النجدية
New member
بسم الله...
هذه رسالة أرسل بها الشيخ محيي الدين ابن العربي(1) إلى الإمام الرازي، قرأتها في كتاب (الإمام الحكيم فخر الدين الرازي من خلال تفسيره)؛ تأليف عبد العزيز المجدوب، الدار العربية للكتاب، ليبيا-تونس(1400ه).
و لقد تضمنت هذه الرسالة (2)فوائدة عدة؛ آثرت أن أعرض بعضا، و أنا أعتقد أن هذه الرسالة حقيقة بالدراسة؛ لما فيها من فوائدة طيبة يفيد منها طلاب العلم...
مناسبة الرسالة:
هذه الرسالة كتبها الإمام محيي الدين بن العربي؛ لما بلغه أن الإمام الفخر الرازي كان ذات يوم جالسا بين أحبابه و خواص أصحابه،فبكى بكاء شديدا حتى كاد يغشى عليه، و خاف عليه من كان لديه، فلما أفاق و كفكف دمعه المرّ المهراق،سأله بعض جلسائه عن سبب بكائه، فقال: مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاح لي أن الأمر بخلاف ما عندي، فبكيت و قلت في نفسي: لعل هذا الذي لاح لي يكون مثل الأول."
فلما بلغ الشيخ محيي الدين -رضي الله عنه- ذلك انتهز الفرصة في ايقاظه بإعراضه عن العلوم النظرية و أمره بالتعرض للنفحات الإلهية، و قطع كل رابطة، و الأخذ عن الله بغير واسطة.
من فوائد الرسالة:
1- شيوع روح الأدب في النصح، و هذا ما على طالب العلم التنبه إليه...
فقد كان كثير الدعاء للإمام الرازي بقوله: "وفقك الله"..
2- كان يدعو إلى الارتباط بالله، و لا يخفى أثر هذا عليكم، يا رعاكم الله ...
فقال: "ينبغي -للعاقل- أن لا يتعلق بالأخذ عن فقير أصلا. و كل ما لا كمال له إلا بغيره فهو فقير: فهذا حال كل ما سوى الله تعالى؛ فارفع الهمة في أن لا تأخذ علما إلا من الله على الكشف"
3-كان يحث على الخلوة و الاعتزال.
قوله: "و من المحال على العارف بمرتبة العقل و الفكر أن يسكن أو يستريح، و لا سيما في معرفة الله تعالى. و من المحال أن تعرف ماهيته بطريق النظر. فما لك يا أخي تبقي هذه الورطة و لا تدخل في باب الرياضة و المجاهدات و الخلوات التي شرعها رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فتنال ما نال من قال فيه الله تعالى: (عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما) و مثلك من يتعرض لهذه الخطة الشريفة و المرتبة العظيمة الرفيعة".
4-" ينبغي للعاقل أن لا يطلب من العلوم إلا ما يكمّل به ذاته، و ينتقل معه حيث انتقل؛ و ليس ذلك إلا العلم بالله تعالى حيث الوهب و المشاهدة" و هذه فوائدها ظاهرة!
5- و في قوله: "و كذلك الاشتغال بكل علم تتركه النفس عند انتقالها إلى عالم الآخرة، فينبغي للعاقل ألا يأخذ منه إلا ما مسّت الحاجة الضرورية إليه، و ليجتهد في تحصيل ما ينتقل معه حيث انتقل. و ليس ذلك إلا علمان؛ خاصة العلم بالله تعالى، و العلم بمواطن الآخرة"
فهذا -طبعا- لا يقلل من قيمة العلوم الدنيوية، بل يشجع على أن نجمع بين العلوم الدنيوية و الأخروية معا!
و الحمد لله رب العالمين..!
...................................
(1)الشيخُ الأكبر محيي الدين ابن العربي هو محمدُ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحاتمي الطائي، ويُكنّى أبا عبد الله وأبا بكر ويُعرف بالحاتمي أو الطائي وبابن عربي وفي المغرب بابن العربي وفي الأندلس بابن سراقة، وكذلك يُدعى بسلطان العارفين وإمام المتقين.
(2)"توجد هذ الرسالة بالورقة 123 من لمخطوطة بها مجموعة رسائل في التصوف لابن العربي تحت رقم 5110 ضمن مخطوطات المطتبة العبدلية بالمكتبة الوطنية بتونس. و اعتمادنا كان على مخطوطة الرباط و هي أقل أخطاء"هامش كتاب الإمام الحكيم فخر الدين الرازي، ص180.
هذه رسالة أرسل بها الشيخ محيي الدين ابن العربي(1) إلى الإمام الرازي، قرأتها في كتاب (الإمام الحكيم فخر الدين الرازي من خلال تفسيره)؛ تأليف عبد العزيز المجدوب، الدار العربية للكتاب، ليبيا-تونس(1400ه).
و لقد تضمنت هذه الرسالة (2)فوائدة عدة؛ آثرت أن أعرض بعضا، و أنا أعتقد أن هذه الرسالة حقيقة بالدراسة؛ لما فيها من فوائدة طيبة يفيد منها طلاب العلم...
مناسبة الرسالة:
هذه الرسالة كتبها الإمام محيي الدين بن العربي؛ لما بلغه أن الإمام الفخر الرازي كان ذات يوم جالسا بين أحبابه و خواص أصحابه،فبكى بكاء شديدا حتى كاد يغشى عليه، و خاف عليه من كان لديه، فلما أفاق و كفكف دمعه المرّ المهراق،سأله بعض جلسائه عن سبب بكائه، فقال: مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاح لي أن الأمر بخلاف ما عندي، فبكيت و قلت في نفسي: لعل هذا الذي لاح لي يكون مثل الأول."
فلما بلغ الشيخ محيي الدين -رضي الله عنه- ذلك انتهز الفرصة في ايقاظه بإعراضه عن العلوم النظرية و أمره بالتعرض للنفحات الإلهية، و قطع كل رابطة، و الأخذ عن الله بغير واسطة.
من فوائد الرسالة:
1- شيوع روح الأدب في النصح، و هذا ما على طالب العلم التنبه إليه...
فقد كان كثير الدعاء للإمام الرازي بقوله: "وفقك الله"..
2- كان يدعو إلى الارتباط بالله، و لا يخفى أثر هذا عليكم، يا رعاكم الله ...
فقال: "ينبغي -للعاقل- أن لا يتعلق بالأخذ عن فقير أصلا. و كل ما لا كمال له إلا بغيره فهو فقير: فهذا حال كل ما سوى الله تعالى؛ فارفع الهمة في أن لا تأخذ علما إلا من الله على الكشف"
3-كان يحث على الخلوة و الاعتزال.
قوله: "و من المحال على العارف بمرتبة العقل و الفكر أن يسكن أو يستريح، و لا سيما في معرفة الله تعالى. و من المحال أن تعرف ماهيته بطريق النظر. فما لك يا أخي تبقي هذه الورطة و لا تدخل في باب الرياضة و المجاهدات و الخلوات التي شرعها رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فتنال ما نال من قال فيه الله تعالى: (عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما) و مثلك من يتعرض لهذه الخطة الشريفة و المرتبة العظيمة الرفيعة".
4-" ينبغي للعاقل أن لا يطلب من العلوم إلا ما يكمّل به ذاته، و ينتقل معه حيث انتقل؛ و ليس ذلك إلا العلم بالله تعالى حيث الوهب و المشاهدة" و هذه فوائدها ظاهرة!
5- و في قوله: "و كذلك الاشتغال بكل علم تتركه النفس عند انتقالها إلى عالم الآخرة، فينبغي للعاقل ألا يأخذ منه إلا ما مسّت الحاجة الضرورية إليه، و ليجتهد في تحصيل ما ينتقل معه حيث انتقل. و ليس ذلك إلا علمان؛ خاصة العلم بالله تعالى، و العلم بمواطن الآخرة"
فهذا -طبعا- لا يقلل من قيمة العلوم الدنيوية، بل يشجع على أن نجمع بين العلوم الدنيوية و الأخروية معا!
و الحمد لله رب العالمين..!
...................................
(1)الشيخُ الأكبر محيي الدين ابن العربي هو محمدُ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحاتمي الطائي، ويُكنّى أبا عبد الله وأبا بكر ويُعرف بالحاتمي أو الطائي وبابن عربي وفي المغرب بابن العربي وفي الأندلس بابن سراقة، وكذلك يُدعى بسلطان العارفين وإمام المتقين.
(2)"توجد هذ الرسالة بالورقة 123 من لمخطوطة بها مجموعة رسائل في التصوف لابن العربي تحت رقم 5110 ضمن مخطوطات المطتبة العبدلية بالمكتبة الوطنية بتونس. و اعتمادنا كان على مخطوطة الرباط و هي أقل أخطاء"هامش كتاب الإمام الحكيم فخر الدين الرازي، ص180.