قبسات أدبية من أنوار قرآنية

إنضم
24/05/2010
المشاركات
34
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
أسأل الله العظيم في علاه، الكريم في عطاياه، المجيب لمن دعاه، أن يرزقني ما أصبو إليه، وأن يحقق ما أهدف من وراء هذا المقال، وأن يتولاني ويتولاك بتوفيقه، وتسديده، وبمدد منه سبحانه، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين فتهلكنا، وأقول كما قال نبي الله شعيب عليه السلام {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
هات يدك..
وغص معي في أعماق بحر الجواهر واللآلي النيرات،
وتجول معي في بستان ملؤه الورود والأزهار المتفتحات،
في كتاب رب الأرض والسموات،
ربي وربك تبارك وتعالى،
اجمع لك من جواهره،
والتقط لك من لآلئه،
وأقتطف لك من وروده وأزهاره،
واقتبس لك من أنواره،
قبسات أدبية تقربك إلى التأمل في تلك الأنوار الساطعات،
وتزيدك لهفة وشوقاً لنور الكتاب الكريم..

فضلاً وتكرماً..
احضر قبلك، وألق سمعك، ثم انظر القبس الأول..

القبس الأول

لا تخف ولا تحزن وأبشر بما يسرك

كيف ترى هذه العبارة الآن؟
مطمئنة، مسلّية، مهدّئة،
كأني بك متردد في الإجابة، بين "نعم" أو "لا"
لكن تخيل معي ..
رجل بين أبنائه الصغار، وفي حياته الهادئة، وقصره المنيف، قصر حاز كل جمال، وحوله الحدائق الغناء، _تخيل معي_ وأثاثه الحسن، وكل ما يمكن أن ترى في قصر من جمال، وما يمكن أن تتخيل من بهاء، بين أولئك الأبناء الأعزاء، وفي ظل الحياة الهادئة،
لحظة..
يأتي من يطرق الباب،
ويقوم الأب، ليخرج للطارق، فإذا به بين أيدي الشرطة، ثم يقاد من بين أبنائه، وهم ينظرون إليه، يصرخون بكل بؤس وشقاء، وحزن وأسى، أبي، أبي، إلى أين يا أبي؟
يلتفت الأب _الذي لا يعلم أين مصيره_ إلى أولئك الأبناء، ليرسل بؤسه، وحزنه في قطرات دمع تسيل على خديه، تنسكب على لحيته، تسقط بعدها على الأرض، ثم يسأل من معه إلى أين؟ أجيبوا..
خوف وقلق، حزن وأسى، خوف من القادم، وقلق من المصير، وحزن على الأولاد والقصر، وأسى على الحياة الهادئة، ما الذي عكرها هكذا فجأة؟ لماذا تحولت؟
ثم في تلك اللحظة، وفي هذه الأثناء، إذا بصوت من خلفه يناديه، (لا تخف ولا تحزن وأبشر بما يسرك)
يلتفت فإذا مدير الشرطة، ومسئول الأمن، فيقول له: نعم، ماذا قلت؟
قال له بصوت يملأه الأمان، ويحيطه الحنان، (لا تخف مما أمامك، ولا تحزن على من خلفك وأبشر بما يسرك)
والآن أخي القارئ..
كيف ترى هذه العبارة في هذا الموضع؟
مطمئنة، مسلية، مهدئة،
أظنك لن تتردد في الإجابة، وكأني بشفتيك تتمتم بـ"نعم".
إذاً، انطلق معي لنفتح صفحة 480 لنجد الآية 30 من سورة فصلت، اقرأها الآن وتأمل ذلك القبس الأدبي، وعش مع هذا النور القرآني
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}
يقول العلامة السعدي _رحمه الله_ : "{تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} الكرام، أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار. {أَلا تَخَافُوا} على ما يستقبل من أمركم، {وَلا تَحْزَنُوا} على ما مضى، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل، {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولًا".
جعلني الله وإياك ووالدينا ومن نحب وجميع المسلمين من أولئك آمين.

انتظرني في اللقاء القادم.
 
ماشاء الله ،، تقديم جميل ومدخل جيد ،، شكرا لك
 
جزاك الله خيرًا أخي الفاضل على هذه القبسات الأدبية الرائعة جعلنا الله وإياك ممن تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون.
بانتظار قبسات جديدة وفقك الله لكل خير
 
عودة
أعلى