محمد محمود إبراهيم عطية
Member
اتفق أئمة المسلمين على أن محل النية القلب دون اللسان في جميع العبادات ؛ لأن النية من جنس القصد ، ومحل القصد القلب ، فمتى لم تنعقد بقلبه لم يجزئه ذلك باتفاق أئمة المسلمين ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ما ملخصه : والجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق المسلمين ، بل الجاهر بالنية مبتدع مخالف للشريعة إذا فعل ذلك معتقدًا أنه من الشرع ، فهو جاهل ضال يستحق التعزير .
وأما التلفظ بها سرًّا فلا يجب - أيضًا - عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين ، ولم يقل أحد من الأئمة : إن التلفظ بالنية واجب لا في طهارة ولا في صلاة ولا صيام ولا حج ؛ ولكن بعض المتأخرين خرَّج وجهًا في مذهب الشافعي بوجوب ذلك ، وغلطه جماهير أصحاب الشافعي ؛ وكان غلطه أن الشافعي قال : لا بد من النطق في أولها ، فظن الغالط أن الشافعي أراد النية ، فغلطه أصحاب الشافعي جميعهم وقالوا : إنما أراد النطق بالتكبير لا بالنية .
ولكن التلفظ بها، هل هو مستحب أم لا ؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء ؛ والصواب عدم استحبابه فإن النبي e لم يكن يتلفظ بالنية لا في الطهارة ولا في الصلاة ولا في الصيام ولا في الحج ولا في غيرها من العبادات ، ولا خلفاؤه ، ولا أمر أحدًا أن يتلفظ بالنية ، بل قال لمن علمه الصلاة : " كَبِّرْ " ، ولو كان مستحبًا لفعله النبي e ، ولنقل إلينا كما نقل إلينا غيره من صفات العبادات ولعظَّمه المسلمون .
وكل ما يحدث في العبادات المشروعة من الزيادات التي لم يشرعها رسول الله e فهي بدعة ، بل ما كان رسول الله e يداوم في العبادات على تركها ؛ ففعلها والمداومة عليها بدعة وضلالة من وجهين : من حيث اعتقاد المعتقد أن ذلك مشروع مستحب ، أي : يكون فعله خير من تركه ، مع أن النبي e لم يكن يفعله البتة ، فيبقى حقيقة هذا القول أن ما فعلناه أكمل وأفضل مما فعله رسول الله e، وقد سأل رجل مالك ابن أنس عن الإحرام قبل الميقات فقال: أخاف عليك الفتنة ! فقال له السائل : أي فتنة في ذلك ؟! وإنما هي زيادة أميال في طاعة الله U . قال : وأي فتنة أعظم من أن تظن في نفسك أنك خُصصت بفضل لم يفعله رسول الله e ؟ وقد ثبت في الصحيحين أنه قال : " مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " ( [1] ) ، أي : من ظن أن سنةً أفضل من سنتي ، فرغب عما سننته معتقدًا أن ما رغب فيه أفضل مما رغب عنه ، فليس مني ؛ فمن قال : إن هديَ غير محمد e أفضل من هدي محمد فهو مفتون ، بل ضال ؛ قال الله تعالى إجلالا له ، وتثبيتًا لحجته على الناس كافة : ] فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [[ النور : 63 ] ؛ والوجه الثاني : من حيث المداومة على خلاف ما داوم عليه الرسول e في العبادات ، فإن هذا بدعة باتفاق الأئمة ( [2] ) .
[1] - البخاري ( 5063 ) ، ومسلم ( 1401 ) ؛ ورواه أحمد : 3 / 285 ، ورواه أيضًا مختصرًا : 3 / 241 ، 259 ؛ ورواه عبد بن حميد ( 1318 ) ، والنسائي ( 3217 ) ، وابن حبان ( 14 ، 317 ) ، كلهم من حديث أنس .
[2] - انظر مجموع الفتاوى : 22 / 218 وما بعدها ؛ ومعنى كلام الشيخ رحمه الله : أن الإنسان إذا لم يداوم عليها ، بأن فعلها مرة - مثلا - ثم تركها ، فلا يعد ذلك بدعة .
وأما التلفظ بها سرًّا فلا يجب - أيضًا - عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين ، ولم يقل أحد من الأئمة : إن التلفظ بالنية واجب لا في طهارة ولا في صلاة ولا صيام ولا حج ؛ ولكن بعض المتأخرين خرَّج وجهًا في مذهب الشافعي بوجوب ذلك ، وغلطه جماهير أصحاب الشافعي ؛ وكان غلطه أن الشافعي قال : لا بد من النطق في أولها ، فظن الغالط أن الشافعي أراد النية ، فغلطه أصحاب الشافعي جميعهم وقالوا : إنما أراد النطق بالتكبير لا بالنية .
ولكن التلفظ بها، هل هو مستحب أم لا ؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء ؛ والصواب عدم استحبابه فإن النبي e لم يكن يتلفظ بالنية لا في الطهارة ولا في الصلاة ولا في الصيام ولا في الحج ولا في غيرها من العبادات ، ولا خلفاؤه ، ولا أمر أحدًا أن يتلفظ بالنية ، بل قال لمن علمه الصلاة : " كَبِّرْ " ، ولو كان مستحبًا لفعله النبي e ، ولنقل إلينا كما نقل إلينا غيره من صفات العبادات ولعظَّمه المسلمون .
وكل ما يحدث في العبادات المشروعة من الزيادات التي لم يشرعها رسول الله e فهي بدعة ، بل ما كان رسول الله e يداوم في العبادات على تركها ؛ ففعلها والمداومة عليها بدعة وضلالة من وجهين : من حيث اعتقاد المعتقد أن ذلك مشروع مستحب ، أي : يكون فعله خير من تركه ، مع أن النبي e لم يكن يفعله البتة ، فيبقى حقيقة هذا القول أن ما فعلناه أكمل وأفضل مما فعله رسول الله e، وقد سأل رجل مالك ابن أنس عن الإحرام قبل الميقات فقال: أخاف عليك الفتنة ! فقال له السائل : أي فتنة في ذلك ؟! وإنما هي زيادة أميال في طاعة الله U . قال : وأي فتنة أعظم من أن تظن في نفسك أنك خُصصت بفضل لم يفعله رسول الله e ؟ وقد ثبت في الصحيحين أنه قال : " مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " ( [1] ) ، أي : من ظن أن سنةً أفضل من سنتي ، فرغب عما سننته معتقدًا أن ما رغب فيه أفضل مما رغب عنه ، فليس مني ؛ فمن قال : إن هديَ غير محمد e أفضل من هدي محمد فهو مفتون ، بل ضال ؛ قال الله تعالى إجلالا له ، وتثبيتًا لحجته على الناس كافة : ] فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [[ النور : 63 ] ؛ والوجه الثاني : من حيث المداومة على خلاف ما داوم عليه الرسول e في العبادات ، فإن هذا بدعة باتفاق الأئمة ( [2] ) .
[1] - البخاري ( 5063 ) ، ومسلم ( 1401 ) ؛ ورواه أحمد : 3 / 285 ، ورواه أيضًا مختصرًا : 3 / 241 ، 259 ؛ ورواه عبد بن حميد ( 1318 ) ، والنسائي ( 3217 ) ، وابن حبان ( 14 ، 317 ) ، كلهم من حديث أنس .
[2] - انظر مجموع الفتاوى : 22 / 218 وما بعدها ؛ ومعنى كلام الشيخ رحمه الله : أن الإنسان إذا لم يداوم عليها ، بأن فعلها مرة - مثلا - ثم تركها ، فلا يعد ذلك بدعة .