فوائد قرآنية ( الحلقة الأولى )

إنضم
25/04/2003
المشاركات
264
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
السعودية
فوائد قرآنية ( الحلقة الأولى )
الفائدة الأولى :
لم يجيء إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار :
كقوله تعالى :{ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا } وقوله : { وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا } وقوله :{ فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين } وقوله : {إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين } [ مجموع الفتاوى ، لابن تيمية ( 15 / 366 ) ]
الفائدة الثانية :
الفرق بين مغفرة الذنوب ، وتكفير السيئات في القرآن الكريم :
حيثما وردت الذنوب في القرآن فالمراد بها الكبائر ، وحيثما وردت السيئات فالمراد بها الصغائر .
وعند التأمل في آيات القرآن الكريم نجد : أن لفظ ( المغفرة ) يرد مع الذنوب ، ولفظ ( التكفير ) يرد مع السيئات ، قال تعالى : { رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} [ آل عمرا : 193 ] وذلك لأن لفظ المغفرة يتضمن الوقاية والحفظ ، ولفظ التكفير يتضمن الستر والإزالة .
والدليل على أن السيئات هي الصغائر ، والتكفير لها : قوله تعالى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } [ النساء : 31 ] [ مدارج السالكين ( 1 / 317 ) ] .
الفائدة الثالثة :
ورد في القرآن الكريم { يغفر لكم ذنوبكم } و { يغفر لكم من ذنوبكم }
والفرق بين الأسلوبين :
أنه حيثما كان الخطاب في الآية من المؤمنين أو للمؤمنين ؛ فإن التعبير يكون بلفظ { يغفر لكم ذنوبكم } لأن المؤمن إذا استغفر الله غفرت له جميع ذنوبه .
وحيثما كان الخطاب في الآية للكافرين ؛ فإن التعبير يكون بلفظ : { يغفر لكم من ذنوبكم } ، وذلك لأن الكافر لا تغفر جميع ذنوبه وهو متلبس بكفره . [ بدائع الفوائد ( 2 / 53 ) ]
الفائدة الرابعة :
حيثما ورد نداء المؤمنين في القرآن الكريم ضمن لفظ الألوهية ، كقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ } وذلك لأن المؤمن مقر بتوحيد الألوهية .
وحيثما ورد نداء الناس في القرآن الكريم فالغالب تضمينه لفظ الربوبية ، كقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ } وقوله : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ } وذلك لأن لفظ ( الناس ) عام يدخل فيه المؤمن والكافر ، والكفار أغلبهم مقر بتوحيد الربوبية دون الألوهية .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
جزاك الله خيراً يا أخي الكريم الشيخ أحمد على هذه الفوائد الثمينة ، ونشكرك على تكرمك بالانضمام إلينا ، وننتظر منكم بحوث جادة تطرح للنقاش بإذن الله ففكر من الآن فصاعداً في ملتقى أهل التفسير ، واقتنص الفوائد والشوارد وأشركنا معك فيها ، فالعلم رحم بين أهله. وفقك الله وبارك فيك.
 
نشكر الأخ أحمد على هذه الفوائد / وهنا توضيح حول الفائدة الثالثة حيث ذكر حفظه الله أن ماورد من قول الله تعالى ( ويكفر عنكم سيئاتكم ) فهي للمؤمنين ، وقد ورد في سياق الخطاب عن المؤمنين في سورة البقرة ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتوؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكقر عنكم من سيئاتكم ) والسر في ذلك كما ذكر المفسرون أن الصدقات لاتكفر السيئات كلها ولذا قال (من سيئاتكم ) ، والله أعلم .
 
أخي الشيخ أحمد جزاك الله خيرا على هذه الفوائد وننتظر المزيد .

أشكل علي في الفائدة الثالثة :(وحيثما كان الخطاب في الآية للكافرين ؛ فإن التعبير يكون بلفظ : { يغفر لكم من ذنوبكم } ، وذلك لأن الكافر لا تغفر جميع ذنوبه وهو متلبس بكفره ).

وذلك لأن الكافروهو متلبس بكفره لا يغفر له أي ذنب فلا تنطبق عليه هذه الاية .

فلعل للتفريق وجها آخر .
 
تعليقاً على الفائدة الثالثة وعلى ما استشكله أحد الأخوة حول قولي : إن الكافر لا تغفر جميع ذنوبه وهو متلبس بكفره ، أسوق كلام الزركشي في هذه المسألة حتى ينحل الإشكال ، قال الزركشي رحمه الله تعالى : فإن قيل : فإذا غفر للبعض كان البعض الآخر معاقبا عليه ، فلا يحصل كمال الترغيب في الإيمان إلا بغفران الجميع .
وأيضا : فكيف يحسن التبعيض فيها مع أن الإسلام يجب ما قبله ، فالجواب من وجوه :
1- أن الكافر إذا آمن فقد بقي عليه ذنوب ، وهي مظالم العباد ، فثبت التبعيض بالنسبة للكافر .
2- أن قوله : ( ذنوبكم ) يشمل الماضية والمستقبلة ، فإن الإضافة تفيد العموم فقيل ( من) لتفيد أن المغفور الماضي ، وعدم إطماعهم في غفران المستقبل بمجرد الإسلام حتى يجتنبوا المنهيات . أ.هـ [ البرهان ( 4 / 362 – 364 ) ( طبعة دار المعرفة ، تحقيق يوسف المرعشلي ) ] .
 
فوائد رائعة .

فوائد رائعة .

بارك الله في علمك ، ونفع بك.
أرجو المتابعة على هذا المنوال ، فذي فوائد قيمة ، كلنا بحاجة إلى استظهارها .
 
ألا يمكن أن يقال : إن قوله تعالى : { يغفر لكم ذنوبكم } في حق أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { يغفر لكم من ذنوبكم } في حق الأمم السابقة ؟

والجوابات التي ذكرها الزركشي لا تخلو من إشكال .
 
قال نوح صلى الله على نبينا وعليه وسلم: يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِين ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ....)
هؤلاء ارتكبوا ذنوبا عن جهالة (كانوا يجهلون أنها عمل قبيح لا يرضي الله ) حتى جاء نوح بشرع الله فتبين لهم أنه من عمل الشيطان، هذه ذنوب يغفرها الله لهم إن تابوا منها.
وهناك ذنوب أخرى يعلم الإنسان أنها ظلم وعمل إجرامي قبيح ومع ذلك تسول له نفسه ارتكاب الجريمة، فقاطع الطريق الذي يسلب الناس متاعهم هل يحتاج إلى رسول من الله ليقول له إنه عمل غير صالح؟
إذن فهؤلاء ارتكبوا ذنوبا بجهالة وذنوبا أخرى عن علم أنها جرائم وظلم وأعمال قبيحة. فأي من هذه الذنوب التي تغتفر بالتوبة؟
إنها الذنوب التي ارتكبت بجهالة ، أما الذنوب المتعمدة فهي تحتاج إلى كفارة.
إذن (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ= ليست كل الذنوب وإنما يغفر منها فقط التي ارتكبت بجهالة.
 
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ.)
أخذهم الله بذنوبهم تعني أخذهم متلبسين بذنوبهم.
مثلا : مجرم له سوابق إجرامية أطلق سراحه ثم سمع عنه أنه عاد لتجارة المخدرات .
هل تكتفي الشرطة بشهادة من أبلغ عنه أم تنصب له كمينا لتلقي عليه القبض وهو متلبس بالجريمة؟
لو اكتفت الشرطة فقط بشهادة فاعل الخير المبلغ عن المجرم لأنكر المجرم ولادعى أنه تاب، أما لو نصبت له كمينا وألقت عليه القبض متلبسا بجريمته فتلك هي الحجة بالحق.
كذلك الله تعالى يأخذ المجرمين متلبسين بذنوبهم ، وقد كان الكمين الذي نصب لقوم لوط هو إرسال ملائكة على هيئة رجال حسان المظهر مما يشتهي قوم لوط ، فجاء قوم لوط يهرعون إلى الشراك الذي نصب لهم فأخذهم الله متلبسين بذنبهم.
وكذلك آل فرعون أغرقهم الله وهم متلبسين بذنوبهم ، وذنبهم هو مطاردتهم لبني إسرائيل لمنعهم من الخروج مع موسى عليه السلام ، وقد كان أمر الله لموسى وأخيه هارون هو : فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.

هذا هو الهدف الأساسي لرسالة موسى عليه السلام إلى فرعون لتخليص قومه من فرعون .
فلما رفض فرعون أمر الله وسعى إلى مطاردة بني إسرائل بالفعل لإهلاكهم أخذه الله متلبسا بمطاردته لبني إسرائيل.
 
عودة
أعلى