قال تعالى (كذبت ثمود بطغواها)

إنضم
22/12/2009
المشاركات
31
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
62
إخوتى الاعزاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أكثر سورة أقسم الله سبحانه و تعالى فيها بإقسامات عديدة هي في سورة الشمس وكان جواب القسم يدور على تزكية هذه النفس أوتدنيسها ولكن تساؤلي هو لماذا المولى سبحانه و تعالى خص بالذكر قوم ثمود من بين الاقوام السابقة علما بأن تكذيبهم لإنبيائهم و عدم الايمان بالله و اليوم الاخر هو السبب الرئيس لنزول العذاب بهم ؟
 
إخوتى الاعزاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أكثر سورة أقسم الله سبحانه و تعالى فيها بإقسامات عديدة هي في سورة الشمس وكان جواب القسم يدور على تزكية هذه النفس أوتدنيسها ولكن تساؤلي هو لماذا المولى سبحانه و تعالى خص بالذكر قوم ثمود من بين الاقوام السابقة علما بأن تكذيبهم لإنبيائهم و عدم الايمان بالله و اليوم الاخر هو السبب الرئيس لنزول العذاب بهم ؟

إن تزكية النفس لا تكون إلا بالإيمان.
فالإيمان رأس كل فضيلة والدافع إلى كل خلق كريم وتأمل قول الله تعالى:
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) سورة البقرة(177)

والشرك والكفر رأس كل رذيلة والدافع إلى كل خلق ذميم، وتأمل قول الله تعالى:
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) ) سورة الماعون

وتزكية النفس لا تكون إلا عن طريق الإيمان بالرسل واتباع ما جاءوا به من عند الله من أسباب تزكية النفس.

وسورة الشمس كانت دعوة لكفار قريش إلى الإيمان بالله ورسوله صلى الله واتباع ما جاء به لتزكو نفوسهم من كل دنس ، ثم أعقب ذلك بذكر ثمود ليحذرهم بذلك من عاقبة تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وأن ما حل بثمود ليس منهم ببعيد إذا ما اختاروا طريقهم وسلكوا مسلكهم.

وربما خص ثمود بالذكر لقرب آثارهم منهم وقوعها على طريق تجارتهم وتواتر أخبارهم في الأجيال السابقة لهم حتى وصلت إليهم.

والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
 
أخي حجازي الهوى مداخلتك رائعة و مفيدة و استنباطك للسبب في العلاقة بين تزكية النفس وذكر قوم ثمود في هذه السورة بأنه مرورهم بإثارهم ليس بالقوى لأن كفار قريش كذلك كانوايمرون بقرى سدوم لقوله تعالى ( و إنكم لتمرون عليهم مصبحين - وبالليل أفلا تعقلون ) و هي على ظني أبلغ في العضة
لذلك نأمل من الإعزاء الإدلاء بدلوهم لعل الله سبحانه وتعالى ينفعنا و يفتح علينا بالفهم كما قال سيدنا علي رضي الله (أو فهما يؤتيه الله عبدا من عباده ) أو كما قال رضي الله عنه
 
لا تتضح علاقة معنوية بين صدر السورة وباقيها ، وأمثال هذا كثير في القرآن الكريم وهو ما يسمى بالانتقال من معنى إلى آخر ، ومن قصة إلى أخرى ..
ولهذا السبب وغيره ضعف الأصوليون دلالة الاقتران ؛ لأن الله تعالى قد يذكر أشياء مجتمعة في سياق الكلام ، ولا علاقة بينها في الحكم ، أو المعنى ، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة .
والله تعالى أعلم .
 
أخي حجازي الهوى مداخلتك رائعة و مفيدة و استنباطك للسبب في العلاقة بين تزكية النفس وذكر قوم ثمود في هذه السورة بأنه مرورهم بإثارهم ليس بالقوى لأن كفار قريش كذلك كانوايمرون بقرى سدوم لقوله تعالى ( و إنكم لتمرون عليهم مصبحين - وبالليل أفلا تعقلون ) و هي على ظني أبلغ في العضة
لذلك نأمل من الإعزاء الإدلاء بدلوهم لعل الله سبحانه وتعالى ينفعنا و يفتح علينا بالفهم كما قال سيدنا علي رضي الله (أو فهما يؤتيه الله عبدا من عباده ) أو كما قال رضي الله عنه

أخانا الكريم
لم أقل إن العلاقة بين تزكية النفس وذكر قوم ثمود في السورة هو مرور قريش بآثارهم .

وإنما قلت إن تزكية النفس لا تكون إلا بالتطهر من الشرك والكفر أولاً ثم التزكية بالإيمان واتباع الرسل وهي دعوة كانت موجهة إلى قريش لترك ما هم عليه من الشرك والكفر والإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإذا هم لم يفعلوا فليحذروا أن يحل بهم ما حل بأسلافهم من المكذبين وخص ثمود بالذكر لما سبق وأن ذكرت لك ولربما بسبب أن هناك مشابهة في الطغيان بين من تولى كبر التكذيب من قريش ومن تولاه في ثمود ، ولهذا جاء التحذير من نفس المصير ، ولقد أمر الله نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن ينذرهم صراحة بمثل عذاب قوم ثمود في قوله تعالى:
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)) سورة فصلت

إذاً العلاقة هي التكذيب بما جاءت به الرسل وأظن الأمر واضح وليس فيه اشكال.
وفقك الله
 
لا تتضح علاقة معنوية بين صدر السورة وباقيها ، وأمثال هذا كثير في القرآن الكريم وهو ما يسمى بالانتقال من معنى إلى آخر ، ومن قصة إلى أخرى ..
ولهذا السبب وغيره ضعف الأصوليون دلالة الاقتران ؛ لأن الله تعالى قد يذكر أشياء مجتمعة في سياق الكلام ، ولا علاقة بينها في الحكم ، أو المعنى ، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة .
والله تعالى أعلم .

أخانا الكريم إبراهيم
العلاقة بين صدر السورة وقصة ثمود واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، وليس للموضوع علاقة بدلالة الاقتران.

ثمود دعاها طغيانها إلى تكذيب نبي الله صالح وعقر الناقة بل محاولة قتل نبي الله صالح كما قص الله علينا ذلك في موضع آخر من القرآن حيث قال:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)) سورة النمل

ولقد حاول الطغاة من كفار قريش ما حاوله الطغاة من قوم صالح:
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) سورة الأنفال (30)

إن تكذيب الرسل والاعراض عما جاءت به من أسباب تزكية النفوس هو بعينه تدسية النفس وجرها إلى طريق الخيبة الهلاك.
 
استاذنا العزيز حجازى الهوى
لعلنا لم نوصل إليك تساؤلنا بشكل واضح لقد قلت في كلامي أن سورة الشمس ذكرت إقسامات عديدة أقسم بها المولى جل وعلا على تزكية النفس ثم ذكر بعد جواب القسم ذكر ثمود لماذا لم يقل سبحانه (كذبت عاد بطغواها أو كذبت لوط بطغواها أو كذبت مدين بطغواها ) لماذا ذكر ثمود بالذات أما تعليلاتك التي ذكرتها فتنطبق على معظم الاقوام السابقة التي أهلكها الله سبحانه و تعالى من الكفر و الطغيان ومحاولة قتل الانبياء لكن أتوقع أن ذكر هؤلاءالقوم هو وجود شيء في أنفسهم ذكر قوله تعالى (فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى000) فانظر هنا يا أخي الى كلمة فاستحبوا
 
قال البقاعي محاولاً التماس جواب ما سألتم عنه أخي عبدالرحمن :
وخصهم لأن آيتهم مع أنها كانت أوضح الآيات في نفسها هي أدلها على الساعة، وقريش وسائر العرب عارفون بهم لما يرون من آثارهم ، ويتناقلون من أخبارهم (نظم الدرر للبقاعي) .
ويمكن أن يقال أيضاً : إن الحديث هنا عن تزكية النفس وفجورها كما ذكر أخي حجازي الهوى أعلاه ، وصنيع ثمود قوم صالح واضح الدلالة على الفجور ، مع شهرتهم ومعرفة العرب بقصتهم ، فكان ذكرهم أقرب من ذكر غيرهم من الأمم المكذبة والله أعلم . وقد كنتُ أتحدث في رمضان عن هذه المناسبة وظهر لي حينها وجه أدق من هذا ولكن لم أسجله حينها، ولم أتذكره الآن، و أرجو أن يوفقني الله لتذكره وذكره هنا أو يذكره أحد الزملاء هنا ، وتدبر الآيات يهدي للمناسبة إن شاء الله .
 
اخي الكريم : حجازي الهوى .
ما قال لك الأخ الريس واضح ، والسؤال المطروح هو لماذا خص الله تعالى ذكر ثمود د\ون غيرهم من الأمم ؟
وبماذا تميزوا - فيما يخص تزكية النفس - عن بقية الأمم حتى يكون لذكرهم هنا مدلول خاص ؟
هذا هو ما فهمت من تساؤل الأخ .
وأقرب الأجوبة عليه حتى الأن هو ما ذكر الأخ نفسه .
فإن كانت هناك مناسبة فهي في قوله تعالى : "فاستحبوا العمى على الهدى" وإلا فلا ميزة أخرى يتميزون بها .
ولا ضرورة من أن تكون هناك علاقة بين صدر السورة وباقيها ، وإلا فما العلاقة في أمثالها في القرآن الكريم وهو كثير .
 
إضافة إلى كلام الأخوة الكرام نضيف توضيحاً:

1. "وقد خاب من دساها": وثمود هي مثال تاريخي واضح لمن خاب لأنه دساها.
2. ما ذكر من مظاهر كونية هي في غاية الوضوح في حس البشر. وعندما نأخذ قوم نوح وعاد ولوط ومدين وثمود نجد أن ما بقي من آثار قوم صالح (ثمود) هو الأوضح في الحس لكل من مر بالقرب من الحِجر. أما عاد فلا تكاد تجد لها بقايا إلا ما تم اكتشافه حديثاً وجزئياً في رمال الأحقاف. أما بقايا قوم لوط فهي مدفونة تحت التراب. أما مدين فلا نجد لها أثراً.
3. أقرب مساكن وبقايا هذه الأمم بالنسبة لمكة جغرافياً هي الحجر (ثمود).
4. "ناقة الله وسقياها": هناك أمور لها حرمة يُمنع الاعتداء عليها. وفي مكة هناك الحرم الذي يمنع الاعتداء على حرمته وحرمة من يحج إليه أو يعتمر.
 
مما قيل في توجيه الآية قول صاحب التحرير والتنوير:
وهذه الجملة يعني [قد أفلح من زكيها وقد خاب من دسيها]
توطئة لجملة ( كذبت ثمود بطغواها ) . فإن ما أصاب ثمودا كان من خيبتهم لأنهم دسوا أنفسهم بالطغوى.اهـ

وعلى هذا تكون المناسبة بينة، ويكون الحديث في الأصل مساقا لذكر عاقبة قوم ثمود، وجاءت آية التزكية موطئة للقصة، فآية التزكية كالعنوان الذي يلخص القصة، ويذكر مغزاها.
والله أعلم.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه أول مشاركة لي معكم في هذا المنتدى المبارك أسأل الله أن ينفعنا به
و مشاركتي حول قصة ثمود في سورة الشمس و ما امتازت به في باب-التزكية و التدسية- حتى خصت بالذكر :
إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من اعظم أسباب التزكية كما أن اتباع السفهاء من أعظم أسباب التدسية
انظر معي :
قال تعالى :(وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون) هؤلاء سفهاء كان الأولى أن ينصحوهم
فلما سكتواعنهم و لم ينهوهم و آثروهم على نبي الله صالح قال تعالى (وأما ثمود فهديناهم ) بإرسال صالح (فاستحبوا العمى ) اتباع الرهط (على الهدى) باتباع السفهاء ظهر أنهم ما زكوا أنفسهم
وبهذا قد يتضح بعض المراد و الله اعلم
 
اخي الكريم : حجازي الهوى .
ما قال لك الأخ الريس واضح ، والسؤال المطروح هو لماذا خص الله تعالى ذكر ثمود د\ون غيرهم من الأمم ؟
وبماذا تميزوا - فيما يخص تزكية النفس - عن بقية الأمم حتى يكون لذكرهم هنا مدلول خاص ؟
هذا هو ما فهمت من تساؤل الأخ .
وأقرب الأجوبة عليه حتى الأن هو ما ذكر الأخ نفسه .
فإن كانت هناك مناسبة فهي في قوله تعالى : "فاستحبوا العمى على الهدى" وإلا فلا ميزة أخرى يتميزون بها .
ولا ضرورة من أن تكون هناك علاقة بين صدر السورة وباقيها ، وإلا فما العلاقة في أمثالها في القرآن الكريم وهو كثير .


الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

والله يا أخانا الكريم إبراهيم قد فهمت السؤال منذ البداية وأنا أعرضت عن الجواب المباشر لأن الجواب عليه ليس هو الذي يجب أن نبحث عنه في السورة .

ثم إن هذا السؤال: لماذا ؟ يمكن طرحه في كل موضع مماثل ولن نصل إلى إجابة شافية لأن الله تعالى لم يتعبدنا بمعرفة لماذا ذكر هؤلاء دون أولئك.
ولكن لا مانع من أن نلتمس الحكمة.
ولكن السؤال الذي إجابته واضحة هو في العلاقة بين مقدمة السورة ونهايتها وهذا الذي يجب أن نعنى به.
وهو أن الله بعث الرسل بتوحيد الله تعالى ونبذ الشرك وهذه هي طريق تزكية النفوس، والنفوس المشركة لا يمكن أن تتزكى ما دامت على شركها وقد قرن الله بين الشرك وعدم التزكية في قوله تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ(7)) سورة فصلت

وسورة الشمس جاءت في سياق الدعوة إلى الإيمان والتحذير من الشرك ، وربط الفلاح بالتزكية وربط الخيبة بالتدسية ثم أعطت مثالاً على أولئك الذين اختاروا تدسية نفوسهم وهم قوم ثمود وهو مثال كافٍ للاتعاظ والعبرة.

وكل ما أجبتُ به سابقا يصب في هذا المعنى ، فقلتُ:

إن تزكية النفس لا تكون إلا بالإيمان.
فالإيمان رأس كل فضيلة والدافع إلى كل خلق كريم وتأمل قول الله تعالى:
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) سورة البقرة(177)

والشرك والكفر رأس كل رذيلة والدافع إلى كل خلق ذميم، وتأمل قول الله تعالى:
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) ) سورة الماعون

وتزكية النفس لا تكون إلا عن طريق الإيمان بالرسل واتباع ما جاءوا به من عند الله من أسباب تزكية النفس.

وسورة الشمس كانت دعوة لكفار قريش إلى الإيمان بالله ورسوله صلى الله واتباع ما جاء به لتزكو نفوسهم من كل دنس ، ثم أعقب ذلك بذكر ثمود ليحذرهم بذلك من عاقبة تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وأن ما حل بثمود ليس منهم ببعيد إذا ما اختاروا طريقهم وسلكوا مسلكهم.

وأما عن تخصيص قوم ثمود بالذكر فقلتُ:

وربما خص ثمود بالذكر لقرب آثارهم منهم وقوعها على طريق تجارتهم وتواتر أخبارهم في الأجيال السابقة لهم حتى وصلت إليهم.

ثم إن الأخ الريس قولني ما لم أقل فأجبته:

أخانا الكريم
لم أقل إن العلاقة بين تزكية النفس وذكر قوم ثمود في السورة هو مرور قريش بآثارهم .

وإنما قلت إن تزكية النفس لا تكون إلا بالتطهر من الشرك والكفر أولاً ثم التزكية بالإيمان واتباع الرسل وهي دعوة كانت موجهة إلى قريش لترك ما هم عليه من الشرك والكفر والإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإذا هم لم يفعلوا فليحذروا أن يحل بهم ما حل بأسلافهم من المكذبين وخص ثمود بالذكر لما سبق وأن ذكرت لك ولربما بسبب أن هناك مشابهة في الطغيان بين من تولى كبر التكذيب من قريش ومن تولاه في ثمود ، ولهذا جاء التحذير من نفس المصير ، ولقد أمر الله نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن ينذرهم صراحة بمثل عذاب قوم ثمود في قوله تعالى:
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)) سورة فصلت

إذاً العلاقة هي التكذيب بما جاءت به الرسل وأظن الأمر واضح وليس فيه اشكال.

ثم رددت على الأخ الفاضل إبراهيم الحسني دعواه أنه لا علاقة بين مقدمة السورة ونهايتها وهو أمر استغربه منه فقلتُ:

أخانا الكريم إبراهيم
العلاقة بين صدر السورة وقصة ثمود واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، وليس للموضوع علاقة بدلالة الاقتران.

ثمود دعاها طغيانها إلى تكذيب نبي الله صالح وعقر الناقة بل محاولة قتل نبي الله صالح كما قص الله علينا ذلك في موضع آخر من القرآن حيث قال:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)) سورة النمل

ولقد حاول الطغاة من كفار قريش ما حاوله الطغاة من قوم صالح:
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) سورة الأنفال (30)

إن تكذيب الرسل والإعراض عما جاءت به من أسباب تزكية النفوس هو بعينه تدسية النفس وجرها إلى طريق الخيبة الهلاك.

وأما قول الأخ إبراهيم :
فإن كانت هناك مناسبة فهي في قوله تعالى : "فاستحبوا العمى على الهدى" وإلا فلا ميزة أخرى يتميزون بها .

وأنا أقول هذا أمر مشترك بين كل الأمم الكافرة فمن كذب بالآخرة ورضي بالحياة الدنيا فقد استحب العمى على الهدى والآيات الدالة على ذلك كثيرة ، ومنها قوله تعالى:
(الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)) سورة إبراهيم

فالسورة ولله الحمد ليس فيها إشكال وهي واضحة المعنى ومباشرة في دلالتها.

هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
إخوتى الاعزاء جزاكم الله خيرا على ما أدليتم به من أراء و استنباطات مفيدة جميعها ولعل ما قاله أخي حجازي في آخر مداخلة له وهو قوله (وسورة الشمس جاءت في سياق الدعوة إلى الإيمان والتحذير من الشرك ، وربط الفلاح بالتزكية وربط الخيبة بالتدسية ثم أعطت مثالاً على أولئك الذين اختاروا تدسية نفوسهم وهم قوم ثمود وهو مثال كافٍ للاتعاظ والعبرة.) هو تقريبا المعنى المجمل و المراد من السورة نسأل الله ان ينفنعا به لكن تلمس الحكمة في فهم معاني كتاب الله سبحانه و تعالى شيء جميل
و لكن نتظر من شيخنا (المشرف العام )أن يوافينا بما وعدنا به حين يذكره
 
ذكرها الله عزوجل كنموذج للخائب الذي دسى نفسه! والتدسية هي إدخال الشيء في الشيء! وأشهر استعمال لها مع التراب: يدسه في التراب! فثمود هداهم الله عزوجل فاستحبوا العمى على الهدى, فبدلا من أن يزكوا أنفسهم ويرتقوا بها دسوها إلى أسفل سافلين! ورضوا بكفرهم عندما انبعث أشقاهم.
قيل أن هذا الأشقى شخص يسمى قدار بن سالف, ولكن هذا لا يقدم أو يؤخر! فالملاحظ أن المفسرين لم يقولوا لنا ما سبب كونها أشقاهم؟ أما نحن فنرى أن سبب شقاوته أنه هو الذي أشقى قومه, فلقد هداهم الله –بدأت الدعوة تؤثر فيهم وتؤتي ثمارها وكان من الممكن أن يستجيبوا لسيدنا صالح- فانتفض هذا الأشقى وأسرع ليحارب الدعوة, ويثبت الناس على دين آبائهم, فاستحبوا العمى على الهدى, فشقوا وأصبح هو أشقاهم. لذلك كانوا من الخائبين!
 
المناسبة بين القسم بالشمس وبين ذكر ثمود في السورة أن الشمس هي آية النهار وقد قال الله تعالى:
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) سورة الإسراء (12)

وآية ثمود وصفها الله تعالى بنفس الوصف وفي نفس السورة فقال تعالى:
(وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) سورة الإسراء(59)
 
المناسبة بين القسم بالشمس وبين ذكر ثمود في السورة أن الشمس هي آية النهار وقد قال الله تعالى:
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) سورة الإسراء (12)

وآية ثمود وصفها الله تعالى بنفس الوصف وفي نفس السورة فقال تعالى:
(وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) سورة الإسراء(59)

[align=center]لمحة موفقة منك أخى حجازى

بارك الله فيك
[/align]
 
ليس الإبصار هنا كالإبصار هناك .
فآية : "وجعلنا آية النهار مبصرة" أي مضيئة ؛ كما فسرتها آيات أخر .
وآية "الناقة مبصرة" أي آية حري بهم أن يبصروا بها الحق واضحا لا لبس فيه.
ملخص من كلام بعض المفسرين .
والله تعالى أعلم.
 
عودة
أعلى