الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
هذه فوائد وآثار مقتبسة من دروس الشيخ الدكتور السالم الجكني .. بعنوان تراجم القراء العشرة ورواتهم .. سوف أتخير من الدروس ماكان فيه حكمة أو موعظة أو أثر ,, للفائدة لطلبة العلم ..
قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله :: سير الرجال أحب إلي من كثير من الفقة.
علم التراجم :: هو من العلوم المهمة جدا وهو من الأشياء التي اهتم بها العلماء
م ولهذا نجد كتب التراجم موجودة بكثرة فهناك تراجم للأشخاص كبعض التلاميذ يعمل ترجمة لشيخ من شيوخه , وهناك تراجم عامة كما نجد في تراجم خاصة بالمذهب كطبقات المالكية وطبقات الشافعية أو طبقات الأحناف أو طبقات الحنابلة فهذه تراجم خاصة بالنسبة للمذاهب , وهناك أيضا تراجم خاصة بالفنون كالأطباء والأدباء والقراء وهكذا وهناك كتب تراجم تجمع كل هؤلاء فنجد منها أن تجمع تراجم الأولياء الصالحين مع الشياطين وغيرهم , كما نجد ذلك في كتاب الإمام الذهبي سير أعلام النبلاء ومن يرجع لهذا الكتاب يجد فيه تراجم لأصحاب المجنون وتراجم العلماء وتراجم الفلاسفة وتراجم الأدباء أصحاب الفنون وكل من كان مشهورا ولو بفن من الفنون ..
فالاطلاع على سير العلماء والتاريخ والاطلاع على الشخصيات المهمة من الرجال في التاريخ وكذلك النساء وخصوصا حملة العلم الشرعي ومن خدم كتاب الله عز وجل وسنة الرسول إنما هو منهج تربوي ويشحذ همم طلبة العلم فطالب العلم عندما يقرأ ترجمة أمثال هؤلاء ويجد فيها من الفوائد مالا يعلمه إلا الله عز وجل يحاول أن يسير على سيرهم وأن يطبق الخطوات التي وضعوها حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من القرب من الله سبحانه وتعالى .
ولهذا يقول الشاعر فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم = إن التشبه بالكرام فلاح
هو : نافع بن عبد الرحمن بن أبي نُعيم ويكنى أبو رويم وبعضهم يكنيه بأبو نعيم وبعضهم يكنيه أبوعبد الله وبعضهم أبوعبد الرحمن وبعضهم يكنيه أبوالحسن والأشهر أبو رويم , وهو الأكثر استخداما . وكان مولى من الموالي ويقال كان مولى جعونة بن جعوب الليثي وكان حليف لحمزة بن عبد المطلب وقال الذهبي أنه كان حلفيا لأخيه للعباس بن عبد المطلب وهو الإمام نافع كان مدني وهو أحد القراء السبعة ويقول الإمام ابن الجزري في ترجمته : ثقة صالح .
الإمام نافع أصله من أصفهان وكان أسود اللون وهذا لا ينقصه ولا ينقص غيره فالإنسان لا يعتبر بلونه بل بعمله وربما إنسان أسود كالح السواد هو عند ربه أفضل من الأشقر فاللون لا يقدم ولا يؤخر , ومع ذلك كان صبيح الوجه يعني من رأى وجهه يتفائل به وكان وجهه مضيئا وهذا من نور القرآن نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم منها , وكان حسن الخلق وكانت فيه دعابة وهذه نحب أن نضع تحتها خط أحمر , وهذا يبين أن هؤلاء الأئمة لم يكونوا متزمتين في حياتهم وليس كما نشاهده في كثير من الناس الآن وخاصة ممن يكون في مجال الدعوة فتراه مكفهر الوجه بائسا كما يقول بعض المشايخ المعاصرين يعتقد أن الابتسامة وأن الأسنان عورة والنبي
وهو أكمل الخلق كان يبتسم وكان يضحك وكان يمزح مع أصحابه وكذلك تراجم العلماء سواء القراء أو غيرهم يجد هذه الصفة فيهم , لا نقول أن يكون هذا أسلوبه ولا يعرف إلا به هذا ما أصبح دعابة
الإمام نافع كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك . وورد أن رجل كان يقرأ عليه فشم من فيه رائحة المسك فقال له : يا أبا رويم هل تتطيب ؟ قال : ما أمس طيبا ولا أقرب طيبا ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي
يقرأ في فيّ فمن ذلك الوقت أشم من فيّ هذه الرائحة . ومعلوم أن رؤيا النبي
حق في المنام فالشيطان لا يتمثل به . ورؤية الصالحين وأهل القرآن للنبي
في المنام شئ معروف ومشهور .
المسيبي من تلاميذ الإمام نافع سأله : يا نافع ما أصبح وجهك وأحسن خلقك . والإمام نافع كان أسود اللون فقال نافع : وكيف لا أكون كذلك وقد صافحت النبي
وقرأت القرآن عليه في المنام . وهذا يدل على صلاحه .
وكان الإمام نافع وهذه مهمة جدا وأقولها لإخواننا وأخواتنا الذين يتولون إقراء القرآن للناس . كان الإمام نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه . إلا لو قال له أريد قرائتك . فمن المعلوم أن الإمام نافع قرأ على 70 من التابعين وورد عنه أنه قال : قرأت على سبعين من التابعين واخترت هذه القراءة. فكان له اختيار في القراءة . وكان لا يقرأ باختياره إلا لمن طلب منه ذلك . لذلك الإمام ورش كما سنعرف في ترجمته عندما رحل من مصر للمدينة بنية القراءة على نافع رحل لأجل القراءة عليه باختياره وليس بما رواه عن شيوخه . والإمام نافع مع أنه قرأ على الإمام أبي جعفر إلا أنه قال : تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا . لم يدخلها في اختياره .
نختم ترجمته بما قالوا عنه وهو على فراش الموت , قال له أبنائه : أوصنا . فقال : ( اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ) .وكانت هذه آخر كلمة يقولها وتوفي عندها فرحمه الله ورضي عنه وجزاه خيرا سنة 169 هـ