في مواجهة العولمة الإلحادية: (1) نقد نظرية الأوتار الفائقة نموذجا

سعد كامل

New member
إنضم
14/04/2017
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
67
الإقامة
مصر
في مواجهة العولمة الإلحادية: (1) نقد نظرية الأوتار الفائقة نموذجا
بقلم: د. سعد كامل – أستاذ مشارك في الجيولوجيا – الإسكندرية – مصر
[email protected]


  • إشكالية حقيقة الجاذبية؟
ينشأ الواحد منا –بني الإنسان- متلقيا للعلم من جهات متعددة: الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام، الجامعة، الدراسات العليا، الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والفكري، وغيرها.... وتتفاوت ردود فعل الإنسان نحو كمية ونوعية المعلومات التي يتلقاها من هنا ومن هناك حسب المراحل العمرية التي يمر بها، وحسب الحالة التعليمية لذلك الإنسان، وكذلك حسب طبيعته الشخصية من حيث قبول تلك المعلومات كما هي أو نقدها تمهيدا لقبول بعضها أو رفض البعض الآخر.
ويؤثر على ذلك القبول أو الرفض مجمل التوجهات الحضارية لعموم البشرية، ففي أوقات سيادة أو طغيان الحضارة المادية تنتشر المفاهيم الإلحادية الرافضة للقوة الإلهية، وتصاغ بعض المفاهيم العلمية (مثل: قانون بقاء المادة، والتطور العضوي لداروون، والانفجار العظيم، والأنثروبولوجي) على خلفية من الإلحاد -كما يحدث هذه الأيام خصوصا منذ عصر النهضة الأوربية الحديثة-، بينما يدخل العلم محراب العبادة وتقوية الإيمان بالخالق العظيم في فترات سيادة عقيدة التوحيد الخالص -كما حدث في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية-... وبناء على ما تقدم وحيث أن الأمة الإسلامية في أيامنا هذه تتلمس خطواتها نحو النهضة من جديد، فإننا نجد الكثير من المفاهيم العلمية وقد صُبِغَتْ بالصبغة الإلحادية.. نجد هذه المفاهيم تتعارض مع صريح النصوص الدينية فيجب علينا العمل على تطهير الفكر البشري من تلك المفاهيم الإلحادية بما يزيد من اقتراب عموم البشر من الخالق العظيم سبحانه وتعالى، ويفتح الطريق نحو رجوع الناس إلى دين الله أفواجا بإذن الله عز وجل ورعايته.
من هنا يتخذ كاتب هذه السطور موضوع "حقيقة الجاذبية" باعتباره نموذجا من نماذج تشويش الفكر البشري بواسطة العلماء الماديين... وبالتالي فإن هدف المقال الحالي يتلخص في كشف حقيقة فكر هؤلاء الماديين فيما يخص "حقيقة الجاذبية"، ومن ثم تقديم بديل علمي إيماني واضح لبناء الكون (في الجزء الثاني من هذه السلسلة) في ضوء الإشارات الواضحة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.... ويرجو الكاتب أن يتيسر لهذه المعاني المستقاة من كلام الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يتيسر لها من المتخصصين المؤمنين الذين يقومون بإعادة حسابات القوى في الكون بناء على تلك المفاهيم ... وبالله التوفيق.
بدأ اهتمام كاتبنا بموضوع "الجاذبية" منذ أكثر من ثلاثة عقود، وذلك أثناء دراسته للماجستير بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران بالسعودية، حيث جاء في يإحدى المحاضرات أن القوى الأساسية في الكون أربعة قوى: القوة المغناطيسية، والقوة الكهربية، والقوة النووية (الضعيفة والقوية)، وقوة الجاذبية؛ وقد استطاع البشر فهم حقيقة القوى الثلاثة الأولى وتم توظيفها في تطبيقات علمية مفيدة للبشرية، بينما بقيت قوة الجاذبية غير مفهوم حقيقتها فلم تخرج تطبيقاتها لفائدة البشر عن التطبيقات البدائية كالروافع البسيطة (مثل بكرة الرفع)... وبعد تلك المحاضرة بعشرة سنوات قرب نهاية تسعينيات القرن العشرين كانت محاضرة أحد أساتذة الفيزياء النووية بالنادي الأدبي بالرياض بالسعودية بعنوان: "الشكل النهائي للنظرية".... وقد استعرض المحاضر –بانبهار واضح- أهم أفكار عالم الفيزياء النظرية (ستيفن هوكن) التي قدمها في كتابه "موجز تاريخ الزمن" (1)، ويهدف هوكن إلى صياغة نظرية فيزيائية موحدة تجمع كل القوى الفاعلة في الكون ضمن صيغة نهائية موحدة.
وكانت حقيقة قوة الجاذبية أهم عقبة في طريق هوكن نحو ذلك التوحيد... ومن هنا انطلق هوكن بالخلفية الإلحادية التي اتضحت أكثر في كتابه التالي: "التصميم العظيم" (2) والذي نص فيه بوضوح على أن الكون يعمل بذاته ولا يحتاج إلى وجود قوة خالقة عظيمة، بل وأعلن ذلك صراحة في محاضراته (3).... وقد بالغ هوكن (ومن يسير على دربه) في تحويل النظرية الفيزيائية إلى مفاهيم فلسفية ليس لها أية أدلة تجريبية -مخالفا بذلك أكبر الأسس العلمية التي وضعها العلماء الماديين أنفسهم-؛ وجاءت نظريات الأوتار الفائقة لتفسير الجاذبية في صورة صيغ فلسفية رياضية ذات صبغة علمية ... قالوا أن الأوتار التي تمسك بالكون هي جسيمات افتراضية حجمها أقل من مائة مليار جزء من نواة الذرة، ويمكنها حمل أطنانا مضروبة في الأس 30 على مسافات لا نهائية!!!.
وظهرت عشرات الأفلام الوثائقية على يوتيوب وغيره من المواقع لدعم وتأكيد تلك النظريات الإلحادية حول حقيقة الجاذبية، وحول نشأة الكون، ناهيك عن مفهوم الزمكان الذي صَدَرَهُ لنا أينشتين في نظريته للنسبية الخاصة والعامة، وكذلك مفهوم الانفجار العظيم حول نشأة الكون، بل وافترضوا وجود أكوانا متعددة، وبالغت نظرياتهم في عدد أبعاد الكون التي تتطلبها الحلول الرياضية لتلك الأوتار المزعومة فمنها ما يتطلب عشرة أبعاد (بزيادة 6 أبعاد منقعصة في حيز متناهي في الصغر عن الأبعاد التي نعرفها: 3 للمكان ورابع للزمن) بل والبعض الآخر يتطلب 26 بعدا!!
من هنا يتضح الشطط العلمي الذي ذهبت إليه تلك النظريات في تقديم حلولا فلسفية ليس لها أدلة تجريبية حول حقيقة قوة الجاذبية وحول نشأة الكون، وبناء عليه ينادي كاتب هذه السطور بضرورة الوقوف بقوة للتصدي لتلك النظريات الإلحادية، والبحث عن بدائل حقيقية للصيغ المتوهمة أنها حلولا علمية لقضية حقيقة الجاذبية ونشأة الكون... وكما سيتضح من النقد الموجه لهذه النظريات من كبار العلماء الفيزيائيين -فيما بعد-، فإن كاتبنا ينادي بضرورة التعاون بين العلم والدين للوصول إلى حقائق الأشياء، وذلك بالرغم من العقبة الكبيرة التي يضعها العلماء الماديين –وانطلت للأسف على معظم العلماء المؤمنين إن لم يكن كلهم- وهي ضرورة وجود دليل مادي تجريبي لكل قاعدة علمية... بل يتمنى كاتبنا أن ينتشر في الأوساط العلمية مفهوم الحقيقة الإيمانية الواردة في قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا - 85} حتى لا يتكبر العلماء الماديين ويظنون أنهم يعرفون كل شيء.


  • مفهوم الجاذبية في الفكر المادي:
نشر الفيزيائي الشهير اسحاق نيوتن في العام 1687 قانون الجذب العام لوصف قوى الجاذبية بين الأجسام غير المشحونة، وذلك بالاستنباط من خلال مشاهدات فلكية عديدة، وقد استعان أيضا بقوانين كيبلر لحركة الكواكب. وتشير موسوعة ويكبيديا (4) إلى أن قوانين كيبلر مشروعة فقط في حالة جسم عديم الكتلة ووحيد (أي لا يتأثر بجاذبية الكواكب الأخرى) يدور حول الشمس، فيزيائياً من المحال تحقيق هذا الشرط ومع ذلك فإن قوانين كيبلر لا تزال ذات أهمية كبرى في تقريب الحسابات حتى الآن. وينص قانون الجذب العام لنيوتن أن "قوتا التجاذب بين جسمين ماديين تتناسب طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافة بين مركزيهما". ونلاحظ هنا أن هذا القانون يصف مقدار القوة بين الجسمين رياضيا، لكنه لا يتناول حقيقة وسبب وجود تلك القوة.
أما أينشتين في نظريته للنسبية العامة (1915) فقد قدم مفهوما مختلفا للجاذبية باعتبارها مجالا يتكون بسبب انحناء الزمكان، وينص على أن "الجاذبية ليست قوة -كما قال نيوتن- بل هي ظاهرة جبلية في الزمكان المنحني، وبالتالي تنتقل تأثيراتها بسرعة أكبر من سرعة الضوء!!" مختلفا مع نفسه فيما افترضه من أن أعلى سرعة في الكون هي سرعة الضوء!!... ومع التوسع في اكتشاف مكونات الذرة من جسيمات محسوسة كالإلكترونات والبروتونات والنيترونات، أو جسيمات افتراضية كالبوزيترونات وغيرها اعتبارا من منتصف القرن العشرين؛ فقد ظهر في سبعينيات القرن العشرين ما يعرف باسم "الجرافيتون" كجسيم افتراضي يقوم بدور الجاذبية بين الأجسام، وبرز في هذا المضمار الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكن صاحب فكرة النظرية الفيزيائية الموحدة وأحد أبرز أصحاب فكرة نظرية الأوتار الفائقة لتفسير قوى الجاذبية.

مشاهدة المرفق 11779
شكل (1): موجز نظريات الجاذبية (الثقالة) نقلا عن الحاج عبد (5).

وقد قدم المهندس جلال الحاج عبد عرضا موجزا لنظرية الأوتار الفائقة Theory of Superstrings (شكل 1)، واستعرض خصائص نظريات الأوتار، وقد أوضح أن تلك النظريات من النظريات الأساسية في تفسير القوى الفائقة، وأضاف أن من المفاهيم الأساسية التي يجب الوقوف عليها عند التعامل مع نظريات الأوتار الفائقة ما يلي: التناظر الفائق (ٍSuper Symmetry)، والثنائيات (Duality)، والثوابت المزدوجة (Coupling Constants)، وأبعاد الفضاء الذي يتجلى في المفهوم الرياضي D-brane.
وأوضح أن التناظر الفائق يشير إلى وجود رابطة بين كتلة الذرة وحاملات القوى (لكل بوزون فرميون)، وقد بدأت نظريات الأوتار للبوزونات فقط ثم استحدثت الجسيمات الافتراضية الأخرى (الفرميونات) واستحدثت أيضا جسيمات تسمى بالتاكيونات (5)، كل ذلك على أساس من التواؤمات الرياضية لتحقيق متطلبات إمساك تلك الجسيمات الافتراضية المزعومة بأبعاد الكون الهائلة وفق خيالات أصحاب تلك النظريات.
وبعد استعراض أهم خصائص نظريات الأوتار الفائقة؛ قدم الحاج عبد (مرجع سابق) في كتابه المختصر تعقيبا مهما حول مستقبل النظرية الشاملة للفيزياء في ظل الرياضيات المعاصرة كما يلي: "تتجلى عظمة وصعوبة النسبية العامة في رياضياتها المعقدة التي جعلت هذه النظرية للمتخصصين فقط، ومطالعة النسبية العامة دون النظر إلى محتواها ومفاهيمها الرياضية يحولها إلى نظرية كلامية فلسفية، وهذا ما نلاحظه عند التعامل مع ميكانيكا الكم "المعقدة" وميكانيكا نيوتن "المبسطة". كذلك الرياضيات المعقدة في نظرية الأوتار الفائقة التي تفوق في التعقيد رياضيات النسبية العامة جعلت هذه النظرية تجتاز الواقع وتصبح ضربا من الخيال."
ومن ثم يخلص الحاج عبد (مرجع سابق) إلى خمسة احتمالات لمستقبل تلك النظرية:
1. بناء نظم رياضية جديدة متطورة ومغايرة للنظم المعاصرة، وهذه إما أن تكون بسيطة فنتائجها كذلك بسيطة، وإما أكثر تعقيدا فلا من جديد!
2. تحويل النظرية الفيزيائية إلى نظرية كلامية فلسفية: ويقول أنه مهما تطورنا في هذا المجال لا يمكن الاعتماد عليه وذلك لعدم خضوعه للتجربة.
3. الاستعانة بعالم الغيب والقوى الغيبية: ويقول أنه لم يجرب الإنسان هذا المجال في القضايا العلمية، وهذا مرهون بالتحديات الزمنية القادمة.
4. دمج العلوم الرياضية بالعلوم الفلسفية: ويقول أن هذا ما جربناه وكانت نتائجه نظرية الأوتار الفائقة، وبنظري عدنا من حيث بدأنا!
5. دمج العلوم الرياضية والفلسفية والغيبية.
من هنا يمكن القول أن هذا التناول لقضية الجاذبية قد أخذ المختصين بعيدا في مضمار المشكلة التي تفاقمت وأنتجت لهم مشاكل جديدة، فلما حاولوا علاج المشاكل الجديدة أقحموا أنفسهم في مشاكل أكبر؛ بالرغم من أنهم كان يمكنهم الأخذ بحلول أبسط لنفس المشكلة فنتقدم في مجال الحل بدلا من حبس أنفسنا في إطار المشكلة!!
ولعل المثال التالي على سير البشر في إطار المشكلة وليس الحل يوضح ما نقصده: يذكر أن وكالة ناسا الأمريكية صرفت ملايين الدولارات لابتكار قلما جافا ذو بلية دوارة يكتب في ظروف انعدام الوزن وتحت أقسى ظروف الحرارة والبرودة.... فهم هنا عاشوا في إطار المشكلة وهي: "كتابة رواد الفضاء بقلم جاف".... لكن رواد الفضاء الروس لم يعيشوا في المشكلة بل عاشوا في الحل وهو: "الكتابة".... فأخذوا معهم أقلاما رصاص!
ويرى كاتب المقال الحالي أن علماء الفيزياء النظرية والفلك قد ساروا في مضمار تعقيد مشكلة مفهوم الجاذبية وفق النقاط التالية:
· بداية نظروا إلى الشمس والأرض مفترضين أن الشمس تجذب الأرض والعكس، وبالتالي فلا الأرض تقع على الشمس ولا الشمس تقع على الأرض... ويمكن أن يكون ذلك صحيحا بالحساب البسيط للقوة المؤثرة هنا وفق قوانين نيوتن وكيبلر... لكن ألا يوجد احتمالات أخرى لتفسير تلك القوة بشكل أقل تعقيدا، وماذا لو أن الأمر في حقيقته رفعا وليس جذبا؟ وهل طبيعة القوة بين الأجرام السماوية هي نفسها قوة الهبوط أو التردي على سطح كل جسم سماوي مثل الأرض وما يقع عليها من أشياء؟
· وعلى مستوى المجرات التي تضم كل منها تجمعا من النجوم يصل إلى حوالي تريليون نجم، وتتجمع تلك النجوم بالمجرة في شكل قرص هائل (يقطع الضوء بسرعته المعروفة من طرف المجرة للطرف الآخر في حوالي 100 ألف سنة) ويدور هذا القرص من النجوم بسرعة هائلة... هنا افترض العلماء أن الذي يتحكم في ذلك كله هو قوة الجاذبية، لكنهم لاحظوا أن مركز كل مجرة فيه قوة هائلة تؤدي إلى ترابط النجوم فيها وإلى تدوير ذلك الهيكل الضخم بانتظام بالغ الدقة.... هنا سلك العلماء مسلك المشكلة أيضا عندما افترضوا وجود ثقبا أسودا في مركز كل مجرة... وعندما احتاروا في تمييز حقيقة تكوين ذلك المركز وصفوه بأنه هو المادة السوداء أو المادة المعتمة التي تسيطر على المجرة بل على الكون كله، وجاءت فرضيات الأوتار الفائقة لتحدد الجسيمات الافتراضية الممسكة بالكون (التي هي أصغر بمائة مليار مرة من نواة الذرة) المسماة بالتاكيون والتي يصفها العالم لورانس كراوس (6) أنها لا شيء... مؤكدا أن أكثر من 90% من مادة الكون تتكون من هذا اللاشيء!!... ألم يكن حريا بهم أن يستفسروا عن خالق هذا الكون العظيم وحكمه سبحانه وتعالى في هذه الأمور؟
· ويتكون الكون المدرك من حوالي 170 ألف مليون مجرة تتجمع في تجمعات مجرية، والتجمعات المجرية تتجمع في عناقيد مجرية ضخمة، وبعضها يكون سورا عظيما في الفضاء... لكن هذه المجرات ثبت أنها تتباعد بمعدلات مساوية لقوى الشد في الكون (الجاذبية)، ولو كان هذا التباعد بمعدلات أكبر من قوى الشد لأصبح الكون يتمدد إلى ما لا نهاية، ولو كان أقل لانكمش الكون لاحقا وانتهى... ومن هذه الملاحظات برزت نظرية الانفجار العظيم لتفسير نشأة الكون، التي أصبحت في أيامنا هذه عقيدة يؤمن بها العلماء بقوة دون أن يدركوا أن تلك النظرية من نواتج السير في مضمار المشكلة (وليس الحل) فيما يخص نشأة الكون وبالتالي فيما يرتبط بحقيقة الجاذبية.... لكن ألا يجب أن يلتفتوا إلى أن خالق ذلك الكون سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا - 5} سورة الشمس.
· والآن دعونا ننظر ونتفكر في هذه النقاط بإيجاز:
o ماذا لو كانت السماوات تقوم على الرفع وليس الجذب؟
o هل القوة بين الأجرام السماوية هي نفسها قوة الهبوط على كل جرم؟
o ما سبب تجمع النجوم في المجرة؟
o وما طبيعة المادة التي تمسك بها وتجعلها تدور؟ أو بالأحرى من الذي يحمل الكون؟
o ما هي الحقيقة فيما يخص نشأة الكون؟
o وهل الانفجار العظيم حقيقة صحيحة أم أنها نظرية تحتمل الخطأ؟
يبدو أن الإجابة على هذه الأسئلة بطريقة صحيحة تتفق من ما ورد في القرآن والسنة، وتتفق حتى مع ما ورد في الكتب السماوية (غير المحرفة)، يبدو أن ذلك يعتبر طريق الحل فيما يخص قضية حقيقة الجاذبية وما يرتبط بها من أمور حول طبيعة القوى السائدة في الكون وحول نشأة ذلك الكون الكبير.

  • نماذج من النقد الموجه لأفكار نظرية الأوتار الفائقة:
اتضح أن نظرية الأوتار الفائقة وما يرافقها من مفاهيم حول نشأة الكون قد تعرضت للكثير من الانتقادات من كبار المتخصصين حول العالم، وفيما يلي نذكر بعض هذه الانتقادات:
· استعرض موقع ويكبيديا الشهير (7) أهم أفكار نظرية الأوتار ثم أتبعها بالتحليل التالي المنسوب إلى جون شوارتز، أستاذ الفيزياء بمعهد كاليفورنيا التقني )كالتيك) الذي يقول أنه هناك العديد من الصعوبات التي تواجه نظريات الأوتار، منها:
1. ذلك الجسيم عديم الكتلة) الوتر) عبارة عن جسيم ذو كتلة افتراضية تخيلية وتم إطلاق تسمية تاكيون على هذا الجسيم) الذي تفرزه الرياضيات إلزاميًا) ولا ينتمي إلى مجموعة الجسيمات التي يصادفها المرء في العمليات النووية.
2. إن تماسك النظرية رياضيًا يتطلب أن يكون الزمكان ذا أبعاد أكثر من أربعة.
3. عشرة أبعاد إضافية مسألة خطيرة جدًا في مجال توصيف الجسيمات النووية، ذلك أنه من المعلوم حق العلم أنه يوجد ثلاثة أبعاد مكانية وواحد زمني، وأن الموقف لا يحتمل مطلقا أبعادًا إضافية.
4. إحدى المسائل البارزة في برنامج الأوتار الفائقة هي مسألة تحديد الشكل الخاص الذي تتخذه الأبعاد الإضافية في التفافها على نفسها.
5. النظرية ليست مفهومة فهماً كاملاً والمشكلة الكبرى تكمن في محاولة فهم لماذا يجب أن يكون واحد من هذه الحلول أفضل من سواها. لا يوجد في المرحلة الراهنة أية طريقة للاختيار بين هذه الحلول سوى القول بأن أحدها يتفق مع الطبيعة بشكل أفضل من غيره لكن لا يوجد معيار رياضي لاختيار الأفضل.
6. صعوبة التعويل على فكرة أن العالم قائم حقا على مبادئ رياضية وأنه يوجد تفسير منطقي لكل شي، والرياضيات طريقة لوصف الأشياء بشكل منطقي.
7. صعوبة، بل استحالة، اختبار النظرية بصورة عملية في المختبر بسبب الحيز الذي هو عبارة عن مسافات بالغة الصغر.
· موقع مسيحي شهير كتب مقالا استلهم عنوانه من سفر التكوين: "في البدء كان هوكن، والمنطق انتهى"، ثم شرع الكاتب في شرح كيف أن هوكن في نهاية حياته يحاول التخلص من وجود الله بأي شكل وبأي ثمن ليبني مجدا شخصيا (8).
· كتب أحد كبار الفيزيائيين في العالم وهو البروفيسور راسل ستانارد في الجارديان يقول: إن فلسفة -هوكن- هي تحديدا ما أعارضه فهي كما وصلتني مثال واضح على التعالم –ساينتزم -فطرح أن العلم هو مصدر المعلومات الوحيد وأننا لدينا فهم كامل لكل شيء هو هراء بل وهراء خطير أيضا فهو يشعر العلماء بالكبر والغرور بشكل مبالغ فيه (9).
· ويضيف ستانارد: نظرية الأوتار تحتاج لمصادم هيدروني بحجم مجرة لاختبارها وهذا غير ممكن...حسنا لو قلنا - طبقا للنظرية إم - ان الكون خلق نفسه فمن أوجد النظرية إم؟ ومن أوجد القوانين الفيزيائية الخاصة بها؟...ورغم ذلك فلا توجد لها معادلة فيزيائية حتى الآن! أطلب منهم أن يكتبوا معادلة فيزيائية ...لن يفعلوا لأنهم ببساطة لا يمتلكونها (9).
· كتب صاحب صفحة موجز تاريخ الحقيقة على الفيس بوك في منشور بعنوان «الرد على ستيفن هوكن ونقد التصميم العظيم» يقول: وعندما تفتش كتاب هوكن من أوله لآخره لن تجده يبرر ذلك إلا بحتمية وجود القوانين !ولا أدري هل الإيمان بأي شيء ممكن إلا الإيمان برب العالمين؟ ولماذا إذا يعارض هوكن من يقول بحتمية وجود الله ويكرر في كل كتبه سؤال من خلق الله؟ (10).
· ويقول: النظرية إم عمليا غير موجودة أصلا، فلا توجد معادلة رياضية واحدة للتعبير عنها (وكل ما يفعله هوكن أن يبشر انها ستكون كذا وكذا (يقول هذا الكلام منذ 30 عاما) هكذا مجردا من المرجع او الدليل) مما دفع البعض لوصفه بنبي ملحد!! (10).
· وباعتراف هوكن نفسه في كتاب (مختصرتاريخ الزمن، 1) أن نظرية الأوتار تكاد تتساوى مع القول بأن الكون محمول على ظهر سلحفاة- كما زعمت سيدة من الجمهور في إحدى محاضراته- فكلاهما بلا دليل يمكن إثباته.
· روجرز بنروز الفيزيائي الشهير الذي أثبت مع هوكن حدوث الانفجار الكبير يقول: على عكس ميكانيكا الكم فإن النظرية إم لاتملك أي إثبات مادي إطلاقا (11).
· البروفيسور باول ديفيز الفيزيائي الإنجليزي كتب في الجارديان منتقدا هوكن بشدة: تبقى القوانين المطروحة غير قابلة للتفسير! هل نقبلها هكذا كمعطى خالد؟ فلماذا لانقبل الله؟ حسنا وأين كانت القوانين وقت الانفجار الكبير؟ إننا عند هذه النقطة نكون في المياه الموحلة (11).
· جريدة الإيكونومست أفردت حديثا عن كتاب هوكن ووصفت كلامه بالغير قابل للاختبار..مضيفة: يبدو أن الفلسفة حلت محل العلم (11).
· دون بيج الفيزيائي الكندي الذي كان تلميذا لهوكن يقول :أتفق بكل تأكيد مع القول بأننا حتى لو تمكننا من الحصول على صياغة كاملة للنظرية إم وثم ثبتت أيضا صحتها فهذا لا يتضمن أبدا أن الله لم يخلق العالم (12).
· د.هاميش جونستون محررموقع عالم الفيزياء يعبر عن خوفه من تأثر الدعم الحكومي للبحث العلمي في بريطانيا تبعا لتصريحات هوكن فيقول :توجد فقط مشكلة صغيرة وهي ضحالة الدليل التجريبي للنظرية إم .بمعنى آخر فهناك عالم كبير يخرج بتصريح للعامة يتحدث فيه عن وجود الخالق اعتمادا على إيمانه بنظرية غير مثبته ... إن الفيزياء بحاجة لدعم العامة حتى لا تتأثر بتخفيض النفقات وهذا سيكون صعبا جدا إذا ظنوا أن معظم الفيزيائيين يقضون وقتهم في الجدال عن ما تقوله نظريات غير مثبتة عن وجود الخالق (13).
· الدكتور زغلول النجار ألمح أن هوكن يعاني من اضطراب وتشوش وقال :إذا كان هناك قانونا للجاذبية فمن الذي وضعه وأوجده؟ (14).

  • فاسألوا أهل الذكر:
إن تناول قضية شائكة مثل قضية "حقيقة الجاذبية" يدفعك دفعا إلى التعامل مع عدة أنواع من أهل الذكر (أهل الاختصاص في أي علم كما هو متداول بين الناس)، فالباحث عن الحقيقة يرخي الأشرعة فتتقاذفه الأمواج هنا وهناك، فيرسو به الفُلْكَ عند شاطيء العلم الديني فيأخذ من أهل الذكر الحقيقيين (الذكر هو القرآن) أطرافا من الحقيقة ضمن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية... ثم تُتَابعُ الانطلاق نحو شاطيء آخر من شواطيء العلم الذي يديره أساتذة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم فتتأثر بالصيغ الربانية المعجزة، إلا أنك تصطدم بانبهار بعض هؤلاء السادة -من أهل الإعجاز- بالحضارة المادية المعاصرة فتجد بعضهم قد يقع في حبائل الماديين الملحدين معتبرا نظرياتهم حقائق تصلح لتفسير آيات الذكر الحكيم، فلا تملك إلا أن تحتار هل تقبل كلام هؤلاء الأساتذة؟ أم تتركه وتبحر في دروب العلم للوصول إلى الحقيقة في موقع آخر؟
أما إذا أخذتك سفينتك إلى شاطيء أساطين العلم المادي المعاصر، الذين تتفشى فيهم العصبية المادية الإلحادية –إلا قليلا من المؤمنين بالخالق العظيم- .... فهاهنا تتلاطم الأمواج، وتشتد الرياح حتى يكاد المركب أن ينقلب من شدة الاختلافات، هاهنا تجد علوما تنطلق من أغوار الفكر المادي التجريبي الذي لا يقبل أي تعاون مع الدين، بل يعتبر الدين من الأساطير، وإذا تمعنت بدقة بين السطور تجدهم ينكرون الحقيقة الكبرى حول أن للكون خالقا عظيما، ناهيك عن التعالي والكبر الذي يعاملونك به باعتبارك متدينا متخلفا، ويلقون إليك بالفتات العلمي الملوث بفيروسات الإلحاد مع الكثير من التفضل والمن أنهم ينعمون عليك بهذا الغثاء!!! لكن يبرز هنا السؤال: هل هؤلاء الملحدون يمكن اعتبارهم من أهل الذكر؟
نعم تأخذك الحيرة حول المفهوم الصحيح لأهل الذكر؛ ومَنْ بالضبط مِنْ طوائف العلماء يمكن اعتباره من أهل الذكر؟ وما هي صفات أهل الذكر؟
هنا تعود إلى شاطيء الراحة والطمأنينة والاعتدال، تعود إلى شاطيء أهل الذكر الحقيقيين من علماء الشريعة الغراء، فتجد عندهم مبتغاك.... وذلك في فهم قوله تعالى في سورة النحل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ -43- بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ - 44}، وقوله تعالى في سورة الأنبياء: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ - 7}. فالكلام من القرآن المكي موجه إلى مشركي العرب الذين كانوا ينكرون بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ويطلبون أن يأتيهم ملك من السماء بهذا الوحي، فيؤكد النص القرآني أن الرسل السابقين كانوا بشرا وليس ملائكة، ثم يوجههم أن يسألوا أهل الذكر من أهل الكتاب من اليهود والنصارى في ذلك.
وتتعدد أقوال أهل العلم في مفهوم أهل الذكر:
· جاء في تفسير الطبري عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد ، قال: فأنـزل الله {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ} يونس: 2، وقال في سورة النحل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُر}، فاسألوا أهل الذكر: يعني أهل الكتب الماضية.
· وأضاف الطبري في تفسيره أيضا: وقال آخرون في ذلك ما حدثنا به ابن وكيع، قال: ثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: نحن أهل الذكر.
· وجاء على موقع إسلام ويب (15) وأهل الذكر هنا هم: أهل الكتاب من الأمم السابقة الذين بعث الله إليهم الرسل، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في أصول الفقه، ولهذا قال ابن عطية: وأهل الذكر عام في كل من يعزى إليه علم. فأهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل فن. وعلى هذا، فالواجب على من لا يعلم أن يسأل من يعلم، كما أمر الله تعالى.
· ويذكر الشيخ النابلسي (16) كلاما مفصلا حول أهل الذكر: بداية يؤكد أن أهل الذكر هم العلماء من أهل القرآن الذين يعرفون منهج الله (لأن القرآن يُعَرَّفً أنه الذكر)، ثم يحدد ثلاثة أنواع من العلماء:
o إن أردت أن تتعرف إلى الله, وإلى الذات العلية, وإلى أسماء الله الحسنى. فأنت تحتاج إلى عالم يعرف الله ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ [سورة الفرقان الآية:59].
o وهناك عالم يعرف خلقه: المتخصصون بالفيزياء, والكيمياء, والرياضيات, والطب, والهندسة, والفلك, وعلم النفس, وعلم الاجتماع, وما إلى ذلك فهؤلاء يعرفون خلقه.
o والمتخصصون بعلم الشريعة يعرفون أمره وذلك إن كان لديك قضية متعلقة بالمنهج: افعل ولا تفعل, متعلقة بالفرض, والواجب, والسنة, والمباح, والمكروه, والحرام.
فأين لي بعالم يعرف الله حق المعرفة، وهو ممن يعرف خلقه في مضمار الفلك، وأيضا يعرف أمر الله فيفتيني؟؟؟
· أما عن صفات أهل الذكر فيضيف الشيخ النابلسي (مرجع سابق):
o علامة المهتدي: أنه يحتسب جهده عند الله, لا يسألك أجرا ﴿اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [سورة ياسين الآية:21].
o والعالم حقيقة هو الذي يبين لك عدالة الله ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ﴾ [سورة آل عمران الآية:18].
o وهو الذي لا يخشى في الله لومة لائم ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾ [سورة الأحزاب الآية:39]. فلو أنهم خافوا من غير الله, فسكتوا عن الحق, وخافوا من غير الله, فنطقوا بالباطل, ماذا بقي من دعوتهم؟
o وهو الذي يصبر على الأذى الذي يصيبه بسبب الدعوة ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ [سورة السجدة الآية:24].

  • خاتمة:
استعرض هذا البحث بإيجاز شديد إشكالية الوصول إلى تفسير صحيح لحقيقة الجاذبية، إحدى القوى الأساسية في الكون، ثم أبرز التطور التاريخي لمفهوم الجاذبية اعتبارا من نيوتن إلى ستيفن هوكن مرورا بأينشتين، واتضح أنه بالرغم من تعاقب القرون بالفكر المادي منذ القرن السابع عشر وحتى الآن فإن ذلك المفهوم لم ينجلي حتى وقتنا هذا.
وقد مر البحث مرورا سريعا على أهم مفاهيم نظرية الأوتار الفائقة لتفسير قوة الجاذبية، موضحا أن تلك النظرية تعتبر ضربا من الخيال، وقد تأكد ذلك من الانتقادات التي وجهت إلى تلك النظرية وإلى كبار مؤسسيها مثل ستيفن هوكن ولورانس كراوس. ومن ثم عرج البحث على استقصاء المفهوم الصحيح لأهل الذكر مستعرضا أهم صفات أهل الذكر من العلماء الربانيين مناديا: أين نجد فيما يخص قضية حقيقة الجاذبية أهلا للذكر تنطبق عليهم كل أو بعض هذه الصفات؟
o هل يمكن لأحد أن ينصحني بالذهاب إلى أهل الاختصاص من الملحدين (أمثال ستيفن هوكن ولورانس كراوس) لسؤالهم حول نشأة الكون وعن حقيقة الجاذبية!! كيف وأنا أعلم أن هؤلاء يرفضون فكرة وجود خالق عظيم لهذا الكون؟؟ بل وقد اعترض عليهم بني جلدتهم!!
o أم يجب علي أن أذهب إلى الأساتذة المنبهرين بهؤلاء الملحدين، من العلماء المؤمنين بوجود الخالق لكنهم غير مستعدين أن يبتعدوا عن أفكار هوكن وغيره لأن أبحاثهم تنبني على تلك الأفكار الإلحادية؟؟
o أم يجب عليَّ الرجوع إلى علماء الشريعة (أهل الذكر الحقيقيين) لمعرفة مفاتيح نشأة الكون الصحيحة، ومن ثم إسقاط المعطيات المعاصرة حول مفهوم الكون الشاسع على تلك المفاتيح حتى نخرج بالمفهوم الأقرب للصواب من بين ثنايا ذلك التراث الضخم؟
نعم هذا هو الطريق.... وقد أسلكه بمفردي باديء ذي بدء.... لكنني على يقين أن الله سوف يقيد الكثير من العلماء لحمل هذه الفكرة ودعمها حتى تثبت وتتمكن من أعماق قلوب جميع الأحباب من العلماء المؤمنين بالخالق العظيم.

  • مراجع:
1) Hawking, S. (1988): A brief history of time. Bantam Books, 256p.
2) Hawking, S. and Mlodinow, L. (2010): The Grand Design. Bantam Books, 208p.
3) As quoted in Hannah Devlin, “Hawking: God did not create Universe,” The Times (4 Sept. 2010).
4) https://ar.wikipedia.org/wiki/قوانين_كبلر
5) www.jalalalhajabed.com/superstring.pdf
6) Krauss, L. (2012): A Universe from Nothing. Free Press, 224p.
7) https://ar.m.wikipedia.org/wiki/نظرية_الأوتار
8) Hawking's The Grand Design: Criticism, Rebuttal, Weakness, illogic
9) http://www.guardian.co.uk/technology/2010/sep/12/russell-stannard-my-bright-idea
10) www.facebook.com/bh.truth
11) http://en.wikipedia.org/wiki/The_Grand_Design_(book)
12) RZIM
13) Blog - physicsworld.com
14) ترفيه، جدول البرامج، مشاهير،أفلام، مسلسلات، برامج تلفزيونية - MBC.net
15) http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=38050
16) http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=10933&id=212&sid=1523&ssid=1524&sssid=1525
 
الإخوة الأكارم رواد الملتقى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... وبعد
فإنني أعتذر لأنني شغلت أذهانكم بقضية علمية جافة من قضايا العلوم الطبيعية حول حقيقة الجاذبية في هذا المقال الأول من سلسلة "في مواجهة العولمة الإلحادية"... وقد ذكرت في ثنايا المقال هدفي من طرح هذه القضية هنا في محفل يرتاده غالبا أساتذة من المهتمين بالعلوم الشرعية، وهذا الهدف هو تفضل السادة أساتذة الشريعة بإبداء آرائهم حول النقاط التي تحتاج إلى الفتوى ضمن سياق المقال، وذلك توطئة لطرح ما يناسب من هذه النقاط للبحث الشرعي الجاد خدمة للهدف الأسمى للقضية وهو: مواجهة العولمة الإلحادية.... فالفكر البشري خصوصا في جوانب العلوم الطبيعية غارق في مستنقع الإلحاد فيما يرتبط ببدايات الأشياء ((مثل: نظرية دارون عن التطور العضوي، وقانون بقاء المادة في الكيمياء، وهنا قوانين الجاذبية، وعلم الأنثروبولوجي... وغيرها كثير))... من هنا أنتظر تجاوبكم مع مقالي.

وسوف أقتبس بعض النقاط المطلوب طرحها للنقاش بوضع كل نقطة في تعليق مستقل هنا منتظرا ردودكم الكريمة... وبالله التوفيق:


من هنا يتخذ كاتب هذه السطور موضوع "حقيقة الجاذبية" باعتباره نموذجا من نماذج تشويش الفكر البشري بواسطة العلماء الماديين... وبالتالي فإن هدف المقال الحالي يتلخص في كشف حقيقة فكر هؤلاء الماديين فيما يخص "حقيقة الجاذبية"، ومن ثم تقديم بديل علمي إيماني واضح لبناء الكون (في الجزء الثاني من هذه السلسلة) في ضوء الإشارات الواضحة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.... ويرجو الكاتب أن يتيسر لهذه المعاني المستقاة من كلام الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يتيسر لها من المتخصصين المؤمنين الذين يقومون بإعادة حسابات القوى في الكون بناء على تلك المفاهيم ... وبالله التوفيق.
هذه هي الفقرة الثالثة من مقدمة المقال الحالي التي أوضح فيها هدفي بطرح قضيتي على المتخصصين للبحث والتمحيص
 
كما يتضح الهدف بصورة جلية في الفقرة السابعة من مقدمة المقال:

[FONT=&quot]من هنا يتضح الشطط العلمي الذي ذهبت إليه تلك النظريات في تقديم حلولا فلسفية ليس لها أدلة تجريبية حول حقيقة قوة الجاذبية وحول نشأة الكون، وبناء عليه ينادي كاتب هذه السطور بضرورة الوقوف بقوة للتصدي لتلك النظريات الإلحادية، والبحث عن بدائل حقيقية للصيغ المتوهمة أنها حلولا علمية لقضية حقيقة الجاذبية ونشأة الكون... وكما سيتضح من النقد الموجه لهذه النظريات من كبار العلماء الفيزيائيين -فيما بعد-، فإن كاتبنا ينادي بضرورة التعاون بين العلم والدين للوصول إلى حقائق الأشياء، [/FONT][FONT=&quot]وذلك بالرغم من العقبة الكبيرة التي يضعها العلماء الماديين –وانطلت للأسف على معظم العلماء المؤمنين إن لم يكن كلهم- وهي ضرورة وجود دليل مادي تجريبي لكل قاعدة علمية[/FONT][FONT=&quot]... بل يتمنى كاتبنا أن ينتشر في الأوساط العلمية مفهوم الحقيقة الإيمانية الواردة في قوله تعالى في سورة الإسراء: [/FONT]{[FONT=&quot]وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا - [/FONT][FONT=&quot]85[/FONT]}[FONT=&quot] حتى لا يتكبر العلماء الماديين ويظنون أنهم يعرفون كل شيء.[/FONT]
 
https://vb.tafsir.net/tafsir47592/#.WfdJVjvjoy4

في " نظريات الملحدين " وهذا الموضوع في " العولمة الإلحادية " . هذه عبارات كبيرة وخطيرة جدا لا يجوز تسطيحها بدون معرفة مجملة بفن الكلام الإلحادي والذي يسمى الإلحاد العلمي تجاوزا، أي تبرير الموقف الإلحادي بالمعطيات العلمية، وهذا الموقف لا يتفق مع المنطلقات العلمية ولا مع الممارسة العلمية حتى عند أكثر العِلمانيين تطرفا في العِلمانية، في فصل العلم عن الدين. وهذا ما يعرفه المبتدئ في متابعة الجدالات الكلامية التي تجرى في الغرب بين الألوهيين واللاألوهيين.. بل إن وصف تلك النظريات بالإلحاد، شيء يخدم قضية الملحدين،..!

ثم إن تفسير القرآن الكريم نحكم له أو عليه بناء على مدى إلتزامه بالمنهج العلمي الذي نجده في مقدمات التفاسير، والتطبيقات التفسيرية، وغيرها مما يقوم به أصول التفسير. فهل سنرفض تفسيرا علميا مقبولا للقرآن لأن المخالف في المذهب أو في الملة يستغله للطعن في القرآن أو للإنتصار لفكره ؟ لا، بل يجب أن نوضح سوء فهمه للتفسير، أو سوء توظيفه له، أو إعماله للإنتقائية أو غير ذلك.

أما إذا كنت لا تتفق مع التفسير، فهذا إما لأنك ترى أن التفسير لم ينضبط بأصول التفسير عامة وبالمنهج العلمي في التفسير بشكل خاص، وإما لأنك لا تتفق مع هذا المنهج أصلا فيجب عليك حينها أن تبين ثم تأتي بمنهج آخر تدعمه بما عندك من حجج وأدلة.

كذلك بالنسبة لتفسير الآيات الطبيعية والإجتماعية والأدبية ، ولا فرق.

العلوم الطبيعية مثل العلوم الإجتماعية، والإنسانية، والتقنية، علوم تقوم على أصول، ولكل تخصص دقيق منهجه الخاص به. أتفق أو لا أتفق ؟ مع المنهج أولا ثم مع تطبيقه والإلتزام به، وهكذا. وليس لأن الملحد يوظف مقولة علمية، إذن الفكرة باطلة. أو واحد هندوسي يأتي يقول إن عمر الكون كما حدده علماء الفلك أشار إليه نص في الفيدا، إذن الفكرة باطلة، بل الفكرة هندوسية. أو نيلز بور كان يحمل رمز اليين واليانغ على شعار النبالة الذي كان يلبسه والعالم فلان مع العالم علان تحدثا عن "الطاوية الفيزيائية" إذن ميكانيكا الكم باطل بل إنها فكرة طاوية!!!
 
أخي الكريم الأستاذ شايب
تحياتي
حيث أنني متخصص في الجيولوجيا، وغير متخصص في الفلسفة ولا أجيد الحوارات الفلسفية... وإنني أساسا لا أهتم بالإلحاد ولا بالملحدين، لكنني أخشى من تأثير المفاهيم الإلحادية على الفكر العلمي لزملائي من العلماء المسلمين والمؤمنين بالخالق العظيم... لذلك فإنني أطرح أفكاري هنا طلبا لأن نتعاون لتكوين رأي علمي إيماني ينقذنا من براثن تأثير الفكر الإلحادي على العلم البشري... فكيف يمكننا عمل ذلك؟ وما هي نصيحتكم لتحقيق ذلك؟
وبخصوص النقطة الأولى من تعليقكم: تقول في نهايتها أن كلامي يفيد الملحدين... فكيف ذلك؟

أما عن النقطة الثانية من تعليقكم: أقول بأنني لم أرفض تفسيرا محددا لآيات القرآن ((فهذا تخصص لا أدعيه))، لكنني أنادي بأن يساعدني علماء التفسير من خلال البحث العلمي الجاد نحو تأصيل المعاني التي أنادي بها، أما اعتراضي على بعض أساتذة الإعجاز أنهم متأثرون بالنظريات الإلحادية ويستخدمونها في تفسير القرآن، فأظن أن ذلك اعتراض منطقي يتمشى مع الأسس التي وضعوها هم بأنفسهم من عدم استخدام نظريات غير مثبتة نهائيا لتفسير القرآن، ويؤكدون على ضرورة استخدام الحقائق العلمية المثبتة في ذلك... وعموما فإنني في الأساس أترك الحكم للسادة علماء التفسير، ويمكن الدخول إلى كل حالة على حدة لكن ذلك أمر يطول، لكنني أؤكد هنا على أنني أرفض اعتبار نظرية الأوتار الفائقة دليلا على تفسير حقيقة الجاذبية، وكذلك نواتجها المرتبطة بها في تفسير نشأة الكون لاختلاف ذلك عن المفاهيم القرآنية بالبناء والرفع.... وأترك الحكم أولا لأساتذة التفسير لتناول هذه القضية بالبحث العلمي الجاد لتحقيق الأهداف التي أنادي بها –إن كان ذلك ممكنا-، ومن ثم سوف أرجع إلى السادة أساتذة الفلك والفيزياء والجيولوجيا المؤمنين بالخالق العظيم سبحانه وتعالى للبحث فيما يخص تعديل النظريات المرتبطة بهذه القضية... وبالله التوفيق.

وختاما مع وافر الشكر لمداخلتكم القيمة أشير إلى أنني لم أرفض فكرة لأن قائلها صاحب مذهب معين. بل أرفض كلام ستيفن هوكن الذي أعلن بوضوح أن فكرته تؤكد على عدم الحاجة إلى وجود الإله ((تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا))، وقد استشهدت بأقوال العديد من المتخصصين الذين يرفضون الفكرة ويؤكدون على أنها لا يدعمها أي أساس تجريبي... ثم بعد ذلك أطرح أفكاري للمناقشة والبحث تشريعيا وعلميا طلبا للحقيقة وللوصول إلى الحق المبين.

فهل يمكن أن يتعاون علماء الشريعة وعلماء الطبيعة في ذلك؟
 
قلت ((فهذا تخصص لا أدعيه)) . وهل تدعي التخصص في الفيزياء الصلبة والفيزياء الفلكية والفيزياء (الرياضياتية) النظرية ؟ يا أخي الأستاذ الدكتور المحترم سعد كامل، إن كنت فعلا كما تقول لا دراية لك بالفلسفة ولا تحسن المناقشة الفلسفية، فلماذا تقحم نفسك في شيء فلسفي، وترمي في بحثك العبارات الفلسفية من قبيل "النظريات الإلحادية". هل تعلم أن نقل المعلومة العلمية الطبيعية من مجالها الخاص إلى المجال الفكري، نقل فلسفي، وهذا ما يسمى علم الكلام ؟ أي توظيف دقيق الكلام (الطبيعيات) من أجل الدفاع عن جليل الكلام ؟ وهو علم يفيد الفكر الإسلامي ، خاصة في السياق الجدلي ، ولا يفيد العقيدة الإسلامية التي يجب أن تؤخذ من مظانها.

يا أخي أنت لا تكتب بحثا لنفسك فيخصك أنت وحدك، بل تخرجه لغيرك، فإن كان الأمر كذلك وهو كذلك، فإنه يتوجب عليك أن تعلم أنك تعيش في عصر يبجل فيه العلم الوضعي، بل يقدس، ثم تأتي وتقول "النظريات الإلحادية" وأن أساتذة الإعجاز متأثرون بالنظريات الإلحادية ويستخدمونها في تفسير القرآن ؟ ما هذا يا أخي، ما هذا ؟ ألا ترى أن قولك هذا يعضد قضية الملحدين الذين يدعون أن المكتسبات العلمية تقف مع موقفهم من القضية الكبرى، ألا وهي قضية الإيمان ؟ ونحن نقصد هنا العوام من الملحدين، وبعض السطحيين من دارسي العلوم يمكن حصرهم على أصابع اليد، وإلا فالحقيقة المعاينة أنه لا يوجد عالم واحد معتبر وهو على الإلحاد يدعي أن هذه النظرية العلمية أو تلك نظرية إلحادية؛ ولا حتى ستيفن هوكينج نفسه قال ذلك رغم التأويلات السطحية التي خرج بها البعض لفقرة في كتابه "البناء العظيم" (the grand design) الذي ألفه مع ل. ملودينوف، وهو كتاب أدبي علمي، وليس ببحث علمي scientific paper، والفرق بين الأدب العلمي والعلم مثل الفرق بين الأدب الإجتماعي والإجتماعيات (السوسيولوجيا) مثل الفرق بين الخيال العلمي والعلم، فالأدب العلمي أي popular science أو pop-science أو popsci ليس هو العلم science وكل هذا بالمفاهيم الوضعية حتى، وهو كتاب تخميني تخيلي كما وصفه الفيزيائي المشهور Sean Michael Carroll.

أما تلك الفقرة المشهورة من كتابه الأدبي العلمي، الذي وفر فيه مساحة للخيال العلمي ومساحة أكبر للفلسفة التخمينية، فلا إلحاد فيها ولا يحزنون.

Because there is a law such as gravity, the universe can and will create itself from nothing. Spontaneous creation is the reason there is something rather than nothing, why the universe exists, why we exist. It is not necessary to invoke God to light the blue touch paper and set the universe going.

بسبب وجود قانون مثل قانون الجاذبية فإن الكون يمكنه وسيمكنه خلق نفسه من العدم. الخلق الذاتي هو السبب في وجود شيء عوض لا شيء ، هو السبب في وجود الكون ، في وجودنا نحن . ليس ضروريا أن نستحضر ونفترض وجود الإله لتفسير وجود الكون .

بعيدا عن مناقشة المضمون نقاشا كلاميا وفلسفيا وعلميا، كل البعد، سترى أنه لا ينفي وجود الإله، بل يقول لا حاجة لإفتراض تدخل الإله لتفسير وجود الكون، كما لا حاجة لإفتراض التدخل الإلهي في تفسير نزول المطر، فالمطر يتكون وينزل بفعل وجود قوانين طبيعية خلقها الخالق وقدرها، وهذه مسألة إختلف فيها العلماء وناقشها إبن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى بقوله:

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُنْكِرُ الْقُوَى وَالطَّبَائِعَ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ وَهَؤُلَاءِ الْمُنْكِرُونَ لِلْقُوَى وَالطَّبَائِعِ يُنْكِرُونَ الْأَسْبَابَ أَيْضًا وَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا فَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَا يُشْبِعُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَرْوِي بِالْمَاءِ وَلَا يُنْبِتُ الزَّرْعَ بِالْمَاءِ بَلْ يَفْعَلُ عِنْدَهُ لَا بِهِ وَهَؤُلَاءِ خَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ السَّلَفِ مَعَ مُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْعَقْلِ وَالْحِسِّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُنَزِّلُ الْمَاءَ بِالسَّحَابِ وَيُخْرِجُ الثَّمَرَ بِالْمَاءِ. وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وَقَالَ {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} وَقَالَ {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} وَقَالَ {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}، {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } وَقَالَ {فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ.

وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ بِحِسِّهِمْ وَعَقْلِهِمْ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ سَبَبٌ لِبَعْضِ كَمَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الشِّبَعَ يَحْصُلُ بِالْأَكْلِ لَا بِالْعَدِّ وَيَحْصُلُ بِأَكْلِ الطَّعَامِ لَا بِأَكْلِ الْحَصَى وَأَنَّ الْمَاءَ سَبَبٌ لِحَيَاةِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَ {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وَأَنَّ الْحَيَوَانَ يُرْوَى بِشُرْبِ الْمَاءِ لَا بِالْمَشْيِ وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَوْضِعٌ آخَرُ.


إذن هوكينج ينقل النقاش إلى مستوى آخر يبدأ مع قانون الجاذبية ما هو ومن أين جاء وما العدم بالمفهوم الفيزيائي إلى آخره.

فكيف تقول لم أدرس الفلسفة ولا أحسن المناقشة الفلسفية بعد أن قلت هناك : قد بالغ هوكن (ومن يسير على دربه) في تحويل النظرية الفيزيائية إلى مفاهيم فلسفية ليس لها أية أدلة تجريبية -مخالفا بذلك أكبر الأسس العلمية التي وضعها العلماء الماديين أنفسهم-.. ؟!!

قولك هذا هو أفضل رد، وأحسن دفاع، وأجمل مناقشة، فتقول العالم فلان بهذا وذاك خالف الأسس العلمية المتفق عليها في مناهج العلوم، كما قال كبار علماء الغرب في الرد على ترهات دوكنز ومن نحى نحوه. هذا فقط، ولا حاجة لبناء وانفجار ونظريات الملحدين وإقحام الملائكة في الموضوع، وكل ما تفضلت به إذ لا كلام علمي هو ولا فلسفة ولا حتى مقال أدبي، ولا حاجة، وفي الحقيقة لم أجد الباب المناسب لأصنف ما تفضلت به.

وبما أنك يا أستاذنا الدكتور سعد في ملتقى الإنتصار، فاسمح لي بالتعبير عن رأي أراه صالحا لتكتب فيه. ننطلق من تخصصك في الجيولوجيا.

1) نعرف أناسا من المخالفين يدعون أن الآيات الكونية في القرآن فيها أخطاء علمية، فكيف ترد على ترهاتهم وتأويلاتهم للآيات التي تشير إلى الأرض وما تعلق بها ؟

2)
عندنا بعض من الحداثيين المسلمين يدعون أن الآيات الكونية في القرآن، خاطبت العرب بمعارفهم السطحية الساذجة حول الأرضيات (الأرض نفسها، والجبال وما شابه) وأن صحة المضمون المعرفي لهذه الآيات شيء لم يهتم به القرآن، فلا حاجة للبحث عن المطابقة بين المضمون والواقع.. وفي هذا الصدد قال محمد عابد الجابري في مقال له بعنوان "القرآن والعلوم الكونية" ما يلي:

ونتأدى من هنا إلى وجه آخر من وجوه النظر في هذه المسألة: ذلك أن القرآن "بيان للناس". والناس الذين خاطبهم القرآن بلغتهم هم عرب الجزيرة العربية، وقد خاطبهم بطريقتهم البيانية وعلى معهودهم وقدرتهم على الفهم والمعرفة فلفت نظرهم إلى ظواهر الكون التي تَبِين بنفسها لمن تبَيَّن: لفت نظرهم "إلى الأرض كيف سطحت" كما تبدو في شكلها الظاهري للعين المجردة، والتي يراها الإنسان مسطحة سواء كان واقفا أو ماشيا أو راكبا دابة، متجها شمالا أو جنوبا، شرقا أو غربا، طال به السفر أو قصر. ولفت نظرهم إلى حركة الشمس الظاهرة، أي كما تبدو لهم كل يوم وهي "تجري لمستقر لها" وهو مكان غروبها حيث تبدو وكأنها قد استقرت بعد أن غربت... مثل هذا الفهم البياني الذي هو من نوع "وهل يحتاج النهار إلى دليل؟" هو الأنسب، لأنه في متناول الإنسان مهما كانت درجة تطوره الفكري، إنه فهم يقوم على المشاهدة الظاهرية للشيء، وهو يفي بالغرض، في هذا الموضوع، غرض "الاعتبار" والانتقال من المشاهدة إلى طرح السؤال المطلوب. والسؤال المطلوب هنا ليس من قبيل "كيف يحدث هذا النظام الكوني؟"، بل السؤال المطلوب هو : "من خلق هذا؟".

فما تعليقك على تأويله بما رزقك الله من علم يتعلق بالأرض؟

3) الآيات الكونية في القرآن هي الظاهر فقط مع المعنى الذي نستخرجه بقواعد التفسير العلمية الشرعية، ولا إشارة فيها إلى شيء خارج الظاهر، فما تعليقك على هذا التوجه، فيما يتعلق بالآيات التي تشير إلى ظواهر أرضية ؟

ما رأيك ؟

والسلام عليكم
 
الأخ الكريم أ. شايب
وعليكم السلام
أظن يا أخي الحبيب أنني هنا أعرض فكرة، ولم أقول أنها بحث تجريبي، وحتى مكونات الفكرة (أو النتائج التي أتمنى أن أصل إليها) لم أقول أنها نهائية... بل استخدمت كل الأساليب التي تفيد أنها فكرة مبدئية، وأنني أطلب إجازة السادة علماء الشريعة بخصوص دقة ما أنادي به -في حدود أصول التفسير وأصول الفقه-، وأشرت في النص وفي التعليقات أن الأمر بالنسبة لي يستوي فيما يخص قبول الفكرة ((وإجازتها)) أو رفضها، وبعد كل ذلك تأتي كلماتك ((التي لا يمكن أن توصف إلا أنها شديدة اللهجة)) فتهدم الفكرة انتصارا فيما يبدو للعولمة العلمية المبجلة أو المقدسة في العصر الحاضر؟؟؟

رويدك يا حبيب.... فلا يمكن أن نحجر على الأفكار، فالأفكار تناقش ويمكن تعديلها، لكن لا تواجه بكل هذه القسوة التي كنت أتوقعها لكن ليس على منتدى الانتصار للقرآن الكريم!!

وعلى كل حال فقد راقت الفكرة لعدد من الزملاء مع بعض التعديلات، ولأنني لم أكتب كفرا بواحاً... فإنني أعلنها وبقوة أنني أكفر بالإلحاد وسأظل أرفضه، وسأطلب تدقيق وتصويب أفكاري تحت العلوم الصحيحة التي احترت أنت في تصنيفها ((لماذا؟؟ لا أعرف)) حتى يظهر الله الحق بيني وبين أساطين الإلحاد.

وعموما أخي الكريم لو أن الناس ظلوا يحافظون على ما بهم من أحوال بسبب إلف العادة لما حدث تطوير ولا تصويب للأفكار الخاطئة... ولقد تم ذلك في علم الفيزياء في بدايات القرن العشرين عندما كان العلماء أسرى لقوانين نيوتن، وكانوا يلوون نتائج أبحاثهم وملاحظاتهم للتوافق مع قوانين نيوتن، حتى جائت ميكانيكا الكم وظهرت النظرية الذرية الحديثة، فكسر العلماء الطوق وغيروا معتقداتهم النيوتينية ودخلنا في عصر جديد من الفيزياء الحديثة.... وكل ما أصبو إليه هو أنني ألفت الانتباه إلى أن هذا التغيير الضخم في الفيزياء لا زال لا يعلم من العلم الرباني إلا قليلا... فلا يجب على العلماء أن يتكبروا -كما قال منتقدي هوكن- ويظنوا أنهم يعلمون كل شيء.... بل يجب الرجوع في أجزاء من العلم البشري المادي إلى أطراف من الغيب الصحيح فيتم تصويب ذلك الفكر البشري ناحية الحق المبين.... ولعلك أخي الكريم تعيد قراءة مقالي وترى ما أشرت إليه هنا بين السطور.... فنتعاون إن كنت ترى في ذلك حقا.

أما إن كانت الأخرى فإنني سأظل أكافح وأنافح حتى يتبين لي الحق من مصادره... وأظن أن حسم هذه القضية سوف يحسم غيرها من القضايا الجانبية التي تريد أن تسحبني إليها.... ولكم تحياتي.
 
وفي هذا الإطار فإنني أتفق بشكل كامل مع ما جاء في مقال المستشار أحمد الطعان المنشور على ملتقى الانتصار للقرآن بالرابط التالي
https://vb.tafsir.net/tafsir7256/#.Wfr0jfkjTMw

بل وأعتبر ما أنادي به من أفكار تطبيقا عمليا للمبادئ التنظيرية التي جاءت في هذا المقال المهم... خصوصا ما نادى به في نهاية المقال من تأليف مجموعات عمل ومراكز بحثية يتعاون فيها العلماء المسلمين لإعطاء نموذجا لما يمكن أن يضيفه الفكر الإسلامي المنضبط بالكتاب والسنة من فوائد للعلم البشري.... وبالله التوفيق
 
كلمات شديدة اللهجة وأنتصر "فيما يبدو للعولمة العلمية المبجلة أو المقدسة في العصر الحاضر" فرويدك يا .. لا يمكن أن نحجر على الأفكار فالأفكار تناقش..

وأنا لم أبدأ بعد !!؟

على أي:

1. نقد نظرية الأوتار الفائقة، " نموذجا "، فهذا عنوان كبير .. لكن يا أستاذ د. سعد، هذه النظرية تنتمي إلى علم إسمه "الفيزياء النظرية"، مبحث أو فرع من فروع علوم الفيزياء، يوظف النماذج الرياضياتية عبر تجريد الأجسام والأنظمة الطبيعية بقصد عقلنة وتفسير الظواهر الطبيعية والتنبؤ بها. وهذا العلم يتميز بمنهجه الخاص به كما يعتمد أدوات أخرى، وعليه فعقلنة الظاهرة الطبيعية في هذا الفرع غير عقلنة نفس الظاهرة في الفروع الفيزيائية الأخرى. والعقلنة هنا تعني رد المتشابه إلى المحكم فالمحكم يمكن التفاعل معه بصيغ رياضياتية (mathematical formalisms) ومراسم حوسبية (computational protocols) لمحاولة وصف تفاعلات وأبعاد الأجسام الفيزيائية التي يتم رصدها في العالم حولنا، سواء كان ذلك لإيجاد نماذج لفهم المعطيات التجريبية، أو لتشييد نظريات متناسقة ذاتيا لتفسير ظواهر فيزيائية وراء نطاق المعطيات التجريبية الحالية.

أنظر هنا (nature) الدورية العالمية الأسبوعية الرائدة في مجال العلوم. إذ ليس من النقاش الفكري المعقول في شيء أن أحيلك على "الويكيبيديا". كذلك في معنى التفسير بالمأثور، وبما أننا نعيش عصر السرعة نريد المعلومة بسرعة، فنذهب إلى موقع تابع لجهة متخصصة، مثل tafsir.net مركز تفسير للدراسات القرآنية نبحث عن إجابة بيد الأستاذ مساعد الطيار مثلا، وليس ويكيبيديا أو علي منصور كيالي أو المهندس الحاج مبعرف مين ، وأما في النقاش العلمي فلا الدورية تلك تصلح، ولا كتاب هوكينج التصميم العظيم يصلح ولا غيره من كتب الأدبيات العلمية تصلح، بل لابد من الإحالة على بحث علمي متخصص ومنشور، وللإحالة شروط أكاديمية مرسومة، وتدرس في منهجية البحث الاكاديمي.

Theoretical physics is the development of mathematical formalisms and computational protocols for describing all aspects of objects found in the world around us and their interaction. This can involve both providing models for understanding empirical results or constructing self-logical theories for explain phenomena beyond current experiments.

دعنا ننطلق من هذا التعريف المبسط للفيزياء النظرية ثم نمتحن قولك:
وقد بالغ هوكن (ومن يسير على دربه) في تحويل النظرية الفيزيائية إلى مفاهيم فلسفية ليس لها أية أدلة تجريبية -مخالفا بذلك أكبر الأسس العلمية التي وضعها العلماء الماديين أنفسهم-؛.

سنرى أن كلامك هذا غير صحيح لأن النظرية الفيزيائية في الفيزياء النظرية تختلف والنظرية الفيزيائية في الفيزياء التجريبية، وهوكينج لا يدعي أنه يبحث في مواضيع الفيزياء الصلبة، إذن لا يعقل إنتقاده لأن "المفاهيم" (الصيغ والنماذج والتجريدات والبروتوكولات) التي يقترحها غير قابلة للتجريب أو لأنها وراء المعطيات التجريبية !! إن البحث في الفيزياء النظرية وإن كانت الإنطلاقة فيه مما هو منظور إلا أنه يعتمد بشكل رئيس على الأدلة العقلية وعمودها الفقري "الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير" إلا أن هذا الأثر يتم نمذجته رياضياتيا عبر تجريد أبعاده وخصائصة وتفاعلاته ، كذلك البعرة. بعدها يبدأ العقل يرقص رقصا هيثميا (نسبة للحسن بن هيثم رحمه الله واضع المنهج العلمي) ويبني نظرية شبه خيالية ، خاصة لمن ينظر إليها من زاوية العلوم التطبيقية والإجتماعية والإنسانية.

نعم.. يرقص، و يرقص على أنغام بيانات جديدة تحيط به من كل جانب، فهذه نمذجة يتعذر خورزمتها (ابتداع خطوات خوارزمية لها) أو العكس أي خوارزمية يتعذر نمذجتها، وطالب نبيه في القسم طرح سؤالا نقديا يدفع إلى مراجعة الحسابات، وزميلي في الإشراف عنده مرشح للدكتوراه تقدم ببحث مثير للجدل بل .. اهمم، لحظة.. يا إلهي، عفوا Oh my God (هكذا يقولها وهو ملحد !!! ) بل إن هذا البحث يستلزم وجود ثغرة مزعجة بل خطيرة في نظريتي، وهناك باحث من جامعة أخرى وجد حلا أفضل لأزمة رياضياتية في البنية الجبرية، وهاهو المقراب 0إم-مط إلتقط صورا للظاهرة من زاوية جديدة، وبيانات تلو الأخرى فبريد إلكتروني من مصادم الهدرونات الكبير LHC، وهكذا .. تتكاثر النغمات لتكاثر البيانات وتتغير فيتغير رقصه تباعا، ويرقص .. وفي الأخير يموت. فيقال: مات فلان. مات، عامله الله بعدله ، نعم مات.

يأتي بعده في بضع سنين نصفها أو انقص منها قليلا أو زد عليها وشغل العقل تشغيلا، واحد على الأقل من خلفه عقله سيرقص رقصة أخرى على مأدبة عشاء الإحتفال بتسلم جائزة نوبل، فإنه اكتشف شيئا ما تنبأت به نظرية الراحل، أو اخترع شيئا ما بناء على نظرية الراحل، أو اكتشف واخترع معا.. ألف مبروك، سىر! وهذه المرة على نغمات التصفيقات التي تهب من كل حدب وصوب.

وإني هنا أستعمل "جائزة نوبل" بالحقيقة و بالمجاز. في المجاز جائزة أخرى أو أي نوع آخر من الإعتراف به كأن يخلد اسمه، نصب تذكاري له، شارع كبير وسط العاصمة باسمه، الاحتفال بمرور قرن على موته أو نظريته، يطلق اسمه على مركبة استكشفاء فضائية، نستفيد بعد مضي زمان من نظريته في ايجاد حل مفيد للبشرية في تنقلها ومشربها ومأكلها.. الخ.

وأحيانا الراحل نفسه قبل أن يموت هو الذي يستلم نوبل لأنه هو أو غيره، الذي سيشاركه في كعكعة نوبل، جاء بتأويل لنظريته. والتأويل في هذا السياق لا يعني ما يعنيه في الدراسات القرآنية أي الحقيقة التى يؤول إليها أمر النظرية، وهو المعنى الذي نستفيده من الآية الكريمة {يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا} لأن النظرية هنا غير الرؤيا هناك والرؤيا هنا تتحقق لكن النظرية هناك لا تصير حقيقة أبدا ، ثم ليس في العلوم شيئا يسمى حقيقة بهذا المعنى ، ولا أثر لحكاية عنوانها "تحول النظرية إلى حقيقة" ، كما يظن كثير من الإعجازيين ، بل في العلوم بيانات نعم وهذه هي الحقائق بل الوقائع بل المعطيات الحسية، وهذه المعطيات تختلف وتتنوع حسب العلاقات و التفاعل، فمنها ما يتفاعل تفاعلا غريبا فهي إذن ظاهرة والظاهرة تُفسَّر بوضع فرضية ما ثم جمع الأدلة التي تثبتها لتتحول بعد ذلك إلى نظرية ترقص في المعاهد العلمية وفي المختبرات ومراكز البحوث، وعلى المنصات الجدالية بالنقاش والحوار والتواصل والتعارف والتناصح والتدارس بل حتى التنابز بالألقاب يحصل أحيانا، وتستمر في الرقص، ولن تموت هذه النظرية حتى تأتي نظرية أخرى أحسن منها تفسيرا، فتتغير إما إلى موت تنتقل به إلى تاريخ العلم المرتبطه به بعقد زواج التخصص وإما تضعف بشكل أو بآخر، أو تتزوج مع النظرية الجديدة وهكذا، لكن النظرية نظرية وتبقى كذلك.

إذن التأويل في سياق الكلام هنا يعني اكتشاف ما تنبأت به النظرية أو اختراع على أساس النظرية أو حل إشكاليات علمية أخرى بالنظرية. وهنا نقول جاء الراحل قبل أن يموت بتأويل لنظريته ؛ وهذا الذي حصل فعلا مع إثبات LHC لوجود بوزون هيغز عام 2011 ، وهذا المخلوق العجيب والغريب الذي كان متخفيا لا يكشف عن نفسه للحواس عبر آلات الرصد والقياس المتطورة ناهيك عن الحواس المجردة، إنتقل من حالته على "علم النظر" إلى حالة "عين النظر"، في طريقه إلى "حق النظر" في عالم معجّل الجسيمات، ولكن نظرية النموذج العياري هي نظرية وتبقى كذلك ، ولم تتحول إلى حقيقة ولن تتحول إلى " حقيقة " ، كما يظن الكثير من المغفلين الذين يدندنون بلا قراءة ولا فقه أن نظرية النموذج القياسي أصبحت حقيقة لأن الفيزيائيين في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية اكتشفوا بمصادم الهدرونات الكبير جسيم البوزون هيغز، وهناك احتمال بنسبة %0,001 أنه ليس هو، والمهم اكتشفوا جسيما هو المسؤول عن اكتساب الجسيمات الفيزيائية لكتلتها. والبعض الآخر يقول أن هذا الإكتشاف يؤكد صحة نظرية النموذج المعياري، وهذا أيضا غير صحيح بل هراء فقط لأن النظرية كانت نظرية ولم تكن فرضية مجردة، بل بدأت كفرضية مجردة ثم تحولت إلى تفسير علمي صحيح ومشروط، أي هذه النظرية تفسير علمي صحيح لوصف القوى الثلاثة والجسيمات التي تشكل الحالة المادية للأجسام الفيزيائية وعلاقاتها في مجال من المجالات، فتبقى على قيد الحياة العلمية الأكاديمية إلى أن تُنسَخ بنظرية أخرى أقوى منها.

ولشرح ما تقدم عن "الفيزياء النظرية" سأترك رسما وجدته على موقع المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية ليتكلم وننظر ماذا يقول:

مشاهدة المرفق 11802
Theorist.jpg


وجدت هذا الرسم في مقال يشرح فيه Álvaro de Rújula الفرق بين الفيزيائي النظري، أو الباحث في الفيزياء النظرية، والفيزيائي التجريبي أي الباحث في الفيزياء الصلبة أو التطبيقية. ورسمه Álvaro de Rújula بيده، ولأنه عفريت من الإنس قال: بالنظر إلى طريقة رسمي للفيزيائي التجريبي ستفهم أنني لست تجريبيا. هذا هو ظاهر الكلام، لكن المعنى نبحث عنه بالرسم في سبب اختياره للشكل البهلواني، رغم أن هذا الشكل يحمل معنى تأويل النظرية الفيزيائية التي أبدعها الفيزيائي النظري المتأمل مغمض العينين متشرد الأفكار؛ بينما البهلوان يفتح عينيه إشارة إلى إعمال الملاحظة ورصد البيانات ، وهو محمر الوجه إشارة إلى إجراء تجربة مختبرية لأنك ستلبس ألبسة خاصة وتهبط إلى مكان مختلف الشروط ، وأما قبعة البهلوان فإشارة إلى الشروط المنهجية التجريبية الصارمة التي يخضع لها فهي قواعد تستوي عليه وتلزمه بإجراءات محددة، في حين أن الفيزيائي النظري يطلق العنان لإبداعاته العقلية عبر النمذجة والتجريد والتصييغ والترسيم كما قلنا. ليس من السهل الجمع بين الفن التشكيلي والفيزياء النظرية، إلا من يريد إحدى الوجهتين فيفقد عقله تماما ويصبح مجنونا، أو يفجر أقصى طاقة عقله تتحول إلى أعجوبة. ولكن تساءلت لماذا قال "إذا نظرت إلى طريقة رسمي للفيزيائي التجريبي ستفهم أنني لست تجريبيا" وكان عليه أن يترك الحكم للمتلقي ليفسر الرسم، ولماذا الشكل البهلواني؟ الحقيقة التي لا يفصح عنها هنا هي الإستعلائية بددت على رسمه وما يخفي صدره أعظم، فالفيزيائي النظري هو فعلا يحتقر الفيزيائيين التجريبيين. كما نلاحظ أن صورة المصباح، إشارة إلى الإكتشافات والإختراعات العلمية، أوضح وأكبر من إينشتاين، الفيزيائي النظري، فماذا يريد برسمه إذن؟ يريد أن يقول أن العبرة بالنتائج وأهميتها للبشرية ولتقدم العلوم، وهنا لا يمكن التفضيل بين النظري والتطبيقي، لتحقق التكامل بهما معا.

ومقاله على هذا الرابط: What is a "theoretical physicist"?
https://home.cern/about/opinion/1999/04/what-theoretical-physicist


هذا وقد قلت "الراحل قبل أن يموت" لكن هو رحل راح فكيف قبل ان يموت؟!! هذا يوهم التعارض فيجب التفكير فيه لإثباته أو نفيه بالقواعد المنطقية الاساسية، لكن ما السبيل الى حصر أوجه التعارض الممكنة إن نحن دخلنا في الفيزياء الكمومية ثم في نظرية الأوتار، حيث يمكن أن نقول مثلا هو راحل وحي بمعنى كموميكانيكي مثل قطة شرودنغر لكن في بعد خامس فأكثر وراء البعد الزمكاني .. وهنا سنفهم أن الخيال يركب على التأمل ليلتقي بالعلم، خاصة في علم مثل الفيزياء النظرية.

إذن، كيف تنتقد فرضية من فرضيات الفيزياء الرياضياتيه؟

المهم هنا، كيف تنتقد نظرية من نظريات الفيزياء النظرية؟

يجب عليك أولا أن تعرف هذا العلم "الفيزياء النظرية" معرفة علمية مؤصلة، فتفهم أصول هذا العلم، ومناهجه، ومنطلقاته، لتتعامل معه بما هو.. إذ أن كل نظرية فيه تنطلق من معطيات ملموسة، عبارة عن أجسام وظواهر وتفاعلات فيزيائية، ثم تأتي عملية بناء الصيغ والنمذجة والتجريدات والترسيم وغيرها.

لنأخذ النمذجة الرياضياتية في النظرية مثالا.
هل تنتقدها؟ لماذا؟ وكيف ستنتقدها؟
هل تريد تحسينها وإصلاحها لوجود ثغرة ما؟ لماذا وكيف تفعل ذلك ؟

إنك حينها في حاجة إلى ما هي و ما لونها. الإستقراء أولا وقبل كل شيء، ولأن الوقت لا ولن يسعفك لهذا العمل الضخم لأنه يأخذ وقتا طويلا بما أنك تشتغل على درجة أخرى هي بذاتها تأخذ منك وقتا طويلا، وهي درجة بناء ونقد النظريات العلمية في الفيزياء النظرية، فإنه يتوجب عليك الرجوع إلى بحوث علمية قامت بهذا الإستقراء.

مثلا : أنا لسبب أو لآخر، لا أتفق مع شيء من علم التفسير، وأريد أن أقرأ "التفسير بالمأثور" قراءة نقدية. أول حاجة، هو ميصلحش أنتقد وأنا جاهل بعلم التفسير وبمناهجه وأصوله. لكن نفترض احنا عارفين، والمشكلة مع شيء محدد في التفسير بالمأثور. لكن هل سبقني أحد اكتشف المشكل أو الغريب أو الضعيف فيه؟ إذن، سأبحث عن بحوث علمية تبدأ أول ما تبدأ بتعريف التفسير بالمأثور، إيش هو؟ من المحتمل أنني أريد أن أنتقد من يقول " تفسير القرآن بالقرآن ليس من التفسير بالمأثور " وأنا أصلا بضاعتي مزجاة، بل لا أعرف معنى المصطلح معرفة علمية !! إذن أعود إلى بحث علمي فيه:
- التفسير لغة: قال فلان، وقال علان، وفي المعجم الفلاني، وفي مقدمة تفسير فلان كذا كذا .. ثم التفسير إصطلاحا ما هو ومن قال ماذا قال، وهكذا لأقرأ جهدا علميا، بل أعجوبة إسمها إستقراء.
- المأثور نفس الشيء.
- التفسير بالمأثور: قيل وقالوا، والتعريف الفلاني غير جامع ولا مانع بل يستشكل عليه بكذا، وقد استشكل عليه فلان فقال، إذن إلى التعريف التالي.. نفس الشيء، أعجوبة إسمها إستقراء. ويقول الباحث العلمي: ويقع إختياري على هذا التعريف لهذا السبب وذاك. قأقول في نفسي للباحث: طيب يا مولانا، الله يرعاك، إستمر .. إستمر؛ حتى أصل إلى الفصل الذي يتكلم فيه بالإستقراء العلمي عن " تفسير القرآن بالقرآن : هل هو من التفسير بالمأثور ؟ " لأعرف هل سبقني أحد؟ هل أجاب أحد على ما في عقلي من شبهة حول الموضوع، وقد تشابه علي الأمر ؟ وهكذا، بطريقة تحترم المنهجية العلمية المرسومة لعلم التفسير خاصة وعلوم القرآن عامة.

أم أنك لا تتفق مع المنهج أصلا؟ ممكن، لكن اثبت أن "حساب الجمل" أو "التخرصات الأركونية" منهاج أحسن لتفسير القرآن الكريم، بعد أن تأتي بنظرية علمية قوية جدا تدحض المنهج العلمي الرسمي، وهذا سيحتاج منك الى أكثر مما هي وما لونها، بالتأكيد.

العلم مش لعب أي واحد يجي ويتطفل عليه، خاصة عندما يقال عندي "بحث" و عندي "مقال" أنشره في موقع رسمي للنشر العلمي، أو في مجلة متخصصة، أو في كتاب مطبوع ، أو ما شابه. قل عندي سؤال، عندي إستفسار، عندي حلم، عندي مشاركة فيسبوكية أو عندي مشاركة في منتدى للحوار، فناقشوني فيها .. هذا ممكن، مستحب، ونشجع عليه فتأتي تكتب مثلا: نظرت في آيات قرآنية معينة، وفهمت منها كذا وكذا، وألهمني فهمي بشيء جعلني أنقلب على نظرية علمية طرحت في علم الفيزياء النظرية، وإني أريد أن أنتقدها نقدا علميا فهل يجوز أن أنشر مع "بحثي العلمي" أو "مقالتي العلمية" هذا الفهم للآيات القرآنية تلك، وأكتب كذا وكذا؟

هذا ممكن، لكن تجي تكتب (المهندس الحاج منعرفش شكون عرض الأوتار في فيديو، والجاذبية في الفكر المادي لكن اذ استجلبنا العالم الملائكي، فالطبري قال اهل الذكر تعني كذا إذا نعود اليهم وهم أهل الشريعة، والعلماء الغربيون يخالفون ما اوتيتم من العلم إلا قليلا، و الإعجاز العلمي في العولمة الإلحادية.. فأنا أبحث عن إجازة، ولمزيد من القراءة هنا ويكيبيديا على أمواج إذاعة كتاب من كتب الأدب العلمي لمن يقرأ في المقاهي وفي القطار Joha Dhahaba Wa Raja'a من تأليف Bomnan تاريخ النشر 344، دار سيدي دوميان - ISBN 9789642902743). فما تصير، يا أخي، ما تركب، ومتصلحش.

والله يا أخي الدكتور الفاضل، لم أقرأ فقرة واحدة معقولة ومقبولة علميا ولا حتى فكريا بل ولا حتى ثقافيا، في إطار إحترام المنهجية العلمية ومنطق التفكير ومعالم الإنتاج الثقافي. فمن أين أبدأ المناقشة؟

في العولمة وما هي ؟ في الإلحاد؟ في علاقة الدين بالعلم وكيف على المسلم المستقل بشخصيته الإسلامية التفكير في هذه العلاقة؟ في تفسير الآيات؟ في مسخ مقولات الأوتار؟ في نقد هوكينج بشيء هو لا يدعيه؟ في طريقة إشتغال التفكير العلمي في الغرب بمناهجه ومدارسه ومذاهبه؟ في علم الكلام الدهري؟ في علم الكلام اللاهوتي؟ في توظيف العلوم الطبيعية في الدين والعكس؟ في عقلية وأخطاء المشتغلين بالإعجاز العلمي؟ في منهجية البحث الأكاديمي؟ في الرؤية التي يجب أن تستحضرها معك وأنت تقرأ للطبري أو الرازي؟

أم في خلط كلام هوكينج في الفيزياء النظرية، بكلامه في الأدبيات العلمية أو Popular Science أو الأدبيات العلمية للعوام أي للطباخ وسائق طاكسي ومعلم أطفال وطبيب ومهندس وأمثالهم، وخلطهما معا بكلامه في سياق فلسفي دهري، فنصنع الكوكتايل ؟!!

أم في علاقة العلم بالدين، وقد ضربت كل نظريات المفكرين الغربيين في وصف هذه العلاقة عرض الحائط، وهي أجوبة مختلفة ومتناقضة، ولم تكلف نفسك عناء البحث في نظريات المفكرين المسلمين.. فتأتي بجرة قلم تكتب " نظريات الملحدين " و " علم الملحدين " ؟! ما هذا ؟ بالله عليك يا دكتور ما هذا ؟!!

وعندما أكتب أقول هذا رأيي في كيفية المساهمة في ملتقى الإنتصار للقرآن الكريم في خطوات 1 2 3 إختر منها ما شئت، يكون الجواب (وأظن أن حسم هذه القضية سوف يحسم غيرها من القضايا الجانبية التي تريد أن تسحبني إليها) يعني البطيخة تصير طيارة .

يا أستاذنا الحبيب، هو ما يشغل العوام ، والعولمة من خلال الفن والإنتاج السينيمائي والسوق وغير ذلك، هي تبث دوغمائيات الحداثة في سطورها، وعوام المسلمين يواجهون شبهات من النوع الذي ذكرت لك، بل إن العولمة تخلق حجابا بين شباب الأمة وهويتها الثقافية الدينية الحضارية، فأصبح الشباب يتكلمون بلغة أخرى تشتغل بجهاز تصوري مفاهيمي مختلف.. فأنا أنتقد الكوكتايل البطيخي الذي كتبته أنت كما أنتقد الخطاب الديني وهذا ستعرفه بمشاركاتي في هذا الملتقى، فلا حاجة للطميات أني أستعمل كلمات شديدة اللهجة، بل استعملت ما هو أشد منها مع أساتذة متخصصين في الدراسات القرآنية، ومن كتاباتهم وبرامجهم تعلمت وأتعلم، فهم متخصصون وأنا لا علاقة لي بهذا التخصص.. ومع ذلك، لا أحد منهم نهرني أو قال "كلمات شديدة اللهجة".

وأما المشاركة الأخيرة فيظهر لي أنك لم تفهم الدكتور الطعان، كما لم تفهم السىر هوكينج. فالدكتور الطعان حفظه الله تكلم عن شيء خطير، في قضية تجديد الخطاب خاصة، لأنه يعرف المشكلة أين تكمن، ولو أنك فهمته لما فكرت في كتابة ما كتبت. فالشباب الكثير منهم: العلم قال، والعلم كذا، والعلم اكتشف وفعل وترك وأخذ ورجع.. والمسكين لا يعرف ايه العلم ده، ولا كيف يشتغل، ولا حاجة إلا بعض الصور الذهنية المشوشة والمبنية على أساس إستحقاقات تقنية وتطبيقية، فيظن هذا العلم. وتأتي أنت إلى هذا الجمهور هو بهذه العقلية، تقول عندي كوكتايل لمواجهة نظريات الملحدين: البطيخ الأفلق نموذجا.
 
عذرا أيها المنطق الصحيح
السيد شايب
أشكرك على التطوع بذبح المنطق على أعتاب نظرية الأوتار الهزيلة، معك كل الحق ((من وجهة النظر الإلحادية.. أحادية النظرة والتوجه))، ومعك كل الحق ((من وجهة النظر العولمة.. التي ترى العالم ملك لها))، وليس لي أي حق في عرض فكرة ترفض شطحات هوكن وغيره، حسب زعمك الذي يبدو أن لديك منه الكثير.
فكرتي يا سيدي تنادي بأن الخالق العظيم عندما خلق الكون جعل فيه سبب قوي لحمل الكون، والجاذبية تعبير عن هذا السبب، وقوانين نيوتن وصف لتأثير هذه القوة.... أما شطحات هوكن فهي نظريات لم تثبت صحتها ((حسب رأي زملائه المنشور في المجلات العالمية))... فهل يجوز لي أن أطالب بفتح هذا الملف للبحث عن الحق فيه؟ أم أنني المهرج التجريبي الذي تكتم طاقيته على مخه فلا يفهم ما يفهمه السحرة أصحاب نظرية الأوتار الهزيلة؟؟؟؟..... أشكرك على بضاعتك التي سأترك وصفها للعلماء .... وسأعرض صفحا عن الأساليب المتدنية التي وصفت أفكاري بها ففي يوم القيامة يوجد حساب عند الواحد الديان... وأترك الأمر للعلماء المشرفين على المنتدى أن ينتصروا للحق بيننا.

نداء لأهل المنطق الصحيح
سادتي الأكارم علماء الطبيعة وعلماء الشريعة الذين يمرون من هنا أرجو منكم التفضل بالنظر فيما أنادي به.... وأعاهدكم أمام الله سبحانه وتعالى أن أرجع إذا كنت أنادي بأمر باطل ((وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) سورة النور))... أما إن كان ما أنادي به يتضمن حقا يمكن أن يغير نظريات الملحدين لإنقاذ أبنائنا وأنفسنا من براثن العلم الإلحادي المهيمن على العالم ... فنأمل أن يظهر ولنا جميعا الأجر والثواب عند الخالق العظيم.
 
يا دكتور سعد كامل:
من قال لك ليس لك حق عرض فكرتك التي ترفض "شطحات" هوكن؟!

وعن أية أساليب متدنية تتحدث؟ هل أناقش الفكرة أم شخصك موضوع مناقشتي ؟ ثم، والله يا أخي الدكتور لولا الاسم الذي يحمله الملتقى وأهله، لاستعملت معك طريقة أخرى أشد من أسلوب دكتور آخر، كمان في الجيولوجيا، وهو زغلول النجار مع العلامة الفقيه عبد الصبور شاهين رحمه الله في مناظرة "هل هناك بشر قبل آدم !؟". هو ذاته الدكتور زغلول الذي ذهب إلى فاس والمصيبة ذهب إلى جامعة العلوم والتقنية ومصيبة أكبر في محاضرة مفتوحة، ثم بعد أن يحدث ما يحدث، يبدأ يلطم أنه كان إحراج واستهزاء ومبعرف ايش ثم سيحاول لاحقا وبعد الضجة إنقاذ الموقف بوصف الطلبة ب "حفنة من الأشرار".

إجعلها محاضرة مغلقة أو اطلع تلفزيون، وكان الأولى أن ينصح نفسه بالنصيحة التي قدمها لعبدالصبور شاهين ألا يتكلم في غير فنه. فما علاقة زغلول النجار بالعلوم الفلكية والطبية وغيرها؟ ما علاقته بعلوم القرآن وعلم التفسير؟ ما علاقته بعلم الأحياء عامة وعلم الأحياء التطوري خاصة؟ بل حتى في الجيولوجيا: ما تخصصه فيها؟ هل الجيولوجيا البيئية أم جيولوجيا المحيطات أم الجيولوجيا البنيوية أم الهيدروجيولوجيا أم ماذا ؟ ونصحه المتخصصون في علوم القرآن ولم ينتصح.

فأنت يا دكتور زغلول تخاطب طلبة بثقافة علمية مختلفة، وعقلياتهم مختلفة، وهم أساتذتك في كل تخصص علمي لا يتعلق بشوية صخور ومعادن ثم مراحل تصفية البترول ضمن جيولوجيا النفط.. وتصفهم بحفنة من الأشرار؟!

معلومتك العلمية؟ غلط. تفسيرك للآية؟ غلط. ربطك هذا بذاك؟ غلط. اللغة؟ غلط. التواصل؟ غلط. رد الفعل؟ غلط.

كان عليه أن يصبر إذ قدم نفسه على أنه داعية (ومفسر وجيولوجي ومؤرخ وبيولوجي .. بل موسوعة) ثم يبتسم وهو يقول حصل خير إن شاء الله ولأن الوقت لا يكفي فسوف أنشر بحثا على موقعي أعلق فيه على مداخلة صاحب الإستشكال وفقه الله، واستشكاله رائع حقيقة، فبارك الله بكم.. (تصفيقات). ثم عليه أن يراجع الجزئيات التي أثارت الجدل فيعود إلى المصادر العلمية الأكاديمية فيقتبس المعلومة، فإن كانت في غير تخصصه، في علم الفيزياء الكونية مثلا، فإن عليه أن يتأكد بالتعاون مع المتخصص الفيزيائي (مش المهندس البيوكيميائي الحاج بلا الدش مبعرف مين) من صحة ودقة المعلومة العلمية أولا، ثم صحة فهمه للمعلومة ثانيا. ثم يجتمع بالمتخصصين في الدراسات القرآنية عامة والتفسير خاصة والتفسير باللغة بشكل أخص ليقول لهم: مشايخي الكرام، لقد فهمت أن في هذه الآية الكريمة إشارة كونية إلى هذه المعلومة التي صادق عليها الدكتور الفيزيائي فلان فظهر لي كذا وكذا، فما رأي فضليتكم ؟ إما لا، لقد ذهبت بعيدا.. وإما توكل على الله لكن اكتب ما يدل على أننا لا نجزم به.

ثم الجزئية التالية ، وهكذا ..

لماذا هذه الخطوات ؟ لأنك يا دكتور زغلول النجار تكلم الناس عامة بصفتك داعية ومفسر بل ومجتهد، وذلك عبر الفضائيات والمواقع والمحاضرات. فلست في صفحة فيسبوك أو منتدى تشارك فيه مناقشا بحضور المتخصصين، تأخذ وترد، وتتعلم، وتفيد وتستفيد، وبعد مضي سنوات، ربما كتبت بحثا أو بحثين للنشر والتوزيع.

وهذا مع العلم أنه موضوع يتعلق بالتفسير بالرأي وباللغة وبالإشارة، لذلك المطلوب هو التثبت والتأكد من المعلومة . أما لو كان الأمر في نقد معلومة علمية، لكانت هناك خطوات أخرى كثيرة أبعد وأعمق وأكبر. فهذا عبدالله بن صالح العجيري لم يدرس لا جيولوجيا النفط ولا جيولوجيا الاثار ولا حاجة من العلوم الطبيعية لكنه يفهم في الأحياء التطوري ما يجهله زغلول النجار جملة وتفصيلا (على الأقل في عرضها وعرض مكانتها وغير ذلك).

أما رفض الفكرة لأنها من "الملحدين" فمما يجعلك ترفض الجيولوجيا جملة وتفصيلا ولن يبقى منها إلا القليل مما تراه بعينك. إذ للجيولوجيا تاريخ خطير في مجال الصراع بين الكنيسة والعلم، مما أدى إلى غرس قناعة عميقة لدى أكثر الغربيين بوجود صراع بين العلم عامة والدين عامة، فقبل ثورة "الملحدين" (كما تزعمون) كانت الجيولوجيا مغلفة بالإطار الكارثي (catastrophism) أي بفكرة مستوحاة من طوفان نوح عبر الكتاب المقدس.

وأما قولك أستاذ سعد كامل (وقوانين نيوتن وصف لتأثير هذه القوة ... أما شطحات هوكن فهي نظريات لم تثبت صحتها) فقول غريب خاصة وأنك ذكرت في موضوعك الثاني (انطلق بعض العلماء يبشرون نابليون بونابرت: "ألا حاجة لوجود خالق للكون" بعد صياغة مبدأ الحتمية العلمية!!) . أولا، تلك المقولة المشهورة المنسوبة لبيير لابلاس "لم أر حاجة لتلك الفرضية" والتي أجاب بها نابليون الذي سأله "أين الخالق في كتابك هذا؟"، فرواية موضوعة لا أصل لها. ثانيا، الفكرة في حد ذاتها موجودة، في التصور الميكانيكي للعالم، إذن قوانين نيوتن قوانين "ملحدة"، وكلها شطحات؟!.

ما هكذا يا سعد تورد الإبل. فقولك (دون بيج الفيزيائي الكندي الذي كان تلميذا لهوكن يقول :أتفق بكل تأكيد مع القول بأننا حتى لو تمكننا من الحصول على صياغة كاملة للنظرية إم وثم ثبتت أيضا صحتها فهذا لا يتضمن أبدا أن الله لم يخلق العالم) يكفي للرد على معتقد هوكينج، وليس للرد على نظرياته، إذ لا علاقة لنظرياته ولا لفرضياته بقضية الإيمان أو الكفر بالله، ثم هوكينج عندما تكلم عن الله في كتبه، فهو تكلم على إله مشخص، ولذلك يستعمل عبارات مثل "اكتشاف عقل الله". بل حتى هذا الإله المشخص لا يستطيع نفيه بنظرياته وفرضياته.

وأما المؤمن فلا يحتاج إلى كل تلك "الأفكار" التي تتخيلها ، والمؤمنون بالله شرقا وغربا يدرسون ويدرّسون الفيزياء النظرية بكل نظرياتها ، ولا يشتكون من إلحاد ولا يحزنون.

وهذا حتى لا تخرج إلينا بمنشور مرفوض في كل العلوم الدينية والدنيوية، كما فعل صاحب "هداية الحيران في مسألة الدوران" حيث جعل الثوابت العلمية مما لا سبيل إليه إلا بالوحي، ثم جعلها نظريات إلحادية.

وأخيرا، لك الحق في عرض فكرتك بالأسلوب الذي تراه، كما لي الحق في عرض قراءتي النقدية لفكرتك بالأسلوب الذي أراه مناسبا، ثم لك الحق في نقد النقد ..
 
السيد شايب
لقد حملتَ على أفكاري حملة عنيفة انطلاقا من أنني غير متخصص في الفيزياء النظرية، لكنك لم تأخذ في الاعتبار تفاصيل كثيرة في كلامي تؤكد أنني لا أدعي تخصصا غير تخصصي، وأنني أطلب من الزملاء الذين يتفاعلون مع أفكاري أن نلتقي لنبحث حول "حقيقة الجاذبية"... وأؤكد كما أشرت مرارا في ثنايا المقال أنني أنادي بالتعاون بين العلوم الطبيعية والعلوم الشرعية للوصول إلى حقائق الأشياء، ولا نترك البشرية تتخبط في الفرضيات المتهالكة ((خصوصا فيما يتعلق ببدايات الأشياء))... وتسائلت كثيرا وما زلت أتسائل: هل يصح أن نترك القول بأن الإنسان نشأ على الأرض أخرسا وتكلم لما ظهرت الحاجة للكلام، ونشأ غير مؤمن ثم ظهرت الحاجة للأديان فعبد الأصنام؟؟؟؟.... فأين الدور المنوط بأمة الإسلام العظيم لهداية البشرية وإنقاذها من ذلك الحضيض؟

فأرجو أن يكون في كلامي هذا ما يطمئنك ويطمئن الإخوة القراء أنني لن أخرج يوما لأطالب بالمسوح الدينية التي تلغي العلوم الطبيعية... لا لن أفعل وأقسم على ذلك بالله العظيم.... والدليل هو أنني أعلم أن اسحاق نيوتن كان لاهوتيا وكان يتهرب من الطقوس اللاهوتية المطلوبة حتى يتعين كأستاذ كرسي في الجامعة، وأنه كان من بواكير حملة الفكر المعارض للكنيسة (الفكر الإلحادي)، لكنني أقبل قوانينه للجاذبية ولم أعترض عليها... فأنا أعترض ((بالرغم من عدم تخصصي لكن بدافع الخبرة)) على أن الكون تحمله ذبذبات الأوتار الهزيلة (أو ما يسميها هوكن الفائقة).... وأشير هنا إلى أن ذلك الكلام يحتاج إلى مراجعة وفق الأصول العلمية الصحيحة برياضياتها البسيطة والمعقدة، وبأجهزتها المعترف بها هنا وهناك، فإن لم تثبت صحة حمل الكون بتلك الأوتار ((حيث أن هوكن نفسه قال أن إثبات وجود تلك الأوتار يحتاج إلى معجلات هيدرونية غير موجودة حاليا.... وقال أحد المعترضين أن حجم ذلك المعجل يصل إلى حجم المجرة!!! أي من المستحيلات!!!))... فإذا كان العلم يحتاج لتغيير عدسات الرؤية... فلماذا لا يفعل؟؟؟

سؤالي هو:
على أي أساس نحكم على الشخص أنه تدخل في غير تخصصه؟
وهل هناك شواهد أو دوافع تقول أنه يجوز للإنسان أن يتطفل على تخصص آخر بحكم الخبرة؟
بعض الإجابة في المثال التالي:
رأيت صديقا لي يسكب الماء من قارورة إلى كأس، لكنه وضع فوهة القارورة خارج فتحة الكاس، ... فقلت له: لديك مشكلة في الإبصار وتحتاج لمراجعة طبيب العيون على وجه السرعة.
فهل تصرفي هذا يعتبر تعديا على المتخصصين؟
أم أنني خدمت هذا الصديق ونقلت له بعض خبرة الحياة؟
وهل يمكن أن اعتبر نفسي بهذه النصيحة قد تخصصت في طب العيون؟
لا شك أنني لم ولن أتخصص في طب العيون.... لكنها خبرة الحياة.

أما فيما يخص قضية حقيقة الجاذبية، ونظرية الأوتار الفائقة وما يتشعب عنها من تناول واضعيها لبعض الفرضيات حول نشأة الكون، فإنني فيما نشرته هنا تحت عنوان: "في مواجهة العولمة الإلحادية...." فإنني أمارس خبرة الحياة فيما يخص هذه القضية، فأنا أستاذ في الجيولوجيا وأقوم بتدريس نظريات نشأة الكون المرتبطة بالقوى الممسكة بالكون (كالجاذبية) .... لكنني أجد في نفسي غصة عند التفكير في العديد من تفاصيل تلك الفرضيات، وأجد نفسي حائرا بين المعاني التي أقرأها في كتاب الله خالق الكون عن ترتيب الخلق وعن بنية الكون ((بالبعد عن محاولات لي أعناق الآيات لتناسب مفاهيما معينة من هنا وهناك))، وبين تلك الفرضيات المتهالكة.... من هنا شرعت في مطالعة تفاصيل كلام ستيفن هوكن ((حول التصميم العظيم))، ووجدت في نفسي حيرة لا يصرفها إلا أن يتم نقد هذه النظرية والبحث عن الحقيقة في هذا المضمار.

وبالتالي جاءت نصيحتي وندائي لأصحاب تلك الفرضية (من المتخصصين) أن يذهبوا لطبيب العيون... فهل في ذلك تعدٍ على أهل التخصص؟ أم أنني انتقلت بذلك لأتخصص في الفيزياء النظرية أو في تخصص الكونيات (Cosmology) بعلم الفلك؟

وهل المنطق الصحيح للأشياء يعطيني الحق في نقد ما أحاول إقناع طلابي به من فرضيات ((أتمنى أن تكون قائمة على حقائق دامغة تؤدي إلى ترسيخ الإيمان بالخالق العظيم عند إبنائنا الطلاب))... وهل في هذه المبررات ما يقنعكم ويقنع من تعرفهم من العلماء المؤمنين بالخالق العظيم أن نتعاون على فتح هذا الملف الخطير.... أم أنني يجب علي بالضرورة أن أذهب إلى الحقول لألعب بالبطيخ؟

ولا يخفى عليكم أن ستيفن هوكن عندما شرع في كتابة كلامه حول نشأة الكون قد صاغ كلامه للعامة ليحقق انتشار لفكرته العلمية، وعلى الهامش ينال من فكرة الإله الخالق ((حسب كلام زملائه حين نصحوه أن يترك الله وشأنه!!)).... وقد تباينت ردود الأفعال حول كلامه بين منبهر، ومستسلم، ورافض.... وكذلك أفعل هنا بدافع الغيرة على إظهار الحق تعاونا مع زملائي العلماء، إلا أنني لن أنشر كلامي على العامة إلا بعد أن أستوثق من صحة المفاهيم التي أنادي بها من مصادرها العلمية والشرعية... فإذا تيقنت من ضرورة الرجوع عن أفكاري فسوف أرجع بنفس بساطة خلع الرداء فالحمد لله أن الحق هو دافعي وليس حب الظهور الذي يقسم الظهور... والله أعلى وأعلم.

ويسعدني أن أشير إليكم أنني أعرف كلا الأستاذين الجليلين الذين أشرت إليهما في مداخلتك، وقد تعلمت منهما كثيرا في المحاضرات العامة في ثمانينيات القرن الماضي بجامعة البترول والمعادن بالظهران بالسعودية، وأحاول أن أستفيد من المميزات التي رأيتها فيهما، كما أحاول البعد عن أي سلبيات ألاحظها سواء منهما أو من غيرهما، ونسأل الله السلامة.
 
سعادة الأستاذ سعد كامل:

لا أدري ماذا تقرأ في ردودي لكن أؤكد لك أن هذا الكلام (انطلاقا من أنني غير متخصص في الفيزياء النظرية) لا حقيقة له البتة. لم أستعمل هذه الحجة معك أبدا ، فمن أين جئت بها ؟ بل إن العكس هو الصحيح، إذ لو كانت قراءتي النقدية لفكرتك بـ "أساليب متدنية" كما وصفتها، لاستعملت أسلوب الدكتور زغلول الذي أشرت إليه، وحينها سيتحول النقاش إلى اعتماد مغالطة رجل القش، لا مناقشة الفكرة.

ثم إن التخصص لا يقدم ولا يؤخر في الإبداع ، وكم من واحد أبدع في فن من الفنون وهو شبه أمي في هذا الفن مثل الجاحظ في علم الأحياء التطوري، وماري أنغ في الحفريات، وسرينفاسا رامانجن في الرياضيات، وويليام هيرشل في الفلكيات، ومايكل فاراداي في الفيزياء ... ومصطفى صادق الرافعي في الأدب العربي، ومالك بن نبي في الدراسات القرآنية وغيرهم الكثير. وفي الغرب كم من واحد متخصص بل دكتور وبروفيسور في تخصصه بل أشرف على العشرات من رسائل الدكتوراه لكنه في نفس الوقت عالم بليد متحجر لا يستطيع التفكير بشكل نقدي داخل تخصصه ولا يفهم شيئا خارج تخصصه بل أمي هو في استيعاب علاقة ما يقول بتخصصات أخرى أعم وأشمل. المصطلح المستعمل لوصف هؤلاء هو (narrow-minded specialist). ثم إن ألبرت أينشتاين وتشارلز داروين وجورج لومتر كلهم قوبلوا بالرفض من طرف البلداء الذين كانوا من حيث التخصص " أعلم " حتى بدأت فرضياتهم تفرض نفسها في الساحة العلمية. وأزيد لك أن أستاذي الذي درست عليه "ظاهرة العلوم" ، هو منذ 2006 يصول ويجول في أوروبا محاضرا ضد ظاهرة البلادة في كليات العلوم.

وعليه أنا آخر شخص سيستخدم معك الدكتور زغلول النجار، والمشكل أنه لا يلتزم ، خاصة في تلك المناظرة مع عبدالصبور شاهين الذي كان أعلم منه في الموضوع.

فهل يمكن أن تبدع في الفيزياء النظرية بينما تخصصك جيولوجيا ؟ نعم، مثلما أبدع الخليل الفراهيدي في العروض ولم يكن متخصصا في علم الموسيقى، بل نقل بدعته الموسيقية من الموسيقى إلى الأدب. فهل كان يستطيع أن ينتقد مبحثا موسيقيا وهو شبه أمي في هذا الفن، ومعرفته به عامة؟ لا. لماذا ؟

إذا أجبت على هذا السؤال ستفهم أين ومتى يكون التخصص واجبا، وهو واجب لاريب من الناحية التواصلية والشرعية (القانونية) للتواصل والتنظيم وضبط التراكم المعرفي، وليس بواجب في الإبداع، وهو واجب في النقد العلمي، وليس بواجب في النقد الإفتراضي، هكذا ..

وأما كلامك هنا في هذا المقال فهو مجرد "حساء بالبطيخ" لا علاقة له، لا بنقد النظرية، ولا بنقد العولمة، ولا بنقد الإلحاد، ولا شيء. طبعا، مع كل احترامي لك أنت الشخص الأخ الأستاذ الدكتور الفاضل.

ذكرت في المقالة (2):
والسؤال لأهل الذكر من شيوخنا الأجلاء أساتذة الشريعة: هل يجوز لنا أن نقول أن "الملائكة تحمل الكون

قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. من هم أهل الذكر في الآية؟ هم الذين يعلمون "تاريخ" النبوات. ومتى تسأل؟ إن كنت جاهلا أو متشككا تذهب إلى الذين يعلمون هذه السنة في تاريخ الأمم. ومن هم أهل الذكر بشكل عام؟ نفترض نحن لا نعلم علاقة نظرية هوكينج بالمسائل اللاهوتية والفلسفية؟ سنسأل مين؟ سنسأل اللاهوتيين والفلاسفة؟ لا. سنسأل مين؟ أرجو أن تجيب على هذا السؤال.

وأخيرا، سنفترض جدلا أن الملائكة هي التي تحمل الكون؛ فالسؤال: طيب، وما الإشكال؟

قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا}. هل من تعارض بين الآية هذه وما نفترضه جدلا أن الملائكة تمسك السماوات والأرض أن تزولا؟ لا، الله خلق ملائكة موكلة بهذه الوظيفة . هل من تعارض بين هذه الوظيفة والجاذبية ؟ لا، وقل بعدها ما شئت: الملائكة تحمل بالجاذبية، أو أن الملائكة هي نفسها هذه الجاذبية أي ملائكة في صورة نواميس طبيعية مثل الملك الروح في صورة بشرية : {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}، واحتمالات أخرى كثيرة، فلماذا علينا أن نخترع تعارضات لا معنى لها ؟
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
يغفر الله للجميع- عند طرح افكار من هذا النوع بطريقة علميه اكاديميه - من وجهت نظرى
ما الهدف ؟ مختصر - مرفقات منظمه - مراجع - ثم قبل ذلك ما اولويات الموضوع وعدم الدخول فى تفريعات وجدالات - تحول الموضوع الى جدل غير علمى ؟؟
نحن كمسلمون - وفى المنتدى علماء من تخصصات مختلفه - الامور الفيزيائيه - وعلوم اخرى لها المنتديات المتخصصه -
لكن قد اكون فهمت بصعوبه - الحذر عند ربط القرءان بنظريات تحتمل الخطأ والصواب
هذا راى اراه سديد .
وعلينا ونحن نؤمن يقينا بالخالق المدبر الواحد المتصف بكل كمال وعلم وقدره ان نقدم ذلك بلغة مختصره بسيطه يفهمها طالب المرحلة الاعدادية ؟ لان القرءان كتاب هداية للجميع . وان شاء الله اقدم نموذج من تخصصى فى علم الادويه .متى تيسر ذلك ان شاء الله.
 
عودة
أعلى