فوائد فقهية وأصولية من من قصة المقتول وذبح البقرة (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)

إنضم
12/04/2007
المشاركات
167
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
فوائد مختصرة ومنقولة من أحكام القرآن للجصاص ، قال رحمه الله :
إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا- إلى قوله- وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها] إلى آخر الآية.
قال أبو بكر في هذه الآيات وما اشتملت عليه من قصة المقتول وذبح البقرة ضروب من الأحكام والدلائل على المعاني الشريفة فأولها :
- أن قوله تعالى [وإذ قتلتم نفسا] وإن كان مؤخرا في التلاوة فهو مقدم في المعنى على جميع ما ابتدأ به من شأن البقرة لأن الأمر بذبح البقرة إنما كان سببه قتل النفس وقد قيل فيه وجهان أحدهما أن ذكر القتل وإن كان مؤخرا في التلاوة فهو مقدم في النزول والآخر أن ترتيب نزولها على حسب ترتيب تلاوتها ونظامها وإن كان مقدما في المعنى لأن الواو لا توجب الترتيب كقول القائل اذكر إذ أعطيت ألف درهم زيدا إذ بنى داري والبناء مقدم على العطية والدليل على أن ذكر البقرة مقدم في النزول. قوله تعالى [فقلنا اضربوه ببعضها]فدل على أن البقرة قد ذكرت قبل ذلك ولذلك أضمرت ونظير ذلك قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام بعد ذكر الطوفان وانقضائه [قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل] ومعلوم أن ذلك كان قبل هلاكهم لأن تقديم الكلام وتأخيره إذ كان بعضه معطوفا على بعض بالواو غير موجب ترتيب المعنى على ترتيب اللفظ



- وقوله [إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة] قد دل على جواز ورود الأمر بذبح البقرة بقرة مجهولة غير معروفة ولا موصوفة ويكون المأمور مخيرا في ذبح أدنى ما يقع الاسم عليه وقد تنازع معناه الفريقان من نفاة العموم ومن مثبتيه.
- والثاني أن الأمر على الفور وأن على المأمور المسارعة إلى فعله على حسب الإمكان حتى تقوم الدلالة على جواز التأخير.
- والثالث جواز ورود الأمر بشيء مجهول الصفة مع تخيير المأمور في فعل ما يقع الاسم عليه منه.
- والرابع وجوب الأمر وأنه لا يصار إلى الندب إلا بدلالة إذ لم يلحقهم الذم إلا بترك الأمر المطلق من غير ذكر وعيد.
- والخامس جواز النسخ قبل وقوع الفعل بعد التمكن منه وذلك أن زيادة هذه الصفات في البقرة كل منها قد نسخ ما قبلها لأن قوله تعالى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة اقتضى ذبح بقرة أيها كانت وعلى أي وجه شاءوا وقد كانوا متمكنين من ذلك فلما قالوا [ادع لنا ربك يبين لنا ما هي] فقال [إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون] نسخ التخيير الذي أوجبه الأمر الأول في ذبح البقرة الموصوفة بهذه الصفة وذبح غيرها وقصروا على ما كان منها بهذه الصفة وقيل هم افعلوا ما تؤمرون فأبان أنه كان عليهم أن يذبحوا من غير تأخير على هذه الصفة أي لون كانت وعلى أي حال كانت من ذلول أو غيرها فلما قالوا [ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها] نسخ التخيير الذي كان في ذبح أي لون شاءوا منها وبقي التخيير في الصفة الأخرى من أمرها فلما راجعوا نسخ ذلك أيضا وأمروا بذبحها على الصفة التي ذكر واستقر الفرض عليها بعد تغليظ المحنة وتشديد التكليف وهذا الذي ذكرنا في أمر النسخ دل على أن الزيادة في النص بعد استقرار حكمه يوجب نسخه لأن جميع ما ذكرنا من الأوامر الواردة بعد مراجعة القوم إنما كان زيادة في نص كان قد استقر حكمه فأوجب نسخه.
- والسادس دلالة قوله [لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك] على جواز الاجتهاد واستعمال غالب الظن في الأحكام إذ لا يعلم أنها بين البكر والفارض إلا من طريق الاجتهاد.
- والسابع استعمال الظاهر مع تجويز أن يكون في الباطن خلافه بقوله [مسلمة لا شية فيها] يعني والله أعلم مسلمة من العيوب بريئة منها وذلك لا نعلمه من طريق الحقيقة وإنما نعلمه من طريق الظاهر مع تجويز أن يكون بها عيب باطن.
- والثامن ما حكى الله عنهم في المراجعة الأخيرة [وإنا إن شاء الله لمهتدون] لما قرنوا الخبر بمشيئة الله وفقوا لترك المراجعة بعدها ولوجود ما أمروا به وقد روي أنهم لو لم يقولوا إن شاء الله لما اهتدوا لها أبدا ولدام الشر بينهم وكذلك قوله [وما كادوا يفعلون] فأعلمنا الله ذلك لنطلب نجح الأمور عند الإخبار عنها في المستقبل بذكر الاستثناء الذي هو مشيئة الله وقد نص الله تعالى لنا في غير هذا الموضع على الأمر به في قوله [ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله] ففيه استعانة بالله وتفويض الأمر إليه والاعتراف بقدرته ونفاذ مشيئته وأنه مالكه والمدبر له.
- والتاسع دلالة قوله [أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين] على أن المستهزئ يستحق سمة الجهل لانتفاء موسى عليه السلام أن يكون من أهل الجهل بنفيه الاستهزاء عن نفسه ويدل أيضا على أن الاستهزاء بأمر الدين من كبائر الذنوب وعظائمها لولا ذلك لم يبلغ مأثمه النسبة إلى الجهل
- وفي هذه القصة سوى ما ذكرنا حرمان ميراث المقتول روى أبو أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني أن رجلا من بني إسرائيل كان له ذو قرابة وهو وارثه فقتله ليرثه ثم ذهب فألقاه على باب قوم آخرين وذكر قصة البقرة وذكر بعدها فلم يورث بعدها قاتل وقد اختلف في ميراث القاتل.
 
عودة
أعلى