أم عبدالله الجزائرية
New member
- إنضم
- 03/09/2008
- المشاركات
- 389
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :
فائدة :
قال أبو حيان :
" والذي استقرئت في لفظة : العباد ، أنه جمع عبد ، متى سيقت اللفظة في مضمار الترفيع والدلالة على الطاعة دون أن يقترن بها معنى التحقير وتصغير الشأن فانظر قوله تعالى : { والله رؤوف بالعباد } { وعباد مكرمون } { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } وقول عيسى في معنى الشفاعة والتعريض { إن تعذبهم فانهم عبادك }
وأما : العبيد ، فيستعمل في التحقير ، ومنه قول امرىء القيس :
قولاً لدودان عبيد العصا ... ما غركم بالأسد الباسل
ومنه قول حمزة بن عبد المطلب : وهل أنتم إلاَّ عبيد لأبي ، ومنه { وما ربك بظلام للعبيد } لأنه مكان تشقيق وإعلام بقلة انتصارهم ومقدرتهم ، وأنه تعالى ليس بظلام لهم مع ذلك ، ولما كانت لفظة العباد تقتضي الطاعة ، لم يقع هنا ، ولذلك أنس بها في قوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } فهذا النوع من النظر يسلك بك سبيل العجائب في حيز فصاحة القرآن العزيز على الطريقة العربية السليمة ، ومعنى قوله : { كونوا عباداً لي من دون الله } اعبدوني واجعلوني إلهاً . انتهى كلام ابن عطية . وفيه بعض مناقشة .
أما قوله : ومن جموعه : عبيد وعبدى ، أما عبيد فالأصح أنه جمع . وقيل : اسم جمع ، و : أما عبدى فاسم جمع ، وألفه للتأنيث . وأما ما استقرأه أن عباداً يساق في مضمار الترفيع والدلالة على الطاعة دون أن يقترن بها معنى التحقير والتصغير ، وإيراده ألفاظاً في القرآن بلفظ العباد ، وقوله : وأما العبيد فيستعمل في تحقير ، وأنشد بيت أمرىء القيس ، وقول حمزة وقوله تعالى
{ بظلام للعبيد } فليس باستقراء صحيح ، وإنما كثر استعمال : عباد ، دون : عبيد ، لأن فعالاً في جمع فعل غير اليائي العين قياس مطرد ، وجمع فعل على فعيل لا يطرد .
قال سيبويه : وربما جاء فعيلاً وهو قليل ، نحو : الكليب والعبيد . انتهى .
فلما كان فعال هو المقيس في جمع : عبد ، جاء : عباد ، كثيراً . وأما { وما ربك بظلام للعبيد } فحسن مجيئه هنا وإن لم يكن مقيساً أنه جاء لتواخي الفواصل ، ألا ترى أن قبله { أولئك ينادون من مكان بعيد } وبعده { قالوا آذناك ما منا من شهيد } فحسن مجيئه بلفظ العبيد مواخاة هاتين الفاصلتين ، ونظير هذا قوله في سورة ق : { وما أنا بظلام للعبيد } لأن قبله { قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد } وبعده { يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد } وأما مدلوله فمدلول : عباد ، سواء .
وأما بيت امرئ القيس فلم يفهم التحقير من لفظ : عبيد ، إنما فهم من إضافتهم إلى العصا ، ومن مجموع البيت . وكذلك قول حمزة إنما فهم منه معنى التحقير من قرينة الحال التي كان عليها ، وأتى في البيت ، وفي وقل حمزة على أحد الجائزين ." أهــ
ينظر : تفسير البحر المحيط .
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :
فائدة :
قال أبو حيان :
" والذي استقرئت في لفظة : العباد ، أنه جمع عبد ، متى سيقت اللفظة في مضمار الترفيع والدلالة على الطاعة دون أن يقترن بها معنى التحقير وتصغير الشأن فانظر قوله تعالى : { والله رؤوف بالعباد } { وعباد مكرمون } { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } وقول عيسى في معنى الشفاعة والتعريض { إن تعذبهم فانهم عبادك }
وأما : العبيد ، فيستعمل في التحقير ، ومنه قول امرىء القيس :
قولاً لدودان عبيد العصا ... ما غركم بالأسد الباسل
ومنه قول حمزة بن عبد المطلب : وهل أنتم إلاَّ عبيد لأبي ، ومنه { وما ربك بظلام للعبيد } لأنه مكان تشقيق وإعلام بقلة انتصارهم ومقدرتهم ، وأنه تعالى ليس بظلام لهم مع ذلك ، ولما كانت لفظة العباد تقتضي الطاعة ، لم يقع هنا ، ولذلك أنس بها في قوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } فهذا النوع من النظر يسلك بك سبيل العجائب في حيز فصاحة القرآن العزيز على الطريقة العربية السليمة ، ومعنى قوله : { كونوا عباداً لي من دون الله } اعبدوني واجعلوني إلهاً . انتهى كلام ابن عطية . وفيه بعض مناقشة .
أما قوله : ومن جموعه : عبيد وعبدى ، أما عبيد فالأصح أنه جمع . وقيل : اسم جمع ، و : أما عبدى فاسم جمع ، وألفه للتأنيث . وأما ما استقرأه أن عباداً يساق في مضمار الترفيع والدلالة على الطاعة دون أن يقترن بها معنى التحقير والتصغير ، وإيراده ألفاظاً في القرآن بلفظ العباد ، وقوله : وأما العبيد فيستعمل في تحقير ، وأنشد بيت أمرىء القيس ، وقول حمزة وقوله تعالى
{ بظلام للعبيد } فليس باستقراء صحيح ، وإنما كثر استعمال : عباد ، دون : عبيد ، لأن فعالاً في جمع فعل غير اليائي العين قياس مطرد ، وجمع فعل على فعيل لا يطرد .
قال سيبويه : وربما جاء فعيلاً وهو قليل ، نحو : الكليب والعبيد . انتهى .
فلما كان فعال هو المقيس في جمع : عبد ، جاء : عباد ، كثيراً . وأما { وما ربك بظلام للعبيد } فحسن مجيئه هنا وإن لم يكن مقيساً أنه جاء لتواخي الفواصل ، ألا ترى أن قبله { أولئك ينادون من مكان بعيد } وبعده { قالوا آذناك ما منا من شهيد } فحسن مجيئه بلفظ العبيد مواخاة هاتين الفاصلتين ، ونظير هذا قوله في سورة ق : { وما أنا بظلام للعبيد } لأن قبله { قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد } وبعده { يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد } وأما مدلوله فمدلول : عباد ، سواء .
وأما بيت امرئ القيس فلم يفهم التحقير من لفظ : عبيد ، إنما فهم من إضافتهم إلى العصا ، ومن مجموع البيت . وكذلك قول حمزة إنما فهم منه معنى التحقير من قرينة الحال التي كان عليها ، وأتى في البيت ، وفي وقل حمزة على أحد الجائزين ." أهــ
ينظر : تفسير البحر المحيط .