قاعدة : "المشترك يحمل على معنييه أو معانيه" و تطبيقها عند الإمام الشنقيطي

إنضم
02/03/2006
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
المشترك

الاشتراك هو أن يتحد اللفظ ويتعدد معناه الحقيقي,كالعين للباصرة و الجارية,و كالقرء بفتح القاف وضمها مع إسكان الراء للطهر وحيض والجليل للحقير والخطير والناهل للريان والعطشان . نفس التعريف تماما الذي نجده في نشر البنود موجود في نثر الورود مع اختلاف في التمثيل فقط.

قاعدة: المشترك يحمل على معنييه -نموذج واحد-

معنى هذه القاعدة : أنه يجوز أن تطلق لفظا واحدا و تقصد به معان متعددة, مثل قولك : عندي عين, و تقصد الباصرة و الجارية و الجاسوس..جاء في نثر الورود " أي الأذكياء من الأصوليين أجازوا إطلاق المشترك في وقت واحد من متكلم واحد, وقوله – أي صاحب مراقي السعود – : "مثلا" أي: أو معانيه إذا المشترك بين أكثر من اثنين كقولك: عندي عين و تعني الباصرة و الجارية و الذهب" .
و قال صاحب نشر البنود : وقد أجاز الأصوليون لغةً إطلاق المشترك على معنييه أو معانيه بأن يراد المنهيان المعاني
من متكلم واحد في وقت واحدا عند الجمهور المالكية لأن اللفظ لم يوضع للمجموع وحقيقةً عند القاضي أبي بكر البقلاني منهم والشافعي والمعتزلة لوضعه لكل منهما.
أما الأحناف فلا يقولون بهذه القاعدة, بل يقولون : إن المشترك يحمل على أحد معنييه أو معانيه. قال السرخسي في أصوله " فكل لفظ يشترك فيه معان أو أسام لا على سبيل الانتظام, بل على احتمال أن يكون كل واحد هو المراد به على الانفراد, و إذا تعين الواحد مرادا به انتفى الأخر, مثل اسم العين, فإنه للناظر, و لعين الماء, و للشمس,و للميزان, و للنقد من المال , و للشيء المعين لا على أن جميع ذلك مراد بمطلق اللفظ, و لكن على احتمال كون كل واحد مرادا بانفراده عند الإطلاق "
أما تطبيق هذه القاعدة الإمام الشنقيطي – رحمه الله- فقد استعملها في المناقشات والردود الفقهية في مسألة القرء هل يحمل على طهر أم الحيض ؟ حيث قال: " والحق الذي لاشك فيه أنا المشترك يطلق على كل واحد من معينه أو معانيه في الحال المناسبة في ذلك والقرء في حديث " دعي الصلاة أيام قرائك " مناسب للحيض دون الطهر , لأن الصلاة إنما تترك
في وقت الحيض دون الطهر " .
لكن الملاحظ هنا أنه أضاف " في الحال المناسبة" أي مراعاة سياق الكلام الذي جاء فيه اللفظ المشترك والسياق في الحديث المذكور سياق الحيض لا الطهر لقرين أن الصلاة لا تترك أيام الطهر بلا أيام الحيض.
فرغم إقراره بأن المشترك يحمل على معنييه, فقد حمله على أحدهما, استنادا إلى قرينة السياق التي تعين حمل القرء على الطهر لا على الحيض .
فالقاعدة عند الأصوليين القائلين بها هي : المشترك يحمل على معنييه أو معانيه. و عنده هو أن المشترك يحمل على كل واحد من معنييه أو معانه في الحال المناسبة لذلك. أما تطبيقها فيفهم منه أن المشترك يحمل على معنييه أو معانيه أو إحدى معانيه في الحال المناسبة لذلك.
فيكون السياق هو الذي يحدد متى يحمل المشترك على معنييه أو معانيه أو إحدى معانيه.
أليس حري أن تكون صياغة القاعدة على الشكل الآتي :
المشترك يحمل على معنييه أو معانيه أو إحدى معانيه في الحال المناسبة لذلك
 
الشيخ الشنقيطي رحمه الله صرح في أكثر من موضع من تفسيره بأن الراجح هو جواز حمل المشترك على كلا معنييه، ومن ذلك قوله: "التَّحْقِيقَ جَوَازُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ ، كَمَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي رِسَالَتِهِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ ، وَحَرَّرَ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ"
وتمم هذه القاعدة بأنه "لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ : بِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ فِي : أَنَّ إِطْلَاقَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ فِي مَوْضِعٍ ، لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَنْعُ إِطْلَاقِهِ عَلَى مَعْنَاهُ الْآخَرِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ".
وأما كلامه في مسألة القرء فقد وضح رحمه الله أن الأخذ بالقاعدة السابقة لا ينافي أن يحمل المشترك على معنى واحد في أحد المواضع بحسب الحالة كما أشرتم.

فقولكم: "المشترك يحمل على معنييه أو معانيه أو إحدى معانيه في الحال المناسبة لذلك" يمكن أن يفهم حقا من كلام الشيخ.
و يمكن أن يقال: يحمل المشترك على معانيه ما لم تدل قرينة على تعيين أحدها.
والباقلاني رحمه الله في التقريب والارشاد يقول: " إن المشترك لا يحمل على أكثر من معنى إلا بقرينة"
فهو يرى أن الأصل أن يحمل المشترك على معنى واحد، لكن إن وجدت قرينة فيجوز حمله على أكثر من ذلك المعنى، وهذا راجع إلى ما سبق.
وللطاهر ابن عاشور -في آخر المقدمة التاسعة- كلام مختصر جميل في توضيح هذه القاعدة ومناهج العلماء في الأخذ بها يحسن مراجعته.
 
عودة
أعلى