ارى والله اعلم أن قول ابن عطيه رحمه الله هو الاقرب للصواب لهذه الاسباب
أولا : الاقوال الاخرى تثبت صفه لله (كالخشيه ) ، صفه لم ترد في القران او السنة ، ومرتكزهم على قراءة شاذه ، والقراءة الشاذه لايحتج بها وخاصة في أمر يتعلق بالعقيدة .
ثانيا : مبحث ما الموصوله والمصدريه تجده
هنا ، (فما ) في قوله تعالى ({ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } (سورة الكهف ) ، هي ما الموصوله ، وصلتها الجار والمجرور (عن إمرى)
ثالثا :حرف الجر (عن)
للمجاوزه كقولك أطعمه عن جوع ، اي ازال الجوع عنه ، فقوله تعالى ({ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } (سورة الكهف ) ،
بمعنى والذي رايت من فعلي سابقا (خرق السفينة وقتل الغلام ) قد تجاوز أمري ،
بمعنى أفعالى التي رايت ليس لي فيها أمر ، وإنما هي بأمر الله سبحانه وتعالى
رابعا : النظر في
العطف الوارد في قوله تعالى { وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82) } (سورة الكهف ) ، فهذه الاية كانت التفسير الاخير لموسى عليه السلام وشان الغلامين، وهو التفسير الثالث ، لاحظ الجملة المعطوفه على التفسير (ومافعلته عن امري ) ونعرف التغاير بين المتعاطفين والاشتراك في الحكم (رحمة الله ) .
خامسا : النقطة الرابعة ، فيها الدليل أن ما سبق وفسره الخضر لموسى عليهما السلام من سبب خرق السفينة ، وقتل الغلام (الايات 79،80،81 )
ليس فيها الخبر بالجهة المصدرة للاوامر،
فلذلك جاء هذا المعطوف الاخير ليبين ويوضح لموسى عليه السلام ، ان كل الافعال السابقة كانت بوحي وأمر من الله سبحانه وتعالى
الفرق بين القرية والمدينة
اولا : في التنزيل تغيرالخطاب بين القرية والمدينة ذو أهمية قصوى ، فخرق السفينة وقتل الغلام كان الخضر عليه السلام بين أهله وقومه يدل على ذلك تبدل الخطاب القراني وقوله تعالى ({ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ
قَرْيَةٍ } والحديث المتفق عليه وجاء فيه أن اصحاب السفينة عرفوا الخضر (فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ ) .
ثانيا : فالغلام وأعماله السيئة كانت معروفه لدى قرية الخضر، فكلمة (خشينا ) يرجع الضمير فيها للخضر واصحابه ، بل أقول إن الضمير يشمل (أبوه ) كذلك، لقوله تعالى ({ فَكَانَ
أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا } (سورة الكهف )، في الاية تغليب وظهور لجانب الاب (فظهور الاب مع الضمير يؤكد ذلك ) و يراجع الفرق بين (الابوين والوالدين )
هنا والمشاركة 12 ، وكذلك الضمير في (أردنا ) فهي تدل على علم اصحاب الخضر وأب الغلام بما سيقدم عليه الخضر عليه السلام .
رابعا : الغلامين كانوا بين قومهم (قرية )ولكن يعيشوا مع عشيرة اخرى (مدينة )، كون أن هناك ارتباط بينها وبين الاب او الام أو كلاهما .
خامسا : أدب الخطاب مع الله سبحانه وتعالى وعظيم علم الخضر عليه السلام يظهر في ايتين قوله تعالى ({ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا } وقوله تعالى { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } .
والله اعلم