أبو فهر السلفي
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 770
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
في الثقافة المتكاملة.
(1)
الثقافة هي اللفظة العربية التي أفشاها في الناس (سلامة موسى) كمقابل للفظة الأجنبية (culture)، وقد عنى بها سلامة موسى المعنى الفكري للكلمة والذي كان شائعاً في أوربا في القرن الثامن عشر وهو : ((مجموعة العلوم والمعارف والآداب والفنون التي يحذقها شخص معين)).
أما قبل القرن الثامن عشر فكان للكلمة دلالات أخرى منها : الفلاحة والزراعة، والطقوس الدينية.
وأما بعد القرن الثامن عشر فقد بات للكلمة دلالات أخرى كثيرة حتى وصلت تعريفاتها لقرابة مائة وستين تعريفاً، واقترب مفهومها كثيراً من مفهوم (الدين) في اللسان الأول وصارت دلالات هذا اللفظ في العلوم الاجتماعية(علم الاجتماع-الأنثروبولوجيا) أبعد كثيراً عن مفهوم الثقافة الشائع عند عامة الناس وعامة المهتمين بالقراءة في عالمنا العربي؛ وقد بات هذا المفهوم الشائع الذي قصد سلامة موسى أن ينقل لفظ الثقافة إليه = أقل شهرة مما مضى ولا يكاد يقصد في البحوث العلمية الحديثة إلا نادراً.
وهذا المعنى الذي قصد سلامة موسى أن ينقل اللفظ إليه هو عين مقصودنا هنا،وبه عرف مجمع اللغة العربية لفظ الثقافة في معجمه الوسيط فقال محرروه: ((الثقافة : العلوم والمعارف والفنون التي يطلب العلم بها والحذق فيها)).
(1)
الثقافة هي اللفظة العربية التي أفشاها في الناس (سلامة موسى) كمقابل للفظة الأجنبية (culture)، وقد عنى بها سلامة موسى المعنى الفكري للكلمة والذي كان شائعاً في أوربا في القرن الثامن عشر وهو : ((مجموعة العلوم والمعارف والآداب والفنون التي يحذقها شخص معين)).
أما قبل القرن الثامن عشر فكان للكلمة دلالات أخرى منها : الفلاحة والزراعة، والطقوس الدينية.
وأما بعد القرن الثامن عشر فقد بات للكلمة دلالات أخرى كثيرة حتى وصلت تعريفاتها لقرابة مائة وستين تعريفاً، واقترب مفهومها كثيراً من مفهوم (الدين) في اللسان الأول وصارت دلالات هذا اللفظ في العلوم الاجتماعية(علم الاجتماع-الأنثروبولوجيا) أبعد كثيراً عن مفهوم الثقافة الشائع عند عامة الناس وعامة المهتمين بالقراءة في عالمنا العربي؛ وقد بات هذا المفهوم الشائع الذي قصد سلامة موسى أن ينقل لفظ الثقافة إليه = أقل شهرة مما مضى ولا يكاد يقصد في البحوث العلمية الحديثة إلا نادراً.
وهذا المعنى الذي قصد سلامة موسى أن ينقل اللفظ إليه هو عين مقصودنا هنا،وبه عرف مجمع اللغة العربية لفظ الثقافة في معجمه الوسيط فقال محرروه: ((الثقافة : العلوم والمعارف والفنون التي يطلب العلم بها والحذق فيها)).
(2)
ولفظ الثقافة المتكاملة هو للدلالة على حالة معينة من الثقافة تقوم العلاقة فيها بين أبواب وفروع الثقافة (العلوم والآداب والفنون) على أساس التكامل بحيث لا يكون تحصيل تلك العلوم منقوصاً ، ولا يكون في الوقت نفسه تاماً في شعث وعلى غير نظام، وهذا التمام نفسه لابد أن يكون وصفاً نسبياً بحسب الغرض الأسمى الذي يقصد إليه المثقف.
وأضداد الثقافة المتكاملة التي بتبينها يتبين مرادنا بها :
وأضداد الثقافة المتكاملة التي بتبينها يتبين مرادنا بها :
(1) الثقافة المنقوصة: وهي التي تغفل عن الإلمام بعلم أو فن أو أدب من آداب عصرها.
(2) الثقافة التامة الفوضوية: وهي التي يُثقف فيها الشخص نفسه ثقافة يلم فيها بجميع لوم وآداب وفنون عصره ولكن على غير نظام.
والثقافة المنقوصة بينة معروفة ،يوقع الناس فيها ضيق الوقت عنها تارة،والزهد فيها أخرى،والكسل عنها تارة ثالثة.
أما الثقافة الفوضوية التي لم تُخل بفرع من فروع الثقافة ولكن على غير نظام = فيتضح المراد بها ببيان محددات هذا النظام :
(2) الثقافة التامة الفوضوية: وهي التي يُثقف فيها الشخص نفسه ثقافة يلم فيها بجميع لوم وآداب وفنون عصره ولكن على غير نظام.
والثقافة المنقوصة بينة معروفة ،يوقع الناس فيها ضيق الوقت عنها تارة،والزهد فيها أخرى،والكسل عنها تارة ثالثة.
أما الثقافة الفوضوية التي لم تُخل بفرع من فروع الثقافة ولكن على غير نظام = فيتضح المراد بها ببيان محددات هذا النظام :
(1) وجوب إدارة العملية الثقافية على أساس الموازنة بين العلوم الدينية والعلوم والآداب الدنيوية،فلا يحقق الشخص العلوم والفنون والآداب أو شيئاً منها بينا هو مضيع لواجبات الأعيان من علومه الدينية.
(2) وجوب إدارة العملية الثقافية على أساس الموازنة بين ما هو أنفع للشخص وأقرب لمواهبه ولو أدى هذا للإيغال في علم أو أدب أو فن دنيوي شريطة ألا يضيع فروض الأعيان من العلوم الدينية.
(3) وجوب إدارة العملية الثقافية على أساس الموازنة بين ما نفعه قاصر وما نفعه يتعدى للناس، والموازنة بين ما يتعدى للناس نفعه ورتبه من حيث احتياج الناس له.
(4) وجوب إدارة العملية الثقافية بحيث يرتب سلم الاهتمامات الثقافية بالقياس إلى ما اختار الشخص لنفسه أن يتخصص فيه أو يقوم به.
(5) وجوب التنبه إلى اتخاذ المعرفة التي تطلب بكل علم أو أدب أو فن يطلب خبره = كوسيلة إلى نفع الناس وهدايتهم ولو بوجه، وألا يقترن هذا الطلب بمحرم، أو بما تعظم مفسدته على مصلحته، خاصة ما كان منه يؤدي لإعراض النفس عن الوحي.
(6) فإذا ضبطت النقاط الخمس السابقة وأديرت هذه الموازنة المركبة = وصلنا إلى شرط التكامل المهم : وهو ألا يضيع الشخص أي علم أو أدب أو فن هو من مكونات عصره الذي يعيش فيه حتى يعرف طرفاً عنه ، يزيد هذا الطرف وينقص ويتسع ويضيق بالقياس إلى أثر هذا العلم والفن والأدب في عصره ثم بالقياس إلى دائرة تخصص الشخص التي اختارها بناء على الموازنات السابقة.
(2) وجوب إدارة العملية الثقافية على أساس الموازنة بين ما هو أنفع للشخص وأقرب لمواهبه ولو أدى هذا للإيغال في علم أو أدب أو فن دنيوي شريطة ألا يضيع فروض الأعيان من العلوم الدينية.
(3) وجوب إدارة العملية الثقافية على أساس الموازنة بين ما نفعه قاصر وما نفعه يتعدى للناس، والموازنة بين ما يتعدى للناس نفعه ورتبه من حيث احتياج الناس له.
(4) وجوب إدارة العملية الثقافية بحيث يرتب سلم الاهتمامات الثقافية بالقياس إلى ما اختار الشخص لنفسه أن يتخصص فيه أو يقوم به.
(5) وجوب التنبه إلى اتخاذ المعرفة التي تطلب بكل علم أو أدب أو فن يطلب خبره = كوسيلة إلى نفع الناس وهدايتهم ولو بوجه، وألا يقترن هذا الطلب بمحرم، أو بما تعظم مفسدته على مصلحته، خاصة ما كان منه يؤدي لإعراض النفس عن الوحي.
(6) فإذا ضبطت النقاط الخمس السابقة وأديرت هذه الموازنة المركبة = وصلنا إلى شرط التكامل المهم : وهو ألا يضيع الشخص أي علم أو أدب أو فن هو من مكونات عصره الذي يعيش فيه حتى يعرف طرفاً عنه ، يزيد هذا الطرف وينقص ويتسع ويضيق بالقياس إلى أثر هذا العلم والفن والأدب في عصره ثم بالقياس إلى دائرة تخصص الشخص التي اختارها بناء على الموازنات السابقة.
(3)
يمكننا أن نعد الثقافة دائرة يتم تقسيم مساحتها الداخلية بخطوط عرضية إلى أربعة أقسام:
يعبر القسم الأول منها عن مساحة التخصص،وهي المساحة الخاصة بالعلوم التي يتقنها (والإتقان هو معرفة مسائل العلم الأساسية والفرعية وخلاف علماء العلم حولها ووفاقهم وأدلتهم وملكة النظر والترجيح) الشخص إتقاناً يؤهله للبحث الإبداعي فيها وقد مارس من هذا البحث بالفعل قدر صالح.
ويعبر القسم الثاني منها عن مساحة التفنن وهي المساحة الخاصة بالعلوم التي يتقنها الشخص إتقاناً يؤهله للبحث الإبداعي فيها وإن لم يكن مشتغلاً بهذا البحث بالفعل.
ويعبر القسم الثالث منها عن مساحة المشاركة وهي العلوم التي يتقن الشخص منها مراحل دراستها الأولية ويعرف مظان النظر والبحث فيها ولكن ليس بالقدر الذي يؤهله للبحث الإبداعي فيها،وذلك-غالباً-لنقص يسير في العلم إما بمسائل العلم وإما بالوفاق والخلاف وإما بالحجج وإما في تحصيل ملكة النظر والترجيح.
ويعبر القسم الرابع منها عن مساحة المطالعة ، وهي العلوم التي طالع الشخص طرفاً منها يخرجه عن دائرة الجهل المطلق بها ولكنه لا يدخله في دائرة العالم بالمسائل التي يدور حولها النظر في هذا العلم،بل يكون النقص عنده في الإحاطة بالمسائل والخلاف والوفاق والحجج كبيراً.
والمراد بالثقافة المتكاملة ألا يخرج علمك بعلوم عصرك وثقافاته (الدينية وغيرها) عن قسم من هذه الأقسام.
ومثال ذلك مثلاً : عالم متخصص في التفسير متفنن في الفقه وعلوم العربية مشارك في الألسنيات ونظريات التأويل المعاصرة وأصول الفقه والحديث مطالع في علم النفس والاجتماع والتاريخ الإسلامي وغير الإسلامي وإبستمولوجيا العلوم والواقع السياسي المعاصر.
فأنت ترى كيف اشتملت دائرة ثقافة صاحبنا هذا على أكثر علوم عصره إما بمجرد إدراك ابستمولوجيا العلم وإما بالمشاركة والإطلاع على أساسياته وإما بالتفنن وتحصيل قوة البحث فيه من غير اشتغال وإما بالتخصص.
ولو تأملت قليلاً = ستنتبه إلى أن تقسيم العلوم على هذه الدوائر لم يكن عشوائياً بل له صلة كبيرة بالميزان الذي ذكرناه في الإجابة السابقة وخاصة ما يتعلق بوضع العلم في قسمه المناسب بحسب علاقة هذا العلم بعلم التخصص.
وهذا نموذج حسن دال على الثقافة المتكاملة.
يعبر القسم الأول منها عن مساحة التخصص،وهي المساحة الخاصة بالعلوم التي يتقنها (والإتقان هو معرفة مسائل العلم الأساسية والفرعية وخلاف علماء العلم حولها ووفاقهم وأدلتهم وملكة النظر والترجيح) الشخص إتقاناً يؤهله للبحث الإبداعي فيها وقد مارس من هذا البحث بالفعل قدر صالح.
ويعبر القسم الثاني منها عن مساحة التفنن وهي المساحة الخاصة بالعلوم التي يتقنها الشخص إتقاناً يؤهله للبحث الإبداعي فيها وإن لم يكن مشتغلاً بهذا البحث بالفعل.
ويعبر القسم الثالث منها عن مساحة المشاركة وهي العلوم التي يتقن الشخص منها مراحل دراستها الأولية ويعرف مظان النظر والبحث فيها ولكن ليس بالقدر الذي يؤهله للبحث الإبداعي فيها،وذلك-غالباً-لنقص يسير في العلم إما بمسائل العلم وإما بالوفاق والخلاف وإما بالحجج وإما في تحصيل ملكة النظر والترجيح.
ويعبر القسم الرابع منها عن مساحة المطالعة ، وهي العلوم التي طالع الشخص طرفاً منها يخرجه عن دائرة الجهل المطلق بها ولكنه لا يدخله في دائرة العالم بالمسائل التي يدور حولها النظر في هذا العلم،بل يكون النقص عنده في الإحاطة بالمسائل والخلاف والوفاق والحجج كبيراً.
والمراد بالثقافة المتكاملة ألا يخرج علمك بعلوم عصرك وثقافاته (الدينية وغيرها) عن قسم من هذه الأقسام.
ومثال ذلك مثلاً : عالم متخصص في التفسير متفنن في الفقه وعلوم العربية مشارك في الألسنيات ونظريات التأويل المعاصرة وأصول الفقه والحديث مطالع في علم النفس والاجتماع والتاريخ الإسلامي وغير الإسلامي وإبستمولوجيا العلوم والواقع السياسي المعاصر.
فأنت ترى كيف اشتملت دائرة ثقافة صاحبنا هذا على أكثر علوم عصره إما بمجرد إدراك ابستمولوجيا العلم وإما بالمشاركة والإطلاع على أساسياته وإما بالتفنن وتحصيل قوة البحث فيه من غير اشتغال وإما بالتخصص.
ولو تأملت قليلاً = ستنتبه إلى أن تقسيم العلوم على هذه الدوائر لم يكن عشوائياً بل له صلة كبيرة بالميزان الذي ذكرناه في الإجابة السابقة وخاصة ما يتعلق بوضع العلم في قسمه المناسب بحسب علاقة هذا العلم بعلم التخصص.
وهذا نموذج حسن دال على الثقافة المتكاملة.
(4)
وأول من استعمل مصطلح (الثقافة المتكاملة) أعني شيخ العربية أبا فهر محمود محمد شاكر.
والشيخ رحمه الله يخص اسم الثقافة بالثقافة المقصورة على أمة واحدة تدين بدين واحد، ولكل أمة بهذا الاعتبار ثقافة خاصة بها،والعلاقة بين الثقافات علاقة تباين تتحاور فيها الثقافات وتتناقش ويأخذ بعضها من بعض بميزان لكنها لا تتداخل تداخلاً يفضي للامتزاج إلا على قانون غلبة الغالب للمغلوب على ثقافته، وعمودا الثقافة اللذان يوجبان التباين عنده هما : اللغة، والدين، ويفرق بينها وبين العلم الذي هو مشاع بين الأمم لا خصوصية فيه.
والثقافة المتكاملة عند الشيخ هي التي: ((تنمو وتتسع وتستولي على كل معرفة متاحة أو مستخرجة بسلطان لسانها العربي)).
لماذا يدعو الشيخ إلى هذه الثقافة المتكاملة التي تصرمت ثمان سنوات من عمره في إرساء أسس طلبها يقلب كل قرطاس رُقم فيه حرف بالعربية من الفقه إلى الفلك،شعاره العربية كتاب واحد؟
لأنه وعى أن أصل البلاء الذي جره المستشرقون وذيولهم والسكارى بخمرهم = في عداوة الجاهل لما يجهل،وفي النظر في تلك الثقافة المتكاملة عبر القرون نظراً كحثو الطائر ثم يجترئ هذا الطائر فيزعم أنه أحاط ماء البحر بين منقاريه، أو هو قادر على الإخبار عنه إخبار عالم محقق.
وجهة أخرى: أن أولئك النفر من المستشرقين كانوا من أهم معاول إضعاف هذه الأمة عبر تشكيكها في ثقافتها المتكاملة وترقيق بنائها وتوهينه فيما أسماه الشيخ: التفريغ الثقافي.
فإذا تأملنا = سنجد أن الشيخ يعول كثيراً على تكامل الثقافة واتساع دائرة العلم بكل مكتوبٍ بالعربية ولدِ فراش هذه الثقافة؛ يعول على هذا التكامل والاتساع في أمرين:
الأول: إصابة الحق.
الثاني: الممانعة ضد التفريغ الثقافي.
والشيخ رحمه الله يخص اسم الثقافة بالثقافة المقصورة على أمة واحدة تدين بدين واحد، ولكل أمة بهذا الاعتبار ثقافة خاصة بها،والعلاقة بين الثقافات علاقة تباين تتحاور فيها الثقافات وتتناقش ويأخذ بعضها من بعض بميزان لكنها لا تتداخل تداخلاً يفضي للامتزاج إلا على قانون غلبة الغالب للمغلوب على ثقافته، وعمودا الثقافة اللذان يوجبان التباين عنده هما : اللغة، والدين، ويفرق بينها وبين العلم الذي هو مشاع بين الأمم لا خصوصية فيه.
والثقافة المتكاملة عند الشيخ هي التي: ((تنمو وتتسع وتستولي على كل معرفة متاحة أو مستخرجة بسلطان لسانها العربي)).
لماذا يدعو الشيخ إلى هذه الثقافة المتكاملة التي تصرمت ثمان سنوات من عمره في إرساء أسس طلبها يقلب كل قرطاس رُقم فيه حرف بالعربية من الفقه إلى الفلك،شعاره العربية كتاب واحد؟
لأنه وعى أن أصل البلاء الذي جره المستشرقون وذيولهم والسكارى بخمرهم = في عداوة الجاهل لما يجهل،وفي النظر في تلك الثقافة المتكاملة عبر القرون نظراً كحثو الطائر ثم يجترئ هذا الطائر فيزعم أنه أحاط ماء البحر بين منقاريه، أو هو قادر على الإخبار عنه إخبار عالم محقق.
وجهة أخرى: أن أولئك النفر من المستشرقين كانوا من أهم معاول إضعاف هذه الأمة عبر تشكيكها في ثقافتها المتكاملة وترقيق بنائها وتوهينه فيما أسماه الشيخ: التفريغ الثقافي.
فإذا تأملنا = سنجد أن الشيخ يعول كثيراً على تكامل الثقافة واتساع دائرة العلم بكل مكتوبٍ بالعربية ولدِ فراش هذه الثقافة؛ يعول على هذا التكامل والاتساع في أمرين:
الأول: إصابة الحق.
الثاني: الممانعة ضد التفريغ الثقافي.
وأنا هنا أخذت الثقافة المتكاملة التي يدعو إليها الشيخ فدعوتُ لها وأن تكون ثلثا مطلوب المرء أو يزيد وأن يخلي الثلث الباقي لثقافات الأمم الأخرى، ولم أستجز أن أكتفي في وصف الثقافة المتكاملة بأن تحوز مولودها فحسب(ولا الشيخ قصد هذا) حتى جزتُ بالأمر إلى الإلمام بطرف من الثقافات الأخرى على المستوى الثقافي العام الذي تتداخل فيه العلوم مع الفلسفات والأديان مع المكونات الاجتماعية.
ولم؟
لنفس الأمرين اللذين ذكرهما الشيخ (إصابة الحق والممانعة) ونضيف ثالثاً : الهجوم ودك قواعد الباطل من تلك الثقافات بلسانها وأدواتها.
فأما إصابة الحق= فإن باب الحق أوسع من أن يختص بمسائل الدين فحسب،بل في الدنيا أبواب من الحق تطلب وتنفع وتُعبِدُ للآخرة،ومع ذلك فكثير من الحق الذي عند أصحاب هذه الثقافات إما بقية دين صحيح أو بقية فطرة مخبوءة، ولإصابة شيء من ذلك لذة لا يقدرها إلا من وجدها.
وأخرى: أن أصحاب تلك العلوم هدوا إلى أبواب حسنة خلطوها بأخرى سيئة، وتلك الأبواب الحسنة إذا استخلصت ووزنت بميزان الوحي وضم حق إلى حق أُنتجت منهما معرفة حسنة جداً تضم وحي الله المنزل إلى رزق الله للعقول الآدمية مما عنده من الحق فإن خزائن رزقه لا تنفد وما حجبها سبحانه عن الكافرين.
وأخرى: أن كثيراً من تلك العلوم كانت توجد في تضاعيف نظر الصدر الأول من الصحابة فمن تلاهم إلى عصر الأئمة،ولكنها ضاعت فيما ضاع من علومهم بعوادي الأيام وقلة الطالبين وغفلة النظار،وإن النظر في تلك العلوم ربما هدى إلى أصول من النظر في الكون والمخلوقات وتحليل الظواهر الاجتماعية والنفسية كان لنا منه حظ أضعناه.
وأخرى: أنك قد تصيب الحق في نفسه وتطمئن به، ثم تجد في تلك الثقافات ما يزيدك طمأنينة،ويشد أزر اليقين بالحق في قلبك،أو يهديك من وسائل تحقيقه ما لم تكن قد اهتديت إليه.
ولذلك لم يتحرج الصحابة ولا التابعون ولا أتباعهم ولا سادات المفسرين من ذكر الإسرائيليات ولا كان هذا عندهم في الجملة منكراً حتى أنكره من لم يفقه وجهه الذي أشرنا هنا إلى شعبة منه.
وأما الممانعة : فإن الباطل إذا فُقه على وجهه وعرفت مداخله ومساربه وكان الفقيه به فقيهاً بالحق= فإنه يكون أمنع شيء على الباطل وتسوره لمحراب الحق،ولكم من ورقات يكتبها علماني أو كافر آذتني قراءتُها فوجدت ثمرتها حين يسوق من يظن أنه وقف عليها ولم يقف عليها هذا السلفي المسكين ؛فيسوق منها ما يحسبه شبهة قاضية فإذا هذه المعرفة بالباطل قد أعدت له عدته فأردته فإذا هو زاهق،والباطل قد ينتصر بفجأته للحق أحياناً ،والفقيه به قل أن يفجأه منه شيء.
وتزداد أهمية هذا مع وجود تلك الطبقة التي تزدرد تلك العلوم ازدراداً لتعيد إنتاجها في صورة مناهج للقراءة والنظر يرومون بها دك معاقل الوحي والتراث.
وأما غزو المعاقل فهذا حلمي الاستراتيجي أن ننتقل من مرحلة رد الفعل والقراءة لدفع الهجوم إلى مرحلة صناعة المعرفة ودكدكة حصون علومهم بأدواتها ومناهجها وإثبات ما فيها من الخلل والخطل والتناقض بدراسات معمقة تستولي على أدوات تلك العلوم وتوظفها في كشف عوارها.
فالخلاصة:
أن الثقافة المتكاملة الآخذة بطرف من كل علوم هذا العصر = تجعلك أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، وأعرف بالناس، وتزيد عدتك التي تعتد بها،وكثير من أبوابها يزيدك فقهاً بالدين، و يعين على التفكير الإبداعي ونقل الأفكار من حقل إلى حقل، وأقل رتبها شيئاً ما يكون كالنومة لا يعسر إعداد نية لها، وليس الخبر كالمعاينة وقد يعسر على صاحب الوجد أن يصف الصبابة وصفاً يحقق ما في نفسه في نفس سامعه فاطلب= تجد
ولم؟
لنفس الأمرين اللذين ذكرهما الشيخ (إصابة الحق والممانعة) ونضيف ثالثاً : الهجوم ودك قواعد الباطل من تلك الثقافات بلسانها وأدواتها.
فأما إصابة الحق= فإن باب الحق أوسع من أن يختص بمسائل الدين فحسب،بل في الدنيا أبواب من الحق تطلب وتنفع وتُعبِدُ للآخرة،ومع ذلك فكثير من الحق الذي عند أصحاب هذه الثقافات إما بقية دين صحيح أو بقية فطرة مخبوءة، ولإصابة شيء من ذلك لذة لا يقدرها إلا من وجدها.
وأخرى: أن أصحاب تلك العلوم هدوا إلى أبواب حسنة خلطوها بأخرى سيئة، وتلك الأبواب الحسنة إذا استخلصت ووزنت بميزان الوحي وضم حق إلى حق أُنتجت منهما معرفة حسنة جداً تضم وحي الله المنزل إلى رزق الله للعقول الآدمية مما عنده من الحق فإن خزائن رزقه لا تنفد وما حجبها سبحانه عن الكافرين.
وأخرى: أن كثيراً من تلك العلوم كانت توجد في تضاعيف نظر الصدر الأول من الصحابة فمن تلاهم إلى عصر الأئمة،ولكنها ضاعت فيما ضاع من علومهم بعوادي الأيام وقلة الطالبين وغفلة النظار،وإن النظر في تلك العلوم ربما هدى إلى أصول من النظر في الكون والمخلوقات وتحليل الظواهر الاجتماعية والنفسية كان لنا منه حظ أضعناه.
وأخرى: أنك قد تصيب الحق في نفسه وتطمئن به، ثم تجد في تلك الثقافات ما يزيدك طمأنينة،ويشد أزر اليقين بالحق في قلبك،أو يهديك من وسائل تحقيقه ما لم تكن قد اهتديت إليه.
ولذلك لم يتحرج الصحابة ولا التابعون ولا أتباعهم ولا سادات المفسرين من ذكر الإسرائيليات ولا كان هذا عندهم في الجملة منكراً حتى أنكره من لم يفقه وجهه الذي أشرنا هنا إلى شعبة منه.
وأما الممانعة : فإن الباطل إذا فُقه على وجهه وعرفت مداخله ومساربه وكان الفقيه به فقيهاً بالحق= فإنه يكون أمنع شيء على الباطل وتسوره لمحراب الحق،ولكم من ورقات يكتبها علماني أو كافر آذتني قراءتُها فوجدت ثمرتها حين يسوق من يظن أنه وقف عليها ولم يقف عليها هذا السلفي المسكين ؛فيسوق منها ما يحسبه شبهة قاضية فإذا هذه المعرفة بالباطل قد أعدت له عدته فأردته فإذا هو زاهق،والباطل قد ينتصر بفجأته للحق أحياناً ،والفقيه به قل أن يفجأه منه شيء.
وتزداد أهمية هذا مع وجود تلك الطبقة التي تزدرد تلك العلوم ازدراداً لتعيد إنتاجها في صورة مناهج للقراءة والنظر يرومون بها دك معاقل الوحي والتراث.
وأما غزو المعاقل فهذا حلمي الاستراتيجي أن ننتقل من مرحلة رد الفعل والقراءة لدفع الهجوم إلى مرحلة صناعة المعرفة ودكدكة حصون علومهم بأدواتها ومناهجها وإثبات ما فيها من الخلل والخطل والتناقض بدراسات معمقة تستولي على أدوات تلك العلوم وتوظفها في كشف عوارها.
فالخلاصة:
أن الثقافة المتكاملة الآخذة بطرف من كل علوم هذا العصر = تجعلك أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، وأعرف بالناس، وتزيد عدتك التي تعتد بها،وكثير من أبوابها يزيدك فقهاً بالدين، و يعين على التفكير الإبداعي ونقل الأفكار من حقل إلى حقل، وأقل رتبها شيئاً ما يكون كالنومة لا يعسر إعداد نية لها، وليس الخبر كالمعاينة وقد يعسر على صاحب الوجد أن يصف الصبابة وصفاً يحقق ما في نفسه في نفس سامعه فاطلب= تجد