في الإستفتاءات والفتاوى: البحث عن طريق وسط بين آيتين

إنضم
18/12/2011
المشاركات
1,302
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
أنتويرب
مع إزدياد إنتشار وسائل الاتصال الحديثة المرئية-المسموعة-المكتوبة، أظن هناك ظاهرة يمكن وصفها بفتنة الإفتاء حتى أصبحنا نسمع أسئلة وأجوبة عجيبة وغريبة، مدهشة ومثيرة للجدل أيضا، وما يجعلك تسأل هل التعامل مع النصوص الشرعية وأقوال العلماء والتراث يكون بهذا الشكل الذي يشعرك بتغييب القلب والعلوم العقلية والتجارب الدنيوية .. ؟

في هذا الإطار فكرت في سؤال آخر تفسيري خارج الطرح الأصولي الفقهي: كيف الوصول لطريق وسط بين الآيتين {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّـهُ عَنْهَا} ؟

حياكم الله
 
(( في هذا الإطار فكرت في سؤال آخر تفسيري خارج الطرح الأصولي الفقهي:))
سؤال:
لماذا البحث خارج الطرح الأصولي الفقهي؟
 
لو رجع الى سياق كل آية ونزولها لتبين موضع السؤال وموضع الكف عنه، ففي الأولى في الأمور العامة وكيفية التعامل معها بردها إلى أهلها من الأمراء أو العلماء وعدم إذاعتها، وفي الثاني: الكف عن الأسئلة في الأمور المغيبة وكذلك في الأمور التي ورد فيها حكم وعدم التعمق في السؤالات عنها.
ومع ذلك يبقى البحث في المجال الأصولي في المعفو عنه وهل يلحق بالفراغ التشريعي أو بالمباح؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....أما بعد...وهذه من المسائل التي تميز بها الاسلام عن غيره من
أديان ومعتقدات أخرى فعن قوله تعالى(و
لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ )...ذكروا أن سبب نزولها هو الاستعجال في إفشاء الخبر الذي لم يثبت وهو أن رسول الله اللهم صل عليه وآله قد طلق نسائه...فجاء من عنده علما وعقلا راجحا(عمر) فدخل
على رسول الله وسأله عن الامر فنفاه ولم يثبته...وعن قوله تعالى(يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّـهُ عَنْهَا}
ذكر الطبري (
قال ابن عباس لأعرابي من بني سليم : هل تدري فيما أنزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ؟ حتى فرغ من الآية ، فقال : كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاء ، فيقول الرجل : " من أبي " ؟ والرجل تضل ناقته فيقول : " أين ناقتي " ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية)
فانظر الى الفرق بين الاثنين....في الاولى التعجل وفي الثانية الاستهزاء وقلة الصبر ....ولكن ما هو الامر الوسط
الذي يريده الاسلام من أتباعه؟
هو أن لا تسأل الا عن الامر العظيم الذي يستحق أن تسأل عنه...والله تعالى أعلم.

 
بارك الله فيكم. من التفاسير التي ربطت بين الآيتين الكريمتين: القرطبي، الشوكاني في فتح القدير، والسعدي؛ بالترتيب:

1. الثامنة: إن قال قائل: ما ذكرتم من كراهية السؤال والنهي عنه، يعارضه قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، فالجواب؛ أن هذا الذي أمر الله به عباده هو ما تقرر وثبت وجوبه مما يجب عليهم العمل به، والذي جاء فيه النهي هو ما لم يتعبد الله عباده به؛ ولم يذكره في كتابه. والله أعلم.

2. ولا بد من تقييد النهي في هذه الآية بما لا تدعو إليه حاجة كما قدمنا، لأن الأمر الذي تدعو الحاجة إليه في أمور الدين والدنيا قد أذن الله بالسؤال عنه فقال: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "قاتلهم الله ألا سألوا فإنما شفاء العي السؤال".

3. ينهى عباده المؤمنين عن سؤال الأشياء التي إذا بينت لهم ساءتهم وأحزنتهم، وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم، وعن حالهم في الجنة أو النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل لم يكن له فيه خير، وكسؤالهم للأمور غير الواقعة، وكالسؤال الذي يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما أحرجت الأمة، وكالسؤال عما لا يعني، فهذه الأسئلة، وما أشبهها هي المنهي عنها، وأما السؤال الذي لا يترتب عليه شيء من ذلك، فهو مأمور به، كما قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

الحل الذي يقدمه الإمام القرطبي أن لا تسأل في شيء لم يتعبد الله عباده به ولم يذكره في كتابه. وفي تقييد النهي عند الإمام الشوكاني نرى أن الأمر الذي تدعو الحاجة إليه في أمور الدين والدنيا قد أذن بالسؤال عنه، وهو هنا يقول أمر الدين والدنيا فنفهم أن لا تستفي في الأمور الدينية متخصص في معرفة دنيوية بينما هو عامي في الفقه في الدين، وأن لا تسأل حول أمور دنيوية عالم دين بينما هو عامي في العلوم الدنيوية كما يحدث للأسف واحد يسأل شيخ عامي في العلوم الدنيوية هل تدور الشمس حول الأرض! بينما كان عليه أن يسأل عن أقوال العلماء في {الشمس تجري لمستقر لها} مثلا، أو كان عليه أن يسأل عالم جمع بين العلوم الشرعية والعقلية. أما الشيخ السعدي فمن تفسيره هذا نستفيد رفض فتنة الإفتاء تلك.

طبعا الشيخ، الداعية والمفتي يتحمل المسؤولية أكثر.
 
السؤال التالي بعد تعديل العنوان إلى: البحث عن طريق وسط بين آيتين

هب أننا نفهم من الآية الكريمة {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} أن قضية الخلق قضية غيبية، فكيف نربط الآية هذه بالآية الكريمة {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق}؟
 
شيخ الإسلام رحمه الله ربط في مجموع الفتاوى بين الآيتين الكريمتين لكن من باب الكلام في الصفات الإختيارية.

وفي القراءات العصرية نجد علي بن نايف الشحود يربط بين الآيتين ليشرح أن النظر لا يتنافى مع كون عملية الخلق (بأبعادها الثلاثة: خلق الكون، وخلق الحياة، وخلق الإنسان) عملية غيبية. ثم زغلول النجار يرى أن العلاقة بين الآيتين علاقة إستعانة وإرشاد أي نسير في الأرض وننظر شرط ضبط النظر في كيفية الخلق بالقرآن الكريم.

أما محمد شحرور بقراءته العصرانية للقرآن فيميز "أننا لم نشهد خلق السموات والأرض شهادة شهيد، ولكننا شهدناها شهادة شاهد، فالشهيد سميع بصير، والشاهد خبير عليم، فنحن الآن شاهدو معركة بدر لأننا علمنا بها وبتفاصيلها أما شهداء معركة بدر فهم الذين حضروا المعركة".

خلاصة القول هناك علاقة بين الآيتين، لماذا لا إشارة إليها في التفاسير التراثية، تفاسير المتقدمين؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين أما بعد.. ولم لا نقول إننا نشهد لإننا قد رأينا ان ربنا قد شهد فكيف لا نشهد على شهادته سبحانه وهو علام الغيوب...ألا ترى إننا سنشهد يوم القيامة بتبليغ رسل الله تعالى رسالاتهم الى أممهم...فهل كنا معهم شهودا أم إننا نشهد تأسيسا على شهادة من خلقنا سبحانه...والله تعالى أعلم.
 
عودة
أعلى