[فوائد مختارة: 9] كتاب (الهادي والهاذي) لعبدالله بن عبدالعزيز الهدلق

إنضم
17/03/2014
المشاركات
26
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
مصر
بسم1
الحمد لله وحده ..
فهذا كتاب لـ عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق، سمَّاه مؤلفه:
الهادي والهاذي
ابن تيميَّة.. جلَّاد الحِكمةِ المصلوبة

قال في صـ 12:
..قرأتُ ما كتبه سعود السرحان في بحثه «الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة»، ومع أَنَّي تهيَّبتُ أوَّلَ أمري ولوجَ «مدخل مظلم» عُلِّقتْ على بابه «حكمة مصلوبة» تقطر دماً! إلا أني اتخذتُ شيئاً يشبه ذاك الذي يضعه مرتادو الأغوار والكهوف على رؤوسهم فينير لهم الطريق.. ودخلتُ. أهـ

الكتاب يقع في 106 صفحة.

- استهلَّ المؤلف كتابَه بنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب (الرد على المنطقيين)، تحت عنوان: قصورُ العَقْل.
- قَبْل البَدْء: إضاءةٌ لمدخلٍ آخر صـ 9
- ثم قال صـ 14: ثمَّ ستة محاور رئيسة في هذا البحث سأقرأها مع صاحبنا، ثم أعرض بَعْدُ لشيءٍ من مثل ما نحن بسبيله.

المحور الأول: النظرةُ التقليديَّةُ الجامدة التي تعامل بها السلفيُّون مع تراث ابن تيمية في الفلسفة. صـ 17
- العقلُ الفرد صـ 19
المحور الثاني: تأخُّر دراسة ابن تيمية للفلسفة. صـ 29
- أعانك الله على عقلك صـ 34
المحور الثالث: اعتمادُ ابن تيمية على مصادر غير دقيقة في حكايته لمقالات فلاسفة اليونان. صـ 39
- اللهمَّ كثِّر في الثَّالبي تُراثِ ابنِ تيميَّة من أمثاله صـ 41
المحور الرابع: بناءُ ابن تيمية دراستَه للفلسفة على «التلفيق» و«النفعية». صـ 55
- الحركةُ الدَّيالكتيّة صـ 57
المحور الخامس: مآخذُ أخَذها الباحثُ على ابن تيمية. صـ 67
- الحَوَلُ الفِكْرِيُّ صـ 69
المحور السادس: موقفُ ابنِ تيمية من المنطق. صـ 85
- لِمَ أغَذَّ صاحبُنا السَّيْر؟ صـ 87

وهذه الفوايد قد أفدتها من الكتاب:
صـ 7: "وأما سائر الصِّفات المشتركة فقد لا يمكن الإحاطةُ بها، ولا ريب أنه كُلَّما كان الإنسانُ بها أعلم كان بالموصوف أعلم، وأنه ما من تصوُّرٍ إلا وفوقه تصوُّرٌ أكمل منه، ونحن لا سبيل إلى أن نعلم شيئا من كل وجه، ولا نعلم لوازمَ كُلِّ مربوب ولوازم لوازمه إلى آخرها.. فإنه ما من مخلوق إلا وهو مستلزم للخالق، والخالق مستلزم لصفاته التي منها علمه، وعلمه محيط بكل شيء.
فلو علمنا لوازمَ لوازمِ الشيءِ إلى آخرها.. لزم أن نعلم كلَّ شيءٍ وهذا ممتنعٌ من البشر.
فان الله - سبحانه وتعالى- هو الذي يعلم الأشياءَ كما هي عليه من غير احتمال زيادة، وأما نحن فما من شيء نعلمه إلا ويخفى علينا من أموره ولوازمه ما لا نعلمه".
ابن تيمية،الرد على المنطقيين، صـ 117
صـ 11
أما ابن تيمية فإنه نموذج من نماذج الفكر الإسلامي، الذي استطاع تمثُّل الحضارات السابقة دون أن يفقد هويته؛ ثم قام بنقدها.
...

لقد أراد ابن تيمية للإنسان المسلم أن يفكر بعقله ولا يدع أفلاطون أو أرسطو أو أفلوطين يفكرون له."

[محمود ماضي، جذور علم الاستغراب، وقفة مع الرد على المنطقيين لابن تيمية، ص5، 6.]
صـ 12 - 14

  • تكمُنُ مشكلة بعض زملائنا الذين تسرّبوا من مدرستنا السلفية في تَوَهُّمه أنه حين يكتب شيئاً ثقافياً؛ إنما يؤسس لمرحلة مهمة من تاريخ حياتنا الثقافية، وتظلُّ تُداعب خيالَه أسماءُ: الطهطاوي، والأفغاني، وقاسم أمين، ومحمد عبده، وعلي عبدالرازق، وأحمد لطفي السيد، وطه حسين... فيلقي في "شيئه الثقافي" هذا بعض الكلمات؛ عسى أن يهتدي إليها دارسو تراثه في المهرجان الذي سيقام بمناسبة الاحتفال بالمئوية الأولى لولادته!
  • وذلك كقول صاحبنا في مقدمة بحثه: "تتجاوز أهمية هذا البحث مجرد كونه عرضاً لموقف ابن تيمية من الفلسفة إلى توضيح آثار هذا الموقف على الواقع العلمي والثقافي في السعودية"، وقوله: "وحسبي أن أكون مهدت الطريق أمام هذه الدراسات، التي سيكون لها الأثر الكبير ليس على الفكر السلفي فقط، بل وعلى الفكر الإسلامي بصورة عامة".
[هامش صـ 13: في: الإمتاع والمؤانسة، لأبي حيان التوحيدي، 1/66: "..أول من أفسد الكلام أبو الفضل[ ابن العميد]، لأنه تخيّل مذهب الجاحظ وظن ّ أنه إن تبعه لحقه، وإن تلاه أدركه، فوقع بعيداً من الجاحظ، قريباً من نفسه؛ ألا يعلم أبو الفضل أن مذهب الجاحظ مدبَّرٌ بأشياء لا تلتقي عند كل إنسان، ولا تجتمع في صدر كلِّ أحد: بالطبع والمنشأ والعلم والأصول والعادة والعمر والفراغ والعشق والمنافسة والبلوغ؛ وهذه مفاتح قلما يملكها واحد، وسواها مغالق قلما ينفك منها واحد".
عن التوحيدي في بعض تراث ابن تيمية: عبد الأمير الأعسم، أبو حيان التوحيدي في كتاب المقابسات، صـ22. ]

  • هنا أسئلةٌ تتردد في ذهني كثيراً حين أرى بعض من فشلوا في مشروعهم السلفيِّ يعودون فيشغبون على مدرستنا:
  • - ما بالهم لا يذهبون إلى المدارس المجاورة فيقذفون نوافذهم بالحجارة كما يفعلون معنا؟
  • - أهي نظرية الثَّأْر التي تملكُ على الإنسان عقلَه فتُحيلَه إلى مَوْتورٍ يحمل سلاحه ويمشي يترنَّحُ به في الطرقات على غير هدى؟
  • - أشعورٌ بالنقص ينتاب هذه الأنفس كحال كلِّ من عَجَزَ عن تحقيق كمالٍ كان ينشُدُه؛ يحملها على أن تعْمَدَ في تفكيرها إلى شيءٍ من الشذوذ، حتى يكون لها نوعٌ من خصوصية الذات وتفرُّدها؟
  • - أم هي نشوة المعرفة المُتوهَّمة تمشَّتْ في عقول هؤلاء؛ فأرادوا للطُّهْر أن يشاركهم اللذة الأثيمة، بكأس المخرج الإباحي فاديم، على ألحان اغتراب الوجودي كافكا، لنشيد نيرودا الذي ترنَّم به قيفارا مع الرِّفاق في أحراش بوليفيا؟

صـ 22: أعلم من قراءتي هذا البحث أن كاتبه يظن أن حجم الإبداع يقاس بمُطلق الجرأة على الثوابت، وليس بالقيمة الفكرية التي تحملها هذه الجرأة، لذا لن أنزلق معه في مهوىً خطابيٍّ يضادُّ هذه الخطابية التي أنشأها، وهو الذي يزعم أنه يؤسس لمرحلة عقلية مهمة في تاريخ حياتنا الثقافية.

صـ 31 -32: - ماذا لو علمنا أن ابن تيمية قد ألّف مصنفاً قديماً يردّ به على المتكلم الرازي وهو دون الثلاثين من عمره؟ فما دام أنه درس الفلسفة لتكون له عضداً عقلياً.. فيكون قد درسها في العشرينات من عمره لا ريب.

قال ابن تيمية: «وقد بسطنا الكلام على ما زعمه هؤلاء من أن الاستدلال بالأدلة السمعية موقوف على مقدمات ظنية، مثل نقل اللغة والنحو والتصريف ونفي المجاز والإضمار والتخصيص والاشتراك والنقل والمعارض العقلي بالسمعي، وقد كنا صنفنا في فساد هذا الكلام مصنفاً قديماً من نحو ثلاثين سنة».


[درء تعارض العقل والنقل، 1/22.]

قال محمود الكردي: «يذكر ابن تيمية في كتابه «درء تعارض العقل والنقل» أنه صنف مصنفاً قديماً من نحو ثلاثين سنة.. فإذا كان الدكتور محمد رشاد سالم يرجح أن يكون كتاب «درء تعارض العقل والنقل» قد كتب بين سنتي (713-717).. معنى ذلك أنه يمكن أن نفترض أن كتابه الأول وضع وعمره عشرون سنة».
[أثر القرآن على منهج التفكير النقدي عند ابن تيمية، ص67. لو أخذنا سنة (717) على أعلى تقدير لوقت كتابته «الدرء»، وحذفنا من هذا التاريخ «نحواً من ثلاثين سنة»، يكون ابن تيمية المولود سنة (661)، قد ألف هذا الكتاب وهو دون الثلاثين بيقين. ]

صـ 36 - 37
- قال ابن تيمية: «وقد كنت في أوائل معرفتي بأقوال الفلاسفة بعد بلوغي بقريب، وعندي من الرَّغبة في طلب العلم، وتحقيق هذه الأمور، ما أوجب أني كنت أرى في منامي ابن سينا وأنا أناظره في هذا المقام، وأقول له: أنتم تزعمون أنكم عقلاء العالم وأذكياء الخلق، وتقولون مثل هذا الكلام الذي لا يقوله أضعف الناس عقلاً؟ وأورد عليه مثل هذا الكلام فأقول: العقل الأول إن كان واحداً من جميع الجهات فلا يصدر عنه إلا واحد، لا يصدر عنه عقل ونفس وفلك، وإن كان فيه كثرة، فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد، ولو قيل: تلك الكثرة هي أمور عدمية، فالأمور العدمية لا يصدر عنها وجود ..».
[ قال الكردي: «لقد بدأ تحصيله للفكر الفلسفي بداية مبكرة جداً حتى كون لنفسه فكرة عن الفلاسفة والمتكلمين وهو صبي في عمر البلوغ.. وهذا واضح باعترافه هو في مصنفه عن رد المنطق [ص24] فهو يقول: « وأذكر أني قلت مرة لبعض من كان ينتصر لهم (الفلاسفة والمتكلمين) من المشغوفين بهم ـ وأنا إذ ذاك صغيرٌ قريب العهد من الاحتلام ـ كل ما يقوله هؤلاء ففيه باطل إما في الدلائل وإما في المسائل..». أثر القرآن، ص67.]

صـ 49
- لست أزعم أن ابن تيمية لم يتطرق إليه الخطأ في بعض كلامه على الفلسفة اليونانية وفلاسفتها، فهو كغيره من العلماء يصيبه ما يصيبهم، لكن فرقٌ بين أفراد الأخطاء التي لا يسلم منها مؤلف؛ وبين الاتهام: «بالمعرفة المشوهة» الذي يسقطه الاطلاع على مجموع كلام ابن تيمية في الفلسفة.

صـ 59
- هل يظن صاحبنا أني أجَّرتُ عقلي له، يقسمني مع القراء في فريقين:
يقول لهذا الفريق: قل: كان ابن تيمية؛
فيردّ الفريق الآخر: ملفقاً نفعياً يأخذ من هذا فيردُّ به على هذا؟
إنه لم يورد في هذه المواضع كلها نصاً يستشهد به على ما ذهب إليه.

- الهدمُ أيسرُ من البناء لا شك، وأنا فأستطيع أن أُورد على صاحبنا شبهةً من الكلام يكلِّفه ردُّها ثلاث سنوات من البحث الجادّ، وحتى أكون صادقاً مع نفسي وصاحبي وقارئي؛ فإن الكلام في المنهج من أعقد مشكلات المعرفة، فكيف إذا كان عن ابن تيمية؟ بل كيف إذا كان عن منهج ابن تيمية في ردوده على الفلاسفة؟

فدراسة منهج ابن تيمية في ردوده على الفلاسفة تحتاج إلى:
1- دراسة تراث ابن تيمية في هذا الجانب بعناية.
2- دراسة ما يتّصل بهذا التراث من كتب ابن القيم فهي تشرحه وتتمِّمه.
3- دراسة ما يتصل بهذا المنهج من نظريات المعرفة.
4- دراسة المنهج في التراث الفلسفي خاصة.
5- دراسة مناهج أبرز الفلاسفة في ردودهم.

صـ62
- هل كان ابن تيمية إلا واحداً من العلماء؛ ليس ينفكُّ عن نظرية التراكم المعرفي وأثرِها في صياغة العقل الإنساني؟
وهذا المعنى هنا واحد من أعظم الفروق بين نتاج العقل التراكمي و «الوَحْي» المؤسِّس.
هذا الوحي الذي كان ابن تيمية عظيمَ الاحتفاء به، حتى إنه صارع هذا الصراع العقليَّ العنيفَ ليخضع عقولَ الفلاسفة الآبقة ويردَّها لسلطته.
أين هذا من عمل أذلِّ عقلٍ في تاريخنا الحضاري؛ ابن رشد، وهُوَ يقول عن متألَّهه أرسطو: «إن مؤلف هذا الكتاب هو أعقل اليونان، أرسطوطاليس بن نيقوماخس، الذي وضع علوم المنطق والطبيعيات وما بعد الطبيعة وأكمَلها، وقد قلتُ: إنه وضعها، لأن جميع الكتب التي أُلِّفت قبله عن هذه العلوم لا تستحق جُهد الحديث عنها، ولأنها توارتْ بمؤلفاته الخاصة، وقد قلت: إنه أكملها، لأن جميع الذين خلفوه حتى زمننا، أي في مدة خَمسَةَ عَشر قرناً، لم يستطيعوا أن يضيفوا شيئاً إلى مؤلفاته أو أن يجدوا فيها خطأً ذا بال، والواقع أن جميع هذا اجتمع في رجل واحد، وهذا أمرٌ عجيبٌ خارق للعادة، وهو إذ امتاز على هذا الوجه يستحق أن يدعى إلهيًّا أكثر من أن يدعى بشرياً، وهذا ما جعل الأوائل يسمُّونه إلهيًّا»!
[ ولزينب الخضيري: «لقد فعل ابن رشد لأرسطو مالم يفعله المؤلفون المسلمون إلا للقرآن ». أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى، ص7.]

صـ69، 70
- الحول الفكري
أعلمُ أن المؤلف حين يكتب فهو يقول: هاؤم عقلي فانظروا فيه، وأنا قد نظرتُ فوجدت شيئاً يشبه العقل وما هو به:
لأنه من العقل إذا ما أردت أن تقوّض مدرسة من المدارس؛ أن تعمد إلى ضعيف ممن يمثِّل هذه المدرسة فتفترسه..
لا أدري ما الذي صرف صاحبنا عن هذه الخطة؟ أمّا أن يبتلى فيُجادِل في العلم واحداً من أكبر العلماء في تاريخ العلم، ويجالِده بعدُ في الفهم؛ فهذه والله ورطة ما أعدّ لها صاحبنا عدّتها.
ومن أراد أن يجادِل ويجالِد ابنَ تيمية في العلم والفهم، فعليه أن يكون حذراً غاية الحذر من أن يجادَل ويجالَد، فيراجع علمه مرّات، ويعود على فهمه بالتهمة كرّات.
والحقُّ أنه ليس «يَغُضُّ» من قيمة عالم متماسك البنيان المعرفي عندي؛ أَنْ جَهِل ونسي هنا، أو أخطأ هناك، لأن المعرفة المطلقة التامة مستحيلة، فأفراد العلوم لا تتناهى، ولأن الإنسان مهما بلغ من العلم والفهم فإنه يجري عليه من الخطأ والغفلة ما هو من لازم كونه إنساناً.
فما جئتُ هنا لأقول: إن ابن تيمية لا يغلط كحال من لا أحبُّ له أن يقول ذلك، لكن جئتُ لأقول: إن شهوة النقد ضربتْ عقل صاحبنا فأصابته بالحَوَل الفكريِّ فلا حَوْل ولا قوّة إلا بالله!

صـ 79
- لو أن البحث الذي بين يديَّ عملٌ علميٌّ متماسك، فيه أصالةُ رأي، ودقة فهم، وسعة اطلاع؛ لما «غَضَّ» من قيمته عندي أن أخطأ كاتبه هنا، أو وهم هناك.. لكن أن يكون البحث بمثل هذه الضّحالة العلمية الفاضحة، وهذا العمل العقليّ المخجل، ثم يزيد صاحبه الطين بِلَّةً بهذه الجرأة على علم ابن تيمية وفهمه؛ فإن أخطاءه وأوهامه مما كان قال فيها الطناحي: «لا أقول كما يقول بعض المناقشين إن هذه الملحوظات لا تَغُضُّ من قيمة الرسالة، بل «تَغُضُّ وسِتِّين تَغُضُّ»!

صـ 81، 82
- [قال صاحبنا]: «نصير الدين الطوسي ...الفيلسوف الكبير».
نصيرالدين الطوسي: «الفيلسوف الكبير»، وأما ابن تيمية فلم يكن يفهم في الفلسفة شيئاً.
عبدالأمير الأعسم، الفيلسوف نصيرالدين الطوسي، مؤسس المنهج الفلسفي في علم الكلام الإسلامي، ص23، ص25.
وفيه ص41: «ومن هنا اختصه هولاكو به فأكرمه «غاية الإكرام» كما يشير إلى ذلك البحراني والخوانساري، ولم يمر وقت طويل على هذه الصلة التي أثارت في نفس النصير سعادة المطمئن بعد أن لاذ بالوحش من الوحش نفسه، أن أعلن بشكل رسمي أنه شيعي (اثنا عشري)؛ فأزاح عن وجهه قناع التقيّة التي لازمته طوال ثمانية وعشرين عاماً في قلاع الإسماعيلية، وكان ذلك الإعلان المدهش في الرابع عشر من شوال سنة 654هـ.. ليصبح فيما بعد الزعيم العقلي للفكر الشيعي بلا منازع حتى يومنا هذا، والفيلسوف الشيعي الأول الذي يفخر به التراث الشيعي بكامله».
وهذا يردُّ قولَ جمالِ الدِّين القاسميِّ - وهو غفر الله له ذو أغلاط تستغرب من مثله - في سانحة له:
«لا عبرة برمي شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأمثالهما - رحمهم الله تعالى - بالإلحاد مثل النصير الطوسي .. فالنصير قد علم أن له مؤلفات في فن الكلام، خدمت وشرحت وكلها مما يبرئه عن الإلحاد والزندقة، ودعوى أنه كان محرضا هولاكو على قتل العلماء، دعوى من لم يعرف سنة الملوك المتغلبين، المندفعين على البلاد للأسر والقتل. وأين نصير الدين من هولاكو، حتى يكون مستشارَه في القتل والسفك وعقيدته ومشربه؟ وترجمته المحفوظة تبرئه من مثل ذلك!».
ظافر القاسمي، جمال الدين القامسي وعصره، صـ 273

صـ 94، 95
- قال ابن تيمية: «لما كنت بالإسكندريّة اجتمع بي مَنْ رأيتُه يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد، فذكرتُ له بعضَ ما يستحقونه من التجهيل والتضليل، واقتضى ذلك أني كتبتُ في قعدة بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ما علّقتُه تلك الساعة، ثم تعقّبتُه بعد ذلك في مجالس إلى أن تمّ. ولم يكن ذلك من همّتي، فإن همّتي إنما كانت فيما كتبتُه عليهم في «الإلهيات». وتبين لي أن كثيراً مما ذكروه في أصولهم في الإلهيات وفي المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات .. فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق، فأذنتُ في ذلك، لأنه يفتح باب معرفة الحق، وإن كان ما فُتح من باب الردّ عليهم يحتمل أضعاف ما علّقتُه تلك الساعة». [الرد على المنطقيين، ص45.]
- «كتبتُ في قعدة بين الظهر والعصر .. ولم يكن ذلك من همّتي»...
كان صاحبنا قد قال في مقدمة بحثه: «تتجاوز أهمية هذا البحث مجرد كونه ..» وقال: «وحسبي أن أكون مهدت الطريق أمام هذه الدراسات..»؛ زائرٌ ينصب خيمةً قديمةً وسط ناطحات السحاب في نيويورك، ثم يذهب يتحدَّث ـ بلا خَجلٍ ـ عن شيءٍ يشبه بداية تأسيس الهندسة المعماريّة!
إنك فشلت في أن تكون مشروعَ شيخٍ في الإسلام، وتريد ـ ويْحَكَ ـ أن تَنْقُضَ شيخَ الإسلام كلِّه..

صـ 99
- كثُر حديث المتحدِّث عن: «الانفتاح العالمي» وأثرِه في الصحوة الإسلامية، لكن قلّ الحديث عن أثر هذا الانفتاح العالمي في: «انتكاسات الصحوة».
..
وأما اليوم؛ فثمَّ ـ مع الشهوة ـ تلوُّثٌ فكريٌّ، وجماحٌ عقليٌّ غالب، وشططٌ بالغ السوء

صـ 100
- العقل الغربيّ بمنهاجه ليس أقدَرَ على الدَرْس الحضاري من عقلٍ بمنهاجٍ سَلفيٍّ.
- ونحن، نعم نحن: متى ندرك أن سرعة تغيّر الأفكار من خصائص العقل الناشئ، وأننا إن لم نحرص على هذه العقول تخَطَّفتْها عصاباتُ المعرفة فأحدثتْ بها عاهاتٍ فكرية؛ ثم أعادتها لتتسوّل بها على حسابنا!
______
والحمد لله رب العالمين
 
(الهادي والهاذي)...(ميراث الصمت والملكوت)...(ثورة على بؤس الطين) ... شيخ عبد الله ما حكايتك مع اختيار العنوان لكتابٍ أو مقال؟
ج9: أهتم كثيرا للعنوان .. وكم مرة لم أواصل كتابة مقالة أو خاطرة لأني لم أجد العنوان المتألق ، وهذا من أشد عيوبي في الكتابة ، لأني أفكر في العنوان قبل الكتابة أو في بدايات الكتابة ، وإنما الحسَن هنا أن يكمل الكاتب ما يكتبه والعنوان يأتي بعد ..
ومن الطريف هنا : أني كنت أقرأ للشيخ محمود شاكر كلمة ارتجلها في حفل أقامته مؤسسة الفرقان صدرها بقول أبي العلاء :
من يبغ عنديَ نحوا أو يرد لغةً *** فما يساعف من هذا ولا هذي
يكفيك شرا من الدنيا ومنقصةً *** ألا يبين لك الهادي من الهاذي
فقلت في خاطري : ما أجمل هذه المقابلة بين "الهادي والهاذي" وما أحراها أن تكون عنوانا لكتاب .. قلت ذلك قبل سنوات من تأليف كتابي ، فلما شرعت في تأليفه كان هذا العنوان حاضرا في ذهني .
وكم من عنوان أضر بالكتاب أو المقالة ، فلا بد من الاعتناء بالعنوان ، والابتعاد عن المبتذل منها والذي ما عاد يصلح لذوق زماننا : كالصواعق والبروق ، وكلِّ ما يحدث في السماء وقت المطر !
كان الشاعر الروائي الأرجنتيني بورخيس –هو أحد أكبر القراء في القرن العشرين- يقول: إن أجمل عنوان لكتاب هو : ألف ليلة وليلة .. وصدق ففي هذا العنوان ما يشبه السحر ، لا يوجد عنوان في روعته في كل عنوانات الكتب التي قرأتها إن في اللغة العربية أو فيما ترجم إليها ..
ومن أجمل عنوانات الكتب التي قرأتها في المكتبة العربية :
1-اليواقيت في ذكر من لقيت .
2-وحدي مع الآخرين .
3-تلك العتمة الباهرة .
4-الأيام .
5-رسالة الغفران .
6-البصائر والذخائر .
وكان لأبي العلاء المعري ولأبي حيان التوحيدي اهتمام بعنوان الكتاب وعبقرية في اختياره .. وقد قرأت لأحد النقاد أن أول من أطلق على دواوينه أسماءً بأعيانها هو المعرّي فيما سمّاه من سقط الزند ، ولزوم ما لا يلزم .. وإنما كانوا يقولون : ديوان فلان أو شعر فلان ، وهذه فائدة عزيزة .
أطلت هنا لطرافة الموضوع وقلة الحديث عنه .
المصدر:
لقاء ماتع مع المثقف عبد الله الهدلق("لست وحدك من يحلم يا مارتن"...
 
عودة
أعلى