ابتسام الجابري
New member
(( قبل ان يوسم كلنا يوما بالكفر ))..؟!
ألا يوجد منطوق آخر نوجه به خلافاتنا ؟
حديثي هنا هو جملة من الوقفات :
تأمل منذ أول سورة في القرآن الكريم وهي الفاتحة ، تم ذكر أصناف الناس :المنعم عليهم وأهل الكتاب ومن وافقهم في الجهل ثم الضلال،أو العلم مع تعمد العصيان.
ثم تلتها سورة البقرة التي ذكرت كذلك أصناف الناس: المؤمن والكافر والمنافق ،فذكرت في وصف المؤمنين في بدايتها خمس آيات ثم في الكافرين آيتين ثم في المنافقين عدة آيات.
ثم في بداية آل عمران ذكر الكافر والراسخ في العلم والمفتون .
وفي بداية النساء ذكر لأصل الناس من نفس واحدة ...وهكذا في سور القرآن ذكر لأصناف الناس ،واختلاف أحوالهم ،وتباين درجات إيمانهم،وانصراف حقيقة اليقين عن بعضهم ،ونفاق يخالج صدور صنف منهم ،وهوى وفسق يغوي من فتن منهم ،وكفر وإلحاد وارتداد يغشى آخرين.
ولكن هل تأملت قليلا .
هل ذكرتهم بأعيانهم وأسمائهم ،إلا ماكان في أمم سابقة كفرعون وقارون وهامان؟
بل لو تأملت سورة التوبة التي سميت بالفاضحة ،مع ذكرها لجملة طويلة من صفات أهل النفاق ، إلا أنها لم تذكر اسما واحدا لمنافق ،أو نبزت شخصا معينا بذلك الوسم.
وفي سورة النور تلك السورة التي تحدثت عن ذلك الإفك العظيم ،على أمنا عائشة رضي الله عنها، عن أحب الناس عند الحبيب عليه الصلاة والسلام وابنة أحب الناس إليه ، بل حادثة قذف لبيت النبوة ،ومع ذلك لم تحدد الأعيان والأسماء ،وقد وقف نبينا عليه الصلاة والسلام للصلاة على من خاض في ذلك ليصلي عليه عند قبره ،حتى نهي عنه.
وهذه السورة كذلك قررت آدابا جمة في مراعاة أصول المعاملة .
وفي سورة الحجرات ورد النهي عن الغيبة ،وتصويرها بأبشع الصور ، بأكل ميتة الأخ المغتاب، فما بالك بالتكفير!
وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين بأسمائهم ،ولكنه لم ينشر خبرهم ،هل تفكرت لماذا؟
وللأسف في واقعنا أصبح كل من نخالفه ليس منافقا فحسب ،بل كافر.
فالحاكم ،والعالم، والمجاهد،والفاسق،والمنافق،وحتى من كان جاهلا من عوام الناس كافر.
والسبب في هذا التوسع في التكفير:
قد يكون حمية ، والحمية في الحقيقة ليست سببا مجوزا للتكفير.
وقد يكون تظلما ونتيجة لظلم مؤلم واقع عليه ،وهذا لا يعد دافعا صحيحا للتكفير.
وقد يكون اجتهادا ،والاجتهاد بهذه الصورة دون التورع والاعتذار وإقامة الحجة ،والاستتابة ،والاستبانة ، ليس مسوغا للتكفير.
وقد يكون جهلا، وهذا يقال له قبل أن تقذف تعلم.
تصور معي كلنا ينظر للآخر بأنه كافر، ما أسوأ هذه الصورة ، وما أشنع النتيجة المترتبة عليه.
هل نحن في فسحة ومنعة ،وفي تمكين وقوة، لكي نتوسع في الخوض في التكفير بهذه الصورة ، التي يترتب عليها الهوان بكل صوره.
نزاع وخلاف ،وضعف وذلة ،ونفوس حانقة، وقلوب تغيظ وتزفر حقدا،وتراجع وقصور ،وظلم عظيم .
لم تراعى حرمة حاكم أو عالم أو إمام أو صالح ، ولا حرمة ذلك المجاهد الذي احتمل روحه التي بين جنبيه لتفيض في سبيل الله.
وبكل يسر وسهولة يقال : كافر .
ثم يتحامل أهل المشرق والمغرب ، هذه التهمة وتثبت عليه.
لماذا لا يتورع أحدنا عن هذه الكلمة التي يخرجها من فيه ، كقطرة ماء (كافر)، فيجعلها تحك في صدره ،ويراجع فيها ضميره وعقله، قبل أن يخرجها ، حتى يردها قبل أن تبلغ الآفاق ،وتؤذي نفوسا مظلومة.
مارأيك فيما لو أصبحت غدا ،أو أمسيت فوجدت نفسك ،وقد نبزت بالكفر
وثبتت عليك هذه البلية زورا؟ ألن تتألم؟ وكيف سيكون حالك؟ ومانتيجة ذلك في عملك؟وأي ظلم ستشعر به؟ ألا تظن أن هذا الأمر قد يقعدك عن عمل صالح، أو قد يدفعك إلى عمل سيء؟
لو استمر الحال على ما نحن عليه من التهاون في التكفير، سنصبح يوما كلنا نحمل هذا الوسم (كافر).
والنتيجة المتوقعة مع تكالب الأمم علينا ،وهذا العداء الذي نعيشه في صفوفنا ، هو الوقوع كلقمة سائغة لتلوكها تلك الأمم.
وأخيرا حتى لا نكون كلنا يوما (كفارا )، لا بد أن نحسن العودة لمنهج الكتاب والسنة ، وفي ذلك نصر للأمة.
نسألك اللهم أن تحيينا بقلوب سليمة ،و تقبضنا بقلوب سليمة، وتبعثنا بقلوب سليمة ،وأن لا تزل ألسنتا في دين مسلم أو عرضه.
والحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه.
أ.د.ابتسام الجابري
ألا يوجد منطوق آخر نوجه به خلافاتنا ؟
حديثي هنا هو جملة من الوقفات :
تأمل منذ أول سورة في القرآن الكريم وهي الفاتحة ، تم ذكر أصناف الناس :المنعم عليهم وأهل الكتاب ومن وافقهم في الجهل ثم الضلال،أو العلم مع تعمد العصيان.
ثم تلتها سورة البقرة التي ذكرت كذلك أصناف الناس: المؤمن والكافر والمنافق ،فذكرت في وصف المؤمنين في بدايتها خمس آيات ثم في الكافرين آيتين ثم في المنافقين عدة آيات.
ثم في بداية آل عمران ذكر الكافر والراسخ في العلم والمفتون .
وفي بداية النساء ذكر لأصل الناس من نفس واحدة ...وهكذا في سور القرآن ذكر لأصناف الناس ،واختلاف أحوالهم ،وتباين درجات إيمانهم،وانصراف حقيقة اليقين عن بعضهم ،ونفاق يخالج صدور صنف منهم ،وهوى وفسق يغوي من فتن منهم ،وكفر وإلحاد وارتداد يغشى آخرين.
ولكن هل تأملت قليلا .
هل ذكرتهم بأعيانهم وأسمائهم ،إلا ماكان في أمم سابقة كفرعون وقارون وهامان؟
بل لو تأملت سورة التوبة التي سميت بالفاضحة ،مع ذكرها لجملة طويلة من صفات أهل النفاق ، إلا أنها لم تذكر اسما واحدا لمنافق ،أو نبزت شخصا معينا بذلك الوسم.
وفي سورة النور تلك السورة التي تحدثت عن ذلك الإفك العظيم ،على أمنا عائشة رضي الله عنها، عن أحب الناس عند الحبيب عليه الصلاة والسلام وابنة أحب الناس إليه ، بل حادثة قذف لبيت النبوة ،ومع ذلك لم تحدد الأعيان والأسماء ،وقد وقف نبينا عليه الصلاة والسلام للصلاة على من خاض في ذلك ليصلي عليه عند قبره ،حتى نهي عنه.
وهذه السورة كذلك قررت آدابا جمة في مراعاة أصول المعاملة .
وفي سورة الحجرات ورد النهي عن الغيبة ،وتصويرها بأبشع الصور ، بأكل ميتة الأخ المغتاب، فما بالك بالتكفير!
وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين بأسمائهم ،ولكنه لم ينشر خبرهم ،هل تفكرت لماذا؟
وللأسف في واقعنا أصبح كل من نخالفه ليس منافقا فحسب ،بل كافر.
فالحاكم ،والعالم، والمجاهد،والفاسق،والمنافق،وحتى من كان جاهلا من عوام الناس كافر.
والسبب في هذا التوسع في التكفير:
قد يكون حمية ، والحمية في الحقيقة ليست سببا مجوزا للتكفير.
وقد يكون تظلما ونتيجة لظلم مؤلم واقع عليه ،وهذا لا يعد دافعا صحيحا للتكفير.
وقد يكون اجتهادا ،والاجتهاد بهذه الصورة دون التورع والاعتذار وإقامة الحجة ،والاستتابة ،والاستبانة ، ليس مسوغا للتكفير.
وقد يكون جهلا، وهذا يقال له قبل أن تقذف تعلم.
تصور معي كلنا ينظر للآخر بأنه كافر، ما أسوأ هذه الصورة ، وما أشنع النتيجة المترتبة عليه.
هل نحن في فسحة ومنعة ،وفي تمكين وقوة، لكي نتوسع في الخوض في التكفير بهذه الصورة ، التي يترتب عليها الهوان بكل صوره.
نزاع وخلاف ،وضعف وذلة ،ونفوس حانقة، وقلوب تغيظ وتزفر حقدا،وتراجع وقصور ،وظلم عظيم .
لم تراعى حرمة حاكم أو عالم أو إمام أو صالح ، ولا حرمة ذلك المجاهد الذي احتمل روحه التي بين جنبيه لتفيض في سبيل الله.
وبكل يسر وسهولة يقال : كافر .
ثم يتحامل أهل المشرق والمغرب ، هذه التهمة وتثبت عليه.
لماذا لا يتورع أحدنا عن هذه الكلمة التي يخرجها من فيه ، كقطرة ماء (كافر)، فيجعلها تحك في صدره ،ويراجع فيها ضميره وعقله، قبل أن يخرجها ، حتى يردها قبل أن تبلغ الآفاق ،وتؤذي نفوسا مظلومة.
مارأيك فيما لو أصبحت غدا ،أو أمسيت فوجدت نفسك ،وقد نبزت بالكفر
وثبتت عليك هذه البلية زورا؟ ألن تتألم؟ وكيف سيكون حالك؟ ومانتيجة ذلك في عملك؟وأي ظلم ستشعر به؟ ألا تظن أن هذا الأمر قد يقعدك عن عمل صالح، أو قد يدفعك إلى عمل سيء؟
لو استمر الحال على ما نحن عليه من التهاون في التكفير، سنصبح يوما كلنا نحمل هذا الوسم (كافر).
والنتيجة المتوقعة مع تكالب الأمم علينا ،وهذا العداء الذي نعيشه في صفوفنا ، هو الوقوع كلقمة سائغة لتلوكها تلك الأمم.
وأخيرا حتى لا نكون كلنا يوما (كفارا )، لا بد أن نحسن العودة لمنهج الكتاب والسنة ، وفي ذلك نصر للأمة.
نسألك اللهم أن تحيينا بقلوب سليمة ،و تقبضنا بقلوب سليمة، وتبعثنا بقلوب سليمة ،وأن لا تزل ألسنتا في دين مسلم أو عرضه.
والحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه.
أ.د.ابتسام الجابري