فوائد بين يدي اختلاف المصاحف

إنضم
10/08/2010
المشاركات
295
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الفائدة الأولى : موافقة القراءة لرسم المصحف
موافقة القراءة لرسم المصحف واجبة وهي ركن لا بدّ من توفره في القراءة حتى تصح العبادة بها . وهي على قسمين :
الأوّل : الموافقة الحقيقية , إذا وافق اللفظ الرسم وتطابق معه كنحو قراءة {ملك}بقصر الميم و{جنت} بالإفراد وصلا وبالإفراد والتاء وقفا ... وأغلب القراءة والرسم من هذا القبيل
الثاني : الموافقة الاحتمالية , إذا وافق اللفظ الرسم لكن باحتمال وجها من أوجه الرسم الاصطلاحي ( مخالفة الرسم للفظ يسمى رسما اصطلاحيا وموافقته له يسمى قياسيا) , وأوجه الرسم الاصطلاحي في مصحف الإمام ستة هي :
1. الحذف : كقراءة {العلمين} بمدّ العين و {الرحمن} بمد الميم
2. الزيادة : كقراءة {أوْلئك } بقصر الهمزة الأولى رغم أنّ واوا رسمت بعدها
3. الإبدال : كقراءة {الصلوة} بالألف بعد اللام بدل الواو
وأغلب الموافقة الاحتمالية إنّما تتعلق بهذه الأوجه الثلاثة
4. الفصل : كنحو {ولات حين} بفصل التاء عن {حين}
5. الوصل : كنحو {ألـّن } و { عمـّا }
والمتعلق بهذين الوجهين إنّما هو وصل القراءة ووقفها والله أعلم ...
ويمكننا إضافة نوعا آخر من أنواع الموافقة هي ما اصطلحوا عليه بالموافقة الحكمية ... لها علاقة بمجموع المصاحف لا بآحادها (كما في النوعين الأوّل والثاني الموافقة الحقيقية والاحتمالية)
فموافقة مصحف واحد من مصاحف الأمصار عراقيا كان أو بصريا أو حجازيا كافٍ لاعتباره موافقا لرسم الإمام سواء عنوا بالإمام مصحف عثمان رضي الله عنه أو كلّ مصحف نسخ منه
 
الفائدة الثانية : موافقة القارئ لمصحف بلده أمر غالب لا واجب

الفائدة الثانية : موافقة القارئ لمصحف بلده أمر غالب لا واجب

ادّعاء أنّ كلّ قارئ إنّما اتّبع مصحف بلده (المدينة مكة الشام العراق ) والتزم رسمه غير صحيح لا يتعداه غير صحيح ...
الأدلة والأمثلة على بطلان هذا الزعم كثيرة اكتفي بذكر بعضها :
1. {المنشـات}(المنشئات) الرحمن24 رسمت في المصاحف العراقية بياء بعد الشين رغم أنّ قراءة أبي عمرو البصري والكسائي وعاصم بخلف عنه ـ وكلّهم من قراء العراق ـ بفتح الشين مخالفين رسم المصاحف العراقية
2. {وما عملت أيديهم } يس35 رسمت في الكوفي بحذف الهاء وفي غيرها بإثباتها رغم أنّ رواية حفص عن عاصم بالهاء {وما عملته أيديهم}
3. الأحرف التي اتفقت على رسمها المصاحفُ واختلفت فيها المقارئُ نحو {الصراط} {ننسها} {يبصط} {بصطة} استدل بها الأستاذ إبراهيم المارغني على بطلان هذا الزعم قال رحمه الله : (...لا تصحّ دعوى أنّ كلّ مقرئ له مصحف يوافقه صريحا وكيف تصح دعوى ذلك وكثير من المواضع اتفقت فيها المصاحف واختلفت فيها المقارئ كما قدمنا في نحو : الصراط و ننسها و بضنين ...)
وممّن نصّ على هذه الفائدة وأشار إليها الإمام الجعبري في جميلته1 وفي مواضع من كتابه كنز المعاني

الهوامش :
1 ـ (جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد ) شرح فيها رائية الشاطبي في الرسم
 
الفائدة الثالثة : أنواع الاختلاف بين المقارئ والمصاحف

الفائدة الثالثة : أنواع الاختلاف بين المقارئ والمصاحف

الحالة الأولى : اختلاف المقارئ واختلاف المصاحف ولكن لكلّ قراءة مصحف يوافقها ...
انظر خمسة وخمسين موضعا اختلفت فيها المصاحف واختلفت القراءات تبعا لاختلاف المصاحف على هذا العنوان http://vb.tafsir.net/showthread.php?p=120094
ومثاله : {وسارعوا } {سارعوا} (آل عمران 133) في مصاحف المدينة والشام بغير واو وفي غيرها من المصاحف بالواو {إبرهيم} {إبرهم} (البقرة 124)في المصاحف الحجازية بإثبات الياء وفي العراقية والشامي بدونها
في حرف آل عمران قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بدون واو والباقون بإثباتها , فكلّ قراءة وافقت رسم مصحف من المصاحف موافقة حقيقية وخالفت الرسم الآخر
وفي حرف البقرة قرأ ابن عامر بخلف عنه بفتح الهاء وألف بعدها والبقية بكسرها ومدّها , فقراءة الجماعة وافقت الرسم الذي اعتمد الحذف وقراءة ابن عامر وافقت رسم الإثبات حقيقة ورسم الحذف احتمالا
الحالة الثانية : اختلاف المقارئ واتفاق المصاحف على مَقرئٍ واحدٍ
أمثلة : {فخراج ربّك خير} المومنون 72 قرأ ابن عامر بسكون الراء دون ألف والباقون بفتحها وألف بعدها والمصاحف جميعها أثبتت الألف بعد الراء موافقة بذلك قراءة الجماعة موافقة حقيقية بينما ابن عامر إنّما يوافقها موافقة احتمالية على وجه الزيادة . قال أبو داود في التنزيل : ولا أعلم حرفا اختلف القراء في حذفه وإثباته واجتمعت المصاحف على إثباته غير هذا . اهـ
{الظنونا} الأحزاب 10 قرأ بعضهم بإثبات الف الظنونا في الحالين (الوقف والوصل) وبعضهم يحذفها في الحالين والبعض يثبتها في الوقف دون الوصل وجميع المصاحف أثبتت الألف ....
الحالة الثالثة : اختلاف المقارئ واتفاق المصاحف مع احتمال موافقة الجميع
ومثال ذلك في المصحف الشريف كثير ...كاختلافاتهم في الهُمز واختلافهم في الخطاب والغيب والراء والزاي ونحوها
{اشهدوا} توافق : أشهدوا بتحقيق همزة واحدة كما توافق أءشهدوا بتحقيق همزتين وأ.شهدوا بالتسهيل وأا.شهدوا بالتسهيل والإدخال... و{تعملون} و{يعملون} ,{ننشرها} و{ننشزها}....إلخ ...
الحالة الرابعة : اتفاق القراءات وإجماع المصاحف على خلافها
فالقراء مجمعون على مدّ {الرحمن} والمصاحف مجمعة على حذف الألف بعد الميم ومثله {العلمين}
ملحوظة 1 :
إذا اختلفت المصاحف لا بدّ أن تختلف القراءات ... واختلاف القراءات لا يقتضي ولا يلزم منه اختلاف المصاحف ..
.لماذا ؟ لأنّ الصحابة رضي الله عنهم إنّما عمدوا إلى أحرف فخالفوا في رسمها بين المصاحف لتعدد قراءتها وعدم إمكانية الجمع بين هذه القراءات في مصحف واحد فاختلاف المصاحف سببه اختلاف القراءات والأحرف أما اختلاف القراءات فليس سببه اختلاف المصاحف دائما ... والله أعلم بالحق والصواب وهو سبحانه وتعالى يهدي سواء السبيل...
ملحوظة 2 :
المخالفة بين القراءات والمصاحف المذكورة أعلاه يقصدون بها اختلاف المطابقة وإلاّ فإنّ القراءة لا بدّ لها من موافقة الرسم ولو احتمالا كما قدمنا ... وانظر للأمثلة التي ساقوها لبيان هذا الاختلاف إنّما هي اختلاف المطابقة لا غير
فخراج , الظنونا : توافق بعض القراءات موافقة حقيقية وأخرى موافقة احتمالية على وجه الزيادة
الرحمن و العلمين : توافق بعض القراءات موافقة حقيقية وأخرى احتمالية على وجه الحذف
 
أمثلة : {فخراج ربّك خير} المومنون 72 قرأ ابن عامر بسكون الراء دون ألف والباقون بفتحها وألف بعدها والمصاحف جميعها أثبتت الألف بعد الراء موافقة بذلك قراءة الجماعة موافقة حقيقية بينما ابن عامر إنّما يوافقها موافقة احتمالية على وجه الزيادة . قال أبو داود في التنزيل : ولا أعلم حرفا اختلف القراء في حذفه وإثباته واجتمعت المصاحف على إثباته غير هذا . اهـ

قال الإمام السخاوي رحمه الله:
" وقد رأيت أنا في المصحف العتيق الشامي الذي ذكرته فيما تقدم (فخرج) بغير ألف.
ولقد كنت قبل رؤية ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم، ويسقطها في قراءته، حتى رأيت هذا المصحف، فعلمت أن إطلاق القول بأنها في جميع المصاحف (فخراج) ليس بجيد، ولا ينبغي لمن لم يطلع على جميعها دعوى ذلك". (الوسيلة إلى كشف العقيلة، ص 178).
 
مداخلة الأخ محمد أحمد الأهدال:
قال الإمام السخاوي رحمه الله:
" وقد رأيت أنا في المصحف العتيق الشامي الذي ذكرته فيما تقدم (فخرج) بغير ألف.
ولقد كنت قبل رؤية ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم، ويسقطها في قراءته، حتى رأيت هذا المصحف، فعلمت أن إطلاق القول بأنها في جميع المصاحف (فخراج) ليس بجيد، ولا ينبغي لمن لم يطلع على جميعها دعوى ذلك". (الوسيلة إلى كشف العقيلة، ص 178).
بارك الله فيك أخي الكريم وجزاك الله خير الجزاء على الفائدة ...
فقد عدتُ إلى الوسيلة [دار الصحابة ص177 , 178] حيث أورد نصّ الإمام الداني في المقنع وهو قول الشاطبي كذلك
أنّ جميع المصاحف أوردت هذا الحرف بإثبات الألف ... فليس القول قول أبي داود وحده ...ولكن المثبت مقدم على النافي والزيادة من الثقاة مقبولة ومن رأى حجة على من لم يرى...
لكن أخي الكريم أردت أن أستوقفك ومن يتصفح هذه المداخلة على قول الإمام السخاوي رحمه الله :"...لقد كنت قبل ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم , ويسقطها في قراءته ..."
يقرأ ابن عامر هذا الحرف بإسكان الراء .
لماذا العجب يا شيخ وقراءة ابن عامر موافقة لرسم المصاحف المثبتة للألف موافقة احتمالية على وجه الزيادة ؟
هل هناك وجه آخر للاستعجاب والاستغراب قصده الإمام السخاوي غير هذاالظاهر الذي فهمناه ـ ربما يكون قد خفي علينا ـ ؟
 
بارك الله فيك أخي الكريم وجزاك الله خير الجزاء على الفائدة ...
فقد عدتُ إلى الوسيلة [دار الصحابة ص177 , 178] حيث أورد نصّ الإمام الداني في المقنع وهو قول الشاطبي كذلك
أنّ جميع المصاحف أوردت هذا الحرف بإثبات الألف ... فليس القول قول أبي داود وحده ...ولكن المثبت مقدم على النافي والزيادة من الثقاة مقبولة ومن رأى حجة على من لم يرى...
لكن أخي الكريم أردت أن أستوقفك ومن يتصفح هذه المداخلة على قول الإمام السخاوي رحمه الله :"...لقد كنت قبل ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم , ويسقطها في قراءته ..."
يقرأ ابن عامر هذا الحرف بإسكان الراء .
لماذا العجب يا شيخ وقراءة ابن عامر موافقة لرسم المصاحف المثبتة للألف موافقة احتمالية على وجه الزيادة ؟
هل هناك وجه آخر للاستعجاب والاستغراب قصده الإمام السخاوي غير هذاالظاهر الذي فهمناه ـ ربما يكون قد خفي علينا ـ ؟
بالنسبة لاستعجاب الإمام السخاوي إنما هو من قراءته بالحذف مع أن الألف ثابتة في المصاحف، فلما اطلع على المصحف الشامي القديم ووجدها فيه محذوفة زال هذا الاستعجاب، وتأمَّل قوله: "ولقد كنت قبل رؤية ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم، ويسقطهافي قراءته، حتى رأيت هذا المصحف ... " فلا يمكن أن يكون استعجابه من شيء آخر.
أما أن قراءة ابن عامر ـ على فرض اتفاق المصاحف على إثبات الألف ـ موافقتها للمصاحف احتمالية على تقدير زيادة الألف، فإن في مثل هذه الحالة ـ والله أعلم ـ لا تزاد الألف، خصوصاً وأن الراء على قراءته ساكنة، ولا توجد كلمة ـ فيما أعلم ـ فيها ألف متوسطة زائدة واقعة بعد ساكن، ولم يذكر أحد ـ فيما وقفت عليه ـ من أئمة الرسم أن الألف في هذه الكلمة زائدة؛ ولو كان اعتبار الألف فيها زائدة مقبولاً لما استعجب من ذلك الإمام السخاوي قبل اطلاعه على المصحف الشامي العتيق، والعلم عند الله تعالى.
 
أخي الكريم ...
الزيادة قد تكون مجانسة لحركة ماقبلها وهذا هو الغالب الأعمّ فالواو بعد الضم في نحو {أوْلئك} والياء بعد الكسر في نحو {ملإيه} والألف بعد الفتحة في نحو {لشاْيْءٍ} وقد علـّل الكثيرون مثل هذه الزياة بأنّها بيان للإعراب على الطريقة القديمة فقد كانوا يستعملون الحركات الطويلة بدل الحركات القصيرة لبيان ما التبس من الإعراب ... ولكنها قد تأتي بعد السواكن لأسباب أخرى نعلم بعضها ويخفى عنّا البعض الآخر والله أعلم ...كما في نحو {ءامنواْ} قيل هي ألف الفرق في الأفعال يفرق بها بين الإفراد والجمع وفي نحو {كاشفواْ} و{باسطواْ} وهي أسماء قيل للتعويض عمّا فقده بسبب الإضافة وفي نحو {بأيْيْد} قيل فيها للتفريق بين معنى اليد ومعنى القوة ...فاحتمال الزيادة ها هنا جائز وممكن ولا يستدعي الاستغراب والاستعجاب... خاصة على فرضية رسم جميع المصاحف بالإثبات ...ولكن بما أنّ الحذف ثابت أيضا فقد كفى الله المؤمنين الاستغراب والاستعجاب ...
ولعل استغراب الإمام الساخاوي وهو من هو في علوم الرسم والضبط والقراءة والتجويد مستوحى والله أعلم من قول الإمام أبي داود في التنزيل : ولا أعلم حرفا اختلف القراء في حذفه وإثباته واجتمعت المصاحف على إثباته غير هذا . اهـ فلعل هذا التفرد وهذا الشذوذ (لغة) والخروج عن القاعدة ـ إذا صحّ التعبير ـ هو الذي دفعه رحمه الله للاستغراب والاستعجاب ...
تنبيه : هذا الكلام كلـّه يقال في هذا العالم الافتراضي الذي يسمح لنا بإبداء الرأي في كلّ شء دون خوف ولا وجل ... خاصة وأنّ بين أيدينا أساتذة ودكاترة يقومون ويصوبون ما يصدر عنا من أخطاء وزلات ...أما في عالم الواقع فإن استغراب واستعجاب الإمام السخاوي مهما بدا لنا بعيدا فهو أقرب من ادّعاء طُويلب علم مثلي أنّ المسألة موافقة للقياس والله اعلم بالحق والصواب ...
 
نعم توجد ألف زائدة متطرفة بعد واو ساكنة، أما ألف متوسطة زائدة بعد ساكن ـ فحسب اطلاعي القاصر ـ لم أطلع على كلمة واحدة من هذا النوع، والله أعلم.
 
وهل يشترط يا أخي أن يكون لها صنو ومثال في القرآن ...كم من كلمة مفردة لها حكمها الخاص بها تفردت به من دون سائر الكلمات في علم الضبط والرسم والقراءة والتجويد ...
 
أخي الكريم حفظك الله ورعاك:
لا يشترط ذلك، لكن كونه لم ينص أحد ـ فيما أعلم ـ على زيادة الألف في مثل هذا النوع حتى تقاس عليها هذه الكلمة فهذا يجعل اعتبار الألف هنا زائدة مستبعداً، وإلا لما عجب الإمام السخاوي من ذلك، والله أعلم.
 
الذي يظهر - والله أعلم - أن الرسم المشهور الذي ثبتت فيه الألف لا يحتمل هذه القراءة .

ولذلك قال الإمام السخاوي: "كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم، ويسقطهافي قراءته،"

تأمل قوله رحمه الله: "ويسقطها"

فالزيادة بالألف على الرسم محتمل، لكن إسقاطها منه غير محتمل . ومن هنا جاء الاستغراب ، وهو استغراب وجيه وطبيعي . والله أعلم.
 
عودة
أعلى