قاعدة لا تجدها في غير هذا الكتاب !! فما تعليقكم ؟

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عبدالله بن الصديق الغماري في كتابه : بدع التفاسير – في سياق كلام له :
( ولهذه المناسبة ننبه إلى قاعدة هامة ،غفل عنها المفسرون قاطبة فيما أعلم ، إذ لم أجد منهم من فطن لها ، أو نبه إليها .
وبسبب غفلتهم عنها وقع كثير منهم في تفسيرات مخطئة ، مثل التفسيرين المذكورين ؛ لجنوحهم إلى المجاز أو الاستعارة أو الكناية في معظم الآيات التي يفسرونها ، غير مفرقين بين موضوعاتها ، مع أن الآيات التي يكون موضوعها الحديث عن الأمم التي لا تتكلم العربية ، مثل قوم نوح وإبراهيم وبني إسرائيل ، وحكاية ما حصل بين رسلهم وبينهم من مجادلات ، وما توجه إليه من خطابات تكليفية وغيرها لا يجوز حملها على المجاز ..، بل يجب حملها على الحقيقة ؛ لأنها مجزوم بإرادتها رغم اختلاف اللغات ، ورغم تباين التقاليد والعادات .....
والمعروف على وجه العموم : أن اللغة العربية انفردت من بين اللغات بما فيها من كثرة التجوز والاتساع ، حتى ادعى ابن جني أن أغلب اللغة مجاز ، وذلك لسيلان أذهان العرب وسلامة فطرتهم ، وسرعة لمحتهم للمعاني التي يصوغونها في قالب تشبيه أو مجاز أو كناية .
وهم أنفسهم ما توصلوا إلى هذا الرقي اللغوي حتى تهذبت طباعهم ، ورق إحساسهم ، واكتسبوا برحلاتهم إلى الشام واليمن والبحرين وأطراف الجزيرة العربية معارف وحضارات نقلوها إلى لغتهم ، وأضافوها إلى كلامهم .
وتعريبهم لكلمات فارسية ورومية وحبشية ونبطية شاهد صدق على ذلك ؛ ولهذا لا تجد في لغة العرب القدماء - وهم العرب العاربة ، وهي البائدة – ما تجده في لغة العرب المستعربة من الثروة اللسانية التي بلغت ذروتها زمن البعثة المحمدية ، بحيث يكاد يجزم الباحث في لغاتهم أن العرب جنسان مختلفان .
وإذا كان الفرق بين متقدمي العرب ومتأخريهم بهذه المنزلة من البعد ، فالفرق بينهم وبين من لا يتكلم بلغتهم أشد بعداً ، وأبعد منزلة .
إذن ؛ فمن الخطأ البين حمل ما يحكيه القرآن من كلام الاسرائيليين وغيرهم على مذاهب العرب في التجوز والاتساع ، لما قررناه وأوضحناه .
فشد يدك على هذه القاعدة التي لا تجدها في غير هذا الكتاب . ) انتهى باختصار ص72-73 .

ظني أن هذا الكلام فيه نظر . فما تعليق المشايخ الكرام ؟
 
ويبقى السؤال قائماً ....
هل من تعليق حول هذه القاعدة التي ادعى صاحبها بأنك لن تظفر بها في غير كتابه ؟

وهل هي فعلاً تستحق هذه الحفاوة ؟

أم ماذا ؟ ......
 
ربما كانت القاعدة التي نقلت عن المصنف تفرد بها دون غيره ، لكن تفرده لايعني خطأ من سواه ممن لم يأت على ذكرها أو لم يعتمدها في تفسيره ، فالاحتمال الآخر هو عدم صحة القاعدة نفسها موضوع البحث.
الإشكالية التي تثيرها القاعدة المنقولة عن المصنف أن ما يحكيه القرآن الكريم عن الأمم الأخرى التي لا تتكلم العربية منقول بلغة القرآن وهي اللغة العربية ، في الوقت الذي تفترض القاعدة حرفية النقل وهذا لا يتأتى إلا بنقل النص بلغته الأصلية ، وهذا ما لم يحصل في سرد القرآن الكريم لقصص الأمم السابقة ، هذه الإشكالية ترد على ترجمة نصوص القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى ، ولما كانت الترجمة الحرفية غير ممكنة أجاز العلماء ترجمة معاني القرآن الكريم.
 
ذكر الدكتور مولاي عمر بن حماد في بحثه: "قواعد التفسير من خلال بدع التفاسير" هذه القاعدة:
المجاز لا يدخل فيما يحكيه القرآن عن الأمم السابقة
وقال معلقاً عليها:
v رد بها تفسير المرتضى قوله تعالى :"فاقتلوا أنفسكم" أن معناه اجتهدوا في التوبة مما أقدمتم عليه.
v استدل ب:" عدو لي وعدوا له" على تأكيد كون فرعون مات كافرا.
v رد بها على من تأول "مجمع البحرين" على أنهما موسى والخضر وقال :"وقد قدمنا أن ما يحكيه القرآن عن السابقين من الأنبياء وغيرهم يجب حمله على الحقيقة"
 
لستُ أدري ما الذي دفعه ليمنع وقوم المجاز في هذه السياقات فقط ، ولعلي أعود لقراءة كلامه كاملاً ، والتعرف على موقفه من المجاز فالذي أفهمه من استثنائه أنه يقول بالمجاز، ولكنه يمنع وقوعه فيما ذكره الله في القرآن الكريم من قصص الأمم السابقة كلها سواء كانت من الأمم التي سكنت جزيرة العرب أم لا .
وهنا يأتي سؤال : هل قوم هود وقوم صالح عليهما السلام من العرب أم أنه يرى أنَّ لسانهم لم يكن العربية ، ولو كانت العربية العاربة القديمة . حيث إن الاستثناء من إجراء أسلوب من الأساليب في مواضع بعينها من القرآن يحتاج إلى دليل خاص .
الموضوع فيه تفاصيل كثيرة ، ولوازم قد يكون لم يتنبه لها رحمه الله .
 
إذن ؛ فمن الخطأ البين حمل ما يحكيه القرآن من كلام الاسرائيليين وغيرهم على مذاهب العرب في التجوز والاتساع ، لما قررناه وأوضحناه .
؟
إن إثبات هذه القاعدة يحتاج إلى استقراء ومسح لقصص السابقين لإثباتها ،أما ما جاء به الكاتب من دليل وهو اختلاف اللغة العربية عن باقي اللغات فهذا الكلام لا يمكن اعتباره دليلاً على القاعدة وقد نقضها صاحبها بقوله :(...فمن الخطأ حمل ما يحكيه القرآن عن الاسرائيلين وغيرهم على مذاهب العرب ....)والحق أنه :"من الخطأ حمل ما يحكيه القرآن على غير مذاهب العرب"فالقرآن نزل باللغة العربية ومعلوم عند من يعلم بأصول الترجمة أن الترجمة الحرفية غير مقبولة عند أهل التخصص ،والمعتد به هو الترجمة التفسيرية التي تتصرف في الألفاظ وتبقي على المعاني والمقاصد ويكون هذا باستخدام أساليب اللغة المنقول إليها ،والمجاز من أساليب العربية ولا يمنع من استخدامه عند الكلام عن الأقوام السابقين لنقل مقاصد القصة ومعانيها ،ويبقى الحكم في هذه القاعدة للاستقراء فربما ثبتت صحتها بأدلة أخرى .
 
الذي فهمته من المقطع المنقول هو أنه يردّ على من حَمَل حكايات القرآن عن الأمم السابقة جميعها =على المجاز أو غيره من أساليب التجوز في الكلام.
ولا أظنه يعني (حرفية النقل) كما ذكر الأخ معاذ الرفاعي، فهناك فرق بين حرفية النقل (المستحيلة) وبين إرادة حقيقة المعنى دون مَجازاته.
ولكن أستفسر:
أليس الأصل في القرآن الكريم حمل آياته جميعا على ما تحتمله بحسب سياقها والقرائن المحتفة بها سواء كانت من المحكي عن الأمم الأخرى أم غيرها من الآيات؟
فلماذا خصّ بهذه القاعدة التنبيه على هذا النوع من الخطاب وحسب؟
هل كثرت فيه المخالفة حتى يحتاج إلى إفراده بقاعدة؟

وسؤال آخر متعلق بالمسألة وهو:
هل يصح أن يُبنى على الكلام المحكي عن الأمم الأخرى بلاغة المتكلم بها، مع أن المنقول معنى كلامه لا نصه؟
فهل البلاغة للقرآن الكريم الناقل للمعنى السابق، أم أن الكلام السابق كان بليغا في نفسه كما صوره القرآن؟
 
عودة
أعلى