فوائد وفرائد من كتاب أحكام القرآن لابن الفَرَس الأندلسي - رحمه الله تعالى -( متجدد )

إنضم
07/04/2013
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
30
الإقامة
عمان
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين ...
أما بعد :

فهذه فوائد وشرائد علقتها وانتقيتها ولربما لخصتها أحيانا من كتاب أحكام القرآن لابن الفرس - رحمه الله - .

المؤلف هو أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي الغرناطي الأندلسي المالكي، المعروف بابن الفرس / ت 597 هـ .

وقفة مع الكتاب : إن مؤلفه - رحمه الله - مالكيّ المذهب وأشعري المعتقد لربما نبهت عن بعض أشعريته الظاهرة ولربما أحلت الرد إلى كتاب آخر .

أرجو من الله أن ينفع بهذه الفوائد .
 
سورة البقرة :


1- " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون " :

واختلف في هذ النفقة ما هي ؟ فقال يزيد بن القعقاع وابن عباس : هي الزكاة . وقال ابن مسعود : هي نفقة الرجل على أهله . وقال الضحاك : هي كل نفقة وهذا هو الصحيح .
قول من قال إن هذه الآية وكل آية تضمنت نفقة في القرآن منسوخة بالزكاة غير صحيح لأن ذلك ليس بنسخ وإنما هو تخصيص .

2- " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " :

قال بعض المفسرين لهذه الآية : عدم الأممر بقتلهم يدل على جواز استتابة الزنديق لأن الله تعالى لم يأمر بقتلهم وإليه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي والطبري وأبوحنيفة في أحد قوليه وهذه استدلال ضعيف لأن الآية لا تدل عليه بلفظ ولا بمفهوم لفظ وغاية ما فيها عدم الأمر وعدم الأمر ليس بحكم يقتضي حكما .
وأما مالك وأصحابه فيقولون : إنه لا تقبل للزنديق وبة ويقتل .
واحتج ابن الماجشون لمذهب مالك بقوله تعالى : " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض " إلى قوله

3- تعالى : " ملعونون أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا " :

قال قتادة : معناه إذا هم أعلنوا النفاق .

4- " فأخرج به من الثمرات رزقا لكم " :

اختلف في الرزق ما هو ؟ فذهب الأكثر إلى أنه ما يصح الانتفاع به . وذهبت المعتزلة إلى أنه ما يصح تملكه وليس الحرام عندهم برزق وغن عااش الإنسان منه طول دهر واحتج بعض الناس بهذه الآية على إبطال قولهم لأن الله تعالى أوقع اسم الرزق فيها على ما يخرج من الثمرات قبل التملك لها أي أخرج منها ما يصلح أن يكون رزقا لكم وكذلك احتج على إبطال ذلك بعضهم أيضا بقوله تعالى : " كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل "

5- " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله " :

وقد اختلف في القدر الذي يقع به الإعجاز من القرآن فذهب بعض المعتزلة إلى أنه يتعلق بجميع القرآن وهذا قول ترده الآيتان المذكورتان . وقال القاضي : يتعلق الإعجاز بسورة[1]
واختلف في الضمير في قوله : " من مثله " على ما يعود ؟ فقيل يعود على القرآن وهو المعبر عنه بما في قوله : " مما نزلنا " قال بعضهم : إن العرب في قدرتها أن تأتي بمثله فلما جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه وهو قول باطل وقيل يعود على النبي – صلى الله عليه وسلم – .

6- " فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة " :

وفي هذا دليل صحيح أن النار مخلوقة بعد ورد على من قال إنها لم تخلق حتى الآن وهو قول بعض المعتزلة وسقد فيه منذر بن سعيد وكذلك قوله تعالى في الجنة في موضع آخر : " أعدت للمتقين " دليل على أن الجنة مخلوقة الآن خلافا لمن قال فيها مثل قول النار .

7- " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " :

فيه دليل أن الإيمان غير العمل خلافا لمن يقول : إن الإيمان بمجرده يقتضي أعمال الطاعات
اختلف هل هو حكاية عن قول الكفار أو خبر من لله تعالى ؟ وعلى هذا القول ففيه الحجة البالغة لأهل السنة في أن الهدى والضلال من الله تعالى خلافا للمعتزلة في قولهم : إن الله لا يخلق الضلال ولا يريده ولم يختلف في قوله : " وما يضل به إلا الفاسقين " من قول الله تعالى .

8- " الذين ينقضون العهد من بعد ميثاقه .. " :

اختلف في تعيين العهد المذكور فقيل هو ما أخذ على بني آدم حين اخرجهم من طهر أبيهعم كالذر وقيل ما أخذه الله تعالى على الناس بوساطة الرسل من التوحيد والعبادة وقيل ما أخذه الله تعالى على أهل الكتاب من الإيمان بمحمد وقيل هو ما نصبه الله تعالى من الأدلة على توحيده فهي كالعهد وقيل فيمن آمن بالنبي ثم كفر به .
واختلف في العهد هل يكون يمينا أما لا ؟

9- " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " :

اختلف فيه فقيل أراد صلة الرحم وقيل أراد الدين والعبادة وإقامة الشرائع والنظر أن تحمل الآية على كل ما جاء في الشرع الأمر بصلته كصلة الرحم وإتمام عبادة يدخل فيها الإنسان ونحو ذلك . وقد اختلف فيمن دخل في عبادة تطوع كصوم وصلاة ونحو ذلك هل له أن يقطع ذلك أم لا ؟

10 " ويفسدون في الأرض " :

الفسق في الشرع هو الخروج من الطاعة إما إلى كفر وإما إلى عصيان .

11- " هو الذي خلق لكم ما في .. " :

معنى قوله " لكم " أباحة الأشياء وتمليكها حتى قال بعضهم : هذا يدل على إباحة الأشياء في الأصل إلا ما ورد فيه دليل الحظر .

12- " ثم استوى إلى السماء :

والاستواء يوهم تكييفا وتشبيها"[2] .

13- " وعلم آدم الأسماء كلها " :

احتج قوم بهذه الآية على ان اللغة كلها توقيف من الله تعالى وردوا بذلك على من قال : إنها كلها اصطلاح من أصحاب اللغة وعلى من قال أولها التوقيف أي قدر ما يقع به التفاهم ثم بعد ذلك اصطلاح وهذه الأقوال الثلاثة جائزة عقلا وليس على واحد منها دليل قاطع في الشرع .
واحتجوا بالآية منهم من قال : إن تعليم آدم إياها المذكور في الآية إنما هو إلهام علم ضرورة وقال قوم : بل تعليم ملك أو بتكلم قبل هبوطه الأرض فلا يشارك موسى في خاصته ووجه احتمالات هذه الآية التي ترفع الحجة بها أن الأسماء قد قال قوم إنه أراد بها التسميات وهو قول المحتجين بها وقال قوم أراد الأشخاص أنه عرضها وقال أكثر العلماء : علمه الله تعالى منافع كل شيء ولما يصلح .
واختلف أهل القول الأول أي الأسماء علمه ؟ فقال قوم علمه جميع الأسماء بكل لغة وغلط في هذا قوم حتى قال ابن جني عن أبي علي الفارسي : علم الله آدم كل شيء حتى أنه كان يحسن من النحو مثل ما أحسن سيبويه .

فائدة من الحاشية : قال القرطبي في الجامع : الواجب على من سئل عن علم أن يقول إن لم يعلم : الله أعلم ولا أدري اقتداء بالملائكة والأنبياء والفضلاء من العلماء .

14- " وإذا قال ربك .. " :

وفي هذه الآية معنى لا بد التنبه له وهو أنه تعالى لما قال " إني جاعل في الأرض خليفة " اعترضت الملائكة بعلم قد كان تقدم عندها فقالت : " أتجعل فيها من يفسد فيها " وكان يجب أن لا تعترض على الله تعالى في فعله ومع ذلك قد فضلوا أنفسهم على من كان يجعله بقولهم : " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " فرد الله عليهم بأنه يعلم ما لا يعلمون ثم زادهم آدم وعلمه ما لا يعلمون .
وهنا مسألة اختلف الناس فيها هل الصالحون من الناس والأنبياء فضل من الملائكة ؟ أم الملائكة أفضل من كل خلق؟ والذي تدل عليه هذه الآية أن الملائكة أفضل[3]

15- " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم " :

في هذه الآية ما يدل على مجرد الأمر لا يحمل على الإباحة لأنه تعالى وصف إبليس بأنه أبى من السجود الذي أمر به ولم ير له عذرا باحتمال الإباحة ولو لم يكن نفس الأمر يقتضي الامتثال لكان له عذر .
وفيه أيضا دليل على انه لا يحمل على الندب بل يحمل على الوجوب لأن الله تعالى قد كفره بمخالفة الأمر وإذا بطل قول الإباحة وقول الندب بطل قول الوقف وإبليس لم يختلف أنه كان مؤمنا حتى عصى الأمر واستكبر إلا أنه اختلف هل كان من الملائكة أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى انه كان من الملائكة وأن الاستثناء متصل قالوا كان خازنا وملكا على السماء الدنيا واسمه عزازيل قاله ابن عباس .
وقال ابن زيد والحسن : كان أبو الجن كما أن آدم أبو البشر ولم يك قط ملكا وروي أيضا نحوه عن ابن عباس قال واسمه : الحارث .
واختلف هل كفر إبليس جهلا أو عنادا على قولين بين أهل السنة ولا خلاف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره وقد أنكر كفر العناد قوم من أهل السنة وأجازه قوم وصححوه .

16- " ولا تقربا هذه الشجرة " :

ذكر بعضهم الخلاف في الجنة التي أسكنها آدم وزوجته هل هي جنة الخلود أو جنة أعدت لهما ؟ قال : وذهب من لم يجعلها جنة الخلد إلى أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها وهذا لا يمتنع إلا أن السمع ورد أن من دخلها مثابا لا يخرج منها واما من دخلها ابتداءا كآدم فغير مستحيل خروجه منها ورأيت ابن حزم قد ذكر هذا وزعم أن منذر بن سعيد قد ذهب إليه .
وقد استدل قوم بقصة آدم في أكله من الشجرة بعد النهي على جواز وقوع المعاصي من الأنبياء [4] واحتجوا بقوله تعالى :" وعصى ربه آدم فغوى " وهي مسألة قد اختلف فيها اختلافا شديدا لأشياء وردت عن قوم من الأنبياء توهم ذلك وقد اعتذر قوم عنها فمما اعتذر به في قصة آدم أن قيل إنما أكلا من الشجرة غير التي أشير إليها فلم يتأولا النهي واقعا على جميع جنسها وقال بعضهم : تأولا التهي على الندب .
وأما الذين جوزوا المعاصي فقالوا : إنما أكلها عامدا بخلاف النهي .

17- " يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي ... " :

وفي هذه الآية ما يدل على وجوب شكر نعمة الله لأن أمره تعالى بذكر النعمة أمر بالشكر وقد قال تعالى : " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " ولا خلاف في وجوب ذلك .
وإنما اختلف هل يجب عقلا أم شرعا ؟ والصواب أنها إنما تجب شرعا بما دلت عليه هذه الآية ونحوها .

18- " ولا تكونوا أول كافر به " :

فإن قيل : فكيف نهاهم تعالى أن يكونوا أول كافر به وقد كفر قبلهم كفار قريش فالجواب على ذلك أن معناه من أهل الكتاب .

19- " ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا " :

وقد اختلف في جواز بيع المصحف والجمهور على جوازه .
ولما مر عليه من السلف من بيعه وهم أعلم بالتأويل وكذلك اختلف في تعليم القرآن بالأجرة فأجيز وكره ومنع والجمهور على جوازه .

20- " واركعوا مع الراكعين " :

إن قيل لم خص الركوع من جميع الصلاة بعد أن أمر بالصلاة ففيه جوابان : أحدهما أن الركوع بمعنى الصلاة أي صلوا مع المصلين والثاني : قال قوم خصه بالذكر لأن صلاة بني اسرائيل لم يكن فيها ركوع .
وفيه جواب ثالث : أن يكون أراد بالركوع هنا التواضع لله تعالى والتذلل له والانقياد فيكون ركوعا لغويا لا شرعيا ومنه قول الشاعر :
ولا تهين الفقير علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه
ويحتمل أن يقال خصص الركوع تشريفا له كقوله تعالى : " فيها فاكهة ونخل ورمان " .

21- " وما كادوا يفعلون " :

قال بعض المفسرين : شددوا فشدد الله عليهم .

22- " أن تذبحوا بقرة " :

في هذا دليل على السنة في البقر أن تذبح . روى إسماعيل بن أبي أويس عن مالك أنه قال فيمن نحر البقر : بئس ما صنع لأن الله تعالى أمر بالذبح .
ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : أنه نحر عن أزواجه البقر .
مذهب الجمهور جواز الذبح والنحر في البقر وقد ذهب قوم ومنهم محمد بن حيي المكي والحسن بن صالح الكوفي إلى أن حكمهما أن تنحر ولا تذبح .
قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا حرم أكل ما نحر مما يذبح ولا ما ذبح مما ينحر وإنما كره ذلك مالك ولم يحرمه .

[1] هذه ردها ابن حزم في الفصل ومما قال أن الصحيح القرآن معجز في كله . ( الكتاب ليس عندي فأعتذر إن لم أحضر المجلد والصفحة )
[2] هذا مثال بسيط من سوء أدب الأشاعرة مع الله عزوجل فإنهم قد جعلوا كتاب الله الذي جعله الله هدى ونور ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ظاهره تشبيه وتجسيم كما قال الصاوي في حاشيته على الجلالين : أن الأخذ بظاهر الكتاب والسنة من أصول الكفر - بل إن قوله من أصول الكفر - والرد على شبهة الأشاعرة من وجوه تراجع في مظانها وأهمها :
1- إن هذا الأشعري ما هو إلا عبد حقير صغير جاهل أمام الله الرب العظيم الخالق فكيف استطاع ذاك العبد أن يعرف بعقله الصغير أن كلام الله ظاهره ضلال والله أخرجه للناس هدى ؟! .
2- إن الواجب كما قال محقق الكتاب أن يتبع هذا المالكي مذهب إمام مذهبه في هذه الآيات ...
3- إن الأشاعرة قد هربوا من شيء ووقعوا بأعظم منه أو مثله كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله - فهم أولوا أو فوضوا الصفات تنزيها لله تعالى لكن بوقوعهم بالتشبيه .. كيف ذلك ؟ إن الأشاعرة ما أولوا أو فوضوا هذه الصفات إلا باعتقادهم أنها توهم تشبيه وتكييف ولا يكون هذا إلا باعتقادهم أن صفات الله مثل صفات المخلوق أو أنهم قاسوا صفات الله على صفات المخلوق .
من أراد الاستزادة فيراجع العقيدة الحموية لشيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله - .
[3] الصحيح في نظري - والله أعلم - هو ما رجحه شيخ الإسلام- رحمه الله - بقوله : الملائكة خير ابتداءا والبشر خير انتهاءا .
[4] هذه المسألة لم تظهر فيما أعلم إلا عند الأشاعرة وردها ابن حزم في الفصل - رحمه الله - وقد شنع عليهم فيها .​
 
عودة
أعلى