بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
اللين في الدعوة..
يعتبر مفهوم اللين في الدعوة عند عامة الناس المهادنة والمسايرة والمجاراة.
وليس هو كذلك في القرآن..
ولعلنا نقف مع هذه الكلمة بعض الشيء..
ما يأتي إلى ذهن الناس مباشرة حول هذه الكلمة قوله تعالى لموسى وأخيه :
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا.. وهذا شطر آية..
وهكذا لا نفهمها إلا إذا أنزلناها منزلها في كتاب الله..
قال تعالى :
لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)
ماذا كان جواب ربنا سبحانه وتعالى :
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)
وليست هذه المرة الأولى التي تأت فيها المنة من الله تعالى على سيدنا موسى.. قال تعالى :
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)
وهذا الأمر لا يهم موسى فقط إنما يهمنا نحن أيضا..
كثيرا ما نسأل الله شيئا فيجيبنا فننس به نعما أخرى..
والواجب أن تذكرنا النعمة بالنعم..
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
كل هذا تذكيرا له حتى يطمئن..
ثم قال تعالى :
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
هذه سهلة.. ثم قال :
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
في الأولى قال له اذهب :
بدأ موسى يطلب من ربه أن يشرح صدره فلا يخجل من دعوة الناس إلى دين الله.. فكثير من الناس من يخجل من رد فعل الناس إن هو دعاهم إلى الله أو أمرهم بالمعروف أو نهاهم عن المنكر..
وطلب من ربه تيسير أمره.. فإنه لا عمل صالح إلا بتيسير الله تعالى:
فسأل الله تعالى أن ييسر له أمره..
ثم طلب من ربه أن يعلمه الكلام وأن يشرك معه أخاه.. هذه أسس الدعوة إلى الله..
- انشراح الصدر.. اليقين في الله وحده..
- يسر الأمر من الله.. فهو وحده تعالى من ييسر لك الطريق كي تدعو إلى الله.. وتأمر بالمعروف وتنه عن المنكر..
- العلم وحسن التبليغ.. فكم من داعية يريد أن يدعو إلى الإسلام فينفر الناس من الإسلام.. لذلك كان من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : بشرا ولا تنفرا..
- الجماعة..
حتى أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم لم يخرج مباشرة في الناس بالدعوة.. بل جعل في الناس من يشاركه أمر الدعوة إلى الله.. بدأ بدعوة الأقربين.. وأنذر عشيرتك الأقربين.. ثم بعدها جهر بالدعوة في عموم الناس وفي العالمين.. لما أتاه الأمر : قم فأنذر..
الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه الله فيعلم أتباعه ما علمه الله..
وكان يثبتهم بقوة الله تعالى..
وقد ذكرنا المرة الماضية قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع الصديق رضي الله عنه في الغار:
يقول الصديق : لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا.. فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم : ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟
وعند مروره بآل ياسر وهم يعذبون من قبل المشركين عذاب الشهادة في سبيل الله.. قال لهم يصبرهم ويثبتهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة..
قلنا طلب سيدنا موسى من ربه كل المقومات الأولية للداعية.. فاستجاب الله مطالبه.. ثم أمره وأخاه فقال تعالى :
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
في الأولى قال تعالى :
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
فالنبي موسى صلى الله عليه وسلم استعجل أن يطلب من الله القوة والعلم والتيسير والجماعة.. فقال تعالى:
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)... الآية
في هذه قال تعالى : اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)
لم يستعجلا لعطية الله تعالى لهم..
فزاد الله تعالى : فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44).. وهنا يشرح المبتغى من القول اللين.. لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى..
قالا.. جواب موسى وهارون..
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
هنا يعطينا الله تعالى قيمة أخرى من مقومات الداعية.. وهي عدم الخوف.. وعدم الخوف يلزمه وجوب الاحتماء بالله واحتساب الأجر في سبيله..
نعود الآن لمعنى القول اللين..
قال تعالى : فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
لو كان اللين هنا بمعنى أن يهادنه ويسايره كما يفهم أغلب الناس.. فلماذا الخوف منه ؟
ثم مم تكون الخشية إن كان الكلام فيه مسايرة ومجاراة وطاعة..
قال تعالى : لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ.. هذا من طيب الخطاب.. يعني لما تعطي امرءا خطابا منطقيا طيبا يصغي إليك.. قال تعالى : أَوْ يَخْشَى : هذا من صدق الخطاب وشدته..
النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث القوم عن الجنة فيرغبهم فيها ويحدثهم عن النار فيخوفهم منها.. والحديث عن النار دائما يكون شديدا..
ولنفهم يقينا معنى القول اللين.. ننظر في قوله تعالى :
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)
يعني لا خوف.. سيجيب موسى بلين.. لا خوف فيه.. لأن الله تعالى قال :
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
قال تعالى : فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)
ما كان جواب موسى صلى الله عليه وسلم ؟..
اسمعوا القول اللين يصفه الله تعالى على لسان موسى.. قال تعالى :
قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102)
يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
اللين في الدعوة..
يعتبر مفهوم اللين في الدعوة عند عامة الناس المهادنة والمسايرة والمجاراة.
وليس هو كذلك في القرآن..
ولعلنا نقف مع هذه الكلمة بعض الشيء..
ما يأتي إلى ذهن الناس مباشرة حول هذه الكلمة قوله تعالى لموسى وأخيه :
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا.. وهذا شطر آية..
وهكذا لا نفهمها إلا إذا أنزلناها منزلها في كتاب الله..
قال تعالى :
لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)
ماذا كان جواب ربنا سبحانه وتعالى :
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)
وليست هذه المرة الأولى التي تأت فيها المنة من الله تعالى على سيدنا موسى.. قال تعالى :
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)
وهذا الأمر لا يهم موسى فقط إنما يهمنا نحن أيضا..
كثيرا ما نسأل الله شيئا فيجيبنا فننس به نعما أخرى..
والواجب أن تذكرنا النعمة بالنعم..
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
كل هذا تذكيرا له حتى يطمئن..
ثم قال تعالى :
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
هذه سهلة.. ثم قال :
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
في الأولى قال له اذهب :
بدأ موسى يطلب من ربه أن يشرح صدره فلا يخجل من دعوة الناس إلى دين الله.. فكثير من الناس من يخجل من رد فعل الناس إن هو دعاهم إلى الله أو أمرهم بالمعروف أو نهاهم عن المنكر..
وطلب من ربه تيسير أمره.. فإنه لا عمل صالح إلا بتيسير الله تعالى:
فسأل الله تعالى أن ييسر له أمره..
ثم طلب من ربه أن يعلمه الكلام وأن يشرك معه أخاه.. هذه أسس الدعوة إلى الله..
- انشراح الصدر.. اليقين في الله وحده..
- يسر الأمر من الله.. فهو وحده تعالى من ييسر لك الطريق كي تدعو إلى الله.. وتأمر بالمعروف وتنه عن المنكر..
- العلم وحسن التبليغ.. فكم من داعية يريد أن يدعو إلى الإسلام فينفر الناس من الإسلام.. لذلك كان من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : بشرا ولا تنفرا..
- الجماعة..
حتى أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم لم يخرج مباشرة في الناس بالدعوة.. بل جعل في الناس من يشاركه أمر الدعوة إلى الله.. بدأ بدعوة الأقربين.. وأنذر عشيرتك الأقربين.. ثم بعدها جهر بالدعوة في عموم الناس وفي العالمين.. لما أتاه الأمر : قم فأنذر..
الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه الله فيعلم أتباعه ما علمه الله..
وكان يثبتهم بقوة الله تعالى..
وقد ذكرنا المرة الماضية قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع الصديق رضي الله عنه في الغار:
يقول الصديق : لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا.. فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم : ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟
وعند مروره بآل ياسر وهم يعذبون من قبل المشركين عذاب الشهادة في سبيل الله.. قال لهم يصبرهم ويثبتهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة..
قلنا طلب سيدنا موسى من ربه كل المقومات الأولية للداعية.. فاستجاب الله مطالبه.. ثم أمره وأخاه فقال تعالى :
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
في الأولى قال تعالى :
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
فالنبي موسى صلى الله عليه وسلم استعجل أن يطلب من الله القوة والعلم والتيسير والجماعة.. فقال تعالى:
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)... الآية
في هذه قال تعالى : اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)
لم يستعجلا لعطية الله تعالى لهم..
فزاد الله تعالى : فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44).. وهنا يشرح المبتغى من القول اللين.. لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى..
قالا.. جواب موسى وهارون..
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
هنا يعطينا الله تعالى قيمة أخرى من مقومات الداعية.. وهي عدم الخوف.. وعدم الخوف يلزمه وجوب الاحتماء بالله واحتساب الأجر في سبيله..
نعود الآن لمعنى القول اللين..
قال تعالى : فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
لو كان اللين هنا بمعنى أن يهادنه ويسايره كما يفهم أغلب الناس.. فلماذا الخوف منه ؟
ثم مم تكون الخشية إن كان الكلام فيه مسايرة ومجاراة وطاعة..
قال تعالى : لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ.. هذا من طيب الخطاب.. يعني لما تعطي امرءا خطابا منطقيا طيبا يصغي إليك.. قال تعالى : أَوْ يَخْشَى : هذا من صدق الخطاب وشدته..
النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث القوم عن الجنة فيرغبهم فيها ويحدثهم عن النار فيخوفهم منها.. والحديث عن النار دائما يكون شديدا..
ولنفهم يقينا معنى القول اللين.. ننظر في قوله تعالى :
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)
يعني لا خوف.. سيجيب موسى بلين.. لا خوف فيه.. لأن الله تعالى قال :
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
قال تعالى : فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)
ما كان جواب موسى صلى الله عليه وسلم ؟..
اسمعوا القول اللين يصفه الله تعالى على لسان موسى.. قال تعالى :
قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102)
يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول