(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)

إنضم
05/05/2003
المشاركات
70
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.toislam.net
وقفت كثيراً عند هذه الآية الكريمة، فوجدت أنها بلسم نافع لكثير من المشكلات, ودواء ناجع لعديد من المعضلات.
وذلك أن كثيراً من الناس يروم الإصلاح, ويسعى لدرك النجاح سواء في شأنه الخاص، أو شأن غيره ممن حوله,أو شأن أمته جمعاء.
فتراه يمحضُ نصحه, ويبذل قصارى جهده، ويقدم عصارة فكره في سبيل إرشاد غاوٍ, أو دلالة حائر, أو الارتقاء بمقصر، وهلم جرا.
فإذا لم يظفر ببغيته, ولم تحصل له طَلِبَتُه - قَرَع سِنَّه, وقلَّب كفيه .
وترى من الناس من يعاني الأَمَرَّينِ من أُناس لا بد له من معاشرتهم ومداراتهم, فقد يبتلى بوالد شرس, أو رئيس متسلط, أو ولد عاق, أو أخ قاطع,أو تلميذ كسول أو شقي؛ فيحاول إصلاحهم, والنهوض بهم مرة إثر أُخرى, فإذا لم تأتِ الأحوال على ما يريد زادت حسراته, وتوالت أحزانه؛ فكان هو والزمان على نفسه.
وربما استشار غيره ممن له دراية وعلم في هذه الشؤون, فأشاروا عليه بأن يأخذ بالأسباب, ويلج البيوت من الأبواب, فيجيبهم بأنه لم يدع سبيلاً إلا سلكه, ولا باباً إلا ولجه ومع ذلك لم يحصل على مراده بزعمه.
فما الحل في مثل هذه الأحوالِ وغيرِها مما يقاس عليها؟
هل يقف الإنسان واجماً أمامها؟ وهل يسترسل مع أحزانه إزاءها؟
الجواب: لا,والحل بأن يستحضر أنه محسن في عمله, مثاب على قدر احتسابه, وما عليه بعد ذلك إلا أن يستمر في صنيعه, ويمضي في مصالحه؛ فإذا قمت بما يجب عليك, وسلكت سبيل الحكمة في نصحك,وبذلت جهدك ومستطاعك, ثم أعيتك الحيلة في الوصول إلى مرادك (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) و (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ*إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
 
قرأت ما كتبت فوجدته كلاما نفيسا بارك الله في جهدك ووقتك وجزاك الله خيرا .
 
أخي الكريم

يذكرني هذا الكلام بموقف الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من عمه أبي طالب عندما مات على الشرك عندما أنزل الله في حقه { إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء . وهو أعلم بالمهتدين } . .

وقد ورد في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحوطه وينصره ، ويقف دونه في وجه قريش ، ويحميه حتى يبلغ دعوته ، ويحتمل في سبيل ذلك مقاطعة قريش له ولبني هاشم وحصارهم في الشعب . ولكنه إنما يفعل ذلك كله حباً لابن أخيه ، وحمية وإباء ونخوة . فلما حضرته الوفاة دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، فلم يكتب الله له هذا ، لما يعلمه سبحانه من أمره . . وبعد إلحاح النبي عليه فقال : « يا عم قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله » فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان له بتلك المقالة حتى كان آخر ما قال : على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول : لا إله إلا الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك » فأنزل الله تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } . وأنزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } . . . ( أخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري ) .

وإن الإنسان ليقف أمام هذا الخبر حائراً مأخوذ العقل ،فهذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكافله وحاميه والذائد عنه ، لا يكتب الله له الإيمان ، على شدة حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة حب رسول الله له أن يؤمن .....

وقد أصاب النبي صلى الله عليه وسلم الغم والهم والحزن بسبب ذلك حتى سمي ذاك العام بعام الحزن ، ولكن السؤال ماذا بعد ذلك .......... الله عزوجل قال له إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، لله الأمر من قبل ومن بعد
إن عليك إلا البلاغ ...............فلا تذهب نفسك عليهم حسرات .................. فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً ........... ولا تحزن عليهم .............
 
أحسن الله إليك يا شيخ محمد على هذه الوقفة النافعة وأسأل الله أن ينفع بعلمك . آمين
 
عودة
أعلى