يقول تعالى : ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ﴾ [طه:134] .
ويقول تعالى : ﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص:47] .
من خلال المقارنة بين الآيتين يتبين أنهما تعالجان موضوعا واحدا وهو الاحتجاج على الله يوم القيامة على العذاب الذي أصاب المشركين في الدنيا بسبب ما قدمت أيديهم فاستحقوا به عذاب جهنم .
يقول الطبري (ت:310هـ) في تفسير آية طه : " يقول تعالى ذكره : ولو أنا أهلكنا هؤلاء المشركين الذين يكذّبون بهذا القرآن من قبل أن ننزله عليهم ، ومن قبل أن نبعث داعيا يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم فيه بعذاب ننزله بهم بكفرهم بالله ، لقالوا يوم القيامة ، إذ وردوا علينا ، فأردنا عقابهم : ربنا هلا أرسلت إلينا رسولاً يدعونا إلى طاعتك ، فنتبع آياتك ، يقول : فنتبع حجتك وأدلتك وما تنزله عليه من أمرك ونهيك من قبل أن نذلّ بتعذبيك إيانا ونخزى به " .
ويقول في تفسير آية القصص : " يقول تعالى ذكره : ولولا أن يقول هؤلاء الذين أرسلتك يا محمد إليهم ، لو حلّ بهم بأسنا ، أو أتاهم عذابنا من قبل أن نرسلك إليهم على كفرهم بربهم ، واكتسابهم الآثام ، واجترامهم المعاصي : ربنا هلا أرسلت إلينا رسولاً من قبل أن يحلّ بنا سخطك ، وينزل بنا عذابك فنتبع أدلتك ، وآي كتابك الذي تنزله على رسولك ونكون من المؤمنين بألوهيتك ، المصدّقين رسولك فيما أمرتنا ونهيتنا ، لعاجلناهم العقوبة على شركهم من قبل ما أرسلناك إليهم ، ولكنا بعثناك إليهم نذيرا بأسنا على كفرهم ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . والمصيبة في هذا الموضع : العذاب والنقمة . ويعني بقوله : بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ بما اكتسبوا " .
خلاصة القول : إن الله أرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قطعا لعذر المشركين يوم القيامة بما أصابهم في الدنيا من عقوبة فماتوا على كفرهم وشركهم .
والله أعلم وأحكم