأنفسهم ، ولربما نبزهم به خصومهم فيمدحونهم من حيث يريدون ذمهم وهذا – لعمري- من الغفلة بمكان.
اعلم أن لكل مصطلح عند دلالته على أرباب المذاهب والمقالات جهتين:
جهة مثبتة تدل على المفهوم الذي ينم عن مذهب القوم إيجابا...
وجهة سالبة تدل على تميزهم عن غيرهم ...
والاكتفاء بالجهة الأولى يقلع وظيفة المصطلح من جذرها..
كما لو سمى المسلم ابنه "مسلما" وسمى حفيده بالاسم ذاته وسار على هذا النهج أفراد قبيلته فيكون كل شخص يدعى مسلم بن مسلم بن مسلم...!
صحيح إن الجهة المثبتة قائمة فقد عرفنا منها دين القبيلة...ولكن كيف السبيل إلى التمييزبين الأفراد في المعاهد والعقود والإدارات....؟
بل إن جهة التمييز أولى بالاعتبار من الجهة الأخرى....
فيقال لهؤلاء إن اسم "قرآنيون" لا ينبغي أن ترضوه لأنفسكم فأحرى أن يرضاه لكم خصومكم....والسر في ذلك راجع إلى فقدان جهة التمييز...فكل منتسب للإسلام من قريب أو بعيد يرى نفسه قرآنيا ولا يرضى أن تسلب منه هذه الصفة ولو كان مغرقا في أحمديته أو تشيعه أو تصوفه....ويرى –عن حق – أنه من الظلم أن تحتكرطائفة من الناس هذا الاسم ويمنعون من أن يكونوا داخلين ضمن مصاديقه....
ثم إنكم بتسميتكم أنفسكم "قرآنيون" كأنكم رضيتم اسم مسلم بن مسلم بن مسلم...!
لا تتميزون إذن لا مذهب لكم بل لا وجود لكم....وإلا كيف نضع حدود منطقة خضراء في لوحة كلها خضراء ذات لون وحيد...!
لن يكون وضع الحدود هنا إلا تحكما واعتباطا....
لا ينقذكم من هذه الورطة إلا أن تفصحوا عن الجهة المميزة لمذهبكم....وأنتم تقولون -ولا توارون- نحن لا نأخذ بالسنة..نـأخذ بالقرأن فقط...
وعلى هذه القاعدة وحدها يتعين عليكم أن لا تقبلوا إلا اسم "اللا- سنيين"
فهو وحده يستجيب لشروط الاصطلاح.....
وعلى خصومكم أن يحجموا عن إطلاق اسم "القرآنيون" عليكم لعلة أخرى :إذ فيه تزكية لفرقة يجزمون أن طائفة منهم زنادقة أوقريبون من الزندقة.
 
ولعل هؤلاء يأتون يجادلون عن أنفسهم :
نحن لا نستبعد السنة بما هي سنة...وإنما نرتاب في الرواة الذين نقلوها إلينا ...لقد اختلط كلام الرسول بكلام غيره فلا نستطيع الفصل بين الكلامين...فرأينا الأسلم أن لا نأخذ بشئ، لأن ما من حديث إلا ويحتمل أن يكون موضوعا أوضعيفا فلنا ،والحال هذه، مندوحة في القرآن المتواتر عندنا وعندكم..!
هذه أقوى ذريعة عندهم....فإن سقطت خر عليهم السقف من فوقهم...
ونحن – والحمد لله- نسقطها بالحجة الجدلية التالية:
هل يمكن لكم أن تدخلوا إلى القرآن من غير اللغة العربية؟
لا يستطيعون أن يتحامقوا...فلا بد لهم من إتقان اللغة نحوا وصرفا ومعجما وبلاغة ...وهنا نجرهم بتلابيبهم...
ما أدراكم أن الفاعل في زمن نزول القرآن كان العرب يجرونه والمفعول به كان مرفوعا والخمر عندهم نوع من السيوف والحجر لقمة من الخبزوالصحراء رداء أبيض منقط بالسواد قيل إنه مستورد من بلاد الهند....إلى غير ذلك من الهذيان..
فإن قالوا – ولا بد أن يقولوه- نحن نرجع إلى أئمة اللغة :إلى معاجمهم وصوتياتهم وقواعدهم وضوابطهم وأوزانهم وليس لنا سبيل أخرى....
قلنا لهم ذلك عينه مذهبنا في السنة...
فأي اعتراض لكم عن المحدثين هو عينه اعتراضنا عن اللغويين...
وأي جواب لكم عن اللغويين فهو عينه جوابنا عن المحدثين....
فإن قلتم مثلا إن في المحدثين متشددين ومتساهلين وقدماء ومحدثين وواهمين ومتوهمين فكيف سلم لكم الحديث الصحيح..؟
نقول لكم –وبالله التوفيق- إن في علماء اللغة بصريين وكوفيين وبغداديين و..... لا تكاد تخلو عندهم مسألة من تعدد الأقوال فكيف سلمت لكم اللغة الصحيحة...؟
حاصل النكتة في المقام أن نقدكم للمحدثين لازم لكم في شأن اللغويين....أبعدتم المحدثين فأبعدوا اللغويين!!!
وأنا شديد اللهفة إلى الاطلاع على تفسير" قرآني" لسورة الفاتحة من غير لغة عربية!!!
 
عودة
أعلى