احمد منصور
New member
بسم1
الحمد لله ... الحمد لك يارب ملئ السموات والارض وما بينهما وفوق ذلك حتى ترضى وبعد الرضى والصلاة والسلام على الرحمة المهداه محمد بن عبد الله ومن والاه, اما بعد:
من البحث المبارك المسمى: (بالأدلة القرآنية رحلة ذي القرنين فضائية وياجوج وماجوج ليسوا على هذه الكرة الارضية), والذي نحتسبه ان شاء الله فتح من الله العلي القدير وله الحمد والشكر والمنة والثناء الحسن كله, نستخلص كثيرا من الفوائد سنذكر منها على سبيل المثال لا للحصر ما يلي:
· البحث يوضح دقة الوصف القرآني والانسجام التام مع ما صح روايته عن المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وعدم تباينهما مع ما فتحه الله جل وعلا على البشرية من علوم.
· الرد المفحم على المشككين في الدين والقرآن والمستهزئين باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, والذين يدعون بغير علم ان القرآن الكريم كتاب اساطير وملئ بالخرافات ويتحججون بعدم رؤيتهم لياجوج وماجوج.
· في البحث اثبات ان ياجوج وماجوج ليسوا من ذرية آدم عليه السلام رغم انهم من الانس, وهذا احد الاثباتات ان آدم عليه السلام ليس ابو الانس جميعا وانما هو ابو البشر ويتوافق مع ما روي عن ابن عباس بوجود خلق على اراضين ولهم آدم كآدمكم ونوح كنوح وابراهيم كابراهيم.
وليس هذا فحسب بل يفسر لنا بعض الايات الكريمة مثل قوله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الاسراء, ممن: تفيد خلقا عاقلا, وبني آدم مفضلين على كثير, ولكن الذي نعلمه ان الخلق هم الانس والجن والملائكة فهل تستعمل (كثير) هنا؟ حيث تستعمل بضع للاعداد من ثلاثة الى تسعة؟ ولكن الان نفهم ان الانس ليسوا كلهم خلقا واحدا بل هناك كثير من الخلق متفقين جميعا في ان الله قد خلقهم من طين, وبني آدم مفضلين على كثيرا منهم.
· قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) الاعراف.
حيرت هذه الآية الكريمة علماء التفسير كثيرا, واختلفوا في تفسيرها ايما اختلاف. فأذا تأملنا ظاهر النص القرآني والمعنى المتبادر للذهن فسنجد ما يلي: ولقد خلقناكم: ايها الناس, ثم صورناكم: ايها الناس, ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا, وحيث ان (ثم) تفيد الترتيب والتراخي, فبالنسبة لعلماء التفسير, لا يمكن فهم الآية على ظاهر نصها بهذا الترتيب, لان خلق آدم عليه السلام كان سابق لخلق الناس وتصويرهم في ارحام امهاتهم. ولذلك كان رؤية العلماء لتفسير هذه الآية هي على النحو الاتي: ولقد خلقناكم: ايها الناس بخلق ابيكم آدم: أي يقصد خلق آدم وليس خلق الناس, ثم صورناكم: ايها الناس, وهنا اختلف المفسرون, فمنهم من قال يقصد أيضا تصوير آدم وليس تصوير الناس انفسهم, كي ينسجم المعنى مع الترتيب, ومنهم من قال تصوير الناس في ارحام امهاتهم, وهو ما يخل بالترتيب حيث ان تصوير الخلق قي ارحام امهاتهم لاحق لخلق آدم, قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران. فعملية التصوير مازالت مستمرة وستستمر الى اخر انسان.
وهذا الوجه من التفسير هو الدارج في فهم هذه الآية رغم ان المأخذ عليه انه لم يراعي ظاهر النص القرآني والذي يشير الى خلق الناس وتصويرهم في ارحام امهاتهم قبل القول من الله جل وعلا للملائكة بالسجود لآدم.
لكن الامر لم يتوقف عند هذا الاشكال الذي حاول العلماء حله بهذا الوجه من التفسير بل يبرز اشكال اخر في فهم هذه الآية وربما لم ينتبه له الكثير من قبل: فلو رجعنا لقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) الحجر, وكذلك قوله تعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) ص. من تأمل الأيات الكريمة السابقة نجد ان القول والامر المشروط من الله جل وعلا للملائكة كان سابق لخلق آدم وتسويته ونفخ الروح فيه وبمجرد الخلق والتسوية ونفخ الروح وقع الملائكة سجدا استجابة لامر الله جل وعلا دون تراخي أو ابطاء.
ورد في فتح القدير للشوكاني ما يلي: (فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ : الفاء تدلّ على أن سجودهم واجب عليهم عقب التسوية والنفح من غير تراخٍ، وهو أمر بالوقوع، من وقع يقع), وورد في الوسيط ما يلي: (وقال - سبحانه - ( فقعوا ) بفاء التعقيب، للإشعار بأن سجودهم له واجب عليهم عقب التسوية والنفخ من غير إبطاء أو تأخير), وورد كذلك في مفاتيح الغيب للرازي ما يلي: (أن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى كما نفخ الروح في آدم عليه السلام وجب على الملائكة أن يسجدوا له، لأن قوله: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين} مذكور بفاء التعقيب وذلك يمنع من التراخي), أي ان الملائكة بادروا للسجود فورا بمجرد نفخ الروح في آدم دونما انتظار لامر اخر بل استجابة للامر الذي وجه اليهم من خالقهم جل وعلا وهو سابق لخلق آدم ونفخ الروح فيه.
وهنا يبرز الاشكال مرة اخرى في فهم هذه الآية الكريمة: فأذا كان المقصود بالاية هو: ولقد خلقناكم ايها الناس, أي خلق ابيكم آدم, ثم صورناكم ايها الناس: أي تصوير ابيكم آدم, ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم, فان هذا الترتيب ليس واقعي حيث ان القول للملائكة بالسجود كان سابق للخلق والتسوية ونفخ الروح, فكيف يحل هذا الاشكال في فهم الآية؟
وهنا نأتي الى ثمرة هذا البحث المبارك والذي اثبتنا من خلاله ان ياجوج وماجوج ليسوا من ذرية آدم رغم انهم من معشر الانس, أي ان هناك أناس اخرون غير البشر ذرية آدم عليه السلام ولذلك نرى ان الوجة التفسيري الذي يتفق مع ظاهر النص القرآني ولا يخل بالترتيب هو كذلك: ولقد خلقناكم: ايها الناس ( وليس البشر) من نطفة اذا تمنى, ثم صورناكم: ايها الناس في ارحام امهاتكم, ثم : والتي تفيد تراخي الزمن: أي بعد زمن لا يعلمه الا الله جل وعلا, جاء القول من الله سبحانه وتعالى للملائكة انه جل وعلا سيخلق ابونا آدم. أي ان هناك خلق من الناس لا يعلم عددهم الا الله جل وعلا كانوا يعمرون الارض قبل خلق آدم ويسفكون فيها الدماء ومنهم ياجوج وماجوج, هذا والله اعلم.
· كذلك نتامل قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) البقرة.
كانت الاسئلة تدور سابقا: كيف عرفت الملائكة بأفساد الانسان وسفكه للدماء على الارض وهم لا يعلمون الغيب؟ وهنا يبرز الجواب: حيث يتبين لنا من خلال البحث ان آدم ليس ابو الانس جميعا ولذلك علمت الملائكة بافساد الانس في الارض قبل خلق آدم عليه السلام, وسفكهم للدماء. ورب قائل ان هذه الآية تشير للجن, لكن لم نعلم في القرآن أو السنة أي اشارة ان الجن لهم دماء بل ارتبط ذكر الدم والدماء في القرآن الكريم بالانسان والانعام وهم مخلوقون من تراب. وحتى من الناحية العلمية فالدم وهو السائل الحيوي في عروق الفقاريات ولا فقاريات وتركيبة مستمد من مواد عضوية مشتقة من التربة والارض, أي مما خلق منه الانسان.
كذلك المتأمل لقول الملائكة يتبين فيه ان قولهم جاء بسبب علمهم وخبرتهم بخلق مشابه لخلق آدم أي خلقا من طين وهو الانس. اما الجن وهم مخلوقون من نار فهم خلق مختلف ولذلك يستبعد ان يعقدوا مقارنه بينهم وبين آدم المختلف عنهم في الخلق والله اعلم.
ما كان من صواب فمن الله جل وعلا وما كان من خطأ فمن الشيطان ومني والله أسال والعفو المغفرة.
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المرسلين.