في المرآة..

إنضم
26/12/2005
المشاركات
770
مستوى التفاعل
0
النقاط
16

تنظر لنفسك في المرآه بعجبها وتزينها ونفاقها وعبثها وتضييعها وطول أملها وقسوة قلبها فترحم قلبك أن ينصدع فكيف بالله يحلم عليك ربك؟!

عجز مريع أن تتخلص من أمراض نفسك، ثقة تبلغ عنان السماء توضع فيك وتعلم أنك لست أهلاً لها،نعم الله عليك تتوالى وإصرارك على الذنب يبدو لا آخر له

رفعة ملائكية تشعر بها حين تنتصر وتمتنع عن ذنب هممت به،ثم احتقار لحيوانيتك حين يخدعك الشيطان عن نفسك فتستسلم لضعفك يا لله كيف تسمو وكيف تزل

يقولون أن هذه المعركة وقدرتك على خوضها هي أثمن ما فيك. لكنك حين ترى خسارتك جولة بعد جولة تود لو خرجت منها لا لك ولا عليك يا رب هل من غوث؟!

تشعر أن دموعك تغسلك وتفتح لك صفحة الحياة الجديدة. ثم ترتد حسيراً حين تقفز شهوة الرياء والعجب بالحال إلى نفسك. يا رب هلا استنقذتني برحمتك.

تود لو أقبلت لحظة الموت عليك وقد التفت إلى ما مضى من عمرك فاستحسنته ورأيته عدة تنفع للقائه ولكن يفجعك علمك أنك لا ترجو قط أن تقبل هذه اللحظة

بالله ألست تتمنى أن تشعر ولو بشيء يسير من الاحترام لنفسك؟! ألا تحب أن تذوق نعيم أولئك الذين يحملون أعناقهم فيقدمونها رخيصة دون مبادئهم؟!

أسوأ إحساس بشري ..أن تشعر أنك لا تحترم نفسك،وأنك لا تُحس نحوها بالتقدير الكافي.

فالعز حقاً عز الطاعة،والذل حقاً ذل المعصية،والفخر حقاً فخر العبودية،والهوان حقاً حقاً هوان الهوى.

وصدق الله : ومن يهن الله فما له من مكرم.
 
هي المرآة، لا بد من صقلها، كما لا بد من النظر فيها، وإلا تشوه المرء دون أن يشعر!
وأرى آثار الحجاز وأنوارها ساطعة على مرآتك، زادك الله من خيره وعطائه.

همسات عطائية:
- ادفن وجودك في أرض الخمول، فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه.
- ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.
- كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته؟! أم كيف يرحل إلى الله و هو مكبل بشهواته؟! أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله و لم يتطهر من جنابة غفلاته؟! أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار و هو لم يتب من هفواته؟!
- الكون كله ظلمة، و إنما أناره وجود الحق فيه، فمن رأى الكون و لم يشهده فيه، أو عنده، أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، و حجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار .​
 
يقول الشيخ رحمه الله ورضي عنه:
فَصْلٌ: وَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى قَاعِدَةِ تَحَرُّكِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَعْتَصِمُ بِهِ فَتَقِلُّ آفَاتُهَا أَوْ تَذْهَبُ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ. فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: الْمَحَبَّةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ. وَأَقْوَاهَا الْمَحَبَّةُ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ تُرَادُ لِذَاتِهَا لِأَنَّهَا تُرَادُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِخِلَافِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَزُولُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عليهمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (يونس: 62). وَالْخَوْفُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الطَّرِيقِ فَالْمَحَبَّةُ تَلْقَى الْعَبْدَ فِي السَّيْرِ إلَى مَحْبُوبِهِ وَعَلَى قَدْرِ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا يَكُونُ سَيْرُهُ إليه وَالْخَوْفُ يَمْنَعُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ طَرِيقِ الْمَحْبُوبِ وَالرَّجَاءُ يَقُودُهُ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ الْعُبُودِيَّةُ بِدُونِهِ وَكُلُّ أَحَدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ فَالْعَبْدُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُهُ عَلَى طَلَبِ مَحْبُوبِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُحَرِّكُ الْقُلُوبَ؟ قُلْنَا يُحَرِّكُهَا شَيْئَانِ - أَحَدُهُمَا كَثْرَةُ الذِّكْرِ لِلْمَحْبُوبِ لِأَنَّ كَثْرَةَ ذِكْرِهِ تُعَلِّقُ الْقُلُوبَ بِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ فَقَالَ تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} (سورة: الأحزاب). وَالثَّانِي: مُطَالَعَةُ آلَائِهِ وَنَعْمَائِهِ قَالَ اللَّهُ تعالى:{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأعراف: 69)، وَقَالَ تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (النحل: 53)، وَقَالَ تعالى:{وَأَسْبَغَ عليكم نعمة ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (لقمان: 20)، وَقَالَ تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (النحل: 18)، فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عليه مِنْ تَسْخِيرِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْحَيَوَانِ وَمَا أَسْبَغَ عليه مِنْ النِّعَمِ الْبَاطِنَةِ مِنْ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بَاعِثًا وَكَذَلِكَ الْخَوْفُ تُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ آيَاتِ الْوَعِيدِ وَالزَّجْرِ وَالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ يُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ الْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَمَا وَرَدَ فِي الرَّجَاءِ وَالْكَلَامِ فِي التَّوْحِيدِ وَاسِعٌ. وَإِنَّمَا الْغَرَضُ مَبْلَغُ التَّنْبِيهِ عَلَى تَضَمُّنِهِ الِاسْتِغْنَاءَ بِأَدْنَى إشَارَةٍ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتعالى - أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
 
عودة
أعلى