في ظلال آيات الصيام

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال جلَّ ذكره :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183] .
بدأت الآية بهذا النداء الإيماني ؛ فالخطاب لك أيها المؤمن ، وأيتها المؤمنة .
وبينت الآية أن الصيام قاسم مشترك بين أهل الإيمان على مدار الأجيال والعصور .
ثم ذكرت الغاية من الصيام : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
واعلموا - رحمكم الله - أن التقوى ليست قولا فارغا عن العمل ، فمن معانيها : التقوى أن تعلم ما يُتقى ، ثم تتقي .
اللهم أعنَّا وتقبل منَّا ... ياسميع الدعاء ... آميييين
 


{ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } .

الشهر أيام معدودات ، فهو إما تسع وعشرون أو ثلاثون ؛ ومن عجيب شهر رمضان أن أيامه سراعًا تمر ، ولا يُشعر بها ...

تأملوا : الليلة القادمة ليلة السادس من رمضان ، وكنا بالأمس القريب نستقبله ، وفي الغد القريب سنودعه .

فأدرك نجاة نفسك عبد الله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، قُلْ : آمِينَ ؛ قُلْتُ : آمِينَ ".. الحديث .



 
في ظلال آيات الصيام ( 3 )
{ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
نعم الربُّ ربنُّا ، يسَّر علينا ما افترضه ، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لكرم وجهك وعز جلالك وعظيم سلطانك .
في المرض والسفر مظنة المشقة الزائدة التي لا يتحملها البعض ، أو يتحملونها مع شدة ، فرفع الله سبحانه وتعالى الحرج عن عباده ، ووضع الوجوب عمن كان مريضًا أو مسافرًا ، فللمريض أو المسافر أن يترخصا برخصة الإفطار ، ثم يعيدا ما أفطرا بعد رمضان ؛ فمعنى الآية : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ } فأفطر { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ؛ لأن من صام ولم يفطر في الحالين ، فليس عليه إعادة ، وذهب جمهور العلماء إلى جواز السفر في الحالين لمن قدر عليه .
وقد يقول قائل ، لقد اختلفت الأزمان ، واخترعت أشياء يسرت من أمر السفر ، فلماذا لا يصوم المسافر مع راحة سفره ؟ والجواب : السفر على ما فيه من أمور الراحة اليوم لا ينتفي عنه مظنة المشقة ، والقاعدة ( الحكم إذا تعلق بالمظنة ، لا ينتفي بانتفائها ) ؛ وقد قال النبي صلى الله علي وسلم : " السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ " رواه مالك ومن طريقه أحمد والشيخان وغيرهم .
 
في ظلال آيات الصيام

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } [البقرة: 185] .

لأمر ما ربط الله تعالى بين القرآن العظيم الذي جعله روحا من أمره فقال : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } ( الشورى : 52 ) ، وبين شهر رمضان الذي ترتفع فيه روحانية الصائم فتقهر دواعي الشهوات ومطالب البدن . كما أن هناك صلة قوية بين القرآن والتقوى , وبين الصيام والتقوى ، قال الله تعالى : { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } ( البقرة : 2 ) ، وقال عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183 ) .

قال الفخر الرازي - رحمه الله - في تفسيره : اعلم أنه تعالى لما خص هذا الشهر بهذه العبادة بيَّن العلة لهذا التخصيص ، وذلك أنه سبحانه خصه بأعظم آيات الربوبية وهو أنه أنزل فيه القرآن ؛ فلا يبعد أيضا تخصيصه بنوع عظيم من آيات العبودية وهو الصوم . ا.هـ .



 
عودة
أعلى