في وداع رمضان

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
في وداع رمضان
هكذا تمر الأيام ، ويمر معها عمر الإنسان .. بالأمس القريب كنا نقول : كيف نستقبل رمضان ؟ واليوم نتساءل : كيف نودع رمضان ؟
ها هو رمضان يوشك أن يحرك أوتاد خيمته مؤذنًا برحيل ؛ مما يستدعي وقفة حساب .
ليسأل كل مسلم نفسه : ها قد جاء رمضان وأوشك على الرحيل ، فهل ستخرجين يا نفس منه بمغفرة الذنوب والعتق من النار ؟ أم ماذا سيكون أمرك ؟
هل خرجت أيتها النفس من رمضان بتقوى الله تعالى ، لتكون زادَك في طريقك إلى الآخرة ؟ أم أنك كنت غافلة عن زاد الطريق ؟ ] وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [ [ البقرة : 197 ] .
رمضان سوق ، والجميع فيه تجار ، فبعضهم ربحت تجارته ، والبعض خسرت تجارته ، وهناك من يخرج من رمضان لا له ولا عليه .
فالصنف الأول هو الفائز ؛ هنيئًا له .
والصنف الثاني هو الذليل مرغومُ الأنفِ ، عياذًا بالله تعالى .
والثالث ناله تعب ومشقة ، ولم يخرج بشيء ، فهو نوع خسران ولا شك .
كان ابن مسعود t يقول : من هذا المقبول منا فنهنيه ، ومن هذا المحروم فنعزيه ، أيها المقبول هنيئا لك ، أيها المحروم جبر الله مصيبتك .
كم من الخير فات من فاته خير رمضان ؟ وأي شيء أدرك من أدركه فيه الحرمان ؟
كم بين من حظه فيه القبول ، ومن كان حظه الخيبة والخسران ؟
أيها الفائز هنيئًا لك ! أبشر بأجر بلا حساب ، أبشر بدخولك من باب الريان لا ظمأ بعده أبدًا ، أبشر بشفاعة القرآن والصيام .
ويا من قصرت بك الهمة ، وقصَّرت في صيامك وقيامك ، استدرك على نفسك في السويعات الآتية ، ارفع يديك متضرعًا باكيًا ، واقتبس من كلام ربك داعيًا : ] يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا [ [ يوسف : 88 ] .
صيامنا مجروح ، وقيامنا مجروح ، ولا نطمع إلا فيما عندك ، فاغفر لنا تقصيرنا ، وهيء لنا من أمرنا رشدًا .
ترَحَّلَ شهرُ الصبرِ والهفاهُ وانصرما ... واخْتُصَ بالفوزِ في الجناتِ من خدما
من فاتَهُ الزرعُ في وقتِ البدارِ فما ... تـراهُ يحصـدُ إلا الهـمَ والندمـا
روى أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة t قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : إِنِّي صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ ، وَقُمْتُهُ كُلَّهُ " ؛ قال أبو بكرة : فَلَا أَدْرِي أَكَرِهَ التَّزْكِيَةَ ، أَوْ قَالَ : لَابُدَّ مِنْ غَفْلَةٍ وَرَقْدَةٍ .
أقول : كل ذلك عندنا ، أين من كان إذا صام صان الصيام ؟ وإذا قام استقام في القيام ؟
إخوتي وأخواتي :
إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل ، ولم يبق منه إلا القليل ، فمن كان منكم قد أحسن فيه فعليه التمام ، ومن فرط فليختمه بالحسنى فيما بقي منه ؛ يشهد له عند ربه . وإنما الأعمال بالخواتيم .
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا ، وتجاوز عن تقصيرنا ...آمين .
 
عودة
أعلى