الجكني
مشارك نشيط
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأت في الآونة الأخيرة الاهتمامات بكتاب " النشر " للإمام ابن الجزري رحمه الله ، وهو أهل لهذا الاهتمام .لكن :
انصب اهتمام كثير من الباحثين قديماً وحديثاً على ما سموه " تحرير طرقه " ، وكأن " طرقه " تحتاج إلى تحرير !!
لكن مرة أخرى :
لم أر من اهتم " بتحقيق " بعض المسائل العلمية ؛ وهي كثيرة فيه ، كتصحيح اسم ، أو تحقيق تاريخ وفاة أو ميلاد ، أو تدليس من تدليس الشيوخ في الأسماء ، إلى غير ذلك .
ومن المسائل التي استوقفتني في هذا الباب مسألة :
طريق الزبيري عن روح عن يعقوب :
حيث ذكرها الإمام هكذا :
" طريق الزبيري عن روح من طريق غلام ابن شنبوذ من طريقين ؛ من غاية أبي العلاء : قرأ بها على أبي (علي ) الحسن .....على ابن شنبوذ.
ومن طريق ابن حبشان من الكامل قرأ بها الهذلي على أبي نصر.....على ابن حبشان .
ثم قال الإمام :
وقرأ ابن حبشان وغلام ابن شنبوذ على الفقيه أبي عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري:
وقرأ الزبيري على روح بن عبد المؤمن على يعقوب. اهـ
قال العبد الضعيف :
1- سقطت كلمة ( علي ) شيخ أبي العلاء من المطبوع ، ولذا كتبتها باللون الأحمر .
2- الطريق الأولى من غاية أبي العلاء هي كما ذكرها الإمام هنا ( غاية الإختصار : 1/118) .
3- الطريق الثانية من الكامل تخالف ماذكره الإمام هنا ، حيث فيه : الزبيري على ابن وهب على روح .( الكامل :262)
ووجدت نفس الطريق ، أعني طريق " الكامل " : الخبازي عن ابن خشنام على الزبيري على ابن وهب على روح " في كتاب " جامع القراءات الكبير " للإمام أبي بكر الروذباري رحمه الله ( ق 62/أ) ، بينما اكتفى صاحب " كتاب " السلاسل الذهبية " بتوثيق كلام ابن الجزري في النشر من غايته وغاية أبي العلاء والكامل ، وكان حقه أن يذكر ما في جامع الروذباري ليؤكد على صحة ما عند الهذلي !
النقاش في هذه المسألة :
ابن الجزري رحمه الله صرح في عدة مواضع من " غاية النهاية " بقراءة الزبيري على روح مباشرة ، مع ذكره الخلاف في روح : هل هو ابن عبدالمؤمن أم ابن قرة أم هما واحد !؟؟
وهذه المسألة شائكة عندي ؛ أعني قراءة الزبيري على روح مباشرة مع أن الإمام أبا الكرم رحمه الله قال :
" قال الزبيري : وقرأت على روح بن عبد المؤمن وأخبرني أنه قرأ على يعقوب " .اهـ ( المصباح : 1/388) طبعة عثمان غزال مع الأسف .
ومع هذا لم يذكر له طريقاً عنه ، بل ذكر له طريقاً عن رويس فقط .
رجعنا إلى ترجمة كل من : روح ، والزبيري ، فوجدت التالي :
1- روح توفي سنة (234) .
2- الزبيري توفي سنة (317هـ) كما قال الذهبي في معرفة القراء الكبار( 2/523) ، وقال في السير: مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وذكرته في موضع آخر أنه مات بالبصرة في صفر سنة عشرين وثلاثمائة وصلى عليه ولده أبو عاصم اهـ(15/58) والسبكي في الطبقات(3/296) قال : توفي سنة 317هـ .اهـ
ومحل الاشكال هو :
ما بين سنة وفاة روح ووفاة الزبيري (83سنة ) :
1- هل عاش الزبيري هذا العمر كله فضلاً عن أكثر منه ؟
لا أدري ، لم أجد من ذكر سنة ولاته ، لكن الشك عندي لايزال قائماً في ذلك بدليل أنهم لم يشيروا إلى ذلك ، بل اكتفوا ببيان مكانته الفقهية عند الشافعية .
2- ماذكره بعض محققي كتب القراءات من أن وفاة الزبيري هي سنة ( بضع وثلاثمائة ) قول قاصر نتج عن عدم التحقيق في المسألة ، فواضح من كلام الذهبي أنه سقطت عندهم كلمة ( عشر) ، والله أعلم .
ختاماً :
هذه مسألة أحببت المفاكهة والمذاكرة فيها مع المختصين والمهتمين بكتاب النشر ، ليبحثوا مثل هذه الأمور والمسائل ، ويدعوا عنهم محاولة بيان " الخلل " في " منهجية ابن الجزري " في كتابه ، وهو أمر دونه خرط القتاد .
والله من وراء القصد .